وسط ساحة المعركة ..
ووسط انشغال كلا الجيشان بالقتال ..
كان جسد ذلك الشاب ملقى علي الارض لم يعد قادرا علي الحراك ..

دمه كان يسيل و كان دمه يملاء الارض ..
جراحه كانت بالغة .. بشرته بيضاء شاحبة ..


بشرته تكاد ان تكون بيضاء تماما بسبب فقدانه لكل تلك الدماء .
له لون شعر ابيض ناصع و يغطي شعره الابيض ذاك بعض من الدماء
و عينه اليمني ذات لون فضي جميل ..


كان ممددا علي الارض و كانت تلك ربما اخر انفاسه ..
كانت تلك اخر انفاسه عندما حاول الحديث ..

شاريوس : كانت حياة قصيرة ..
قصيرة جدا .. كانت حياة قصيرة و غير عادلة ..
كانت حياتي بالفعل غير عادلة ..

قطعت وعودا كثيرة و لم استطع ان افي بأي منها ..
فعلت اشياء كثيرة ظننت انني لن اندم عليها لاحقا لكنني كنت مخطئا ..


ظننت انني ان كنت امتلك القوة فسيكون ذلك كافيا لحماية من اردت حمايتهم ..
و لكنني كنت مخطئا ..


سأموت اليوم و لن يبقي من ذكراي شئ ...
الا ذلك الاسم الذي اعتاد جنودي مناداتي به ..


" إله الحرب "



.
.


اعتاد البشر علي القتال منذ القدم ..
اعتادو علي القتال فيما بينهم منذ القدم .. لاجل الطعام او الموارد ..
لاجل المال .. لاجل السلطة و النفوذ .. و احيانا كانوا يتقاتلون من اجل النساء ..


ادركت تلك الحقيقة فقط عندما كنت صغيرا .. !


عالمي مقسم لثلاثة اجزاء .. ثلاثة ممالك فقط ..
تسمي المملكة الاولي بـ" كيريان " وتعني مملكة الاراضي الخضراء .


و تمتد من اقصي الغرب وصولا لاجزاء بسيطة من الجنوب و الشرق ..
ولها حدود مشتركة مع كلا المملكتين المجاورتين لها


المملكة المجاورة لها التي تمتدد عكسها تماما
و تسمي تلك المملكة بـ" أيزان " و تعني مملكة الاراضي المتجمدة

و علي عكس " كيريان " تمتد " أيزان " من اقصى الشرق وصولا الي اجزاء بسيطة من الغرب
و لها حدود مشتركة مع " كيريان " و المملكة المجاورة لها


و كانت الاخيرة " سيريان " و تعني مملكة الصحراء القاحلة
و كانت تمتد من اقاصي الجنوب وصولا الي اجزاء بسيطة من الشمال
و كما هو الحال كانت لها حدود مشتركة مع كلا المملكتين المجاورتين لها ..
" كيريان " و " أيزان " ..


حدث ذلك قبل وقت ليس ببيعد من الان .. بداء كل شئ قبل ثلاثة عشر عاما من الان ..
حدث ذلك عندما اراد احد الملوك حكم المملكتين المجاورتين له ..

كان ذلك الشخص هو حاكم مملكة " سيريان " كان اسم ذلك الملك هو " رون " و كان له لقب اخر
كان له لقب اخر و كان لقبه هو " الطاغية " و لقد كان حقا طاغية ..


اراد " الطاغية " حكم الارض بما عليها .. اراد النفوذ و الشهرة و الثروة لنفسه ..
اراد كل شئ حوله لنفسه غير مهتم لما سيحدث لاحقا بسبب غطرسته ..


اشتعلت نار الحرب تلك طوال الثلاثة عشر عاما ..
و استمرت تلك الحرب الي اليوم ..


حدث الامر قبل ثلاثة اشهر من الان ..
ربما كانت ثلاثة اشهر و ربما اقل ..


كان ذلك السؤال الذي اعتاد الناس طرحه دائما ..


" من سنفقده من عائلتنا اليوم ..
و من سنفقده غدا في الحرب ؟!
متي ستنتهي هذه الحرب .. ؟! "


كان الجميع و بلا استثناء قد فقد عائلته او جزء منها ..
و كان الجميع يطرح ذلك السؤال مرارا و تكرارا ..


