"مكانَك أيها المُجرِم ... دَعه وانبطِح على الأرض ... الآن"

أحاطَه رجال الشرطة من كل مكان فسأل فايري

[هل هناك طريقةٌ للهروب ؟]

قالت فايري

{تستطيع الهروب عندما يأخذونَك في السيارة أو عِندما يضعونَك في الحجز، سأشتري لك الأغراض المُناسبة عندما يحين الوقت، أما الآن فلا يُمكِنك الإفلات مهما فعلت}

رفع يدَيه ثم ابتعَد عن المُهاجِم بِبطءٍ وانبطح على الأرض لِأنه يثق في فايري، حيث يُمكِنه شراء الكثير مِن الأغراض والأسلحة مِن المتجر عِندما لا يكون مُراقَباً، أما الآن فقد كان الجميع يُصوّبون عليه مِن بعيد، بقي على الأرض حتى وصل إليه شُرطِيّان ووضَعا أقفالاً خاصةً في مِعصمَيه وكانت مُخصّصةً لِكبح مُستخدمي الطاقة، رفعاه بِعُنفٍ ثم قاداه نحو العربة، لكن.. أتى في هذه اللحظة اتّصالٌ مُستعجَل إلى قائدِهم، تحدّث معه عبر ناقل الصوت قبل أن تتغيّر ملامِحُه ويُعدّل وقفتَه، تلقى الرسالة بينما يومئ بِرأسِه ثم أغلق الاتّصال وصرَخ على أتباعِه

"أطلِقوه ... فكّوا قيودَه"

استغرَب آيدين لأنّهم قد بدؤوا يفكّون قيودَه بِسرعة وكأنهُم قد اقترفواً ذنباً عظيماً، اقتربَ مِنه القائد وقال باحترام

"نحن نأسف على هذا الخطأ الفادِح، يُريد مِنك السيد أن تسلُك الطريق إليه أعلى هذه الهضبة"

أشار نحو هضبةٍ بعيدة فعبَس آيدين قليلاً ولم يفهَم ما الذي يحدُث بِالضبط، ومع ذلك.. قرّر الذهاب إلى هُناك للاستكشاف، لذلك أخذ إحدى الزّلاجات مِن الأرض وركِبها ثم قال لِقائد الشرطة

"أتمنى أن تعرِفوا مَن الذي يُريد أخذَ حياتي"

أومأ القائد وقال باحترام

"نعم، لقد أمرَني السيد بِنفس الشيء، سأحرِص على التحقيق في هذا بِنفسي"

أومأ آيدين نحوَه ثم غادَر، ومع أنه لم يركَب زلاجةً مِن قبل إلا أن فايري قد تكفّلَت بِتعليمِه حول أمور التوازُن لأنها تحتاج إلى بعض البراعة، قاد الزلاجة على الطريق حتى وصل إلى الهضبة ولم يكُن عليها أحد، لكنّه ابتسَم وقال

"هل ستبقى هُناك طويلاً يا جدّي ؟"

قهقه شويلّو مِن خلف صخرةٍ عِملاقةٍ ثم خرج وقال

"كيف عرفتَ بأنه أنا ؟"

قال آيدين

"يُؤسِفني قول هذا.. لكن قلبَك يُعاني من قصورٍ حادّ، وضرباتُه ليسَت مثل أي شخصٍ آخر"

قهقه شويلّو مرّةً أخرى ثم قال

"أنا أعلم هذا بالفِعل، ليس هناك ما يدعو للأسف، لكنّ اكتِشاف هذا بِأُذنَيك فقط.."

تنهّد ثم نظر إلى جسَد آيدين وكان مليئاً بالدماء، اقترَب مِنه وتصفّح ظهرَه ثم قال باستغراب

"كيف تلقّيتَ تلك الضربة دون طاقة ؟"

قطّب آيدين جبينَه لِأن شويلّو كان يُراقِبه منذ البِداية، لذلك سألَه بِعبوس

"هل أنتَ مَن أرسلهُم ؟"

هزّ رأسَه وأجاب

"لا، أنا تبِعتُك فقط لِأطرح عليك بعض الأسئلة، ثم فوجئتُ بِهجومِهم عليك، أردتُ التدخّل لكني توقّفت عِندما رأيتُك تهتمّ بِالجميع، وما فاجأني أكثر هو أنك لم تتردّد في قتلِهم، هل سبق وقتلتَ الكثير من الناس ؟"

تنهّد آيدين ثم قال بينما ينزَع قميصَه المُلطّخ بالدماء

"مائة.. أو أكثر بِقليل"

