إستلقيت على السرير أفكر في كيف سأقضي يومي. لأتفاجئ بطرقات عالية على باب غرفتي "سأتأخر بسببك هيا أسرعي أيتها الغبية!" قال جاك بصوت غاضب كي أحضر له الإفطار
"أنا مستيقظة!" صرخت بغضب أيضا لأنه قاطع تسلسل أفكاري. إرتديت ملابسي وسارعت بالذهاب إلى الطابق السفلي.

حضرت فطورا بسيطاً بعجالة،بعد تناوله حملت حقيبة كتبي وذهبت سيراً للمدرسة، وصل جاك بعدي بقليل بسيارته الموستانج السوداء.

اتجه جاك لأصدقائه الذين كانوا يجلسون مع ألفا القطيع، جورج الذي بلغ اليوم سن الثامن عشر و كان يبحث عن شريكته المقدرة. لاحظت أنه أطال النظر إليّ مع تسارع وتيرة أنفاسه و إسوداد عينيه، تمتم ببعض كلمات لم اسمعها جيدا لبعد المسافة نسبياً بيننا لكنني متأكدة من أنه نطق اسمي، أنا فقط حدقت به بغرابة لاشعر بالحرارة الشديدة تنبطق من داخلي لتمر بكل جسدي بعد اقترابه مني "أنا جورج وودفيل ارفض روجينا تايلور كشريكة مقدرة " قال بنفس واحد. ألم مرير إجتاحنيي كأنه ثم فصل روحي عن جسدي تحجرت الدموع في عيناي من شدة الوجع
أخفيت ألمي الذي طغى على قلبي ودموع روحي خلف قناع مزيف مهما اشتد أنين أوجاعي يبقى كبريائي و عزة نفسي سبب تماسكي و عدم انهياري قلت بشموخ و انا ارفع رأسي وانظر في عينيه
"أنا روجينا تايلور أقبل رفض جورج وودفيل، " لم أعد أستطيع أن أنظر اليه أكثر من ذالك فالتفت مغادرة إبتعدت خطوتين وقلت له"لو انطبقت السماء والأرض و لو حملت نذم الدنيا و مافيها و جئتني ذليلا تطلب العفو والسماح لأجل فرصة أخرى لن أغفر لك". غادرت المدرسة و عدت إلى المنزل أندب حظي التعيس.

*************

القدر، هو أدهى الماكرين
يتفنن بتعذيب أرواحنا كأن لا شيء يشغله غيرنا، كما لو كنا ألحانا يتراقص على نغمها مع احزاننا يستمتع بعذابنا
أنهكنا الكفاح ولم يتعب هو قط ليتركنا
بل اورد رفيقا معه ليهلكنا الحب،
الوله والألم وجهان لعملة واحدة،
كلما كان حبك قويا وجارفا كان ألمك أكبر هذه هي سنة الحياة
لا يمكننا الهرب منها مهما فعلنا نجد انفسنا نتشبت بها ونحاول النجاة من بأسها،
بأس قلب وهبناه روحنا

*******

إستيقظت من النوم بوجع رأس قاتل بعد ليلة طويلة من البكاء المرير نهضت و إستعديت للذهاب للمدرسة بالرغم مما حدث لن أعطي أي شخص أدنى فرصة للسخرية مني، يكفي هروبي البارحة من أجل لملمة شظايا قلبي المكسور
ذهبت للمدرسة و لأكتشفت أنني حديث الساعة، ينظرون لي بشفقة، كره و إحتقار...... منهم من أعرفه ومنهم من لم يسبق لى الحديث معه منهم من أحبه و بعضهم لا يُمكنني أن أقول بأنني أكرهه بل لا أستلطفه لكن لم أتوقع يوم أنني سأنظر الى العالم بطريقة أخرى ليس كبقية الناس لا أعلم ما حصل لي.
أظن أنه شيء غير عادي بتاتا، تحولت حياتي إلى كابوس. كل ما أراه هو حياتي المدمرة، نعم دمرت حياتي بسبب شريكي.

