"ضعا كل شيءٍ على الأرض أيها الحقيـ.. إييييه ؟ ... ما هذا ؟"

عِندما دخل قائد المُطاردِين إلى الكهف بِحماس.. وجد الاثنَين الآخرَين على الأرض مُغمىً عليهِما، وذلك لأن آيدين قد ملأ الكهف بِغازٍ سامّ اشتراه مِن المَتجر بعد شعورِه بِاقترابِهم مِنه، وما هي إلا ثوانٍ قبل أن يسقُط القائد وتابِعُه على الأرض أيضاً، وكان آيدين قد اقترَح عليهِما الذهاب اثنَين اثنَين حتى لا ينتبِه أحدُهم لِسقوط زُملائه فيتراجَع، وهكذا قضى عليهِم آيدين بأبسط الطّرُق، ابتسَم ولبِس قِناعاً للتنفّس ثم دخل إليهِم، وبِما أنه لا يملِك الكثير مِن الوقت فقد بدأ عملية الانتقام مُباشرةً عبر خَنقِهم بِحبلٍ رقيق بدل انتِظار موتِهم بِالسّم.

قتلَهم ثم أخرجَهم مِن الكهف وقال لِـ فايري

[هل هناك مخاطِر إذا أخذتُ وجوهَهم جميعاً ؟]

قالت

{نَسخُ الوجوه ليس أكثر مِن حُزمٍ منَ المعلومات والأبعاد ولا يوجد فيه أي خطر، لكني لا أعرِف مَخاطِر سرِقة مراكِز الطاقة مِن أجسادِهم}

صمت آيدين قليلاً ثم قال

[لا توجد مكاسِب بِدون مخاطِر]

انحنى مُباشرةً وبدأ مِن القائد، وفجأةً.. شعر بِنفس الشعور حيث بدأ مركز الطاقة الخاص بِه ينتقِل إليه وكان مُستخدِماً لِعُنصر البرق، وبعد نِصف ساعةٍ كان قد سرَق وجوه الأربعة ومراكِز الطاقة مِن أجسادِهم، وكان اثنان مِن الثلاثة الباقين يستخدِمان عنصر النار مِثل يارني، أما الأخير فقد كان يملِك مركز طاقةٍ ذهنِية، وجميعُهم كانوا في مُستوى الطمع مِثل يارني والآخرين.

نسخَت فايري أشكال ملابسِهم وسرَق آيدين أغراضَهم وهوياتِهم الورقية وشاراتٍ نُحاسية يحمِلونَها معهم وعليها رمزٌ غريب، انتهى مِنهُم ثم أعادَهم إلى الكهف وأذاب أجسادَهم بالحِمض، خرَج مِن الكهف ثم أغلقَه بِبعض الصخور حتى صار غير ظاهرٍ للعيان، استخدَم الرؤية التحليلية وبدأ يُخفي الآثار الواضِحة قبل أن يُكمِل الطريق للأمام وهو يستخدِم شكل يارني.

بعد يومَين.. كان آيدين جالساً فوق قمّة جبلٍ مُرتفِع جداً لِدرجة أن السحاب يمرّ تحت القمّة أحياناً، وكان الجوّ بارداً جداً في القمّة، لكن هذا لم يُؤثّر على آيدين لِأن جسدَه كان يُطلِق هالةً ناريةً هادئة، فتَح عينَيه وقال

[كما قُلتِ لي تماماً يا فايري، استطَعتُ دمجَ مراكِز الطاقة النارية الثلاثة في مركز طاقةٍ واحِد، لكنّه لا يزال ضعيفاً جداً]

قالت فايري

{أهم شيءٍ هو أنك تستطيع الشعور بِمراكِز القوة التي تأخُذها مِن خصومِك، إلا مركز الطاقة الذهنية فقد اختفى مِثل السابِق، ربما لستَ مُهيّئاً لاستخدام الطاقة الذهنية}

كانت فايري تجتهِد لِمُسايَرة غرائب جسد آيدين لأنها أمورٌ لم يسبِق لأحدٍ أن قام بِها، ففي البداية.. لم يشعُر آيدين بالمراكِز التي سرقَها من المُطارِدين الخمسة، لكن الأمر تغيّر عِندما دخل في حالة تأمّل، حيث شعر بأربعة نِقاطٍ باهِتة في جسدِه، ظنّ في البِداية بِأنها مِن بقايا الطاقة التي يتغذّى عليها جسدُه، إلا أنه لم يستطِع استِهلاكَها أو سحبَها إلى مركز الطاقة الخاص بِه، وبعد استشارة فايري.. قرّر تطبيق طريقة إنشاء مراكِز الطاقة الوهمية والتي طوّرها مِن تِقنيات الباعثين، ومع أن الأمر كان صعباً عليه في البداية إلا أنه استطاع دَمج ثلاثة مراكِز مِن الأربعة لأنها كانت كلها تتعامل مع عُنصر النار، أما الرابِع فقد كان يتعامَل مع البَرق فترَكه آيدين في مكانِه.

