مع نهاية القتال .. و مع أنسحاب "ثرون" وجنوده من القتال ..
"رييا" كانت مدركة تماما لحقيقة واحدة ..

ألاف من جنودها كانوا قد لقوا حتفهم
و ألاف أخرين مثلهم كانوا من المصابين و ان لم يتلقوا علاج سيلقون هم أيضا حتفهم
أما بالنسبة لباقي الجيش فقد فكان بحالة أرهاق شديد بسبب القتال سابقا


لذلك لا يمكنها نقل المصابين بسرعة كما كانت تتوقع
لا يمكنها أضعاة الوقت فحياة الجنود المصابون كانت علي المحك ..
لذلك خرج أحد الجنود بأقتراح ليقدمه إليها


" عوضا عن أضاعة الوقت ..
و عوضا عن أهدار مزيد من حياة الجنود المصابين دون داعى
يمكنهم ببساطة الاستفادة من الجنود الذين أنضموا للقتال سابقا ..


هم لم يشاركوا بالقتال تحديدا و لكن يمكن الاستفادة منهم ..
عن طريق تقسيم الجنود المصابين لديهم و أرسال ذوي الاصابات الخطرة أولا الي العاصمة و بسرعة
برفقة الجنود الذين أتوا رفقة "شرايوس" سابقا


بينما باقي المصابين يمكن لهم الانتظار
علي الاقل الي حين وصولهم الي العاصمة "


لم يبدي أي من "شاريوس" و "رييا" أعتراضا علي أقتراح الجندي ..
ولكن في مقابل أرسال جزء من جنوده لنقل المصابين الي عاصمة "أيزان"


يعطي "شاريوس" شرطا واحدا لهم
هو لا يمكنه المغادرة ببساطة دون أن يطمئن علي حياة جنوده ..


بدا طلبه ذلك عاديا و لكن "رييا" كانت تعلم جيدا ما كان يخفيه "شاريوس" وراء طلبه ذلك
ولكن لم تبدي اي من الاعتراض بدورها و كذلك لم يعترض أي من جنودها ..

أرسل شاريوس بضعة ألاف من جنوده الي عاصمة "أيزان" لنقل المصابين
بينما اعطي الامر لباقي الجنود بالعودة بسرعة الي عاصمة "كيريان" ..


مرت ثلاثة أيام منذ ذلك الحين ..
يتقدم "شاريوس" و "رييا" معا بأتجاه الشمال تحديدا الي عاصمة "أيزان"


كلاهما يتقدم بينما ينظر كل منهما الي الامام بصمت ..
الي أن كسر "شاريوس" أخيرا ذلك الصمت بينهما عندما حاول أن يتحدث إليها

يبتسم ببطئ بينما كان ينظر لها قائلا ..


شاريوس : لم تتغيري كثيرا عن ما كنتِ عليه و نحن صغار ..
سعيد حقا أنني تمكنت من الوصول لكِ في الوقت المناسب ..

كانت تنظر له بصمت عندما كان يتحدث لها و كانت تنظر بصمت عندما أنتهى ..
لم تستطع الرد ..

ألتزمت الصمت بينما تابع الحديث إليها ..


شاريوس : أذا ..

هل تنوين التزام الصمت هكذا لوقت طويل ..


بالكاد كانت قادرة علي أن تجيب علي سؤاله ذاك ..
وبالكاد كانت قادرة علي النظر إليه مباشرة الي عيناه ..

رييا : أنا من يجب ان يطرح عليك تلك الاسئلة ..
لم أتيت .. أخبرتك ألا تعرض حياتك للخطر لاجلي ولكنك لا تستمع لي ..
الا يكفيك ما حدث لعينك اليسرى بسببي ..


شاريوس : لا يهم ما تقولينه ولا يهمني ما تفعلينه ..
بالطبع سأتي لانقاذكِ ..

سأتي لانقاذكِ مهما كانت عدد المرات التي تعرضين فيها حياتكِ للخطر ..
سأكون أول من يقف بجانبكِ و سأكون أول من يقوم بحمايتكِ

سواء اعجبكِ الامر ام لا .. لن أتخلى عنكِ
ففي النهاية كلانا قد ولد بالقرية ذاتها ..

تحاول أن تبعد نظرها عنه لبعض الوقت ..
تبعد نظرها عنه و تلتزم هي الصمت لبعض الوقت ..
بينما يطرح شاريوس سؤالا أخر إليها ..

شاريوس : اذا .. لم ..
لم ذهبتِ للقتال و أنتِ تعلمين ان القتال سينتهي بتلك الطريقة .. ؟


رييا : لم أفعل ذلك بملئ أرادتي ..
كنت مجبرة علي الخروج و معي ذلك العدد من الجنود ..
رغم أنني أعلم جيدا أن ذلك العدد لم يكن بكافى ..