اذكر جيدا ذلك اليوم ..
كانت السماء مظلمة و الجو ماطرا ..
و يخيم علي تلك المدينة حالة من الاكتئاب و اليأس ..


حدث ذلك قبل ثلاثة اشهر فقط بمملكة " كيريان "
اجتمع الملك بقادة من جيشه و كان بجانبه وزيره في قاعة العرش ..


اجتمع بهم حميعا في محاولة منه لحل تلك المشكلة التي هددت بنهاية مملكته


الملك : يكاد ان يصل جيش " سيريان " الينا
و لا احد منكم قادر علي التصرف ..؟


بصوت هادئ و بشكل عفوي كان رد الوزير له ..


الوزير : معنوايات جنودنا منخفضة جدا ..

ناهيك عن اننا نفتقد للعدد الكافي من الجنود للقتال ..

سيدي لا يسعنا فعل شئ الان سوي الاستسلام ..


تغيرت ملامح وجه الملك عندما سمع ذلك الكلام صادرا من وزيره ..

الملك : و هل تظن ان ذالكما الاثنين الذان يقودان الجيش المتوجه الينا
سيكتفيان بسماع كلمة استسلام ..؟

هل نسيت ما فعلوه بقرية " رونا " ..؟!


التزم الوزير الصمت و لم يستطع النطق بحرف ..

وزير : ....

الملك : ان لم تكن متأكدا من البداية فكان عليك التزام الصمت ..


حاول قائد الجيش الحديث و قد كان يبدوا مترددا

قائد الجيش : في الواقع ليس لدينا ما يكفي من الجنود لايقاف
ذالك العدد من الجنود المتوجهين إلينا يا سيدي ..


ناهيك عن ان عددا كبيرا من الجنود متفرقين في ارجاء حدود المملكة يا سيدي

حتي و ان تمكننا من جمع ما لدينا من جنود سيكون الاوان قد فات علي ذلك
و سيكون ذالكما الاثنين قد دخلا المدينة و قتلا كل من فيها ..


الملك : اليس لدي احدكم اي اقتراحات ليقدمها اذا ...؟

قائد الجيش : في .. في الواقع خيارنا الوحيد الان هو ...
هو جمع اكبر عدد ممكن من المدنيين و تجنيدهم و محاولة تحصين المدينة ..
ليس لدينا اي خيار الا الصمود الي ان يجتمع الجنود المتواجدين علي الحدود .

الوزير : انا ارفض فكرتك ..
ارفض فكرة قائد الجيش .. لا يمكنني تقبلها ..

قائد الجيش : و لم ..؟

الملك : انا اتفق مع الوزير فيما قال ..
بصفتي ملكا لـ" كيريان " ارفض تماما فكرة اقحام المواطنين الابرياء في هذا ..

لقد عانوا بما فيه الكفاية ..

قائد الجيش : و لكن يا سيدي ..

الملك : ان لم يكن لديك اي خيارات اخري فلتلتزم الصمت ..

قائد الجيش : أ.. أمرك يا سيدي ..

الملك : بقيت اقل من خمسة ايام حتي يصلوا الي العاصمة ..
و كل ما نستطيع فعله الان هو انتظار مجيئهم ..؟


التزم جميعهم الصمت لبعض من الوقت الي ان قاطع ذلك الصمت الوزير قائلا ..

الوزير : سيدي ان سمحت لي ..
ربما يمكننا الاستفادة من توتر العلاقات بين سيريان و أيزان ..

يمكننا طلب الدعم من أيزان ..
ان تمكننا من تحصين المدينة و الصمود لبعض الوقت
الي ان يرسلوا لنا الدعم فقد ..

الملك : و ما الذي يجعلك واثقا الي هذا الحد ؟!

ما الذي سيجعلك تثق بأن ذلك " الكاهن " سيوافق علي مساعدتنا
ذلك الحثالة لن يهتم بما سيصيب بلادنا ..


كان قد ادرك قائد الجيش ان ذلك لم يعد سوي حلهم الاخير لتلك المشكلة
فحاول الحديث مرة اخري للملك قائلا ..