بعد دَمج المراكِز الثلاثة.. حصل آيدين على هالةٍ نارية، وهكذا يستطيع خِداع الآخرين بِأنه مُستخدمٌ لعُنصر النار وليس للطاقة الظلامية التي تُوصَف بأنها شيطانية، لكنّه لم يُنشئ هذا المركز الوهمي لِهذه المهمة فقط وإنما كانت لديه أفكارٌ أخرى، فهو لا ينوي تشتيت انتِباهِه بالتدريب على تقنياتٍ نارية في الفترة الحالية لأنه يُريد التركيز على تقنية الظلال التسعة، أما مركز الطاقة الناري فقد فكّر فيما سينفَع له خلال فترة التأمّل، لذلك قال

[فايري.. ساعديني على ملأ المركز الجديد بالطاقة ثم سنربِطُه بِالرداء السحري لِأني مِن اليوم لَن ألبِس أي ثِيابٍ غيرَه]

الرداء السحري هو الاسم الجديد الذي أعطاه آيدين للمادة اللزِجة التي كانت في الخاتَم، وبِما أنها قد صارَت جُزءً من جسدِه الآن فسيكون مِن الأفضل الاعتماد عليها على الدوام، خاصةً إذا جهّز لها مصدَر طاقةٍ مُنعزِل في مركز الطاقة الجديد، ولأنه لن يُستَخدم للقتال فسيكون كافياً لِتشغيل الرداء السحري رغم ضُعفِه.

انتهى آيدين مِن مسألة مراكِز القوة ثم عاد إلى تدريبِه على تقنية الظلال التسعة، حيث وصل في وقتٍ سابق إلى مُنتصَف المستوى الأول الذي يُركّز على السّرعة، وكان سبَب خروجِه إلى الجِبال هو الوصول إلى قمّة المستوى الأول حيث سيكون بإمكانِه صُنع نُسخةٍ شبحية مِن نفسِه أثناء تحرُّكِه، ومع أنها نُسخةٌ وهمية إلا أنها مُفيدةٌ في تضليل الخصوم، وهذه لن تكون النسخة الوحيدة التي يستطيع إنشاءَها وإنما في كل مُستوى من التقنية.. سيحصُل على نُسخةٍ أخرى حتى يتمكّن في المُستوى التاسِع من الحصول على تِسع نُسَخ، ولهذا تُسمى تقنية الظلال التسعة.

حتى يستطيع آيدين صُنع نُسخةٍ مِنه.. سيحتاج إلى زِيادة سُرعتِه بِشكلٍ غير عادي، وهذا يعتمِد على حركات الأقدام وطريقة استخدام الطاقة، خاصةً أن تقنية الظلال التسعة في مُستوياتِها الأولى تُعتبر تقنيةً جسدية ولا تُخرِج طاقتَها إلى الخارِج، لذلك ستكون سُرعة آيدين حقيقية وتعتمِد على قوّة جسدِه وعضلاتِه، وهذا شيءٌ يبرَع فيه آيدين طبيعياً بِسبب جسدِه الغريب، لذلك كان الوصول إلى قمّة المُستوى الأول أكثر سهولةً من المُتوقّع.

بعد أسبوع.. نجح آيدين رسمياً باجتياز المستوى الأول من تقنية الظلال التسعة وكان مُستعداًّ للدخول في المستوى الثاني، وفي هذا المُستوى سيتدرّب آيدين على خاصيةٍ تمنَح له القدرة على توجيه ضربةٍ غادِرة بِيدِه أو سِلاحِه، وطريقة عملِها هو تمديد المسافة التي تصِل إليها الضربة، حيث سيكون سِلاحُه قادراً على الوصول إلى مسافةٍ أبعد مِن طول ذِراعِه، مِثل أن يُصيب خصماً يبعُد عنه بِضعة أمتارٍ دون أن يَستخدِم الطاقة في ضربتِه، وهذه التقنية جيدةٌ في الاغتيال أكثر مِن القتال المُباشِر.

أثناء هذا.. تدخّلَت فايري وقالت

{يتّصل بِك شويلّو، هل تُريد تلقّي اتّصالِه ؟}

عبس آيدين وقال

[لكنّي أغلقتُ أداة اتّصالي منذ خرَجت من المدرسة]

قالت

{لقد نسختُ بصمة الأداة منذ البداية، فأنت في الحقيقة لستَ بِحاجةٍ لتِلك الأداة إلا للتظاهُر، أما عِندما تكون وحدَك فأنت تستطيع إجراء الاتصلات مِن خِلالي}

صمت آيدين قليلاً ثم قال

[دعيني أتواصَل معه لأرى ما لدَيه]

فُتِح الاتّصال بينهُما فقال شويلّو

"آيدين.. هل هذا أنت ؟"

صمت آيدين طويلاً قبل أن يقول

"نعم، هذا أنا"

تنهّد شويلّو ثم قال

"لقد كُنتُ قلِقاً عليك واتّصلتُ بِك كثيراً مِن المرّات، أين أنت الآن ؟"

فهِم مِن كلامِه بأن فايري لم تقبَل اتّصالاتِه بِسبب عدم استقراره في الأيام الماضية، ردّ عليه

"أنا الآن خارِج أرَوان، لماذا اتّصلتَ بي ؟"

قال شويلّو

"كُنتُ أُريد تحذيرَك لِأن قاتِل جارتِك الصغيرة كان يملِك أداة اتّصالٍ مَخفية، وبعد تعذيبِه اعترَف لنا بِأنه قد أخبَر النبيل فارميس عن خروجِك من المدرسة، هل أزعجَك أحد ... هل أنت بِخَير ؟"

صمت آيدين طويلاً قبل أن يقول

"لا، لم يُزعِجني أحد، أنا أتدرّب الآن، وسأرجِع قريباً إلى أرَوان"

توقّف قليلاً ثم قال بِنبرةٍ جافّة

"عِندما أرجِع.. سأجعلُكم تندهِشون جميعاً"

2020/03/07 · 832 مشاهدة · 1027 كلمة
abox33
نادي الروايات - 2024