"فجّرها إن كنت تجرؤ!" زأر كايلوس. دوّى صوته عبر الفضاء المنهار وهو يندفع للأمام. "ستموت معنا!"

كانت قبضته الهائلة على بُعد بوصة واحدة فقط من وجه نيو.

قوّة الضربة شوّهت الهواء من حولهما.

كان كايلوس يؤمن أن لا أحد — لا كائن عاقل — سيُشعل هذا العدد من الشموس السوداء دفعة واحدة.

وكان ذلك الإيمان هو هلاكه.

"كل ما تستطيع فعله هو التهديد—"

أعطى نيو الأمر.

تفعّلت الشموس السوداء.

تحوّل العالم إلى أبيض.

مزّق الانفجار الفضاء المستقل بصوتٍ لم يكن صوتًا على الإطلاق، بل كان ضغطًا وضوءًا وطاقة خامًا مندمجة معًا.

بدا وكأن الواقع نفسه يصرخ.

لم يكن لدى كايلوس حتى الوقت ليتحرّك.

جسده، وروحه، ونواته، مُحيت في الحال، تبخّرت قبل أن يتمكّن عقله من إدراك ما حدث.

حاول فيليون المقاومة.

نشر أجنحته وصرخ بلسان التنين، كلماته هزّت ما تبقّى القليل من الفضاء.

التفّت ماناه من حوله، مشكّلة حواجز ودروعًا، لكنها تحطّمت فور اصطدام الموجة بها.

الشموس السوداء ابتلعت كل شيء.

انطوى الفضاء على نفسه.

تلعثم الزمن.

تفكّك جسد فيليون قطعةً قطعة.

تسلّخت حراشفه كأوراقٍ محترقة.

اختفت أجنحته.

ذابت نصف روحه تحت الحرارة الهائلة للانفجار.

ومع ذلك، وبينما تشوّشت رؤيته، لمح نيو في مركز الدمار.

لم يكن نيو يتحرّك.

كان يحترق هو أيضًا.

التوت شفتا فيليون المتشقّقتان بابتسامة.

ثم بدأ يضحك.

كانت ضحكة جافّة، محطّمة، خرجت من أعماق صدره.

حتى وهو يتفتّت إلى رماد، ازداد ضحكه علُوًّا.

لأن نيو كان يموت هو الآخر.

ولا حتى خلوده استطاع حمايته من هذا.

كان يستطيع يتجسد من جديد، نعم، لكن ذلك لن ينقذه.

'سيتأكّد 'أنا' من أنك لن تتمكّن أبدًا من تتجسد إلى الماضي،' فكّر فيليون بابتسامة مجنونة وهو يعلم أن نهايته قريبة. 'ستستيقظ في المستقبل، حين يكون 'أنا' قد أصبح قويًا بما يكفي. لن تهزمه أبدًا. ولن تنال ثأرك أبدًا.'

استمرّ ضحكه بينما ذاب جسده بالكامل، وتلاشى الصوت داخل هدير الفضاء المنهار.

ثم، توقّف كل شيء.

تجمّدت الانفجارات في الهواء.

توقّف الضوء والصوت.

توقّف الحطام المحترق عن الحركة.

حتى الشظايا المحطّمة من الفضاء المستقل ظلّت معلّقة، كقطع زجاجٍ عالقة في كهرمان.

رمش فيليون، أو هكذا ظنّ.

'ما…؟' فكّر. 'هل أوقف الزمن؟ هل يستطيع إيقاف هذا العدد من الشموس السوداء؟'

كان ذلك شيئًا لا يستطيع أيّ حاكم من المرحلة السادسة فعله.

إيقاف انفجار شمس سوداء واحدة فقط كان يتطلّب احتياطات طاقة تماثل طاقة كونٍ حديث الولادة.

لكن نيو أوقفها جميعًا، مئاتٍ دفعة واحدة.

'كيف يمتلك كل هذه الطاقة؟'

ارتجفت أفكار فيليون.

للمرّة الأولى منذ عصور، شعر بخوفٍ حقيقي.

رفع نيو يده.

وأعاد الزمن إلى الوراء.

بدأ الفضاء المحطّم بالالتئام.

عادت الشظايا المكسورة، تنزلق لتلتحم مجددًا كما لو أن الانفجار لم يحدث قط.

أُغلقت جراح فيليون.

استعاد جسده شكله. وأُعيد تشكيل روحه، متوهّجةً بخفوت.

ثم، لصدمةٍ لا تُصدّق، ظهر كايلوس مجددًا أيضًا، حيًّا من جديد، يلهث بقوّة، وأجنحته منبسطة في ارتباك.

"أنا… أنا حيّ؟" تمتم كايلوس وهو ينظر حوله.

لم يُجب فيليون.

لم يستطع.

كان حلقه جافًا، وكان جسده يرتجف.

راقب نيو بصمت، والعرق البارد يسيل على ظهره.

الآن، أخيرًا، فهم أيّ نوع من الأعداء كانوا يواجهون.

لم يكن الخوف الذي شعر به هو خوف الموت.

بل كان ذلك النوع من الخوف الذي لم يعرفه إلا مرّة واحدة من قبل، حين وقف أمام الموت الأعظم.

نظر نيو إليهما، وتعابير وجهه غير مقروءة.

"لم يكن بوسعكما النجاة من ذلك،" قال بهدوء. "لكنّكما قاومتما جيدًا. لعلّكما ستؤدّيان أفضل في المرّة الثانية؟"

"…ماذا؟" تصدّع صوت فيليون.

رفع نيو يده مرّة أخرى.

كانت الشموس السوداء السابقة قد مُحيت من الوجود بوصفها مفارقة.