لا أذكر أني كرهت أحدا أو جرحت أحدا من قبل لكن ما حصل لي كان غريب، الألم الذي عشته في اللحظة التي رفضني بها ألم لن أتمناه لألد أعداي، كنت أتمنى الموت وأنا أرى شريط حياتي يمر ببطئ و كل عضو في جسمي يتوقف عن العمل لدقيقة ثم يرجع، لقد كان ألم شديد نسيت فيه أني على قيد الحياة و إستسلمت للموت لكن لا فقد كان كبريائي أكبر من الألم و واصلت مواجهته على أمل أني لن اترك الفرصة لباقي افراد المجتمع الاستهزاء بي تكفيني تعليقاتهم المؤذية عن عدم تحولي، هذا صحيح قريبا سأبلغ الثامنة عشر ولم أتحول بعد حتى أنني لا أعلم إن كنت املك ذئبة ام لا، لطالما تساؤلوا كيف يمكن ان اكون ابنة مستذئبين و لم اتحول بعد كان يمكنهم تقبل الفكرة لو كان أحد والداي بشري على الرغم من أن الأمر نادر الحدوث ففي حالة كان شريك المستذئب بشري سيحصل على فرصة واحدة فقط من اجل استمالته وجعل يقع في الحب مع و اذا فشل يجب عليه ان يترك شريكه و شأنه و ألا يقترب منه وإلا سيتعرض لعقوبات قاسية سنها المجتمع الدولي من أجل الحفاظ على الاستقرار بين البشر و النستذئبين

البشر يعملون بوجودنا منذ زمن طويلة جداً و نحن نعيش جنباً إلى جنب بتآخي و ألفة. لذا ان يرفض مستذئب من شريكه البشري شيء عادي و مقبول على الرغم من ندرة حدوثه لكن رفض مستذئب شريكه المستذئب يثير صجة لأن الرابطة بين شريكين مستذئبين أقوى مئة مرة من الرابطة بين مستذئب و بشري لكن بعد أن يتم وسم الشريكين تقوى الرابطة بينهما وتصبح كما لو أنهما من نفس النوع.

كنت أحلم أن أعرف إحساس أن يكون لك شريك يحبك و يحتويك عند الضعف و يكون الرجل في حياتك يهتم بكل شيء ما يخصك، لكن لا فليس كل ما تتمناه يأتي إليك بسرعة فالحياة ليست لعبة تتحكم به، حين تفقد الامل ستصبح أنت اللعبة التي تتحكم بك الحياة لا أذكر أني فقدت الأمل من قبل فحتى هذه اللحظة لا زلت أتحلى به و آمل أن أتحول يوما ما، لكن الآن لقد فقدت روحي قلبي ينبض لكن روحي لا مبالية لقد ماتت مع رفضه ذهبت إلى مكان لا عودة منه رحلت و تركتني أصارع هذا العالم القاسي. قد يكون التعامل مع رفض الشريك مختلف لو كانت ذئبتي معي لتخفيف وطأة إنحلال الرابطة

ذاقت أنفاسي وشعرت بالغثيان فغادرت قاعة الدرس دون إذن الاستاذ ذهبت إلى دورة المياه ركبتاي لم تقوى على حملي وقعت على الأرض من شدة الألم و إستفرغت بعض الدماء، سمعت وقع خطوات شخص ما قادم بإتجاهي لكن لم أتمكن من معرفة من لأنني شعرت بالدوار و تشوشت رؤيتي و أصبحت ضبابية، سمعت صوتاً يناديني بصورة مكتومة وكأنه في نفق أو جب أحسست بإرتعاش في أطرافي و تشنجت ظننتُ أنني تعرضت لنوبة.

