{إنه جافٌّ لا طاقة فيه، اِشحَنهُ بِبعض الطاقة أولاً}

وضع آيدين خاتم الأزياء في أصبُعِه ثم ضخّ إليه كميةً من الطاقة إلا أنها لم تكُن كافيةً لاستخدامِه، وهذا لأنه سِلاحٌ مِن المستوى المُرتفِع ويحتاج إلى كمّيةٍ كبيرةٍ من الطاقة، لذلك بقِي يضخّ فيه الطاقة لِأكثر مِن نِصف ساعةٍ حتى قالت فايري

{لقد انتعَش مِن جديد، لكن هذه الكمية ستجعلُه يعمَل لِأقل مِن عشر دقائق}

كانت فايري مُتّصِلةً بالدّرع لأنه مصنوعٌ مِن مادةٍ مُعالجَةٍ بتِقنيةٍ قديمة عِبارة عن آليات عُضوية بِحجم النانومتر ويُمكِن التحكّم فيها عن بُعد، ونفس الشيء بالنسبة للجِلد الصناعي الخاص بِـ آيدين حيث توجد فيه الملايِين مِن آليّي النانو الذين لا يُمكِن رؤيتُهم بالعين المُجرّدة، وهذه الآليات العُضوية الصغيرة تتكاثَر تِلقائياً عندما تتغذى على الطاقة، لهذا تستطيع إصلاح الجروح في جِلد آيدين وإصلاح التمزّقات في الثياب التي يمنحُها الخاتم، ولِنفس السبب.. تستطيع فايري تغيِير شكل ولون الاثنَين بِسهولة.

نزع آيدين ثِيابَه ثم اختار شكل الثياب التي يرغَب مِن الخاتم أن يتحوّل إليها بِمُساعدة فايري، وفجأة.. خرجَت المادة اللزِجة وأحاطَت جسد آيدين ثم بدأت تتشكّل وتتلوّن، لكن العملية كانت هذه المرّة أبطأ بِكثيرٍ ممّا يجِب لِأنه في آخر مرّةٍ حصل آيدين على الثياب التي اختارَها في لمحة عين، فكّر في البِداية في كمية الطاقة التي ضخّها في الخاتم، لكن فايري قالت على عُجالة

{شيءٌ غير عادي يحدُث للمادة المُعالجَة}

وقبل أن تُكمِل تحذيرَها.. شعر آيدين بأن المادة اللزِجة كانت تغرَق في جسدِه، شعر بالقلق وبدأ ينزِعُها عنه إلا أن يدَيه كانت تمرّ عبرَها ولا يستطيع سحبَها، صرَخ على فايري بِقلق

[هل يُريد الاستحواذ على جسَدي الآن أم ماذا ؟]

قالت

{يبدو بِأن جسدَك هو الذي يستحوِذ على الدّرع ليس العكس، ربما بِسبب تشابُه المادة اللزِجة مع الجلد الصناعي واحتِوائهما على نفس بصمة الطاقة}

قال بِعبوس

[وما الذي سيحدُث الآن، هل سأملِك جِلداً قُماشياً ؟]

لم يتعافى آيدين بعد مِن صدمَة الجِلد الصناعي وإمكانية تغيِير وجهِه وما إلى ذلك من العجائب التي تركَها له عمُّه، والآن صار جسدُه يمتصّ مادةً تتحوّل إلى قُماش، فكيف لا يخاف على نفسِه ؟

طمأنَته فايري

{أنا أتحكّم بالمادة اللزِجة حتى وإن كانت داخِل جسدِك، وربما أستطيع إخراجَها لاحقاً}

مع أنها قلت هذا إلا أن آيدين قد فهِم صعوبة الأمر، فلو كانت تستطيع إخراجَها فلِماذا لم تمنَعها مِن الدخول إلى جسدِه ؟

استمرّت عملية الامتصاص لِأكثر من دقيقةٍ حتى اختفَت المادة اللزِجة تماماً، ساد الصّمت في الأجواء لِبعض الوقت قبل أن تقول فايري