شاريوس : ما الذي تقصدينه .. ؟

رييا : "ذلك الوغد" .. "ذلك الوغد" كان قد طلب مني الاستعداد للحرب ..
و "هو" من طلب مني أن أخذ معي ذلك العدد من الجنود ..


و عندما حاولت أن اطلب منه المزيد من الجنود رفض بحجة ...


" أن الامر قد يكون خطيرا ..
لا يمكنه ترك العاصمة دون جنود للدفاع عنها "


رغم أنني كنت اعلم جيدا أنه كان يكذب ..


بأستثناء الجنود الذين غادروا معي
عدد الجنود الذين بقوا بالعاصمة لدينا كان يقدر بأكثر من ثلاثمئة و خمسون ألف جندي ..
لكن رغم ذلك لم يرد أرسال أكثر من سبعين ألف فقط ..


كان يعلم أن النتيجة كانت ستكون محسومة لذلك أرسلني و معي ذلك العدد من الجنود
أراد أن يبدوا الامر انه حاول أرسال الجنود للقتال و لكن الحقيقة كانت غير ذلك ..


"ذلك الوغد" أرسلني ...
أرسلني و أرسل سبعون ألف من الجنود فقط ليلقوا حتفهم ..
ذلك كان أتفاقه مع قائد جيش "سيريان" ... " ثرون "


يلتزم الصمت بينما تابعت هي الحديث قائلة ..
رييا : عندما طلب "ثرون" أن يتم التخلص مني ..
لم يرفض الكاهن الامر .. و لكن ..


كل ما في الامر انه رفض أن يتم الامر بالطريقة التي طلبها "ثرون" ليس ألا ..
و عوضا عن أن يتم التخلص مني أراد ان يبدوا الامر أنني سألقى حتفي خلال القتال ..


شاريوس : لذلك أرسل معكِ سبعين ألف من الجنود فقط ..


رييا : نعم ..
رغم أنني كنت اعلم أن ذلك العدد ليس قريبا حتي من ربع الجنود الموجودين بالعاصمة ..


شاريوس : و لم وافقتى أذا .. ؟!


رييا : لم يكن لدي خيار أخر ..
كنت أعلم جيدا أنه لن يكون هناك دعم ..
كنت اعلم جيدا أنه لن يرسل معي جنودا أخرين ..


لكن رغم ذلك أردت فقط ان أستغل الفرصة ..
لم يكن الامر أنني أردت هذا القتال ولكنني حقا سامت القتال

كل ما في الامر أنني تمنيت وضع نهاية لهذه الحرب


عادت لتلتزم الصمت بينما كانت تنظر الي الامام بهدوء
بدا و كأنها كانت شاردة الذهن بينما كانت تسير بجانبه ..


يلتفت إليها ببطئ بعد أن رآها شاردة الذهن
و يحاول الحديث إليها


شاريوس : هل هناك خطب ما ..


بأرتباك شديد كانت تحاول الرد عليه قائلة ..

رييا : لا .. لا تهتم .. نـ نكاد أن نصل الي العاصمة ..

يتابع الجنود التقدم الي أن باتت تلك البحيرة قريبة جدا منهم ..
من بعيد بدت كبحيرة متجمدة عادية و لكن بعد اقترابهم بدا المشهد مختلف بالكامل


كانت البحيرة بالكامل متجمدة .. من قاعها الي سطحها ولكن رغم ذلك ..


رغم كون البحيرة متجمدة الا أن ذلك لم يكن سبب كونها ملفتة للانظار ..
جليدها كان شديد النقاء بحيث انه كان من الممكن رؤية قاع البحيرة من سطحها

ووسط البحيرة المتجمدة تماما ..
كانت تلك المدينة التي شيدت تماما وسط تلك البحيرة الجليدية
بدت كجزيرة توسطت البحيرة و كانت تلك المدينة تحيط بها الأسوار من كل أتجاه


يتابع الجنود التقدم الي أن وطأت أقدامهم علي البحيرة المتجمدة ..
يتابع الجنود التقدم ببطئ و بحذر كي لا تنزلق أقدامهم فوقها ..


دخل كلا من "شاريوس" و "رييا"
و من كانوا معهما من الجنود الي العاصمة ..
دخلوا العاصمة و كان بأنتظار وصولهم عدد كبير من سكان العاصمة ..


دخلوا العاصمة ليجدوا جميع سكينها بأنتظارهم ..
أصوات هتافاتهم كانت قد ملئت الارجاء ..


نساء و أطفال .. و عائلات الجنود الذين غادروا الي القتال ..
جميعهم قد خرج للاحتفال بعودة الجنود سالمين ..


الا قليلا منهم كانت علي وجههم نظرة أستياء ..