عندما استيقظت كنت نائمة بغرفة بالملحقة الطبية بالمدرسة و رأيت عينيان غائرتان في بحر الشفقة و شفتاه تفتر على ابتسامة يغلب عليها الحزن، ينطق وجهه عن الطيبة و اللطف، كان يدنو من الخمسين و الزمن ترك بصمته على ملامحه، شعر تخلله الشيب أشعت قليلاً، مستدير الوجه ممتلئ الجسم في غير بدانة، كما أنه قصير القامة يحمل بيسراه عصا غليظة يرتكز عليها أثناء المشي.

إنتابني صمت عميق و ذهول غريب، وأخد حزني يزداد شيئا فشيئاً، كم تمنيت أن أبكي لعلي أجد فيه بعض الراحة لكن دموعي تحجرت في مقلتي و تقهقرت إلى الداخل من الصدمة التي رجت أعماقي فأغلقت عيناي لأسترد أنفاسي و أخد يحاورني عن ما جرى لي وأنه بسبب الرفض ولأنني لم أتحول بعد أدى هذا إلى تضاعف الأعراض -أعراض الرفض- لأني الطرف الأضعف و المرفوض فالقانون ينص أنه لا يجب على المستذئب رفض شريكه البشري لأنه لن يتحمل أبدا الألم مما قد يؤدي إلى الوفاة أما في حالتي فأنا أعتبر مستذئبة حتى لو لم أتحول بعد -والديها مستذئبان- لذا لا زلت قادرة على الوقوف و المقاومة لكن يمكن أن تكون العواقب وخيمة إن لم أتصرف بسرعة الإختيارات التي أمدني بها السيد مارتن غريفيث المسؤول عن كل ما يخص المستذئبين بالمؤسسة أحلاها مر.

أخدت أحاور نفسي بقلق تجلت معالمه على وجهي الشاحب، فأي حل أختار؟ ماالذي يجب علي فعله؟
أشعر بالحيرة تخنقني، تحاصرني من كل إتجاه، تشابكت الأفكار برأسي و أضحيت سجينة آلامي، لم يعد بإمكاني السيطرة على مكنونات صدري إمتلئ صوتي بالدموع فإرتجف رغما عني، الحزن يمتص قلبي و يسلبني قوتي و تباتي، خرج صوتي مرتجفاً وكلماتي متقطعة وسألته: " أين سأذهب؟ وكم ستطول فترة غيابي؟ "
أجابني بأنه سيرسلني كطالبة تبادل مع أحد الدول و شأعيش مع القطيع هناك تحت مسؤولية كبيرة الشيوخ الروحانيين لتعلمني كيف اتعامل مع الرفض و تساعدني لأكتشف السبب وراء عدم قدرتي على التحول.

الرحيل، إخترت الرحيل أفضل الذهاب بعيدا حتى تضعف الصلة واكسر الرابطة هذا أفضل من البقاء و انتظار شريك أخر فلا أحد سيرفض شريكه من أجل شخص آخر.

ثارت ثائرة جاك واستشاط غضبا، و تطاير الشرر من عينيه، و بدأ بالصياح معربا عن رفضه هربي من المواجهة هذا ما أطلقه على إختياري علا صوته وبرزت عروقه و احمر وجهه غيضا و لم ينفك يسألني قائلا: "لماذا أنت؟ لماذا يجب عليك الرحيل؟ لما لا يغرب هو عن وجهك؟"
صرخ بحنق و حقد و إسودت عيناه و إستطالت أنيابه وأقسم على إبادة جورج من الوجود مقابل كل دمعة نزلت من مقلتاي.
لم أكن أملك القدر الكافي من القوة لإيقافه لذا صرخت باسم والدي الذي جاء راكضا ظنا منه ان مكرها ما أصابني، سيطرنا على ثورة الغضب التي إجتاحت أخي لأبدأ بشرح وجهة نظري و أنه لا يملك الحق لمحاسبة جورج و إلحاق الأذى به لأنه رفضني فمسألة رفض الشريك أو القبول به تبقى خاصة بالمعنيون بالامر فقط يكفيه-جورج- الضرب المبرح الذي تعرض له البارحة -جاك ضرب جورج- و كسره لقدمه، أن السفر لبلد أخر مفيد لي لأنني سأعرف أكثر عن نفسي و أحاول التواصل مع ذئبي إن كان موجود، وافقني أخي الرأي على مضض و اشترط سفره معي حتى يطمئن علي ويعود بعد استقراري.