{المادة اللزِجة صارت جُزءً لا يتجزّأ من جِلدك ولا أستطيع إخراجَها}

تنهّد آيدين بِصعوبةٍ لِأنه لم يعُد بشرياً منذ وقتٍ طويل، واليوم صار جسدُه يحتوي على مادةٍ صناعيةٍ أخرى، نظر في ذِهنِه إلى الزّي الذي كان قد اختارَه ثم قال

[كل ما أردتُه هو استِخدام هذا الخاتم الرائع، والآن صارَت لدي مُشكِلةٌ جديدة لِأقلق عليها]

قال هذا ثم ضغط بأفكارِه على نفس الزّي المُختار في القائمة، وفجأةً.. بدأت المادة اللزِجة تخرُج بِبُطء فتغيّر لون وجهِه وصرَخ

[ماذا الآن ؟]

قالت فايري

{انتظِر قليلاً، أعتقِد بأنها لا زالَت تقوم بِنفس المُهمّة}

استمر هذا لِأكثر من نصف دقيقة حتى شعر آيدين بأن المادة قد بدأت تتحول إلى ثياب، لكن الفرق هذه المرة هو أنه كان يشعُر بِها وكأنها جزءٌ مِن جسدِه، جرّب نَزع القميص فلم يحدُث أي شيء، لكن.. عندَما رماه على الأرض.. تحوّل بِسرعةٍ إلى مادةٍ لزجة وطار نحو جسدِه وكأنه فرخٌ يَجري نحو أمِّه، وهذا جعل آيدين يشعُر بِالغضب لأنه لا يستطيع العيش مثل البشر العاديّين الآن، فماذا لو حدث شيءٌ مثل هذا بين أصدقائه ؟

عندما وصل إلى هذه الفكرة.. ابتسم وعاد إلى مزاجِه البارد والهادئ لأنه لم ولن يكون لديه أي أصدقاء حقيقيّين، فمع أنه يشعُر بِالأمان في هذه الفترة إلا أن هذا لن يدوم طويلاً لأنه لن يبقى في المدرسة إلى الأبد، بعد هدوئه.. سأل فايري

[لماذا تشكيل الثياب بطيءٌ جداً وليس مِثل السابِق ؟]

قالت

{لأن حجم الطاقة المُتوفّر للاستخدام ليس كبيراً، يجِب أن تتدرّب مُستقبلاً على تخزين الطاقة بدل تركِها لِجسدِك، فأغلَب الطاقة التي أضخُّها إليك يحصُل عليها جسدُك لِتطوير نفسِه}

فهِم آيدين ما حدث فقال لها

[ربما سيكون مِن الأفضل ألا أستخدِم هذه الثياب في الوقت الحالي]

قالت

{بِما أن الدّرع قد صار جُزءً مِن جسدِك الآن فسأدرُس طُرقاً أخرى لاستخدامِه، لكن.. تدرّب على التحكّم في مخزون الطاقة وإلا فإنك لن تستطيع استِخدام التقنيات القتالية}

تعتمِد فنون القتال باستخدام الطاقة على وفرَة الطاقة في مكانٍ ضيّق، لكن جسد آيدين لا يحتوي على مركز طاقةٍ ضيّق مثل الجميع، لذلك يصعُب عليه جعل الطاقة تندفِع بقوّةٍ إلى الخارِج، وعندَما وصل بِتفكيرِه إلى هذا.. سأل فايري

[بِما أني لا أملِك مركز طاقةٍ لِضغط الطاقة في مكانٍ ضيّق فلِماذا لا أُنشِئ ذلك المكان الضيّق بِنفسِي ؟]

بِمعنىً آخر.. بِما أن آيدين لا يستطيع استخدام مركز طاقةٍ حقيقي فلماذا لا يُنشئ مركز طاقةٍ وهمي مثلما يفعل الباعِث ؟