قائد الجيش : ان سمحت لي يا سيدي ..
لا تنسي ان العلاقت بين " أيزان " و " سيريان " اصبحت مضطربة كثيرا
خاصتا منذ ان اصبحت تلك المرأة قائدة للجيش في أيزان ..



الملك : اذا انت تقول ان الكاهن قد يستغل الفرصة
و سيحاول الاستفادة مننا لجعلنا حلافاء له ضد سيريان .. ؟!

قائد الجيش : نعم يا سيدي ..

الملك : حتي و ان كان ما تقوله صحيحا ..
لا اريد ان اضع يدي بيد ذلك الوغد ابدا ..
خاصتا و هو يحتجز حفيدي و يحتفظ به كرهينة بين يديه ..

منذ ان ماتت ابنتي الكبري و ذلك الوغد احتفظ بالسلطة لنفسه
بحجة ان الوريث ما يزال صغيرا علي الحكم ..


انه يبتزني به و يحاول تهديدي بحياة حفيدي ..
سيستغل الامر بالتأكيد لصالحه ..


تغيرت نظرة الثقة التي كانت يبديها الملك علي وجهه
قبل لحظات عندما تحدث عن حفيده و اصبح يبدوا عليه الحزن الشديد لسبب ما



قائد الجيش : .. انا اسف يا سيدي
لم اكن اقصد ..

الملك : لا .. لا عليك ..

الوزير : اخشي ان اقول هذا يا سيدي ..
لكن هذا هو الحل الوحيد المتاح امامنا ..


ان استطعنا ارسال رسول الي أيزان الان ..
ان استطعنا اقناع الكاهن بمساعدتنا الان فقد ننجوا من هذا المأزق

الملك : .. لكن .. !

الوزير :سيدي جميع من في هذه الغرفة يحترمك و يحترم قراراتك ..
نعلم جيدا ما مررت به في محاولة منك الحفاظ علي هذه المملكة ..
لكن اليس هذا افضل من موت المدنيين .. ؟!

الملك : ح..حسنا
افعل ما تراه مناسبا ..


انهي الملك حديثه بتردد ..
كما لو انه كان مكروها علي ذلك و لكنه لم يكن لديه خيارات اخري سوي ذلك


و بينما انهي الملك حيدثه كانت تلك الاصوات تعلوا شيئا فشيئا ..
كانت صوت صرخات الجنود بالخارج و كانت تعلوا تلك الاصوات بشكل تدريجي ..
كما لو انه يتم مهاجمتهم .

الوزير : ما الذي يجري في الخارج ..
و ما تلك الاصوات ..


دخل احد الحراس بسرعة ليقدم تقريره و يبداء حديثه قائلا ..

" سيدي .. يوجد من تسلل الي القصر الان
و هو متجه بسرعة الي هذه الغرفة .. "

الوزير : كم عدد الذين تسللوا الي القصر ..؟


بدا الحارس مترددا و لكنه اجاب في نهاية المطاف قائلا
" ف..في الواقع انه شخص واحد ..! "

الملك : شخص واحد و لا يمكنكم التعامل معه ..؟
ارسل كل الحراس اليه و اوقفوه بأي ثمن ..


" فعلنا ذالك يا سيدي ..
ارسلنا كل الحراس اليه بالفعل لكن لا شئ يوقفه ..


تمكن من اسقاط عدد كبير من الحراس بالفعل .
و ان استمر الامر هكذا فسيصل الي هنا خلال لحظات .. "


الوزير : هل هو من سيريان ..؟


" لا يا سيدي انه ذلك الشاب
انه ذلك الشاب الذي... "


لم يكن ذلك الحارس قد انتهي من حديثه و اذا به يسقط علي الارض فاقدا للوعي ..
سقط ذلك الحارس ارضا بالفعل و كان ذلك الشاب يقف خلفه


ما ان سقط ذلك الحارس اقترب ذلك الشاب و بخطوات ثابتة بداء بالتحرك
كانت الانظار كلها موجهة اليه بينما كان يسير بهدوء
نحو منتصف غرفة العرش التي كان يقف بها الملك



ملابسه كان يبدوا عليها انها مهترئة ...
و كان له شعر ابيض ناصع ..


