حتّى التحالف لم يثق به حقًّا قطّ.

بالنسبة لهم، لم يكن سوى أداة نافعة. خائنًا يمكنه أن يخون مجدّدًا إذا ناسبته الظروف.

"لقد كنت بائساً، حتى عندما ظننت أنك فزت."

لم يشعر نيو بالغضب.

بل بشفقة خافتة فقط على مدى الانحطاط الذي يمكن أن يصل إليه كائن ما.

لكن بعد ذلك تغيّر العالم من حوله.

شعر نيو فجأة بأنّ شيئًا ما قد تغيّر في أعماق وجوده.

عين مراقب الوجود — نفس العين التي سرقها زيل’ثار — كانت تندمج معه.

اندفعت موجة من الطاقة عبر جسده.

شعر بثقل في رأسه، وتشوه في رؤيته.

ثم بدأت الإنذارات ترنّ داخل عقله.

شعر وكأنه متصل بشيء هائل. شيء يفوق الفهم بكثير.

سلكٌ ممتدّ إلى مجهولٍ شاسع، ربطه مباشرة بعملاقٍ نائم.

وذلك الحضور...

كان قديمًا، مجروحًا، وفي حالة سكون.

لكن ما إن اتصل نيو به، حتّى تحرّك.

صوتٌ عميق تردّد داخل عقله. كان ثقيلًا، بعيدًا، ومشحونًا بسلطة قادرة على سحق النجوم.

"من هناك؟"

تجمّد نيو.

الضغط الصادر من ذلك الصوت وحده كاد أن يحطّم أفكاره.

ثم ازداد الصوت وضوحًا.

"كـ… كاسر سماوات؟ هل أنت، يا أولتريس؟"

بدأت أضواء ذهبيّة تتشكّل حول نيو.

انفجرت الإنذارات في عقل نيو.

صرخت غرائزه به أن يتوقّف، وأن يقطع الاتصال فورًا.

ذلك التوهّج الذهبي. ذلك الضغط المألوف.

تذكّره نيو.

كان نفس الحضور الذهبي الذي رآه عندما التقى بفراغ حلقة الزمن.

الكائن العتيق الذي حبس نفسه في دوراتٍ لا تنتهي ليقاتل هذا العدو بالذات.

كان هو نفسه.

ذاك الذي كان حلقة الزمن يقاتله منذ زمنٍ لا يُعرف.

"السجلات السماوية!" صرخ نيو، قابضًا على رأسه، "اقطعوا الاتصال!"

لم يأتِ أيّ ردّ.

الوجود في الطرف الآخر كان يستيقظ، ويفتح عينيه ببطء بعد عصورٍ من النوم.

ارتجف جسد نيو.

اندفعت من داخله موجة غضبٍ عنيف.

وسرعان ما أدرك أنّه ليس غضبه.

كانت تلك المشاعر متأصلة في سلالته.

شعر بقلبه يخفق بألمٍ شديد بينما تفاعلت دماؤه من تلقاء نفسها.

دمه العتيق تذكّر شيئًا ما. معركة وقعت ذات يوم بين جنسهم وهذا الكيان.

العلامة الخاصة بأوروبوروس على ظهره اشتعلت فجأة.

رمز الأفعى العتيقة التوى بعنف، متفاعلًا مع نفس الحضور.

تدفّق الظلام من نيو في موجاتٍ كثيفة.

التوت الطاقة وتكاثفت كظلالٍ حيّة، تضرب الأرض بعنف.

"اقطعالاتصالنيو!"

صرخ صوت النشاز في ذهنه.

كانت نبرته حادّة، يائسة، تكاد تكون مذعورة.

كان ذلك بمثابة تحذير له لقطع الاتصال قبل أن يستيقظ وجود من لا يجب ذكر اسمه.

"اتركالعيناقطعهاالآنقبلأنيستيقظ!"

حاول نيو. حاول حقًّا.

ركّز إرادته، محاولًا فصل نفسه عن عين مراقب الوجود.

لكن الاتصال لم ينقطع.

بل ظهرت شاشات ساطعة أمام عينيه، تومض بسرعة.

[خطأ! غير قادر على قطع الاتصال!]

[يتم الحفاظ على الرابط من الطرف الآخر!]

شدّ نيو أسنانه وحاول انتزاع العين من روحه بالقوة، لكن الرابط كان يُحافَظ عليه قسرًا من الجهة الأخرى.

"أنت… أصبحت أضعف، أولتريس"، قال الصوت مجدّدًا.

كان الكيان لا يزال نصف نائم، يتكلّم كما لو أنّه يحلم.

لكن مجرّد صدى كلماته جعل الفضاء حول نيو يتشوّه.

ترنّح نيو.

خرج نَفَسه في زفراتٍ ثقيلة.

عين مراقب الوجود توهّجت بعنف.

زحف الضوء الذهبي على ذراعه، محرقًا عروقه.

بدأت محيطات نيو بالاهتزاز.

التوى الفضاء من حوله، وكلّ طبقة من الوجود بدت وكأنّها تتموّج ألمًا.

كان ذلك الكائن يحدّد موقعه عبر العين.

انفجرت طاقة ذهبيّة حول نيو.

وفي تلك اللحظة نفسها، بذرة الظلام داخل نيو — تلك التي كانت صامتة منذ زمنٍ طويل — بدأت بالارتجاف.

نبضت مرّة.

ثم مرّة أخرى.

وقبل أن يتمكّن نيو من التفاعل، انفجرت بطاقةٍ هائلة.

اندفع الظلام عبر جسده كفيضان، مصطدمًا بالضوء الذهبي.

تشوّشت رؤيته.

دار رأسه.

