[ولماذا تتغيّر أشكال الأجناس حسب نوع الطاقة التي يتدرّبون عليها ؟]

أجاب المساعد الشخصي على السؤال

{هذه التغيِيرات ليس لها علاقةٌ بالطاقة وإنما بِالتقنيات التي يتدرّبون عليها، حيث تقوم بعض التقنيات بإجبار المُستخدِم على تغيِير شكلِه لِتحقيق فائدةٍ أكبر، فالمُخبِر مثلاً سيحتاج إلى عيون خاصة لرُؤية أصغر الأمور، وهذه العيون صناعية يتم تركيبُها له وليسَت عيونَه الأصلية، ونفس الشيء لآذانِه التي يتمّ تنمِيتُها بِنفس الجِلد الصناعي الذي تم استخدامُه عليك أنت، وهناك الكثير من الإضافات الأخرى مِثل الأنياب والأظافِر الحادة التي يتم تركيبُها على أفواه وأيدي رِجال الشرطة، وكل هذه الأشياء تُصنَع من موادّ عضوية تتأقلَم مع الجسد وتتفاعل مع الطاقة البدائية}

صمت آيدين قليلاً ثم سأل مرةً أخرى

[هل هذا يعني بِأني أستطيع استيعاب بعض الأجزاء في جسدي أيضاً ؟]

أجاب المساعِد

{استيعاب الأجزاء ليس أمراً سهلاً، كما أن استيعاب الكثير مِن الأجزاء قد يكون خطيراً ويتسبّب بانهيار نِظامِك الحيوي أو إصابة جسدِك بالعدوى، فالجسد البشري ضعيفٌ جداً ولا يُمكِن العبث معه باستهتار، خاصةً بعد تركيب جِلدٍ صناعي وتعزيز عِظامِك بِالذهب العُضوي، لذلك لا يُنصَح بِإضافة أية أعضاء جديدة في المستقبل، كما أن كمية الجلد التي تمّ تركيبُها على جسدِك تُعادِل تركيب أكثر مِن عشرة أعضاء، ولولا تدخّلي الدائم بِمجسّاتي لانهارَت العملية وتعفّن جسدُك لِأن عملية الاندماج لا زالَت في طورِها وتحتاج إلى وقتٍ كبير وأدوِية خاصة}

تساءل آيدين باستغراب

[أدوية ؟]

قال

{نعم، فأنا أضخّ في دمِك أدويةً مُعيّنة بصِفةٍ دورية لِمنع انهيار العملية، ولن أتوقّف حتى تُصبِح آمِناً}

تنهّد آيدين عِندما سمِع هذا لأن هذا المساعِد الشخصي يملِك الكثير من الصلاحيات، حتى صلاحيات إعطائِه أدوِيةً دون إذنِه، لكنّه قرّر الثقة فيه بِما أنه هديةٌ مِن عمّه، لكن.. ومع امتِنانِه إلا أنه لن يستحمِل الحديث مع المساعِد بِصوت وصورة عمّه، ربما لِأنه يُدمّر تِلك الصورة الكامِلة التي رسمَها له في قلبِه، لذلك قال

[دعنا نُغيّر اسمَك وصورتَك]

ظهرَت أمامَه الكثير من الصور والأسماء فتحسّر في قلبِه لِأن المُساعِد يستطيع التحوّل إلى أي شكلٍ يُريدُه بينما هو لا يملِك سوى ثلاثة نماذِج وأحدُها لِرجلٍ عجوز، انتقَل إلى سريرِه واستلقى عليه ثم بدأ يتصفّح الصور حتى وقف على صورة فتاةٍ صغيرة لها جناحان مثل الجنّية وتلبِس فستاناً قصيراً أزرق اللون مِثل لون شعرِها وعينَيها، وكانت صورتُها تتحرّك بِطريقةٍ مرِحة ولها صوتٌ عذب، وكان اسمها اللطيف "فايري" ظاهِراً فوق رأسِها، اختارَها تلقائياً لأنه لم يرَ شيئاً مِثل هذا في العالم الحديث، ولا بد أنها شخصيةٌ من العصر الصناعي القديم، كما أنها كانت تتحرّك وليسَت مثل أغلب الصور الثابِثة.