عينه اليسري يوجد بها ندبة عميقة و يبدو انه لا يستطيع ان يرى بها ..
بينما عينه اليمني كانت ذات لون فضي لامع و جميل ..


استمر بالتقدم نحو منتصف الغرفة الي ان توقف و انحني امام الملك
قائلا ..


شاب : انا اسف جدا علي تطفلي ..
اعلم ان الوقت غير مناسب ..


و اعلم انك واقع في مشكلة ..
اتيت اليك اليوم و لدي الحل لكل مشاكلك ايها العجوز ..


لم يستطع قائد الجيش البقاء هادئا خاصتا بعد ان سمع ذلك الفتي
يتحدث بطرقة غير لائقة امام الملك ..

قائد الجيش : تحدث باحترام امام الملك ايها الحثالة ..


تحدث الوزير بدهشة بعد ان اتسعت عيناه ..

الوزير : انتظر ..
ذالك الشعر الابيض و تلك الندبة علي عينه اليسري
و عينه اليمني بلون فضي ..!

انه هو .. انه هو يا سيدي ..
انه الشاب الذي حاول قتل ابنتك قبل ثلاثة اعوام ..!


تغير صوت الملك بعد ان سمع وزيره يتحدث عن ذلك الشاب
و بصوت يملئه الغضب و التهديد بداء حديثه اليه ..

الملك : انت ذلك الحثالة اذا ..
كيف تجروء علي المجئ الي هنا الان ..


قاطعه الشاب بصوت هادئ ..

شاب : اخبرتك .. لم أتي الي هنا لاجل القتال ..
اخبرتك انني لدي الحل لكل مشاكلك الان ..


اعلم ان توأم الحرب قادمان الي العاصمة
و اعلم ان عدد الجنود الذين معهما يفوق عددهم الاربعين ألف جندي ..
يمكنني ان اقوفهم ان أردت .. !


الملك : كيف لي ان اثق بحثالة حاول قتل ابنتي الوحيدة قبل ثلاثة اعوام .. ؟



شاب : ما حدث ذلك اليوم قد حدث ..
و ايضا هي لم تمت علي اي حال و لم تصب بمكروه ..


الملك : و هل تريد مني ان انتظر الي ان يصيبها مكروه ..؟


تنفس الشاب بصوت عالي كما لو انه شعر باليأس من الملك ..
تنفس بصوت عالي ثم عاود الحديث مرة اخري قائلا ..

شاب : لو كنت قد اتيت الي هنا اليوم لقتلك او لقتل ابنتك
لكان كلاكما موتي منذ زمن بعيد .


لن اطلب منك مالا ..
لن لطلب منك الكثير .. اريدك فقط ان تثق بى ..


انت تريد ان تنقذ مدينتك و مملكتك و شعبك العزيز عليك من " سيريان " و حاكمها
و انا أريد رأسيهما .. لا اكثر ولا اقل ..


التزم الملك الصمت و ظل ينظر لذلك الشاب بصمت ..
استغرق الامر بضعة لحظات الي ان عاود الحديث اليه مرة اخرى ..

الملك : آري انك جاد فيما تقول ..


و بصوت هادئ رد ذلك الشاب قائلا

شاب : يمكنك ان تثق فيما اقول .. سواء كنت اكذب او اقول الحقيقة ..
لم يعد لديك اي خيارات اخري سوي ان تثق بي ..

الملك : و ما الذي تسعي له بالتحديد .. المال .. ؟!
ام انك تريد مني ان اعفوا عنك و ان الغي الكافئة الموضوعة عليك ..؟


شاب : اخبرتك لا اريد اي شيئ ..
لا اريد المال .. كل ما اريده هو رأسيهما لا اكثر ولا اقل ..


الملك : اخبرني بأسمك اذا ايها الشاب ..

شاريوس : شاريوس ..
أسمي هو شاريوس ..


.

.


يتبع


ياريت اول فصل من القصة يكون نال اعجابكم

و ياريت تعذروني علي اي اخطاء املائية


ياريت تشاركوني بأرائكم

حابب اشوف ارائكم

2018/10/10 · 910 مشاهدة · 2095 كلمة
4p7
نادي الروايات - 2024