دخل شاريوس القاعة فوجد الملك جالسا وحيدا و لا احد من خدمه بقربه
فأشار الملك له بالدخول و الاقتراب ..


الملك : اقترب ..


اقترب شاريوس بهدوء و حرص الي ان اصبح علي مقروبة منه ..
ما ان اقترب منه انتفض الملك من عرشه يحمل سيفا طويلا نوعا ما ..
ترك العرش خلف ظهره و بداء ينزل بخطوات هادئة و ثابتة ..


ظل يقترب منه الي ان رفع يديه ليمنحه السيف الذي كان بحوزته ..
تقدم شاريوس اليه ليمد يديه و يقبل ذلك السيف من الملك بهدوء ..


حصل عليه و قام بنزع السيف عن غمده و ابتعد عن الملك بضعة خطوات للوراء ..
تراجع شاريوس بضعة خطوات للوراء و ظل يحرك السيف يمينا ويسارا ..

فوجده اخف من ما كان يعتقد ..
نظر للسيف و ظل يتفحصه فتحدث للملك قائلا ..


شاريوس : أأنت واثق من ذلك ..


هذا السيف عليه شعار الاسرة الحاكمة ..
انه ليس شيئا يمكنك منحه لشخص مثلي بهذه السهولة ..


الملك : اعلم ذلك ..

هذا السيف كان متوارثا في عائلتنا لاجيال طويلة ..
من الملك لوريثه و من الوريث لوريث جديد .. كانت تلك عادة بالنسبة إلينا ..


و لكن كما ترى لم ارزق بأي وريث .. خذه .. يمكنك اخذه ..
لكن عد الى حيا و لا تمت .. و احضر معك رأسيهما كما وعدتني ..



شاريوس : لا تقلق ايها العجوز ..
لن اموت .. و ليس لدي نية بالموت كذلك



ابتسم الملك أبتسامة هادئة ..
و شعر ببعض من الاطئمنان بعد ان سمع شاريوس يقول تلك الكلمات .


الملك : صحيح كدت ان انسى ..
تركت لك درعا لترتديه في غرفتك .. سيدلك الحراس عليها ..


شاريوس : ليس هناك داعى لذلك ..
أظن ان هذه الملابس ستفي بالغرض ..


الملك : هذه الملابس مهترئة .. و لن تكون مناسبة لساحة حرب ..
اذهب و غير ملابسك و ارتدي الدرع الذي تركته لك .


رد بتردد كما لو انه لم يكن لديه خيار اخر غير ذلك ..


شاريوس : حـ..حـسنا ..


غادر شاريوس القاعة و ما هي الا بضعة لحظات حتي خرج الملك ايضا منها ..
خرج ليتفقد الجنود الذين كانوا يجتمعون واحدا تلو الاخر بحديقة قصره ..


كان مدركا تماما لتعابير وجه جنوده تلك ..
و كان يعلم ما يدور بنفوس كل منهم ..


كان يعلم جيدا انه لا احد من اولائك الجنود يريد المغادرة ..
كان يعلم ان كل جندي منهم كان مجبرا علي المغادرة ..


لم يستطع الملك قول شئ لهم .. و لم يستطع فعل شئ لهم ..
خلال دقائق وصل شاريوس مرة اخري و كان يقف بجانبه تماما ..


نظر اليه الملك و استمر بالتحديق اليه لوقت طويل ..


الملك : انه يناسبك ..


كان درعه اسود اللون .. و يطغي عليه ذلك اللون القاتم ..
كانت اغلب اجزاء ذلك الدرع قد صنعت من المعادن الا اجزاء بسيطة منه ..



الملك : انه حقا يناسبك ..


التزم شاريوس الصمت و لم يقل كلمة ..
فقد كان نظره موجها للجنود الذين كانوا يجتمعون بحديقة القصر ..


كان نظره منصبا عليهم فلقد رآى تعابير وجه كل جندي منهم ..
لم يكن بحاجة لوقت طويل حتي يصل الي ما وصل اليه الملك من استنتاج ..


ادرك بسرعة ان كل جندي منهم كان مجبرا علي المغادرة ..
تغيرت ملامح وجهه قليلا .. و ابتسم قائلا بصوت خافت ..


