رواية ساقط - شاريوس إله الحرب

مرت ثمانية ايام أخيرا منذ حادثة قلعة ريفال ..
و بضعة دقائق فقط كانت الفاصلة علي بداية القتال المنتظر

وعلي الحدود بين كلا المملكتين حيث كان من المفترض ان يلتقي
جيش " رييا " بجيش "ثرون"

كان كلا الجيشان يتقدمان الي الامام ..
كان كلا الجيشان يستمران بالتقدم باتجاه الاخر ..

تتقدم "رييا" و معها ما يقارب ثمانية و سبعون ألف من الجنود ..
أزداد عدد الجنود قبل مغادرتها للعاصمة ...

فلقد أختار عدد من الجنود المغادرة للحرب تحت قيادتها ..
أختار الجنود التقدم و القتال معها ..

لكن .. بالاتجاه المقابل لهم .. و بالمقارنة بينهم و بين جيش "ثرون" ..
بدا جيش "رييا" ضئيلا للغاية مقارنة بجيش "ثرون"

من الوهلة الاولي كان من الواضح ان

الفارق العددي بين كلا الجيشان مختلف كل الاختلاف ..

فلقد جاء "ثرون" و معه ما يقارب الاربعمئة ألف من الجنود ..
كان الفارق العددي كافية ليثير الريبة بنفوس جيش "أيزان"

ولكن رغم ذلك ..
رغم اليأس و الشك الذي بداء ينتشر بين الجنود ببطئ حينها ..
لم يستطع أي جندي من أولائك الجنود التراجع

فلقد كان السبب الوحيد الذي أجبرهم علي الوقوف حينها ..
هو أن موطنهم كان خلفهم تماما ..

ذلك كان سببهم الوحيد للوقف حتي هذه اللحظة
لم يكنوا بحاجة لسبب أخر غير ذاك لمتابعة الوقوف حينها ..

يجتمع كلا الجيشان و يبداء كلا من "رييا" و "ثرون"
بتجهيز التشكيلات أستعدادا لبداية القتال ..

أختارات "رييا" تشكيلة الصف الواحد ..
وضعت جنود المشاة و الخيالة بمقدمة التشكيلة ..

و لضمان أستمرارية تقدمهم علي الاقل دون عوائق ..
كان هناك عدد كبير من الرماة متمركزين بخلف التشكيلة لحماية المقدمة

رغم كون تلك التشكيلة مليئة بالعيوب ..
و رغم كونها أيضا غير ملائمة تقريبا للحالة التي كانوا بها ..
الا ان تلك التشكيلة كانت هي الامثل لاختراق صفوف جيش "سيريان"

بالجهة المقابلة .. أختار "ثرون" تقسيم جيشه الي عدة اجزاء ..
يتكون جيش "ثرون" من عدة أقسام ..

أولها كان القسم الاول ...
أو الجناح الايمن و كان مكونا من مئة ألف من جندي تقريبا ..

بينما القسم الثاني .. او الجناح الايسر ..
كما القسم الاول تماما كان مماثلا للقسم الاول من حيث عدد الجنود ..
و نفس التشكيل ..

بينما القسم الثالث الذي توسط التشكيلة تماما ..
كان مشابها أيضا للقسمين المجاورين له .. من حيث التشكيل و عدد الجنود ..

بالاضافة الي الاقسام الثلاثة الرأيسية الاولى لجيش "ثرون"
كان هناك قسمين أضافيين للدعم ..

قام "ثرون" بأبقاء كلا القسمين علي مسافة ليست ببعيدة عن القسم الثالث ...
وضعهم في حالة أستعداد تام تحسبا أن أحتاج أي قسم من الاقسام الثلاث الي الدعم

من طريقة تقسيمه لجيشه كان من الواضح لـ"رييا"
أن "ثرون" لا ينوي الاعتماد فقط علي الكثرة العددية للجنود للتفوق عليها ..

