"ماليان.. هل أنت تاجرٌ أصلي حقيقي أم مُجرّد تاجرٍ مُزيّف ؟"

استغرب ماليان قليلاً قبل أن يقول بِحماس

"بل أنا تاجرٌ أصلي حقيقي أباً عن جدّ، لماذا تسأل ؟"

قال آيدين

"سمِعتُ بأن التجّار الحقيقيّين لديهِم قانونٌ معروف يمنعُهم مِن تسريب المعلومات الحسّاسة، هل هذا صحيح ؟"

رفع ماليان يدَه وأشار إلى جبهتِه فظهر بريقٌ خافِت لشِعارٍ دائري باللون الأخضر، اختفى الشّعار بِسرعةٍ فقال

"هذا هو الدليل على تأدية القسَم، وإن خالَفنا القانون فستكون حياتُنا هي الثمن، لهذا نحن ناجِحون في التجارة أكثر مِن التجّار العاديّين، فأصغر واحدٍ فينا يستطيع التجارة مع الأمراء والملوك دون أن يخافوا مِنه"

صمت آيدين قليلاً بينما يحصُل على المعلومات من فايري حول هذا الشعار الأخضر، وأخيراً.. أخرَج بِلّورةً حمراء وقال

"هل تستطيع بيع هذه السلعة ؟"

اتّسعَت عينا ماليان قليلاً وأمسَك البلّورة قبل أن يقول

"يُمكِنني التكفّل بِها لأجلِك، وسِعرُها سيكون بين ثلاثة آلاف وعشرة آلاف عملة حمراء، لكني سآخُذ عشرة في المائة مِن مَبلغ البيع"

ابتسم آيدين لِأن ماليان تاجرٌ حقيقي ولا ينسى الاستفادة من أي شيءٍ مهما كان صغيراً، بعدَها.. قال له

"أنا أعرِف شخصاً، وهو يعرِف شخصاً آخر، وذلك أيضاً يعرِف شخصاً آخر..، المهم هو أني أستطيع الحصول على المزيد مِن هذه البلّورات، هل تستطيع بيعَها كلّها ؟"

قطّب ماليان حاجِبَيه وهو ينظُر إلى آيدين قبل أن يسألَه

"ما هو العدَد الذي نتحدّث عنه ؟"

قال آيدين

"عشرة، مائة، ألف، مليون..، قُل لي أنت كم تحتاج وسأجلُبها لِأجلِك، لكن.. إذا تسرّب الخبر فسأقتُلك قبل أن يقتُلك ذلك الرّمز الغريب"

لم يهتم ماليان لِتهديد آيدين لأنه تدرّب مُنذ نعومة أظفارِه على مثل هذه المواقِف، ابتسَم حتى ظهرَت أسنانُه الذهبية ثم قال

"هذا العدد غير مسبوق في تحالُف الخمسة زائد واحد، وسأحتاج إلى بعض الوقت لإنشاء شركةٍ وهمية في دولةٍ خارجية، وسيتمّ البيع عبرَها حتى لا يَنتبِه إلينا أحد، هذا اختِصاصي أنا، ليس عليك القلق بِشأن هذا، لكن.. يجب أن تُوفّر لي ألف بلّورةٍ حمراء على الأقل حتى أكون مُتأكّداً مِن صحّة ما قُلتَه"

أومأ آيدين ثم قال له

"ستجِدها عندي بعد بِضعة أيام، أجلُب معك حقيبة تخزين"

عبس ماليان قليلاً لأنه ذكر عدد ألف كاختِبارٍ فقط، لكن آيدين قد وافق بِسهولة، والآن يطلُب مِنه جلب حقيبة تخزين ؟

تنهّد ثم قال بِحُزن

"هل تعتقِد بأني غنيٌّ جداً لأملِك حقيبة تخزين ؟"

استغرَب آيدين من قولِه فسألَه

"كم سِعر حقائب التخزين ؟"

كان آيدين قد أخذ فِكرةً عن أدوات التخزين في المتجر، وأغلاها لا يتجاوَز سِعرُها عشرة آلاف عملة حمراء، لذلك استغرَب مِن قولِه، أجابَه ماليان

"الملوك وكِبار الشخصيات وحدَهم مَن يملِكون حقائب التخزين، وسِعرُ أرخصِها يتجاوز عشرة ملايِين عملة حمراء"

استغربَ آيدين كثيراً من هذا الفارِق فسأل فايري، أجابَته

{حقائب التخزين يتم صُنعها في القارات العُظمى على يد المُتدرّبين الأقوياء والذين لا يوجدون في القارات الصغرى، وأنت تعيش في قارةٍ صغيرة مَمنوعة من التعامُل مع القارات العُظمى لأنهم يعتبِرونكم مُجرّد أجناس مُتخلّفة}

عبس آيدين لأنها كانت أول مرّةٍ يسمع هذا، فهو كان يعتقِد بأن الأمراء والملوك هُم أعلى الأجناس في العالم، لكن الحقيقة هي أن هُناك من يعتبِر الأمراء والملوك مُجرّد قرود، ولا يرضى حتى التعامُل معهم، لذلك توجد قيودٌ على المتاجِر الإلكترونية المُتّصلة بالشابِكة، و فايري تُعتبر حالةً خاصة لأنها أتَت مِن مكانٍ عالي المُستوى وليسَت من هذه القارات الجانبية الصغيرة، وما لا يعلمُه آيدين هو أن فايري لديها صلاحياتٌ كثيرة جداً في المتجر لِدرجة أنه حتى سكان القارات العُظمى سيغارون مِنها، ومِن بين هذه الصلاحيات.. الوصول إلى أقسام السلع الممنوعة وشِراء الكثير من السلع بِأسعار مُنخفضة جداً مُقارنةً بالسوق.