وبمجرّد فكرة، خلق مئات الشموس السوداء من جديد، فملأت الهواء من حولهما كنجومٍ مظلمة.

عاد طنينها، أعمق هذه المرّة، وأكثر عنفًا.

صرخ كايلوس بشيء ما، لكن كلماته غمرها نبض الشموس السوداء.

وفي اللحظة التالية، انفجرت مرّة أخرى.

ابتلع الضوء كل شيء.

مزّقت الموجة الصدمية كايلوس إربًا على الفور، وتفكّك جسده أسرع من المرّة السابقة.

حاول فيليون المقاومة مجددًا.

كانت ترانيمه بلسان التنين أعلى، وأكثر يأسًا.

توهّجت ماناه، مشكّلة طبقاتٍ من الدفاع تومض كنجومٍ محتضرة.

لكن الانفجارات كانت لا تنتهي.

كل واحدة منها كانت تسحقه بقسوة أشد، وتحرقه بعمقٍ أكبر.

تشقّق جلده، تحطّمت عظامه، وتبعثرت ماهيّته عبر الفضاء المنهار.

ثم، ساد الصمت من جديد.

أوقف نيو الزمن مرّة أخرى.

تجمّد كل شيء من حولهم في مكانه. النار المتمدّدة، وموجات الطاقة، وحتى ذرّات الغبار المعلّقة في الهواء.

سار نيو عبر الضوء المتجمّد نحو فيليون، الذي كان بالكاد يتشبّث بالحياة.

نظر إليه بعينين هادئتين.

"فشلت مرّة أخرى،" قال نيو بصوتٍ خافت. "لكن واصل المحاولة. لا بدّ أنك ستوقفه يومًا ما."

لم يستطع فيليون الكلام.

اكتفى بالتحديق، بينما كان عقله يكافح لاستيعاب ما يحدث.

بدأ الفضاء بالارتداد من جديد.

تدفّق الزمن إلى الوراء.

انعكس الدمار.

أُعيد تشكيل جسد كايلوس مرّة أخرى.

اختفت جراح فيليون.

عاد الفضاء المستقل كاملًا من جديد.

وقف التنينان القديمان في الموضع ذاته الذي كانا فيه قبل الانفجار، يرتجفان وشاحبان.

سقط كايلوس على ركبتيه، يلهث بشدّة.

"ما… ما هذا؟"

لم يُجب نيو.

اكتفى بالوقوف هناك، هادئًا ومتّزنًا، كما لو أنّ كل هذا ليس أمرًا غير مألوف.

عندها فهم فيليون أخيرًا.

لم تكن هذه معركة.

كان هذا إعدامًا.

كل ما بوسعهما فعله هو انتظار نهايتهما برأسيهما المنكّسين.

كان نيو يمحوهما — مرّة بعد مرّة — إلى أن لا يبقى شيء من إرادتهما.

"سأمزّقك إربًا!" صرخ كايلوس وانقضّ من جديد، والغضب يحترق في داخله متغلّبًا على خوفه.

وصلت مخالبه إلى نيو، لكن كاسر سماوات لم يتحرّك.

في اللحظة التي لامست فيها مخالب كايلوس الهواء أمامه، ظهرت شمس سوداء من جديد.

ثم أخرى. وأخرى.

مئات منها أحاطت به في لحظة.

"توقّف—" صرخ فيليون، لكن الأوان كان قد فات.

انفجرت الشموس السوداء مرّة أخرى.

انقطع صراخ كايلوس وهو يُمحى من الوجود مجددًا.

بالكاد تمكّن فيليون من رفع ذراعيه قبل أن تضربه الموجة التالية.

تحطّمت حواجزه قبل أن تتشكّل أصلًا.

تمزّق جسده مرّة أخرى، وتلاشت رؤيته في ضوءٍ حارق.

أوقف نيو الزمن مرّة أخرى.

"أفضل،" قال نيو، ولا يزال صوته هادئًا. "صمدتَ لحظة أطول هذه المرّة."

عاد الفضاء للارتداد من جديد.

عاد فيليون إلى الحياة، يلهث، ويسقط على الأرض على ركبتيه.

كان جسده يرتجف بعنف.

ظهر كايلوس إلى جانبه، أجنحته ترتعش، وعيناه متّسعتان رعبًا.

"لا… لا…" همس كايلوس. "هذا لا يمكن أن—"

لم يمنحهما نيو وقتًا ليكملا.

ظهرت مجموعة أخرى من الشموس السوداء.

رفع فيليون رأسه ببطء.

لقد فهم الآن أنّه لا مفرّ.

مهما قاتلا بكل ما أوتيا من قوّة، فإن نيو سيعيدهما ببساطة ويجعلهما يموتان مرّة أخرى.

كل دورة كانت تنزع المزيد من سلامتهما العقلية.

كانا يغرقان في هاوية اليأس، مُجبرَين على مواجهة مهمّة مستحيلة لا نهاية لها.

كانت إرادتهما تتفتّت ببطء.

راقبهما نيو. كان تعبيره هادئًا.

كل أصدقائه الأعزّاء عليه لم يعودوا موجودين.

لقد قُتلوا على يد التحالف والتنانين القديمة.

ولهذا السبب…

لم يعد لديه شيء يحميه.

ولهذا السبب كان لديه كل الوقت في العالم ليهدره.

ليُعدم هذين التنينين القديمين البائسين، مرّة بعد مرّة.

م.م:🥶🥶💀

***

ماهو رايكم بترجمة فصل هل لذيكم ملاحظات.

2025/12/16 · 24 مشاهدة · 1073 كلمة
جين
نادي الروايات - 2025