و كان من الواضح أيضا لها أنه لا ينوي أن يكون القتال مباشرا بينه و بينها ..
فلقد كان مكان تمركزه بعيدا جدا عن القسم الاول او الثاني او حتي الثالث ..

أختر "ثرون" أن يكون بعيدا عن القتال ...

قرب القسم الرابع و الخامس المخصصان للدعم

الهدوء كان مسيطرا علي الاجواء حينها ..
و ظل الهدوء مسيطرا لبضعة دقائق فقط ..

كانت"رييا" هي اول من يعطي الاشارة ببداء الهجوم أخيرا ...
بدوره يشير "ثرون" للجنود الذين كانوا بالمقدمة بالتقدم ..

يشير "ثرون" الي جنود القسم الثالث الذي كان يتوسط التشكيلة بالتقدم
لاعتراض طريق "رييا" بينما بقي الجناح الايمن و كذلك الايسر دون حراك ..

وبينما جنوده يتقدمون بقي "ثرون" بمؤخرة الجيش لتجنب القتال المباشر
مع "رييا" او مع أي من جنودها ..

بداء القتال بالفعل و بداء كلا الجيشان بالقتال ..
"رييا" و من معها من الجنود في مواجهة ما يقرب من المائة ألف من جنود "سيريان"

مع تقدم كلا الطرفان و بداية القتال لم يشكل الفارق العددي للجنود مشكلة
لـ"رييا" ومن معها من الجنود ..

فمع بداية أولي دقائق القتال خسأر جيش "أيزان" لم تكن تذكر ..
بالمقارنة مع جيش "ثرون"

فلقد أستطاعت "رييا التقدم رفقة جنودها و افساد تشكيلة
القسم الثالث من جيش "ثرون"

خسائر الجنود بدأت بالازدياد شيئا فشيئا ..

و تشكيلة القسم الثالث بدأت تتشتت

تابعت "رييا التقدم رفقة جنودها نحو الامام ...
كانت تتقدم غير منتبهة لما كان يجري حولها ..

بداء جنود القسم الثالث بالانسحاب .. ببطئ ..
كان جنود القسم الثالث الذي كانت تقاتله "رييا"
يتراجعون الي الوراء شيئا فشيئا ..

تراجع جنود القسم الثالث لاعادة تنظيم صفوفهم من جديد ..
كانت "رييا" غافلة تماما عن ما كان يجري حولها ..

فلقد كان الهدف الذي وضع نصب أعينها ..
كان الهدف الذي كانت تنظر له من البداية ..

كان قد منعها من ملاحظة ما كان يجري حولها
أنتبهت أخيرا الي خطأها .. و أنتبهت أخيرا لما كان يحدث حولها ..

حدث ما كان يخطط له "ثرون" أخيرا ..
فلقد بنى خطته علي أندفاع "رييا" المتهور نحوه ...

ولقد نجح بذلك ..

كانت خطته تقتضي بتقسيم جيشه الي خمسة أجزاء ..
كل جزء متساوي تقريبا الا القسم الرابع و الخامس المخصصان للدعم ..

قام بأرسال القسم الثالث من جيشه لتشتيت أنتباههم فقط ..
بينما كان قد أعطي أشارته الي الجناح الايمن و كذلك الايسر
بمحاصرة "رييا" من أتجاهين مختلفين ..

بينما أبقي علي القسم الرابع و الخامس بعيدا عن القتال ..
ليكونا كدعم أن أحتاج له كلا الجناحان ..

تشكيلة "رييا" كانت مثالية لاجل أختراق صفوف العدو ..
ولكنها بلا فائدة أن كانت ستقاتل تشكيلتين أو أكثر من عدة أتجاهات مختلفة ..

علي عكس بداية القتال ..
تغيرت الموازين و أصبحت "رييا" محاصرة من عدة أتجاهات ..

.. لم يعد لديها الكثير من الخيارات لاتخاذها ..
التراجع و اعادة تنظيم الصفوف مستحيلة ..

