كان الوحش العملاق يقترب منا، وكانت عيناه الزرقاء المتوهجة تومضان بشكل مخيف.
بوم—! بوم—!
مع كل خطوة ثقيلة يخطوها، كانت الأرض تهتز. أكوام الثلج تتناثر في الهواء. كانت حركاته بطيئة، لكن التأثير الهائل لخطواته أرسل نسيمًا باردًا، لامس براندون.
كان عليه أن يُبقي [انفجار المانا] مفعلاً.
لو قام بتعطيله، ستجتاحه الآثار الجانبية.
لم يكن هذا هو الوقت المناسب لذلك.
كان عليه أن يأخذ الآخرين معه ويهرب.
تباً للمهمة.
حياته على المحك.
"إيمي!"
ما فائدة التقدم في مهارة حاكم الخلق إذا كان سيموت على أي حال؟
…ولأجل زيادة تافهة بنسبة 5% فقط.
ليست مستحقة.
لا، ليست كذلك.
ولكن بينما كان على وشك الاندفاع نحو أميليا، توقف براندون في مكانه.
أمسك برأسه، وأخيراً شعر بألم حاد. الأدرينالين ما زال يتدفق، لكنه لن يفعل سوى تخفيف الألم إلى حد ما.
ماناه استمرت في التمرد. عندها أدرك أنه لا ينبغي له الاقتراب من كارل.
"أميليا! خذي كارل و—"
توقف براندون واتسعت عيناه بصدمة.
ما الذي يفعله هذا الطفل بحق الجحيم؟
***
داخل القشرة الأرضية، كان كارل متكوّراً مع أخته الصغيرة.
بحلول الآن، بدأ الخوف يسيطر عليه بشدة بينما كان يثبت نظره إلى الأعلى.
هناك، كان يستطيع رؤية الشكل الشامخ للوحش الجبار. عيناه اللامعتان تومضان بشكل تهديدي وكأنها تخترق أعماق روح كارل.
ارتجف كارل، محركاً رأسه إلى الأسفل.
"....!"
ثم لاحظ.
"...إيمي؟"
إيمي كانت مفقودة.
ألم يكن يحتضنها قبل ثوانٍ قليلة؟
أين ذهبت إيمي بحق الجحيم؟
لهذا السبب، ألقى كارل نظرة خارج الفتحة الضيقة للقشرة الأرضية. لم يكن هناك سقف لكي يتمكن الأوكسجين من التدفق بسلاسة إلى الداخل.
"....!"
هناك، كان يمكنه رؤيتها تركض داخل الغابة. شعور مفاجئ بالبرد اجتاح عموده الفقري ونسيم بارد لفه.
"إيمي!"
صرخ.
ولكن لم يسمعه أحد.
لم تنظر إيمي للخلف واستمرت بالركض داخل الغابة.
خفض كارل نظره.
يده.
…كانت ترتعش.
"لا."
ليس مجدداً.
لا.
لا.
"لا، لا، لا."
بشكل غريزي، اندفع كارل خارج القشرة وتوجه أعمق داخل الغابة، غير مكترث لأميليا، سيد أو الوحش الجبار.
"إيمي!"
لا تذهبي.
مد يده إليها و هي تغادر، كانت تركض أسرع منه، على الرغم من صغر ساقيها.
***
"أميليا، الحقي به!"
حثه براندون بصوت عالٍ.
كان يعلم أنه لا يجب أن يقترب من كارل في هذه اللحظة. ليس هو فقط، بل أميليا كذلك.
كان يعلم أنه يشكل خطراً. أميليا كانت الوحيدة التي يمكنها علاجه مؤقتًا، لكن لم يكن هناك مجال لهذا القرار.
في الوقت الحالي، كان لا يزال يتحمل الألم.
أومأت أميليا برأسها بناءً على تعليماته واندفعت على الفور أعمق في الغابة.
نفس الشيء بالنسبة لبراندون الذي هرب من الوحش الجبار.
أدرك الآن أن مصدر الكثافة العالية للمانا في الهواء كان بسبب الوحش الجبار.
أو ربما كان هناك شيء آخر داخل الغابة.
ثم تذكر العينين الزرقاوين من قبل.
بشكل غريزي، كان يعلم أنهما لم تكونا من الوحش الجبار.
كان شيئاً مختلفاً تماماً.
ثبّت نظره إلى الأمام. هناك، كان يستطيع رؤية أميليا تصل إلى كارل.
ما الذي كان يفعله ليعرض نفسه للخطر هكذا؟
بوم—! بوم—!
صوت مرتفع مدوي تردد من خلفه. الأرض اهتزت بشدة. الأشجار بدأت تتحطم مع كل خطوة يخطوها الوحش الجبار.
تباً للمكافآت.
كان عليه أن يخرج من هنا بسرعة.
لحسن الحظ، كانت حركات الوحش الجبار بطيئة.
———!
وكان حينها.
"....!"
رنت أجراس الإنذار داخله. بشكل غريزي، انطلق جانباً.
وبمجرد أن فعل ذلك، ظهرت في رؤيته الجانبية مسارات من الكريستالات متطايرة.
"...."
اللعنة.
الوحش الجبار لديه هجوم بعيد المدى. واحد مشابه لذلك الذي يملكه ذئاب الجليد. لكن على عكس الذئاب، كانت هذه كريستالات.