قالت فايري

{جسدُك ليس مِثل أجساد الباعثين لذلك لن تستطيع إنشاء مركز طاقةٍ وهمي خارِج الجسد، لكن ربما تستطيع إنشاءَه داخِل جسدِك، أملِك تقنيةً مُخصّصة للباعثين وفيها تفاصيل إنشاء مركز الطاقة الوهمي}

التقنيات هي مجموعةٌ من الإرشادات التي تُساعِد المُتدرّب على تحريك الطاقة بِأنماط مُعيّنة للحصول على نتائج جرّبها ونقّحها كاتِب التقنية، وتكون إما مكتوبةً أو مُخزّنةً بالطاقة الذّهنية في بِلّوراتٍ مُخصّصةٍ يتم امتِصاصُها لِتُطبَع تلقائياً في ذِهن مُستخدِمها، أما آيدين فهو يملِك فايري، لذلك قامَت بطِباعة التقنية مُباشرةً في ذاكِرتِه، استوعَبها بِسرعةٍ وفهِم الجُزئية التي يحتاج إليها ثم بدأ التدريب، لكنّه توقّف عِندما سمِع صوت طرقٍ على الباب.

فتح الباب فوجد فتاةً صغيرةً في العاشِرة مِن عُمرِها، لها ضفيرتان قصيرتان وتلبِس فُستاناً طفولياً، وكانت تحمِل بين يدَيها سلّةً قشّيةً صغيرة، ابتهجَت عِندما فتح الباب وبدأت تنظُر إليه بِعيونٍ مُتلألئة، ابتسَم عِندما رآها وقال لها

"هل اِشتقتِ إليّ يا روشان ؟"

كانت الصغيرة روشان تزورُه كل فترةٍ خلال الشهر الماضي منذ زارَها في بيتِها قبل فترة، وحينها.. كانت أمّها مريضةً وتحتاج إلى الدواء فأعطاها المال الذي يكفيهِما لِوقتٍ طويل، لهذا صارَت مُتعلّقةً بِه كثيراً كَونها لا تملِك أباً ولا إخوة، وكانت كلّما أتَت إليه إلا وجلبَت له بعض الكعك أو الفواكِه أو أي شيءٍ تجِدُه في المُتناوَل، ابتسمَت بِسعادةٍ وقالت له

"لم تزُرنا مُنذ أيام، لذلك قلِقنا عليك أنا وأمي، أنظر.. جلبتُ لك بعض الحلوى"

رفعَت السلّة الصغيرة إليه فابتسَم بِسعادةٍ لِأنه يشعُر معها بِمشاعِر العائلة التي فقدَها وهو صغير، أمسَك السلّة ثم قال لها

"هل تُريدين رؤية بعض الحركات السّحرية ؟"

اهتزّت مِن الفرح وهي تصيح

"نعم ... نعم"

لوّح بِيدِه في الهواء فظهرَت فيها دُميةٌ صغيرة، أعطاها لها ثم قال

"لا تقلقي بِشأني هذه الأيام لِأني في تدريبٍ مُغلق، سأزوركما بِالتأكيد عِندما أخرُج، اتّفقنا ؟"

أومأت بِرأسِها ثم قالت بِسعادةٍ

"لا تنسَ هذا، فأمي حزينةٌ جداً لأنّك لم تزُرنا، حتى أنها كانت تبكي لأجلِك قبل قليل"

استغرَب قليلاً مِمّا قالته عن بُكاء أمّها لكنّه لم يهتمّ كثيراً لأنها لا تزال صغيرة، غادرَت فدَخل إلى المنزِل وأغلَق الباب خلفَه على أمل ألا يُزعِجه أحدٌ آخر، فتح السلّة فوَجد بأنها حلوى قد تم شِراؤها وليسَت مصنوعةً منزلياً كالعادة، جلس على الطاولة وبدأ يأكُل إحداها قبل أن يشعُر بِشيءٍ غريب، تدخّلَت فايري بِسرعة

{توقّف ... سمٌّ فتّاك قد دخَل إلى جسدِك}

2020/03/05 · 870 مشاهدة · 1107 كلمة
abox33
نادي الروايات - 2024