ففي نهاية المطاف لم يعد كامل الجنود .. فلقد لاقي عدد منهم حتفهم خلال القتال


يتقدم كلاهما الي الامام وسط العاصمة و أنظار الجميع إليهما ..
و هتافتهم كذلك كانت نحوهما ..


ولكن كانت الهتافات موجهة بالاخص إليه ..
"إله الحرب"


كان ذلك هو اللقب الذي ناداه به "ثرون" بعد نهاية قتالهما ذاك ..
بدا حينها أن لقبه ذلك اللقب قد لاقي أستحسانا من جنوده الذين كانوا بانتظاره و كذلك سكان عاصمة "أيزان"

يتابع كلاهما التقدم الي الامام بصمت بأتجاه القصر بعاصمة "أيزان" ..
الي ان وصلا اخيرا اليه


مع وصول كلاهما و مع دخول اخر الجنود معهما الي القصر
يخرج "ذلك الرجل" لملاقاة كلاهما ..


يتقدم بصمت بينما انظار الجنود باتت تتحول إليه ببطئ
بدت تعابير الجنود و وجههم واضحة عند رؤيتهم له


عوضا عن الابتهاج بعودتهم أحياء و بأنتصارهم ذاك ..
باتت تعابير وجوه الجنود تدل علي أستيائهم حال رؤيتهم له


يدرك "شاريوس" من كان مقصودا بتعابير وجوه الجنود حال رؤيتهم له ..


شعره ذا لون ابيض ناصع ..
بالاضافة الي عيناه الزرقاوتان الضيقتان بالاضافة الي التجاعيد التي كانت اسفل عيناه ..
تعابير و ملامح وجهه كانت عادية ..


لكن طريقة حديثه و طريقة نظرته لـ"شاريوس" و الي الجنود الذين كانوا من حوله كانت مزعجة ..

" أه .. سعيد حقا بعودتكم سالمين الي العاصمة "


ينحني جنود "أيزان" ببطئ شديد له و كذلك "رييا" كانت تنحني بينما كان ينظر لها ..
يدرك "شاريوس" ما كان يدور بخاطرها حال رؤيتها له


تعابير وجهها و كذلك صوتها كان كافيا بالنسبة له ليدرك أخيرا من كان "هو" ..


رييا : شكرا لاستقبالك لنا سيدي ...

الكاهن : " المهم عودتكم جميعا سالمين الي العاصمة ..
بعد أن يستريح الجميع أريد التحدث إليكِ بشأن ما حدث خلال الحرب لاحقا "

يلتفت و ينظر ببطئ لـ"شاريوس" الذي بقي واقفا دون أن ينحني هو او جنوده له ..
الكاهن : سعيد حقا برؤيتك و سعيد لما قمت به و قدمته لاجل أنقاذ جنودنا ..

ولكن أعذرني علي وقاحتي ..


الي متي تنوي الاقامة داخل العاصمة .. ؟
لا أظن أنه سيكون بأمكاننا أستضافتك او أستضافة جنودك لوقت طويل ..


جنوده يبدون بحالة أستياء شديد من طريقة حديثه تلك التي وجهها له و لهم ..
يحاول أحدهم الحديث بصوت مرتفع و لكن سرعان ما يوقفهم برفع يده مشيرا لهم بالتوقف و ألتزام الصمت ..


شاريوس : لا تقلق ليس لدي نية بالاقامة هنا لوقت طويل ..
ولكن كما ترى ..

يحرك يده اليسرى و يرفعها بأتجاه كتفه الايمن ببطئ بينما يتابع التحدث إليه ..


شاريوس : لقد أصبت خلال القتال و لا يمكنني العودة علي الاقل الان
فكما ترى الرحلة كانت طويلة و مرهقة للجنود


لكن أن اردت حقا مغادرتي فلا بأس
سنغادر أنا و جنودي غدا عند شروق الشمس علي أي حال ..

كلاهما ينظر الي الاخر بصمت الي ان تحدث الكاهن إليه
نبرة صوته تغيرت و بدا غاضبا و كذلك تعابير وجهه بدا واضحا عليه الاستياء ..

الكاهن : " حسنا .. لا بأس يمكنك البقاء
ولكن كما ترى القصر لا يمكنه أستضافة كل ذلك العدد من الجنود


لذلك سنبقيك أنت و عدد قليل من جنودك خارج القصر الي ان تغادروا
أما بقية الجنود الذين أرسلتهم سابقا لنقل المصابين يمكنهم المبيت خارج القصر

علي الاقل هذه الليلة فقط الي أن تغادر ..
لا بأس بذلك بالنسبة إليك .. أليس كذلك .. "


يبتسم ببطئ بينما ينظر شاريوس إليه و يتحدث بنبرة تهديد له ..
شاريوس : أه سيكون ذلك جيدا بالنسبة لي ..

.

.

يتبع

2019/04/01 · 502 مشاهدة · 1664 كلمة
4p7
نادي الروايات - 2024