بعد صمتٍ وتفكير.. قال آيدين

"ذلك الرجل الذي يعرف رجلاً آخر.. يستطيع توفير بعض السلع الحساسة مثل حقائب التخزين، أريد منك الدخول معي في شراكة، أنا أوفر السلع وأنت تبيعُها دون أن يعرِف أحدٌ مصدر السّلع، صدقني.. إذا عمِلت بإخلاصٍ فسأجعَلك غنياً في فترةٍ زمنية قصيرة"

وقف ماليان وقال بِنبرةٍ جادة

"أنا أُصدّقك"

قالها مشن قلبِه لِأنه سبق ورأى ما يستطيع آيدين فِعلَه، وقف آيدين ثم بدأ يَخرُج وهو يقول

"جهِّز لي قائمةً بِالسلع النادرة وأسعار البيع، سأبحث عنك لاحِقاً، وإذا التقينا دون أن آتي إليك بِنفسي فتظاهَر بِأنك لا تعرِفُني"

قال هذا ثم خرَج وبدأ يبحث عن المُستهدَف الثاني، وبعد ساعتَين مِن التجوّل.. رأى هدفَه فاعترَض الطريق وقال

"اِتبعيني"

كان الهدف فتاةً هذه المرّة، استغربَت مِن هذه الكمة الوحيدة التي ألقاها عليها، تردّدت قليلاً قبل أن تَتبَعه مِن بعيد، وبعد دقائق مِن المَشي.. دخل آيدين إحدى القاعات الفارِغة وانتظرَها، دخلَت أخيراً وقالت بِتردّد

"ماذا تُريد ؟"

كانت هذه صاحبة السيف التي سمّت نفسها تالين، ومع أنها استغربَت وجودَه في المدرسة إلا أنها لم تسأَله، نظر إليها طويلاً ثم ابتسَم وقال

"قُلتِ أنك آسفة، وأنا أقبل اعتِذارَك"

قطّبَت جبينَها بِطريقةٍ غريبة لأنها تذكّرَت عِندما اعتذرَت له بِصوتٍ مُنخفِض، وقبل أن تقول شيئاً.. سألها آيدين

"هل أنتِ تلميذةٌ أساسية ؟"

هزّت رأسَها ثم قالت

"التلاميذ الأساسيون هُم فقط أولئك الذين يستخدِمون مركزَي طاقة"

صمت آيدين قليلاً ثم قال

"هل لديكِ فريق للمُشاركة في المُسابقة بعد ثلاثة أشهُر ؟"

عبسَت قليلاً لأنها لم تسمَع بعدُ عن هذه المُسابقة، شرَح لها ما يعرِفُه ثم قال

"أنا أُخطّط لِسَحق كرامة الأمراء والنبلاء، وأحتاج إلى شريكٍ جريء لِأن المُسابقة تقبل الفِرَق مِن فردَين إلى خمسة أفراد"

قالت باستغراب

"ولِماذا أنا ؟"

قال

"لَن أجِد شخصاً أفضل مِنك لأنكِ تكرهين الأمراء والنبلاء"

شعرَت بالقُشعريرة وهي تنظُر إليه بِرُعبٍ قبل أن تسألَه

"كيـ.. كيف تعرِف هذا ؟"

قال بِتهكّم

"أنتِ سهلة القِراءة، أستطيع إخبارَك بِأن الذي بينَك وبينهُم يتجاوَز المشاكِل العادية، وربما يصِل إلى الدّماء، وفي الغالِب أنهم قتلوا شخصاً عزيزاً عليك، وأنتِ تبحثين عن القوة للانتقام، ويجب أن يكون سيفُك هديةً مِن ذلك الشخص العزيز، أليس كذلك ؟"

طأطأت رأسها بعد سماع ما قالَه ثم انهمرَت دموعُها على خدّيها فقال لها بِنبرةٍ جافّة

"الدموع لن تجعلَك أقوى، والانتقام لن يجعلَك أكثر سعادة"

بقِيَت على حالِها لِبعض الوقت قبل أن تسألَه

"هل تقول بأني يجِب عليّ مُواصلة العيش وعدم التفكير في الانتقام ؟"

قال

"إذا لم تملِكي القوة لإسقاط النظام بأكملِه فلا داعي للانتقام مِن شخصٍ أو اثنَين، فالأمر يجب أن..، أوه.. لقد تحدّثتُ كثيراً، على أي حال.. أنا أُريد تكوين فريقٍ معك خلال المُسابقة، لذلك لا تنخرطي في أي فريقٍ آخر، اتّفَقنا ؟"

صمتَت طويلاً قبل أن تمسَح دموعَها وتومِئ بِرأسِها، أومأ بِرأسِه هو أيضاً ثم قال

"جيّد، إذا أرَدتِ التدريب في مكانٍ معزول فابحثي عنّي، أملِك قاعةً جيدة وبعيدة عن الأنظار"

قال هذا ثم خرَج، نظرَت إليه حتى اختفى فقالَت في نفسِها

'يا لها مِن أحلامٍ كبيرة، إسقاط النظام بِأكملِه بدل الانتقام ؟'

2020/03/04 · 846 مشاهدة · 1017 كلمة
abox33
نادي الروايات - 2024