كان صاحب المكتبة يأتي بِبعض الأجناس الظالِمة مِن وقتٍ لآخر ويُجبِر آيدين على قتلِهم أو تعذيبِهم لاستخراج المعلومات، لذلك لم يكُن يجفَل وهو يقتُل خصومَه، اتّسعَت عينا شويلّو وسألَه بِعُجالة

"هل وُلِدتَ في دولةٍ تُعاني مِن الحرب ؟"

رمى آيدين القميص بين الصّخور ثم قال بِنبرةٍ جافة

"أنظر.. سيد شويلّو، الماضي الخاص بي لن ينفعَك ولن يضرّك، وإن كان هذا هو ما أتيتَ للسؤال عنه فاعذُرني، لِأني أُريد مُغادرة هذه الأرض بِسرعة"

صمت شويلّو طويلاً ثم قال له

"اِتبعني، أريد اختِبار مركز الطاقة الخاص بِك بِطريقةٍ أخرى، بعدَها.. يُمكِنك اختيار البقاء أو المُغادرة"

قطّب آيدين حاجِبَيه وسأل باستغراب

"طريقةٌ أخرى ؟"

قال شويلّو

"نعم، فقد لاحظتُ شيئاً يحدُث عِندما كُنتَ تضع يدَيك على البلّورة أثناء الاختبار وأريد التأكّد مِنه"

نظر إليه آيدين طويلاً ثم أومأ بِرأسِه ورمى الزّلاجة بعيداً، ابتسَم شويلّو ثم قال

"حاوِل مُجاراتي"

قال هذا ثم انطلق بِسرعةٍ كبيرة خارِج الطريق وبدأ يخترِق الأشجار، عبَس آيدين لِأن مثل هذه السرعة ليسَت بشريةً ولن يستطيع اللحاق بِه، ومع ذلك انطلق خلفَه واستخدَم ما يملِك مِن قوّة، لكن شويلّو كان يبتعِد باستمرارٍ لِأنه يستخدِم الطاقة في القفز مِن مكانٍ لآخر، أو ربما سيكون من الأفضل القول بأنه كان يطفو دون تحريك قدمَيه، صرّ آيدين على أسنانِه ثم شدّ عضلاتِه فشعَر بأن قوّتَه قد ازدادَت مِثلَما حدَث له عِندما كان في القِتال قبل قليل، وهذا جعل سُرعتَه أكبر بِكثيرٍ من السابِق، لكن المسافة بينهما قد تناقصَت بِمقدارٍ طفيف ولم يقترِب مِنه كثيراً، استمرّ الاثنان على هذا لِأكثر من رُبع ساعةٍ فلاحظ آيدين بأن شويلّو لا يتّجِه نحو بوابة المدرسة وإنما إلى الجهة الخلفية.

أخيراً.. شعر آيدين بالتعَب وعادَت سُرعتُه إلى ما كانت عليه فتوقّف شويلّو ورجع إليه، نظر إليه قليلاً ثم قال

"كما توقّعت، فالسرعة التي تابعتَني بِها ليسَت في قُدرة البشر الطبيعيّين، ارتَح قليلاً ثم نُكمِل"

هزّ آيدين رأسَه ثم قال

"لقد وصلنا بالفِعل، لا داعي للراحة الآن"

قادَه شويلّو إلى بوابةٍ أخرى من الجهة الخلفية للمدرسة ولم يكُن عليها أي حرّاس لأنها ليسَت مثل أي بوابة، فتحَها شويلّو باستخدام شارتِه وبَصمة الطاقة الخاصة بِه، دخل الاثنان فظهر سردابٌ مُغلق بِبوّابةٍ أخرى، استخدم شويلّو طريقةً أخرى للتحقّق مِن هوّيتِه ففُتِح الباب ثم ظهرَت قاعةٌ كبيرة مُتّصِلة بالعديد من المرافِق، عبرا القاعة حتى وصلا إلى قاعةٍ أكبر وفيها الكثير من الآليات والأغراض وجبلٍ من الصناديق القديمة، وكانت مليئةً بالغُبار وكأنها مهجورةٌ منذ وقتٍ طويل.

فتح شويلّو خِزانةً كبيرةً وأخرَج بِضع بِلّورات، وكانت حمراء اللون عكس البِلّورات التي تمّ استِخدامُها في الاختبار، عزَل إحداها ثم ضخّ فيها بعض الطاقة لِتهيئتِها ثم رماها نحو آيدين وقال له

"أرخِ دِفاعاتِك واسمَح لَهـ.."