معظم جنودها لن يصمدوا لوقت طويل أن تمتم مهاجمتهم دفعة واحدة ..
فالمناوشة التي حدثت سابقا بينها و بين القسم الثالث من جيش "ثرون"
أرهقتها و كذلك أرهقت عددا كبيرا من الجنود ..

رييا : سحقا ..
هذا ما كان يخطط له من البداية ..

تبدوا بحالة أرتباك شديدة .. تنظر حولها لتحاول أن تجد أفضل حل لها
و كذلك أفضل حل لانقاذ حياة رجالها ..

" أن صمدنا لوقت أطول فقط .. ربما قد يصل دعم لنا ..
عاجلا .. أم أجلا .. قد يصل الدعم لنا .. "

كان ذلك ما أقترحه عليها أحد الجنود ..
ظنا منه أن ذلك لم يكن كل ما لديهم من الجنود ..

تبدوا رييا بحالة أستياء شديد ..

كانت مدركة تماما لثقل تلك الكلمات .. و لكنها لم تستطع الرد حينها ..
كل ما أستطاعت قوله للجندي حينها ..

رييا : حتي و أن كان هناك دعم .. !
لا أظن أننا سنصمد الي أن يصل ..

" ... "

فهم الجندي أخيرا ما كانت تقصده ..
ألتزم الجندي الصمت دون أن ينطق بحرف ..

بينما "رييا" كانت تنظر بصمت حولها ..
كانت تنظر بصمت الي أن خرجت أخيرا بحل يأس أخير ..

ترفع سيفها الي الامام .. ترفع سيفها و تشير به الي "ثرون"
و تشير لجنودها بالتقدم الي الامام ..

كانت تلك محاولة يأسة أخيرة منها ..

أما أن تحاول أختراق القسم الثالث الذي كان قد عاني من خسائر كبيرة
و الوصول الي ثرون و محاولة قتله قبل أن تتم محاصرتها بشكل كامل ..

أو أن تموت هي قبل أن يصل سيفها الي رأس "ثرون" ..

كانت تلك مراهنة كبيرة بالنسبة لها ..
فأما أن تحصل علي كل شئ .. أو لا شئ ..

تشير لجنودها بالتقدم الي الامام ...
و ما هي الا لحظات فقط حتي أعطي "ثرون" الاشارة
لكل الاقسام الثلاثة بالتقدم نحوها و أحضار رأسها ..

يتقدم جنود "ثرون" نحو جيش "رييا" الا الجناح الايسر ..

تغير أتجاه نظر معظم جنوده و لم يعد أي منهم يتقدم بأتجاه "رييا"

و لم يعد أي منهم ينظر لها او حتي لجنودها .. كان هناك خطب ما .. !

أستغلت "رييا" فرصة أن الحصار سيكون من أتجاهين فقط
و تابعت التقدم الي "ثرون" دون أن تتردد

تتقدم "رييا" الي الامام مندفعة و تنوي أختراق صفوف القسم الثالث من جديد ..

ولكن هذه المرة كان القتال مختلافا ..

فلم يدم تقدمها الي الامام سوي بضعة لحظات ..
سرعان ما توقفت و سرعان ما توقف معها تقدم جيشها ..

توقفت حركة الجنود من كلا الطرفان .. كذلك
باتت أنظر كل الجنود من كلا الطرفان كانت موجهة الي هناك ..

ناحية الجناح الايسر لجيش "ثرون" .. بأتجاه الغرب

فلقد أشتعلت نيران رمادية اللون بالجناح الايسر لجيش "ثرون" ..
كان من الواضح ان تلك النيران لم تكن شديدة الحرارة ..

و لكن رغم ذلك كان الجنود هناك يتساقطون واحدا تلو الاخر بسرعة شديدة ..
و مع كل سقوط لكل جندي كانت النيران تستعر أكثر و أكثر ..

.

.

يتبع