لم يعد قادرًا على تمييز أين ينتهي الظلام وأين تبدأ طاقته هو.

نبض الضوء الذهبي للحظة قبل أن يبتلعه السواد المنتشر.

تحرّك عبر عروقه، وعظامه، وحتّى أفكاره.

كان يشعر وكأنّه حيّ.

شهق نيو، محاولًا قمعه بالقوة، لكنّه ازداد قوّة فقط.

ارتجف جسده كما لو أنّ شيئًا داخله كان يتمزّق.

ثم أدرك ما هو ذلك الشيء.

"مورين…" همس، بصوتٍ خافت.

كان هذا من فعلها.

لكن كيف؟

كيف يمكنها السيطرة على بذرة عنصر الظلام الكامنة في نواته؟

هو وحده من كان ينبغي أن يكون قادرًا على التحكّم بها.

ومع ذلك، بطريقةٍ ما، وصلت إليه، ولوّت طبيعتها، وعزّزتها إلى مستوى تدميري ذاتي.

اندلعت بذرة العنصر بجنون، تتغذّى على نفسها.

شعر نيو بأنّ وجوده نفسه يُلتهم، جزءًا بعد جزء.

انتشر فراغٌ بارد في صدره بينما تلاشى جزء من وجوده.

حاول أن يقاوم، لكن قوّته كانت تتلاشى بسرعة.

الظلام التهم المزيد والمزيد، إلى أن بدأ يلتهم نفسه، منهارًا إلى الداخل كنجمٍ يحتضر.

شدّ نيو أسنانه وأجبر تركيزه على العودة، مستدعيًا ما تبقّى من قوّة.

لكن بذرة الظلام كانت قد اختفت.

تمّ التهامها بالكامل، ولم تترك سوى ألمٍ أجوف في المكان الذي كانت تشغله.

أصبح تنفّسه متقطّعًا. كلّ شهيقٍ كان يحترق.

الضوء الذهبي الذي كان يفيض منه خفق مرّة واحدة، ثم اختفى كالدخان.

الجزء من وجوده الذي كانت عين مراقب الوجود متّصلة به تمّ التهامه بواسطة بذرة الظلام المعزَّزة.

سقط على ركبة واحدة، قابضًا على صدره.

"ما الذي كان—"

ماتت الكلمات في حلقه بينما مزّق ألمٌ حادّ ظهره.

اتّسعت عينا نيو.

نظر إلى الأسفل ورأى طرف سيفٍ يخرج من صدره، يلمع بخفوت في الضوء المتلاشي.

كان كيفن يقف خلفه، وكلتا يديه تقبضان على النصل.

خرج صوت نيو مُجهَدًا. "كيفن…؟"

لم يُجِب كيفن.

كان تعبيره باردًا، ومركّزًا.

لوى سيف سيفيرانت وسحبه في حركةٍ واحدة.

ترنّح نيو إلى الأمام، يسعل.

ارتطمت ركبتاه بالأرض.

تقدّم كيفن خطوة، قابضًا على سيفيرانت بإحكام.

كان النصل يهمهم بالقوة، متفاعلًا مع وجود نيو المُنهك.

"كنتَ مشتّتًا"، قال كيفن بهدوء.

حاول نيو الوقوف، لكن جسده لم يستجب.

كان وجوده قد ضعف كثيرًا بعد أن التهمت مورين جزءًا هائلًا منه لإنقاذه من الكيان المتّصل بعين مراقب الوجود.

رفع كيفن السيف مرّة أخرى.

تلألأ الحدّ، شاقًّا الهواء بتموّجٍ خافت شوّه الفضاء من حولهما.

هوى النصل.

انقسم جسد نيو إلى عددٍ لا يُحصى من شظايا الوجود، متناثرة في الهواء كزجاجٍ مكسور.

سلطة سيفيرانت قطعته إلى شظايا كثيرة جدًّا.

كلّ شظية كانت تومض بضعف، تتوهّج بخفوت قبل أن تتلاشى في الظلّ.

لم يتردّد كيفن.

حرّك يده، راسمًا رُوناتٍ في الهواء بالدم الذي كان لا يزال يقطر من سيف سيفيرانت.

توهّجت الرموز بالحياة، مشكّلة كُراتٍ صغيرة تتلألأ بضوءٍ مشوَّه.

وجّه السيف نحو الشظايا.

"التشعّب الزمني."

واحدةً تلو الأخرى، انجذبت شظايا وجود نيو إلى الكُرات المتوهّجة.

كلّ شظية صرخت بصمت قبل أن تختفي، محبوسة داخل حقلٍ زمنيٍّ معزول خاصّ بها.

لم يكن يضع نيو داخل ختمٍ زمني، بل كان يضع كلّ وجودٍ فصلَه عن نيو داخل خطٍّ زمنيٍّ منفصل لكونٍ جيبيّ.

"…!"

شعر كيفن بمقاومة.

تفاجأ من أنّ نيو ما زال قادرًا على القتال حتى في تلك الحالة.

لكن كيفن كان قد جاء مستعدًّا.

أخرج سيفًا آخر. شيطانًا.

تلألأ السيف، متحوّلًا إلى عددٍ لا يُحصى من النسخ عن نفسه، وكلّ نسخة طعنت في خطٍّ زمنيٍّ لكونٍ جيبيّ كان كيفن قد أنشأه.

ختم السيف الكونَ الجيبيّ بإحكام، قاطعًا خطّه الزمني عن الخطّ الزمني للكون الرئيسي.

***

ماهو رايكم بترجمة فصل هل لذيكم ملاحظات.

2025/12/18 · 36 مشاهدة · 1075 كلمة
جين
نادي الروايات - 2025