[ما الذي قصدَه الجد شويلّو بِـ مركز جوهر الطاقة ؟]

أجابته فايري

{بسبب الحرب القديمة.. تقسّمَت القارات إلى العديد مِن الجُزر الكبيرة، وهذه الجُزر تُسمّى قارات مع أنها ليسَت كذلك في الحقيقة، وكل جزيرةٍ لديها جوهر طاقة خاص، ويكون مركزُه غالباً في وسطِها، لذلك يختلِف مُستوى الطاقة بين وسط وأطراف كل قارة، حيث المُقاتِلون في وسط القارة يتقدّمون بِسرعةٍ كبيرة عكس المُتواجدين على أطرافِها، وهذه المنطقة تكون عادةً تحت سيطرة الدول العُظمى}

فهِم آيدين هذه الجُزئية لكنّه سأل عن شيءٍ آخر

[لماذا يوجد جوهر الطاقة في مركز القارة ؟]

قالت

{هذا بِسبب الذين سيطروا على القارات عندما كانت فارغة، حينها.. صنعوا بعض الآليات المُعقّدة لِجمع الطاقة البدائية في مكانٍ واحد، وهكذا سيطرَت الدول العُظمى على باقي الدول الأخرى لأن إنشاء الجيوش يتمّ بِسرعةٍ كبيرة عِندما تملِك جوهر الطاقة، ولذلـ..}

توقّفت فايري فجأةً فاستغرَب آيدين لأنها لا تفعل هذا عادةً، فالبشر هُم مَن قد يتوقّفون بِسبب نِسيان المعلومات، أما هي فمُجرّد ذكاءٍ صِناعي ولا يجِب أن تنسى، لذلك سألها

[ما الأمر يا فايري ؟]

قالت

{بعد امتِصاصِك للطاقة.. بدأتُ أشعُر بِمسارات الطاقة في جسدِك، لكن شعوري بِها ضعيفٌ حالياً ولا أستطيع التأكّد ما إذا كُنتَ تملِك مركز طاقةٍ أم لا، سيكون عليك امتِصاص عددٍ أكبر من البلّورات الحمراء}

نظر آيدين بين يدَيه فوجَد بأنه قد امتصّ أكثر مِن عشرين بلّورةً حمراء لحدّ الآن، وهذا ليس أمراً عادياً أبداً حسب ما أخبرَه شويلّو، لكنّه سيُواصِل العملية حتى يرى إلى أين سيصِل، لذلك فتح المتجر واشترى ألف بِلّورةٍ أخرى بمائة ألف عُملة حمراء ثم خزّنها في الخِزانة الخاصة بِه، لكنّه لم يشترِها لامتصاصِها فقط وإنما يُخطّط لاستخدامِها بِطريقةٍ أخرى.

بعد تخزين البلّورات في الخزانة، اقترحَت فايري أن تُساعِدَه على امتصاص البلّورات أثناء انشِغالِه في أمور أخرى كما كانَت تفعل عِندما تضخّ الدواء مُباشرةً في جسدِه، وهذا يعني بأنّه ليس مُضطراًّ للخُلوة في بيتِه كل مرّةٍ أراد فيها امتصاص الطاقة، خاصةً أنه لا يحتاج إلى التركيز أثناء امتِصاصِها كما يفعل الآخرون وإنما يَكفي أن يلمِسَها فيتمّ امتِصاصُها تلقائياً، ورغم أنه لا يعلم كيف تفعل فايري مِثل هذا إلا أنه لم يُمانِع مِثل هذه المُساعدة، لذلك استلقى على فِراشِه ونام، وكانت هذه أول مرّةٍ ينام فيها على الفراش منذ وقتٍ طويل.

