7 - توأم الحرب " الجزء الاول "

بينما جنوده كانوا يرتاحون .. اختار شاريوس ان يبتعد عنهم ..
كان جالسا اسفل احدي الاشجار بعيدا عن جنوده ..

و كانت ما تزال السماء مظلمة كما كانت قبل قليل و تزينها تلك النجوم ..

فتح عينه كما لو انه كان قد رآى كابوسا بالفعل ..

فتح عينه اليمني و حرك يده اليسرى ليرفعها الي وجهه ..

حرك يده ليرفعها الي عينه اليسرى التي لم يعد يستطيع ان يرى بها منذ ذلك اليوم ..

حرك يده ليغطي بها الندبة التي اصيب بها في عينه اليسرى ..

رفع رأسه الي السماء التي كانت ما تزال تزينها تلك النجوم حينها ..

و ظل ينظر لها لوقت طويل ..

ظل ينظر لتلك السماء بعين خاوية ... ظل ينظر و يتذكر تلك الايام قبل ان يفقد فيها كل شئ ..

" كان ذلك قبل اقل من ثلاثة عشر عاما "

الجو قارص البرودة و السماء تغطيها الغيوم البيضاء .. و الارض يملئها الثلج و الجليد ..

ترك منزله عندما طلبت والدته ان يذهب الي جارتها .. ترك المنزل و اغلق الباب قبل الذهاب ..

خرج من المنزل و تحرك بضعة خطوات للمنزل الذي كان يقع بجواره تماما ..

تقدم ليقف امام باب ذلك المنزل الهادئ الي ان طرق بابه ..

لم يمضي كثير من الوقت حتي خرجت امرأة جميلة لها لون شعر ابيض و لها عينان ذات لون رمادي جميل ..

و كانت تحمل طفلا رضيعا بين يديها.. فتحت باب منزلها لتنظر للاسفل ..

فأبتسمت عندما نظرت له ...

" شار .. هذا انت .. "

لم يكن قد تغير مظهره كثيرا علي ما هو عيه اليوم ..

كان يبدوا طفلا عاديا كأي طفل اخر حينها .. له لون شعر ابيض و عينان فضيتان تلمعان ..

كان يبدوا انه اكثر برأة بكثير مما هو عليه الان ..

" شار .. هذا انت .. "

ابتسمت عندما نظرت له ...

و ابتسم بدوره عندما تحدثت تلك المرأة له ..

شاريوس : " اه .. انتهت أمي من اعداد طعام الغداء .. انها تريد منكِ المجئ لتناوله معنا .. "

كانت ما تزال مبتسمة عندما تحدث لها فردت قائلة ...

"اصبت ببعض الذكام منذ بضعة ايام و شفيت منه الان .. لكن والدتك ترفض ان تستمع إلي ..

انها حقا تقلق كثيرا .. أخبرها انه ليس هناك داعي لقلقها .. أخبرها انني أصبحت بخير .. "

كانت تنظر له بينما كان ما يزال واقفا امام منزلها ..

تحدث ليرد عليها قائلا ..

شاريوس : " قالت لي انكِ قد تقولين هذا .. أخبرتني ان اقول لكِ أن لم تأتي أنتِ فستأتِ لكِ هي .. "

تغيرت ملامح وجهها ليبدوا عليها الخوف .. تغيرت ملامح وجهها لتتحدث له مرة اخري بتردد ..

" حـ..حـسنا .. سأتي أنا .. اخبرها انه ليس هناك داعي لتأتي هي .. "

ابتسم بينما كان ينظر لها .. ابتسم بينما ابدت تلك التعابير المضحكة علي وجهها ..

شاريوس : " حسنا .. تعالِ قبل ان يبرد الطعام .. "

لم يمضي كثير من الوقت حتي أتت و معها طفلها بين يديها .. دخلت المنزل بهدوء لتقول ..

" مـ..معذرة .. معذرة علي التطفل .. "

خرجت والدة شاريوس للتو من المطبخ لتلقي التحية ..

خرجت لتلقي التحية و لكي تساعدها علي حمل الرضيع الذي كان بيدها ..

كانت والدته امرأة بغاية الجمال حقا .. كان لها لون شعر ابيض ناصعا كما الثلج تماما ..

