وجهة نظر ثاناتوس (نسخة نيو)
تحرّك ثاناتوس عبر الفراغ المظلم للفضاء بسرعة مذهلة.
كانت السفينة التي يقودها تشقّ النجوم كخطّ من ضوءٍ فضّي.
كل بضع دقائق، كان يتوقّف قرب كوكبٍ ما، ويمتصّه إلى كونه.
كان كل كوكب يختفي في صمت، يُبتلع بالكامل.
"يجب أن أسرع," تمتم، وعيناه مثبتتان على الخريطة المجسّمة لمملكة إيليانا.
كانت هناك ملايين العوالم الصالحة للسكن متناثرة عبر نطاق سيطرتها.
حتى مع سرعة السفينة، سيحتاج إلى شهرٍ كامل ليجمعها جميعًا.
لكن وفقًا لآخر رسالة من إيليانا، سيهاجم التحالف اليوم أو غدًا.
لم يكن لديه هذا الوقت.
إذا بدأت المعركة الآن، فلن ينقذ حتى عُشر عوالمها.
"يجب أن أسرع," قال مجددًا، قابضًا على مقابض التحكّم بقوة أكبر.
ولثانيةٍ وجيزة، خطرت له فكرة.
ربما ينبغي عليه إطلاق سراح زيوس.
إن ساعد زيوس، سترتفع فرصهم في الفوز.
لكن الفكرة ماتت تقريبًا فور ظهورها.
'لا. زيوس سيحاول قتلي قبل أن يساعد.'
كان زيوس قد قتل أصدقاءه في الماضي بسبب مهمته.
هدف تلك المهمة — شيطان القسوة — كان إمّا نيو أو أميليا.
كان زيوس سيتأكد من قتلهما قبل أن يفكّر حتى في مساعدة شموس المنسية.
وحتى لو وافق زيوس على قتال التحالف، فسيستغرق وصوله هو والجسد الرئيسي—نيو—إلى هذه المنطقة ثلاثة أيام.
وبحلول ذلك الوقت، سيكون كل شيء قد انتهى بالفعل.
مال ثاناتوس إلى الخلف في مقعده وزفر.
"لا جدوى من التفكير في هذا."
وأعاد تركيزه إلى مهمته.
كوكبًا بعد كوكب اختفى داخل كونه، وكل واحدٍ منها أصبح جزءًا من الملاذ المتنامي داخله.
'لقد أنقذتُ الأرض بالفعل,' فكّر. 'الآن، الحلفاء الوحيدون المتبقّون هم جاك، وإيليانا، وعوالمها.'
فجأة، تغيّر تعبيره.
أوقف السفينة ونظر نحو منطقة بعيدة من الفضاء.
ضغط غريب ملأ الجو.
"واحد… اثنان…" عدّ بهدوء. "أكثر من ثلاثين حضورًا. جميعهم في المرحلة السادسة."
انقبضت معدته.
"التحالف وصل أخيرًا."
أدار السفينة وعاد مسرعًا نحو أسطول إيليانا.
كلما اقترب، اتّضح له حجم ساحة المعركة.
امتدّ أسطول إيليانا عبر النجوم.
السفن الضخمة والحصون الطافية توهّجت كشموسٍ صغيرة. اصطفت على جوانبها حزم الطاقة والمدافع السحرية، جاهزة للقتال.
وفي المقدّمة تمامًا، كانت إيليانا نفسها تطفو.
كان شعرها الطويل ينساب خلفها، ودرعها الأخضر يلمع بخفوت حتى دون ضوء.
وقف جاك خلفها، إلى جانب أقوى محاربي مملكتها.
لكن حتى بينهم جميعًا، كانت إيليانا الوحيدة في المرحلة السادسة.
أعلى من سواها كان في الدرجة الثالثة من المرحلة الخامسة. أقوياء، لكنهم بعيدون كل البعد عمّا هو قادم.
على الجهة المقابلة، لم يُحضر التحالف أسطولًا.
لم تكن هناك سفن، ولا جيوش، بل اثنان وثلاثون حاكمًا من المرحلة السادسة يقفون في تشكيلٍ واحد.
صرّ ثاناتوس على أسنانه.
كانت النتيجة واضحة سلفًا، لكنه رفض تقبّلها.
'لقد هزمتُ زيوس.'
'كان في ذروة المرحلة السادسة.'
'لا أحد هنا أقوى من زيوس. أستطيع الفوز.'
لكن شيئًا في هذا الوضع بدا خاطئًا.
'اثنان وثلاثون حاكمًا من المرحلة السادسة، ولا جيش؟ لماذا يهاجمون بهذا فقط؟'
لو أرادوا سحق مملكة إيليانا، لكان بإمكانهم فعل ذلك بعدد أقل من الناس وأسطول كامل.
إرسال هذا العدد من الكيانات العليا لم يكن منطقيًا.
'لديهم هدفٌ ما,' فكّر ثاناتوس. 'لكن ما هو؟'
هبط بالسفينة قرب سفينة القيادة الرئيسية وانتقل آنيًا خارجها.
في لحظة، ظهر إلى جانب إيليانا.
ألقت عليه نظرة، وعيناها هادئتان رغم أن الفضاء من حولهما كان يرتجف من قوة الحكام المتقدّمة.