جهزت كل ما أحتاجه و حزمت حقيبتي وسافرت مع أخي للبرازيل قبلت كطالبة تبادل، بأحد المدارس هناك، لم يلبث أخي طويلا ظل، معي أسبوع فقط بعد أن إطمئن علي و على مكان إقامتي واستقرت أوضاعي عاد إلى نيويورك، مكتُ بمنزل لوران بلانيت خبيرة المستذئبين الروحية تبلغ من العمر ما يفوق التسعين سنة تسترعي الإنتباه بقصر قامتها ونحافتها، كانت نحيفة في غير هزال، وجهها نحيل مستطيل ينطق باللطف و الهيبة و الوقار، ذات رأس صغير بجبهة تميل للصغر يحدها حاجبان مستقيمان خفيفان تخللتهما بضع شعيرات بيضاء، عينيها تلوح فيهما نظرة لامعة تنم عن حكمة و رزانة سقلتها السنين بشرتها سمراء تعاكس لون عينيها الزرقاء التي خف لونها و طغى عليها اللون الأبيض جراء ضعف بصرها، على شفتيها إستولت ابتسامة تدل على الرقة و العطف.
مر شهر منذ إنظمامي لها لم أغادر حدود المنزل منذ أن وطأت قدماي بابها لا أدري ما يحصل بالعالم الخارجي لكني أعيش بهدوء لم أعد اشعر بالألم جراء الرفض كما أنني أمضي أغلب، وقتي بالتأمل بالبحيرة فالسيدة لوران تعيش بالغابة التي كان سحرها يتألق مع غروب الشمس فتزيدها رونقا و بهاءاً خلاباً، كان المكان جنة تأخد مجامع القلوب و في الناظر البهجة والسرور.
لا زلت لم أتواصل مع ذئبتي بعد لكن السيدة بلانيت قالت ألا أتسرع وأخد الأمور خطوة خطوة، كل شيء يحدث من أجل سبب ما قد نجهله الآن لكن سنعلم الحكمة منه مستقبلاً.

****************

لا أحد يعلم ما الذي يخبئه القدر،
الحياة لا تنتظر أحد.
علينا أن نخصص وقتا لأنفسنا
بعيداً عن خطط المستقبل المجهول و تعلم الإستمتاع بما نعيشه الآن،
فإن أدركنا المستقبل غدا أضحى الحاضر ماضي،
ماض نتحصر على ضياعه من أيدينا.
الرغبة في الاستمرار و التقدم للأمام متأصلة بأعماقنا،
لذا عليا إستغلالها من أجل معرفة ذواتنا الحقيقة و الشعور بالرضا عن أنفسنا
و ألا نهتم بتفاهات الأخرين ورفضهم الدائم لنا
نركز على هفوات غيرنا و ننسى أنفسا،
إن تأملنا بأعماق سريرتنا نجد الظلام الدامس،
ظلام يهيم بالعالم الخارجي و أراء الغير،
و أحاسيس ومشاعر قاتمة
و إن توغلنا نجد القدرة على الحب،
حب الكل حتى لو كان ألد أعداءك.
الحب جوهر كل شيء بالوجود،
به نحيا وبه نموت
أن تحب لأجل الحب
تمتلئ أعماقك بالقوة، إنه سبب وجودنا المتميز.
إنه نواتنا المنيرة التي تحدد ذواتنا.
يحدد هويتنا

2020/01/11 · 782 مشاهدة · 1715 كلمة
A.O-fairy
نادي الروايات - 2024