تحوّلت صورة عمّه إلى الجنية الصغيرة فسألها آيدين

[فايري، لماذا تملِكين الكثير من المعلومات ؟]

لم يرغَب بسؤالِها حقاً وإنما أراد رؤيتَها تتحرّك وتتحدّث بِشكلِها اللطيف، استدارَت بِطريقةٍ استعراضية ثم قالت بِصوتٍ لطيف

{أنا أملِك ذاكِرةً قوية لِدرجة أني أستطيع تسجيل كل ما تراه بِعينَيك أو تسمَعُه بِأذنَيك طيلة حياتِك، ولدّي أرشيفٌ كبير جداً من العصر القديم والحديث، كما أني مُرتبِطةٌ بِشبكة المعلومات العالمية بعد أن تم إجراء بعض التعديلات عليّ مِن مُستخدمي السابق}

تُعتبر شبكة المعلومات العالمية كياناً مُستقِلاً لا يُعرَف مَن يُسيِّرُه، ومُهمّتُه هي إيصال جميع المستخدمين بِبعضِهم البعض دون مُقابِل لِأن الذي يدفَع هو الشركات التي تستفيد من الشبكة تجارياً، ويحتاج الولوج لِهذه الشبكة إلى بعض الأدوات الخاصة حيث توجد ألواح العرض للقراءة وكُرات الصوت للاتصال وغيرِها مِن الأدوات، لكن فايري تختصِر كل هذه الأدوات وتعرِضُها مُباشرةٍ في ذهن آيدين، وهذا ليس مُتوفّراً حتى للملوك لِأنهم لا يملِكون المُساعدين الشخصيّين مِثلَه، لذلك قرّر شِراء بعض الأدوات في المُستقبل للتمويه عِندما يكون أمام الآخرين وإلا فسيتحوّل إلى محسودٍ ومُطارَد للاستيلاء على الجنية فايري.

استمرّ بالاستمتاع مع فايري حتى غلبَه النوم ولم يستيقِظ إلا على صوت طرق الباب، نهض مفزوعاً وفتح الباب فإذا هي فتاةٌ جميلةٌ في مِثل سنّه، وكانت تبدو مفزوعةً وهي تقول

"أنا أهرُب مِن أختي الكبيرة ولا أريدُها أن تُمسِكَني، رجاءً اسمَح لي بالاختباء في غُرفتِك لِبعض الوقت"

اتّسعَت عينا آيدين وبدأ يتأثّر قلبُه بِسبب جمالِها لِأنه لم يتعامَل مع الإناث مِن قبل كونَه الطفل المحروق، فمَع أنه ذكيٌّ ومُدرَّب إلا أنه يافِعٌ في بِداية شبابِه وهو أقرب إلى الانحراف مِن غيرِه، لكنّه هدأ عِندما ظهرَت كلِمة "كذِب" فوق رأسِها، علِم مُباشرةً بأنها أتَت مِن فايري، وقبل أن يسألها.. قالت فايري

{أستطيع كشف الكذِب إذا لم يكُن الكاذِب مُمثلاً مُحترِفاً، وجسَد هذه الفتاة يُسرِّب الكثير مِن الإشارات على كذِبها}

ابتسم آيدين وهو ينظُر إلى الفتاة على بابِه ثم ابتعَد إلى الجانِب وتركَها تدخُل، ابتسمَت في قلبِها لِأنها قد خدعَته ثم بدأت بإزالة سُترتِها وكأنها في غُرفتها الخاصة، لكن آيدين لم يتركها تفرَح كثيراً حيث قال وهو يخرُج

"خُذي وقتك، سأذهب للتنزه قليلاً"

تجمّدت تعابيرها لِبعض الوقت قبل أن تندَفع نحوَه بِحركاتٍ مغرية، لم يعلم آيدين سبب فِعلَتها لكنه فكر في أنها تبحث عن رفيقٍ غني، وبما أنه شاب صغير ويعيش في غرفة فخمةٍ لِوحدِه فسيكون هدفاً سهلاً قبل أن تبدأ بامتصاص أموالِه، لذلك أغلق الباب وغادر قبل أن تصل إليه بِمشيتِها العوجاء، غادَر بِسُرعةٍ وقصَد أول مُوظّفٍ رآه ثم قال له

"هناك فتاةٌ دخلَت إلي غُرفتي ورفضَت الخروج، أتمنى أن تطردوها قبل عودتي"

عبس الموظّف وقال

"هؤلاء الحقيرات مُزعِجاتٌ حقاً، سأطلُب مِن الأمن اعتِقالَها وحَبسها ثم تسليمَها للشرطة عِندما نصِل إلى أول محطّة"