الأمور أصبحت أكثر صعوبة الآن.
حالياً، اعتبره النظام مصنّفًا كرتبة A. لكنه كان يعلم أن الوحش الجبار يتجاوز ذلك بكثير.
على الأرجح أنه برتبة S-. لا يستطيع مواجهته بمفرده. خصوصاً أنه غير مستقر في هذه اللحظة.
….نفسياً وجسدياً.
شعر بأن جسده يتحطم مع كل ثانية تمر. لكنه، مع شدّ أسنانه، استمر في التحمل وواصل الجري.
"كارل!"
ناداه براندون. لكن النداء لم يصل لآذان كارل.
بما أن كارل كان يجري في نفس الاتجاه الذي يسلكونه، لم يكن هناك سبب لإيقافه.
"كارل…! لماذا عرضت نفسك للخطر بهذا الشكل؟!"
لم يكن يستطيع التهاون.
عقله كان مشوشاً وجسده يتداعى.
مهما كان يشغل بال كارل، لم يكن من أولوياته في هذه اللحظة.
كان عليهم البقاء على قيد الحياة.
"إنها إيمي."
أخيراً، أجاب.
"إنها مفقودة!"
"استيقظ، كارل!"
صرخ براندون.
"براندون، انتظر."
وصل صوت أميليا القلق إلى أذنيه. هز براندون رأسه.
"لقد كانت مفقودة طوال الوقت!"
الحقيقة الباردة القاسية.
"...."
"...."
حتى أميليا لم تستطع الرد.
لكن كان عليه قولها. كانت نداء الواقع لكارل. كلما أطالوا في ذلك، من يعلم أي نوع من الحماقة سيقوم بها الطفل لاحقاً؟
"استيقظ. أختك الصغيرة هي—"
"توقف."
قاطعت أميليا حديثه قبل أن يتمادى.
"...."
عندها توقف كارل عن الجري.
بسبب ذلك، تجاوزوه. توقفوا في خطواتهم. كان براندون على مسافة بعيدة عن كارل لأجل سلامته من ماناه.
التفت براندون وصرخ.
"لماذا تتوقف الآن؟!"
"براندون!"
"تباً."
نقر براندون لسانه بينما قطبت أميليا حاجبيها.
بالنظر إلى الخلف، كان الوحش الجبار لا يزال بعيدًا إلى حد ما. لكن كل ثانية كانت حاسمة.
كارل بحاجة لأن يستعيد وعيه.
"كارل، علينا أن نغادر، من فضلك."
توسلت أميليا.
لكن كارل لم يستمع حيث خفض نظره وشدّ قبضته.
استمرت أميليا.
"أختك الصغيرة…. أعرف كيف تشع—"
"أنا أعرف."
تحدث كارل بصوت خافت، قاطعاً أميليا.
"أعرف، حسنًا؟!"
اتسعت عينا أميليا. نفس الشيء بالنسبة لبراندون بينما كانوا ينظرون إلى الصبي الذي بدا وكأنه على وشك البكاء.
"أعرف أن إيمي ميتة. اللعنة."
كانت ميتة منذ فترة طويلة.
الفتى كان فقط يضلل نفسه طوال هذا الوقت. لكن لم يكن براندون أو أميليا من يقول له هذه الحقيقة.
"لقد كانت…. كل ما أملك…"
صوته تصدع وغطى وجهه بيده.
"كنا يتيمين. كانت الأسرة الوحيدة التي بقيت لي."
قطرة. قطرة…!
انهمرت الدموع على خده وصوته ارتعش قليلاً.
"الكارثة… أخذت حياتها. أخذت إيمي مني…."
بكاء. بكاء.
"تبا."
مسح دموعه بيديه.
"آسف، أنا بخير الآن."
تبادل براندون وأميليا نظرات متضاربة. لكن في النهاية، أومأوا لبعضهم البعض.
الكارثة…
…لقد غيرت العديد من الحيوات.
أخذت العديد من الأرواح.
وغيرت العالم.
وعند ذلك، استمر الثلاثة في الجري.
بعيداً.
بعيداً بقدر الإمكان عن الوحش الجبار.
قاد براندون اتجاه المجموعة.
مرت الوقت وأصبحت كثافة المانا تزداد تدريجياً.
على المؤقت الخاص به، تبقى دقيقتان قبل أن يكون [انفجار المانا] في حالة التوقف المؤقت.
لكن هذا كان سيئاً.
كانوا يعرفون أنهم اجتازوا فقط 40% من الغ
ابة.
لكن غرائز براندون أخبرته أنهم كانوا في الاتجاه الصحيح.
كأنما كانت المانا تناديه، تقوده إلى نقطة معينة.
ومع هذه الأفكار، تتبع براندون كثافة المانا.
"....!"
توقفوا في خطواتهم واتسعت أعينهم بصدمة.
ما هذا…
هناك، كانوا يستطيعون رؤية كريستالة شامخة بشكل شجرة.
داخل الشجرة الكريستالية، كان هناك شكل ذو حجم صغير، يبدو وكأنه مجمد داخل الكريستالة.
بأذنين مدببتين وشعره الأرجواني، كان براندون مدركاً تماماً لما هو الشكل.
"....جنية."