وقبل أن يُكمِل كلامَه.. قطّب جبينَه وهو ينظُر إلى كمّيةٍ كبيرةٍ من الطاقة وهي تتسرّب من البلّورة نحو جسد آيدين، والغريب هو أن سحب الطاقة بِهذه السرعة لا يُفترَض أن يقوم بِه شخصٌ تحت مستوى التمكّن، ناهيك عن شخصٍ ليس حتى في مستوى الإيقاظ.

استمرّ سحب الطاقة لِأقلّ مِن دقيقةٍ فاقترَب مِنه شويلّو وقال

"كما ظنَنتُ تماماً، أنت تملِك مركز قوّةٍ غير عادي في جسدِك"

سأله آيدين باستغراب

"ما معنى هذا ؟"

قال شويلّو

"بِما أنك لا تُحبّ الحديث عن ماضيك فسأفترِض بأنك حالةٌ خاصة، وأفضل وصفٍ أستطيع وصفَك بِه هو أنك تملِك مركز قوةٍ جائع، وسيحتاج لِكميةٍ كبيرةٍ من الطاقة حتى يستيقِظ"

هذه هي الطريقة التي يستيقِظ بِها الجميع حيث يتمّ غزو أجسادِهم عبر الطاقة الموجودة في البلّورات، ويتمّ قِياس موهِبتِهم عبر نوع الطاقة التي يسحَبونها من البلّورة وكمّية الطاقة التي يستطيعون سحبَها لِأول مرّة، وطبعاً فالبلّورات المُعدّة للاختبار ليسَت عاديةً وإنما تم تعديلُها لإعطاء النتائج عبر الأضواء كما تحتوي على الطاقة الذهنية أيضاً وليس الطاقة البدائية فقط.

هزّ آيدين رأسَه وسأل

"وماذا عن مركَز الطاقة الذهنية، هل هو جائعٌ أيضاً ؟"

عبس شويلّو لأن آيدين كان واثقاً مِن وجود مركزٍ للطاقة الذهنية في جسدِه، ومع غموض هذه الفِكرة إلا أن شويلّو رفع أصبُعَه وقال

"الطاقة الذهنية هي تخصُّصي"

فجأةً.. تشكّلَت كُرةٌ من الضوء الفضّي فوق أصبُعِه، رماها نحو آيدين ثم بدأ يشرح له

"إذا استطاع جسدُك استيعاب هذه فهذا يعـ.."

وقبل أن يُكمِل حديثَه.. حدَث أمامَه نفس الشيء مثل المرّة السابقة حيث غرِقَت كرة الطاقة الفضّية في جسد آيدين بِسهولةٍ تامّة، تغيّرَت ملامِح شويلّو أخيراً ثم أمسَك مِعصَم آيدين وبدأ يستكشِف جسدَه وخطوط طاقتِه، لكن ملامِحَه صارَت أقبَح أكثر من السابِق لأنه رغم قوّتِه وخِبرتِه إلا أنه لم يستطِع استكشاف جسد آيدين وكأن شيئاً ما كان يمنَع طاقتَه من الدخول، وهذا لا يُفترض بِه أن يحدُث إلا إذا كان مُستوى تدريب آيدين أعلى مِن شويلّو بِمراحِل كبيرة، وأمثال هؤلاء الأشخاص لا يُفترَض وجودُهم في مثل هذه المناطِق الصغيرة.

عِندما وصل شويلّو إلى هذه الفِكرة.. ارتجَف قليلاً لأنه تذكّر رِسالة توصِية آيدين والتي منحَها له شخصٌ ما مِن دولةٍ عُظمى، وهذا فتح أمامَه باب التفكير في الكثير من الأمور المُزعِجة، فربما يكون آيدين فرداً مِن عائلةٍ كبيرة وحدث له شيءٌ جعلَه يهرُب إلى هُنا، وإذا صحّ هذا.. فهل سيكون وجودُه في أرَوان لِصالحِها ؟
وهل سيأتي أحدٌ للبحث عنه يوماً ما ويتسبّب بالمشاكِل التي لا يستطيعون احتِمالَها..

طرأت الكثير من الأفكار على شويلّو ولَم يعلَم ما إن كان يجِب عليه أن يُكمِل أم لا، وبعد تفكيرٍ طويل.. توصّل إلى قرارٍ فقال لِـ آيدين

"هل تُريد أن تكون تلميذي الشخصي ؟"

2020/03/04 · 842 مشاهدة · 1243 كلمة
abox33
نادي الروايات - 2024