"خُذاني إلى غُرفة التحقيق"

نظر المدير نحو شويلّو قليلاً ثم طأطأ رأسه، تنهّد شويلّو ثم قال

"إنه هُنا في قاعةٍ تحت الأرض"

استدار واتّجَه نحو الخِزانة ثم فتح باباً صغيراً يقود للأسفل، نزل الثلاثة حتى وصلوا إلى سِردابٍ يحتوي الكثير من الزنازين، وقبل أن يصِلوا إلى زنزانة المُتّهم.. قال المدير

"سيكون مِن الأفضل ألا يراك، لذلك أخبِرني بِما لديك ضدّه وأنا مَن سيُكمِل التحقيق معه"

قال آيدين

"سأعطيكَ شيئاً يَجعلُه يَعترِف بِسرعة، لكني سأحقّق معه عِندما يعترِف لِأني أريد معرِفة مَن يعمل لأجلِه، اتّفقنا ؟"

أومأ المدير ثم قال

"إذا اعترفَ بِذنبِه فلا فرق حتى وإن رآك لأنه لَن يخرُج مِن هُنا على قيد الحياة"

ابتسَم آيدين ثم أخرَج واحدةً مِن الحلوى المَسمومة التي أكَل مِنها وقال

"فقط أطلُب مِنه أكل هذه، فحتى وإن كان يرغَب في الانتحار إلا أنه سيتردّد قليلاً في البداية"

أمسَك المُدير قِطعة الحلوى وأراد شمّ رائحتِها، إلا أن آيدين أمسَك يدَه بِسرعةٍ وقال

"احذَر يا مُدير، هل تُريد الموت ؟"

وفي الحقيقة.. لم يكُن لِيشمّها حتى لو لم يتدخّل آيدين لأن جسدَه كان مُتصلّباً بِسبب الطاقة الذهنية الخاصة بِـ شويلّو، لم يُلاحِظ آيدين هذا لكن المُدير نظر نحو شويلّو ثم قال بِحرج

"لقد كُنتُ مُهمِلاً، هل هو خطيرٌ إلى هذه الدرجة ؟"

قال شويلّو

"لا أدري ماذا يكون، لكنّ حَدسي يقول لِي بِأنه خطيرٌ جداً"

قال هذا ثم نظر باستغرابٍ إلى آيدين عندما تذكّر بِأنه قد أخبرَه عن امتِلاكِه مُضاداً للسموم، لِأن مُضاداًّ لمِثل هذا السم الفتّاك يجب أن يكون قيّماً كثيراً، لكن آيدين تجاهَل نظراتِه ولم يرغَب بِكَشف أوراقِه أمامهم، فحتى شويلّو لا يعلَم عن آيدين سوى القليل لِحد الآن، وسبَب كشف ذلك القليل هو الحصول على مُساعدٍ يَحتمي في ظلِّه ريثَما يكتسِب القوة.

ساد الصمت بين الثلاثة لِبعض الوقت قبل أن يُكمِلوا الطريق إلى الزنزانة، بقي شويلّو و آيدين في الخارِج بينما دخل المُدير إلى مُحب القمار وكان مربوطاً بالسلاسل مِن يدَيه وقدمَيه، عندما رأى المُدير.. بدأ يبكي ويترجّى ويقول بأنه بريءٌ مِن تهمة قتل الأم وابنتِها، نظر إليه المُدير طويلاً ثم قال له

"لقد فكّرتُ كثيراً في الأمر وأعتقِد بأنّك صادِق، ربما تكون المعلومات التي وصلَتنا قد أتَت مِن بعض أعدائك في القِمار، على أي حال.. سأُطلِق سراحَك في الصباح بعد اللقاء مع بعض المتّهمين الآخرين"

تهلّل وجه مُحب القِمار وبدأ يشكُر المُدير على ذكائِه وحُسن إدارتِه للأمور، استدار المُدير وكأنه يرغَب بِالخروج قبل أن يقِف ويمدّ قطعة الحلوى نحو مُحب القمار وهو يقول

"أتمنى أن تقبل مِنّي هذا الاعتذار البسيط"

وفجأةً.. ارتجَف مُحبّ القمار وتراجَع للخلف حتى التصَق مع الجِدار وكأنه قد رأى أفعى عِملاقة أمامَه، تغيّرَت ابتسامة المُدير على الفور وقال له

"لماذا أنت خائفٌ إلى هذه الدرجة مِن مُجرّد قِطعة حلوى ؟"

أدرَك مُحب القِمار بأنّه قد خُدِع ولم يجِد ما يقولُه، حينها.. دخل آيدين وقال

"لأنه يعلم بِأنها مسمومة، أليس كذلك ؟"

تغيّر لون مُحب القمار عِندما رأى آيدين وعلِم بأن كل ما حدَث قد كان مُخطَّطاً له، ومع ذلك.. لم يجِد أمامَه غير الإنكار بِغباءٍ حيث صرخ

"ما هذا الاتّهام الباطِل، أنا لا أعلم ما الذي تقوله"

تقدّم آيدين وأخذ قِطعة الحلوى مِن المُدير ثم قال لِمُحب القمار

"إذن.. ستأكُل هذه لِأنها مُجرّد قِطعة حلوى.. صحيح ؟"

عبس مُحب القمار وبدأ يتعرّق بِصمتٍ قبل أن يصرُخ

"وكيف أعرِف ما الذي وضعتَه فيها ... ربما أنت هو الذي قام بِتسميمِها ... لماذا تفعَلون بي هذا ؟"

ابتسم آيدين ثم رشّ غُباراً أبيض اللون على وجهِه فبدأ يصرُخ

"ما الذي فعلتَه لي ... ما هذا ؟"

قال آيدين

"هذه الحلوى تحتوي على سمّ أعصاب قوي، وإذا أعطيتُها لك فستموت خِلال دقائق، أما هذا الغبار فهو سم أعصابٍ أيضاً، لكنّه لن يقتُلك وإنما سيجعلُك تتشنّج لبِضع ساعاتٍ فقط"

كان هذا الغُبار قد اشتراه مِن المَتجر كنوعٍ من الأسلحة الخفية، وجرّبَه عليه حتى يرى مدى تأثيرِه على البشر، وما هي إلا ثوانٍ حتى سقط مُحب القمار على الأرض وكأنه قد أُصيبَ بالشّلل، وكان هذا السم يُصيب العضلات الكبيرة فقط لذلك كان مُحب القمار يستطيع الكلام وتحريك عينَيه.