وكشاريوس تماما كانت لها عينان فضيتان و كان لها ابتسامة جميلة ..

" تأخرتي .. تأخرتي كثيرا .. المرة القادمة سأتي اليكِ بنفسي عوضا عن ارسال ابني .."

ابتسمت جارتها لها و حاولت الحديث اليها قائلة ..

" "فريا" .. تعلمين انني لا يمكنني رفض طلب لكِ و لكن .. لا اريد ان اسبب لكِ المتاعب ..

لديكِ طفل في الحادية عشرة بالفعل لا يمكنني ان ادعكِ تعتنين بي و به في نفس الوقت .. "

فريا : لا عليكِ انا و "شار" نستمتع حقا بتواجدكِ معنا ..

يكون الطعام افضل ان تنوالتيه مع الجميع .. أليس كذلك ..

ابتسمت جارتها لترد عليها قائلة ..

" لم تتركِ لي خيارا .. حسنا .. حسنا انا استسلم .. ماذا لديكِ اليوم للغداء "

.

.

شاريوس : " تمنيت حقا ان تدوم تلك الايام الي الابد .. "

" سيدي .. سيدي .. سيدي هل تسمعني .. ؟! "

كان ذلك احد الجنود يحاول الحديث اليه و لكنه لم يكن قد انتبه إليه ..

كان يبتسم بينما ذلك الجندي يحاول لفت انتباهه بمناداته لاسمه مرارا و تكرارا .

ظل الجندي يحاول لفت انتباهه الي ان نجح اخيرا بذلك ..

" سيدي .. هل انت بخير .. ؟! "

شاريوس : ا..اه انا بخير .. ماذا هناك .. ؟!

" سيدي تكاد ان تشرق الشمس عما قريب ..

استيقظ معظم الجنود بالفعل و بقي فقط ان نتجهز للرحيل من جديد ..

ان تحركنا عند شروق الشمس من جديد قد نصل الي قرية " يورا" اليوم يا سيدي .. "

شاريوس : هذا جيد ..

سنرحل اذا عند شروق الشمس .. أخبر الجنود بأن يجهزوا ..

" امرك يا سيدي .. "

لم يمر وقت طويل علي الشروق .. و كما اليوم الاول تماما .. اشرقت الشمس كما البارحة ..

اشرقت لتعلن عن نهاية اليوم الاول و بداية يوم جديد .. انطلق شاريوس و من معه من الجنود ليكملوا المسير ..

انطلق هو و من معه من الجنود مع اول خيوط ضوء الصباح ..

يمر الوقت ببطئ بينما كان يتقدم هو وجنوده الي قرية " يورا " لم يتيغير شئ عن البارحة .. لم يتغير الكثير ..

الجنود مرهقون من المسير .. و معنوياتهم منخفضة .. و رؤسوهم للاسفل ..

ظل كل جندي ملتزما الصمت و من امامهم شاريوس الذي اعتاد علي رؤيتهم هكذا ..

كما البارحة تماما لم يكن متضطرا لينظر لهم ليدرك ان لا احد منهم لديه النية بالقتال ..

لا احد من جنوده يتوقع ان يعود حيا من ذلك القتال ..

استمر بالتقدم رغم ادراكه لتلك الحقيقة ..

استمر بالتقدم رغم انه يعلم ما كان يدور بنفوس جنوده ..

استمر بالتقدم و من خلفه ذلك العدد من الجنود ..

يتغير الوقت ببطئ و بهدوء و يتيغر مع الوقت تضاريس الارض ..

مر الوقت .. مر الكثير من الوقت بالفعل ..

الي ان وصلوا اخيرا الي قرية "يورا" ..اصبحت القرية الان علي مرمى من البصر ..

شاريوس و من معه من الجنود اصبحوا علي مقروبة بالفعل من القرية التي من المفترض بهم قتال جيش سيريان بقربها ..

التوتر بين الجنود كان يزداد مع مرور الوقت ..

فخلال ساعات قليلة قادمة سيقاتل ذلك العدد القليل من الجنود ما يقارب الاربعين ألفا ..

.

.

يتبع

ياريت الفصل يكون نال اعجابكم

و ياريت تعذروني علي اي اخطائ املائية

2018/10/29 · 756 مشاهدة · 1057 كلمة
4p7
نادي الروايات - 2024