في الصباح.. استيقظ فشعَر بأن جسدَه كان خفيفاً جداً، لكنّ شيئاً ما أزعجَه وجعل وجهَه أحمر مِن الإحراج، نظر إلى فِراشِه فوجد بأن رائحةً عفِنةً قد خرجَت مِنه، طأطأ رأسَه وكاد يصرُخ لولا أن فايري قالت

{هذه هي الشوائب الضارّة المُتبقّية مِن عملية دَمج الجِلد الصناعي، لقد تمّت تنقية جسدِك بِنجاح}

استغربَ ونظر مرّةً أخرى فوَجد بأن القذارة قد خرجَت من جميع أنحاء جسدِه، وبعد استرجاع تركيزِه.. قال باستغراب

[أليس هذا الأمر خاصاًّ بِمن دخل مرحلة الإيقاظ ؟]

قالت

{أنا لا أملِك المعلومات الكافية لِما يحدُث لِجسدِك، فقد تمّ استِهلاك أكثر من مائة وخمسين بلّورة حمراء لِحدّ الآن وصِرتُ أستشعِر الطاقة في جسدِك، لكنّك لا تملِك مركزاً للقوة، وكأن جسدَك بأكملِه يعمل كمركزٍ للقوة، وهذه حالةٌ غير مُسجّلة في تاريخ التدريب}

بدأ آيدين يُفكّر فيما قالَته لِبعض الوقت قبل أن يقوم ويجمَع الفِراش القذِر ويتخلّص مِنه مع ثِيابِه، دخل للاستحمام فلاحظ بأن جسدَه قد صار أطول قليلاً وأكثر نُضجاً، لم يفهَم ما يحدُث له لكنّه فكّر في تِلك الطاقة التي امتصّها، وبعد الاستفسار.. قالت فايري

{جسدُك يمرّ في حالة نموٍّ سريع، ليس من حيث النّضج فقط وإنما صار جِلدُك ليّناً وقاسياً في نفس الوقت، خاصةً صدرُك وظهرُك قد صارا يملِكان مناعةً أكبر مِن باقي المناطِق، وكل ما أستطيع التفكير فيه هو أن الإصابات التي تعرّضتَ لها هي السبب}

رفع آيدين حاجِبَين باستغرابٍ ثم قال

[هل تقولين بأن التعرّض للضرب يَزيد مِن قوّتي ؟]

قالت

{هذه مجرّد فرضية}

صمت قليلاً ثم قال

[لِم لا أُجرِّب وأرى ؟]

نظر حولَه في الحمّام ورأى مِكنسةً لها عصاً خشبية، نزع العصا وبدأ يضرِب بِها ساعِدَه حتى رسم عليها العديد من الكدمات الزرقاء، ومع أن الأمر كان مؤلِماً إلا أنه ليس للدرجة التي تجعلُه يئِنّ، وبعد دقائق.. بدأت الزّرقة تتلاشى فقالَت فايري

{قد لا تكون النتائج فورية، دعني أُراقِب التغيّرات التي ستحدُث على ساعِدك}

وافق على طلبِها ثم أنهى حمّامَه ولبِس قميصاً له قلنسوة، وبعد نصف ساعةٍ كان قد خرَج مِن بيتِه واتّجَه نحو الساحة، مرّ بالعديد مِن المسالِك قبل أن يصِل إلى المناطِق المُخصّصة للتلاميذ، حيث كانَت شُقّتُه في مكانٍ لا يُسمَح للتلاميذ بِدخولِه في العادة لأنها مِنطقةٌ مُخصّصة للعمّال والموظّفين الصّغار، وقبل خروجِه مِن هذه المنطقة.. أخرج مِفتاح قاعة التدريب التي أعطاها له شويلّو وكانت في مِنطقةٍ معزولةٍ من الساحة الداخلية، فتح بابَها ودخل فوجَد بأنها فارِغةٌ ليس فيها أي شيءٍ غير بعض المرافِق المليئة بِالغُبار، وربما كان يجِب على شويلّو وصفها بالمِرآب وليس بِقاعة تدريب، لكنّها جيدةٌ لِـ آيدين لأنها ستمنَح له مكاناً معزولاً أفضل مِن الساحة العامّة.