نظر آيدين إلى شويلّو والمُدير ثم قال

"بقاؤكما أو رحيلُكما هو شأنكما الخاص، فقط أتمنى ألا تتدخّلا بَيني وبينَه بعد أن ظهرَت جريمتُه"

لم يقُل شويلّو شيئاً لذلك قال المُدير

"نعم، فقط لا تقتُله، لا تزال لدي أسئلةٌ أُريد لها جواباً"

كان المُدير مُتساهِلاً مع آيدين بعد حصولِه على تِلك التقنيات السماوية والأرضية، خاصةً أنه صار مُتأكداً بأنه مِن دولةٍ عُظمى وقد يكون شخصاً مُهماً أتى للعَبث على أطراف القارة، لذلك سيكون من الأفضل كسبُ وُدِّه بدل مُعارضتِه.

أخرج آيدين زجاجةً فيها سائلٌ أصفر، فتحَها ثم جعَل مُحب القمار يبلَع السائل رغماً عنه، وبعد ثلاث دقائق.. أخرَج آيدين إبرةً طويلةً وحادّة، اقترَب مِن مُحب القمار ولمَس جِلدَه بِطرفِها فصرَخ بشدّةٍ وكأن خِنجراً قد اخترَق جسدَه، استغرب المُدير فقال آيدين

"صار جِلدُه حساساً جداً بِسبب الدواء الذي منحتُه له، وإذا لم يُخبِرني ما أُريد فسأجعلُه يذوق ألماً لا مثيل له"

ابتلع المُدير ريقَه ونظر نحو شويلّو إلا أن هذا الأخير لم يعترِض، بل على العكس.. كانَت عيناه تلمعان وكأنه لم يعُد عجوزاً، راقب الاثنان آيدين وهو يرفَع مُحب القمار ويقول له

"مَن الذي طلب مِنك قتلي ؟"

امتنَع مُحب القمار عن الحديث فأمسَك آيدين أصبُعَه ثم وضع طرف الإبرة بين الظُفر واللحم وضغط عليها، شعر مُحب القمار بألمٍ لا مثيل له وصرخ بأعلى صوتِه، لكنّه لم يستطِع سحب يدِه أو الانتفاض للنجاة، لم ينتظِر آيدين طويلاً وإنما أخرج الإبرة وفعل نفس الشيء بأصبعٍ آخر، صرخ مُحب القمار مرّةً أخرى وكانت الدموع تتساقط على وجهِه رغم أن عُمرَه فوق الثلاثين، رفع آيدين أصبُعه الثالث فصرَخ مُحب القمار بِقوّة

"فارميس ... النبيل فارميس"

توقّف آيدين ونظر إلى المُدير فقال

"نبيل درجة ثالثة مِن دولة فلوريم"

عبس آيدين وقال

"الأمير رايفوس"

فهِم الجميع بأن الأمر لا يتعلّق بِمجرد نبيل درجة ثالثة وإنما يتعلّق بِشخصٍ أكثر قوة، والشخص الأكثر ترجيحاً هو الأمير رايفوس، عاد آيدين إلى مُحبّ القِمار وسأله عن روشان وأمّها فاعترَف بِأنه هو الذي تسلّل إلى بيتِهما وأطلق الغاز عليهِما، بعد هذا الاعتراف.. استدار آيدين وسلّم الإبرة للمُدير ثم قال

"حصلتُ على ما أُريدُه، ولا يهمّني كيف تمّ اختِراق أرَوان أو ما هو حجم هذا الاختراق"

قال هذا ثم اتّجَه نحو الباب للخروج، عبس المُدير وقال

"وماذا إن كان يكذِب فقط ؟"

هزّ آيدين رأسَه وقال

"لا، لم يكذِب عليّ"

التفتَ نحو شويلّو وقال له

"أُريد مِنك إخراجي مِن تِلك البوابة الخلفية ما دام الوقت ليلاً، سأغيب عن الأنظار لهذا الشهر ولن أرجِع حتى موعِد المُسابقة"

استغربَ شويلّو وقال

"ألَن يكون مِن الآمِن البقاء في المدرسة ؟"

ابتسم آيدين وقال ساخراً

"يكفيكُم ما أنتُم فيه مِن مشاكِل، لا داعي للاهتمام بِمشاكِلي أيضاً"

قال هذا ثم خرج فتبِعَه شويلّو لإخراجِه، وبعد نصف ساعةٍ كان آيدين واقفاً على تلّةٍ بعيدة عن أسوار المدرسة، استخدَم الرؤية الليلية واتّجَه نحو سلسلة جبلية حيث سيَختفي في الشهر القادِم لِأنه يُريد التدرّب في مساحةٍ مفتوحة وبعيداً عن أعيُن البشر، وفي هذه اللحظة.. قطّب جبينَه وقال باستغراب

[ما هذا الشعور الغريب ؟]

2020/03/06 · 864 مشاهدة · 1088 كلمة
abox33
نادي الروايات - 2024