شاريوس : اظن ان عددهم سيقل للنصف ..
و ربما اقل ..


لم ينتبه الملك الي ما قد قاله شاريوس و هو بجانبه ..


الملك : أقلت شئ ما .. ؟!


شاريوس : لا لا تهتم ..


كانت تلك هي اخر كلمة قد قالها شاريوس له فقد انتهي الوقت ..


بدأت اولى خيوط ضوء الشمس بالظهور معلنة عن فجر يوم جديد ..
ظهرت اولي خيوط الضوء معلنة عن انتهاء الوقت و بداية وقت جديد ..
ترك شاريوس الملك خلفه و بداء بالاقتراب من الجنود المتواجدين بساحة القصر ..


ظل يقترب منهم شيئا فشيئا الي ان اصبح امامهم تماما ..
و بصوت هادئ تماما تحدث لاحدهم قائلا ..


شاريوس : هل اجتمع كل الجنود .. ؟!


رد بتردد كبير قائلا ..


" اجل .. كل الجنود متواجدون الان ..
خمسمئة فارس و ثلاثمئة وخمسون من الرماه و مئة و خمسون من السحرة ..
جـ...جـميعهم من افضل الجنود الموجودين في العاصمة "


شاريوس : سنبداء الان بالتحرك ..
افتحوا ابواب القصر الان ..


استغرق الامر بضعة لحظات حتي فتحت الابواب ..
و استغرق الامر بضعة دقائق لتصبح حديقة القصر فارغة و صامتة كما كانت ..


ما ان تحرك شاريوس و غادر و القصر خلف ظهره ..
غادر و كانت الابواب قد اصبحت خلفه تماما ..
غادر ليفاجئ برؤيته لاشخاص ينتظرون خروجه من القصر ..


كان هناك من وقفوا ليروه هو يغادر .. علي جانب الطريق ..
يمينا و يسارا .. اينما نظر كان هناك بعض الاشخاص الذين انتظروا رؤيته يمر امامهم ..


كان مدركا تماما و كان يعلم من اولائك الناس ..
كان يعلم سبب نظرتهم الخاوية و سبب نظراتهم اليأسة له ..
ظل يتحرك بهدوء بشوارع المدينة و استمر الحال كما هو ..


الجنود من خلفه يشعرون باليأس و كذلك الحال بمن كانوا ينتظرون خارجا ..
الي ان كسرت احداهم ذلك الصمت و ذلك اليأس قائلة ..


" اتوسل اليك .. لا تغادر ..
لا اريد ان افقده كما فقدت والده .. "


كانت تلك الكلمات صادرة من عجوز واقفة بجانب الطريق ..
تحدثت فوقف شاريوس و من خلفه كل ذلك العدد من الجنود ..
بدأت تقترب بهدوء ..


كانت بالكاد قادرة علي الوقوف و لكنها كانت تجبر نفسها علي السير ..
استمرت بالاقتراب شيئا فشيئا الي ان وقفت امام شاريوس تماما ..


" اتوسل اليك ..
فقدت زوجي قبل زمن ليس ببعيد ..
لا اريد ان افقد ابني الوحيد ..


لا اريد ان افقده كما فقدت والده

انه كل ما بقي لي "


كانت تبكي بينما كانت تقول تلك الكلمات .. و كان جميع من حولها يفكرون مثلها ..
فجميع من كانوا ينتظرون بالخارج كانوا عائلات و ذوي الجنود الذين سيغادرون برفقته ..


ظلت تبكي بشدة ..
ظلت تلك العجوز تبكي بشدة بينما كانت تحاول الحديث اليه ..


" ا...ا ... انه كل ما بقي لي
اتوسل اليك .. اتركه يبقي و لا تأخذه معك ليموت .. "


لم يبدي اي مشاعر او نوع من انواع التعاطف اتجاه تلك العجوز ..
تغيرت تعابير وجهه و بدا عليه الغضب ..


تغير اتجاه نظره الي جنوده و تحدث لهم بصوت مرتفع ..
و جميع جنوده كانوا قادرين علي سماع صوته بوضوح ..


شاريوس : من كان منكم لديه عائلة يخشى ان يموت بدون توديعها ..
من أتى منكم و هو مجبر علي المجئ معي بغير ارادته منكم ..