'ثاناتوس,' دوّى صوتها في ذهنه عبر التخاطر، 'عليك الذهاب إلى قائدنا. لا سبب يدعوك لإهدار قوتك هنا.'
قطّب ثاناتوس حاجبيه.
'لماذا تطلبين مني الرحيل؟ هل تستسلمين؟' سأل.
للحظة، لم تُجب.
ثم دخل صوت آخر إلى ذهنه، صوتها مجددًا، لكن بنبرةٍ أكثر حزمًا.
'لا. نحن لا نستسلم. ما زال بإمكاننا الفوز، حتى من دونك.'
حدّق فيها، مصدومًا.
كان صوتها يحمل عبر الفراغ وهي ترفع يدها.
"الجميع," نادت، "استمعوا إليّ."
انتقل الإرسال عبر كل سفينة في الأسطول.
الجنود، السحرة، والأرواح. الجميع التفتوا نحوها.
لم تكن نبرتها باردة أو آمرة. كانت دافئة، وثابتة.
"التحالف قادم ومعه اثنان وثلاثون حاكمًا. أعلم ما الذي تفكّرون به جميعًا. أنتم خائفون. وأنا كذلك."
توقّفت لحظة.
"لكننا لسنا هنا لأن أحدًا أجبرنا. كل واحدٍ منكم جاء لأنه أراد ذلك. أولئك الذين لم يرغبوا في القتال هم الآن بأمان داخل كون كاسر سماوات. لن يصفهم أحد بالجبناء. لقد اختاروا الحياة."
تصلّبت عيناها.
"أما الذين بقوا فقد اختاروا شيئًا آخر. اخترتم حماية شعبكم. منازلكم. النجوم التي تحمل أسماءكم. وهذا ليس أمرًا صغيرًا."
ارتفع صوتها، يتردّد عبر السفن.
"حتى لو سقطنا، سيتذكّر التاريخ هذا اليوم. سيتذكّر التحالف أن شعب مملكة دراستهل لم يهرب. لقد وقفنا في وجه اثنين وثلاثين حاكمًا من المرحلة السادسة، وجعلناهم ينزفون."
موجة من الطاقة نبضت عبر الأسطول.
استقام الجنود في وقفتهم.
لم يختفِ الخوف، لكنه لم يعد يسيطر عليهم.
نظر ثاناتوس إليها طويلًا.
كان قد رأى قادة من قبل—ملوكًا، جنرالات، بل وحتى حكام—لكن نار إيليانا الهادئة كانت مختلفة.
كلماتها لم تحاول محو الخوف.
بل تقبّلته، ثم تجاوزته.
أنزلت يدها ونظرت إلى جاك للحظة.
'ارحل,' قالت له.
'ولِمَ أرحل؟ سأقيم وليمة هنا,' أجاب بابتسامة.
وقبل أن تكون أكثر حزمًا مع جاك، تمزّق الفضاء.
اثنان وثلاثون شعاعًا من الضوء السماوي هبطوا، مطوّقين إياهم.
بدأت المعركة.
"اهجموا!" صاحت إيليانا.
ردّ الأسطول بأكمله في آنٍ واحد. أطلقت المدافع السحرية. انطلقت رماح الضوء عبر الفراغ. جعلت موجات الصدمة الفضاء نفسه يرتجف.
لكن حكام التحالف لم يرتعشوا حتى.
رفعوا أيديهم معًا، وغمرهم وميضٌ ساطع.
العالم — صدى
"إنهم يستخدمون عوالمهم الكاملة بالفعل؟" تصلّبت عينا ثاناتوس.
في لحظة، تغيّر كل ما حوله.
اختفت النجوم. تلاشت السفن. حتى صوت إيليانا خفت.
وعندما انقشع بصره، كان يقف على كتلٍ أرضية عائمة متصلة بسلاسل.
عشرات الجزر كانت تنجرف في السماء، وفوقها ثلاثة شموس تتوهّج بألوانٍ مختلفة: الأحمر، والأزرق، والأبيض.
شعر بثقلٍ شديد.
ضغط العوالم المتناغمة جعل الهواء صعب التنفّس.
'قدراتي مختومة.'
'هل كان لكل حاكمٍ هاجم عالمٌ قادر على كبح نوعٍ من التقنيات أو القوة؟'
'الأمر وكأنهم… يستهدفونني.'
'لكن كيف عرفوا أنني هنا؟'
عندما نظر حوله، لم يرَ سوى ثمانية عشر حاكمًا.
'لقد فرّقونا,' أدرك.
كان الحكامن الثمانية عشر من المرحلة السادسة يحومون في السماء، ينظرون إليه من الأعلى.
لكل واحدٍ منهم هالة مميّزة، لكن قوتهم امتزجت في عاصفة خانقة واحدة.
وفي مركزهم كان قائدهم: رجل طويل ذو شعرٍ رمادي قصير، وبشرة بنفسجية، وستّ عيون، وعباءة سوداء.
كان درعه يلمع بخفوت بخطوطٍ من الضوء الذهبي، وفي يده رمح ينبض بالطاقة السماوية.
"تذكّروا الخطة," قال الرجل، وصوته يتردّد عبر الجزر العائمة. "لا تدعوه يبتلع أحدًا. في اللحظة التي يفعل فيها ذلك، سيكون الأمر نهايةً لنا جميعًا."
***
ماهو رايكم بترجمة فصل هل لذيكم ملاحظات.