خرَج مِن القاعة وتوجّه إلى الساحة العامة فمرّ عبر بوابةٍ محروسة، نظر إليه الحارسان ولم يقولا شيئاً فعلِم آيدين بأنهما قد تلقّيا المعلومات بأنه يسكُن في الداخِل، اقترَب مِنهما مع ابتسامةٍ واسعةٍ ثم قال

"مرحباً، أنا جارُكما الجديد، أتمنى أن تعتنِيا بي جيداً"

قال هذا ثم أخرج بِطاقتَين ماليتَين مشحونتَين بعشرة آلاف عملة بيضاء، سلّم كل واحدٍ مِنهما بِطاقتَه فتغيّرَت ملامِحُهما وقال أحدُهما

"ما الذي يحتاجُه السيد الشاب منّا ؟"

ضحِك آيدين ثم قال

"أنا فقط أشكرُكما على عملِكما الجاد، هذا كل شيء، أنا آيدين، وأنتما.. ما هي أسماؤكما ؟"

استغرَب الحارِسان من هذه المُعاملة لأن مثل هذا المبلغ يُمثّل راتِب ثلاثة أشهُر من العمل، وعِندما لم يُظهِر آيدين أي نيّةٍ في استِغلالِهما.. بدآ في قبولِه على أنه شخصٌ جيّد وأن عليهِما احتِرامَه من اليوم فصاعِداً.

بعد رُبع ساعةٍ قضاها مع الحارِسَين.. انصرف أخيراً نحو المناطِق المُخصّصة للتلاميذ، وضع قلنسوتَه على رأسِه ثم بدأ يتجوّل، بدأ من الساحة أولاً ثم قاعات المُحاضرات وغيرِها من المرافِق، وكان يبحث عن شخصَين مُحدّدَين دون إثارة انتِباه الآخرين، لذلك استخدَم حواسّه لِتجنّب باقي التلاميذ فصار مِثل الشبح الذي يسلُك النقاط العمياء لِمَن لا يُريد أن يراه، ومع ذلك كان يتحرّك بِطريقةٍ عادية دون إثارة أي شبُهات.

بعد نِصف ساعة.. رأى أحد المُستهدَفَين وكان يتجوّل بِهدوءٍ في إحدى الأروِقة، اتّجه نحوَه مُباشرةً إلا أن الشخص المُستهدَف لم ينتبِه له حتى وقف أمامَه، رفع المُستهدَف رأسَه للأعلى لأنه كان قصيراً مُقارنةً بِـ آيدين، وعِندما تأكّد مِن هويتِه.. صرخ عليه

"أنت ... ماذا تفعـ.."

وقبل أن يُكمِل صُراخَه.. أغلق آيدين فمَه بِيدِه ثم قال

"دعنا نتحدّث في مكانٍ هادئ"

جرّه إلى قاعةٍ فارِغة ثم قال له

"كيف حالُك أخي ماليان ؟"

كان المُستهدَف الأول هو ماليان مِن نقابة تجار العقيق، وكان هو الذي أعطاه تلك البطاقات المالية التسعة أثناء مُسابقة الأسئِلة، استغرب ماليان مِن ظهور آيدين في المدرسة فسألَه

"كيف وصلتَ إلى هُنا ؟"

ضحك آيدين ثم تبجّح أمامَه

"أنا ابن المُدير وأستطيع الدخول إلى أي مكان"

سقط الفك السفلي الخاص بِـ ماليان وصرخ مرّةً أخرى

"هل هذا حقيقي ؟"

ضحِك آيدين ولَم يُجِبه وإنما قال

"لقد أتيتُ خصّيصاً للبحث عنك"

عبس ماليان وتراجع للخلف قليلاً فضحِك آيدين مرةً أخرى ثم سأله

"ماليان.. هل أنت تاجرٌ أصلي حقيقي أم مُجرّد تاجرٍ مُزيّف ؟"

2020/03/04 · 837 مشاهدة · 1098 كلمة
abox33
نادي الروايات - 2024