من كان منكم من هو خائف من الموت فليبقي ..
و لكن أريد منكم ان تعلموا شيئا واحدا ..
بكم او بدونكم .. سأكون بخير وحدي .


كانت تلك هي الكلمات الوحيدة التي خرجت من فمه حينها و لم يضف كلمة اخرى ..
استغرق الامر بضعة لحظات حتي بداء الجنواد بالارتجال من علي جيادهم ..
اختار عدد كبير جدا من الجنود الانسحاب و فضل كل منهم البقاء في المدينة ..


نظر لهم شاريوس و كانت قد اختفت تعابير الغضب من علي وجهه تماما ..
نظر مرة اخري لمن بقي من الجنود و كرر كلاماته مرة اخري ..



شاريوس : من كان منكم لديه عائلة يخشى ان يموت بدون توديعها ..
من أتى منكم و هو مجبر علي المجئ معي بغير ارادته منكم ..


من كان منكم من هو خائف من الموت فليبقي ..
و لكن أريد منكم ان تعلموا شيئا واحدا ..
بكم او بدونكم .. سأكون بخير وحدي .



هذه المرة و هو يكرر تلك الكلمات انسحب عدد قليل من الجنود
نظر مرة اخرى لمن بقي معه من جنود ..

مضيفا ..


شاريوس : و ماذا عنكم ..
هل من بينكم من يريد ان ينسحب الان ..




نظر من بقي منهم لبعضهم بعضا كما لو ان كل منهم قد اتخذ قراره سلفا ..
نظر كل منهم للاخر الي ان بداء احدهم بالحديث قائلا ..


" لن ينسحب احدا اخر .. و ليس لدينا النية بذلك .. "


كانت تلك كلمات بسيطة قد رد بها احد الجنود علي ما قاله شاريوس لهم ..
و كانت تلك الكلمات كافية لجعله يبتسم و بشدة علي غير عادته


شاريوس : يبدوا انه ما يزال بينكم من لديه نية للقتال الي الان ..
اولائك الجنود الذين اختاروا المجئ معى ..


اعلموا جميعكم انني ليس لدي نية بترك اي منكم يموت ..
لن يموت اي منكم لا اليوم او حتي يوم غد .. و لن اسمح لكم بالموت في ساحة الحرب ..


سأعيد كل فرد منكم حيا مرة اخرى لذويه ..
و سأعيدكم جميعا منتصرين ..


و اولائك الذين اختاروا البقاء هنا ..
اعلموا انني لا احقد علي اي منكم .. و لن اكره اي منكم ..
كل ما في الامر ان لكل منكم شئ كان يبقيه حيا الي اليوم ..


لكل منكم عائلة .. زوجة او ابن و ابنة .. والد او حتي والدة كانت لتنتظر عودة ولدها ..
لن احقد عليكم و لن اكره اي منكم .. و لن اطلب من اي منكم ان يغير قراره او اجبره بالمجئ ..
لكن ابقوا هنا و ابقوا احياء الي ان نعود ..


كانت تلك هي الكلمات التي قالها شاريوس لجنوده ..
قال تلك الكلمات لجنوده الذين اختاروا المجئ معه .. و كذلك قالها للذين اختاروا البقاء ..


غادر شاريوس الاسوار الخارجية التي كانت تحيط بالعاصمة الملكية ..
غادر الاسوار و معه ما يقارب نصف ما كان معه من الجنود من البداية ..


مئتين و ثلاثة و اربعون فارسا ..

و مئة و ستة و تسعون من الرماة .. بالاضافة الي عشرة من السحرة ..

ما مجموعه خمسمئة جندي تقريبا ..


بقيت ثلاثة ايام فقط علي المواجهة ..

ينوي شاريوس مواجهة توأم الحرب بالاضافة الي اكثر من أربعين ألف جندي

بينما هو لديه نصف ما طلبه من الجنود في البداية ..


.

.

.


يتبع



ياريت الفصل يكون نال اعجابكم

و ياريت حد يكون قرا القصة اساسا =)





2018/10/15 · 790 مشاهدة · 1587 كلمة
4p7
نادي الروايات - 2024