تتوقّف القطارات الطائرة كل بِضع ساعاتٍ لإنزال وحمل عملائها، وقد سبق وتوقّف هذا القطار عِندما كان آيدين نائماً، لكن آيدين هزّ رأسَه وقال رافِضاً

"أطرُدوها مِن غُرفتي فقط ولا تعتقِلوها إلا إذا أزعجَت شخصاً آخر غيري"

وافق الموظّف ثم أخذ رقم الغُرفة من آيدين وانصرف، غادر آيدين نحو السطح وكان مُصمَّماً للنظر إلى الغيوم والأرض عبر شرُفاتِه الزجاجية، نظر إلى الأرض واستغرَب مِن شكلِها الجميل كونَها أول مرةٍ يطير فيها، جاب جميع الشرفات ثم نزل للتنزّه هنا وهناك وزار المطعم والمتجر والمُتحف.. وغيرِها من المرافِق المُدمجة مع هذا القطار الفاخِر، وبعد ساعتَين من الاستكشاف.. جلس على بعض المقاعِد المُخصّصة للركاب ثم سأل في نفسِه

[فايري، ما هي التحسينات التي حصلَت عليها حواسّي ؟]

قالت فايري

{لا تستطيع استِخدامها بِطريقةٍ جيدة قبل التدرّب على استخدام الطاقة البدائية، لكني أستطيع إعطاءك بديلاً مؤقتاً يُمكِّنك مِن رؤية بعض الأشياء أو الإحساس بِها بالاعتماد عليّ، وهذا طبعاً لا علاقة له بِتعزيز الحواس عبر التدريب، هل تُريد تفعيل خاصية تعزيز الحواس ؟}

وافق آيدين في نفسِه فبدأ كل شيءٍ يتغيّر في مُحيط رؤيتِه وظهرَت العديد مِن الخيارات مثل التقريب والتركيز على شيءٍ مُعين وتتبّع الحركة، بالإضافة إلى التنبّؤ بأي شيءٍ يتحرّك حتى تِلك الذبابة البعيدة في آخر الرواق، وفجأة.. بدأ يُحسّ بِنسمات الهواء على جلدِه وصار يشم رائحة الطعام والعِطر وأشياء أخرى لا يعلمُها، وفي نفس الوقت.. بدأت موجاتٌ صوتية تغزو عقلَه وكانت عِبارةً عن تضخيم أصوات الأشخاص البعيدين وأصوات الخطوات والمحرّكات وغيرها، بل حتى تلك الذبابة السابقة صار يسمَع صوتَها وكأنها قريبةٌ مِنه، ومع أن كل هذا قد استمرّ لِخمس ثوانٍ فقط إلا أن آيدين دفن رأسَه بين رُكبتَيه وصرخ داخلياً

[يكفي ... يكفي]

توقّف كل شيءٍ فجأة فشعر آيدين بِفراغٍ كبير وكأنه في غُرفةٍ معزولة، بقي على حالِه لِأكثر مِن ثلاث دقائق قبل أن يسأل

[هل هناك طريقةٌ لِتفعيل حاسةٍ واحدة عِندما أريد فقط ؟]

قالت فايري

{نعم، وتحتاج فقط إلى التفكير في تفعِيلها أو إيقافها، كما أني سأقوم تلقائياً بِتفعيل بعض الحواس عِندما أشعُر بِخطرٍ مُحتمل مثل اقتراب شخصٍ بِخطواتٍ غادِرة أو وجود غازٍ سام في الهواء، وهذا هو تعزيز الحواس الذي أقدّمُه، لكنه قليلٌ مُقارنةً مع التعزيز الذي تحصُل عليه بِالتدريب على الطاقة البدائية}

فهِم آيدين ما يعنيه تعزيز الحواس عبر قدرات الجنية فايري، لكن تعزيزها عبر التدريب سيحتاج إلى تجرِبةٍ فعليّة وليس إلى شرحٍ نظري، لذلك لم يسألها عن هذا وإنما قام بِتفعيل تعزيز حاسة البصر وبدأ يستكشِف الإشارات التحليلية التي ظهرَت أمامَه، وهذا ما سيفعلُه في الأيام القادِمة حتى ينتهي من حاسة البصر وينتقِل إلى حاسةٍ أخرى لاستكشافِها والتعوّد عليها، وبعد ساعةٍ من الجلوسِ قام واتّجه نحو غُرفتِه وهو يسأل

[هل تعرفين شيئاً عن المدرسة التي أتّجِه إليها ؟]

2020/02/28 · 1,156 مشاهدة · 1224 كلمة
abox33
نادي الروايات - 2024