الفصل الأول: العبور

«أنا آسف! على الأرجح لا أستطيع التوقيع معك.»

كان المتحدّث هو ليو يوتشانغ، موهبة شابّة ما تزال ضمن فريق الشباب تحت ١٩ عامًا في جيانغسو سونينغ.

غير أنّه لم يكن معروفًا، ولم يكن سوى لاعبٍ احتياطيّ في فريق الشباب.

وكان الجالس قبالته هو تساي جيان!

وكيل محترف للاعبي كرة القدم!

حدّق تساي جيان إليه غير مصدّق حين سمع كلمات ليو يوتشانغ.

ذلك لأنّه كان قد ناقش معه الأمور بالفعل نقاشًا مستفيضًا.

وقال تساي جيان في حيرة: «لماذا؟ ألم نكن قد اقتربنا من الاتفاق قبل قليل؟»

قال ليو يوتشانغ… وبعد تردّدٍ يسيرٍ جاءت كلماته مباشرةً لا مواربة فيها: «حسنًا… لأكون صريحًا، تكلّمتُ مع مدرّب فريقي، فقال إنّه من الأفضل لمستقبلي ألّا أوقّع معك.»

ما إن أنهى ليو يوتشانغ جملته حتى اسودّ وجه تساي جيان في اللحظة نفسها.

……

«لن توقّع معي! في المستقبل، حتى لو جئتَ تتوسّلني كي أوقّعك، فلن أفعل!»

بعد أن عاد إلى منزله، صرخ تساي جيان غيظًا.

لكنّه لم يكن يستطيع سوى أن يلعن في بيته سرًّا؛ كان عليه أن يقبل بالواقع. فقد كان قد رسم خطّة من الأصل.

مثلما اعتاد في الماضي، كان ينوي إرسال ليو يوتشانغ إلى البرتغال.

ثم، بعد بضع سنواتٍ من اكتساب الخبرة، يعيده إلى الصين ليوقّع عقدًا كبيرًا.

وكان تساي جيان قد أنجز من قبل عدّة صفقاتٍ من هذا النوع.

جلبت له أرباحًا لا بأس بها، لكنها في الوقت نفسه منحته سمعةً سيّئة للغاية داخل الوسط.

ربّما لم يكن أحدٌ يعلم أنّ تساي جيان كان يحمل يومًا حلمًا: أن يصبح وكيل كرة قدمٍ من الطراز العالمي.

في سنواته الأولى، حمل هذا الحلم وسافر بعيدًا إلى ألمانيا، غير أنّ الواقع كان قاسيًا.

لقد بالغ في تقدير قدرته، وكانت عينُه على المواهب عاديّة حقًّا.

وبحدسه وحده، لم يكن قادرًا على توقيع أي لاعبٍ لامع.

لذلك حوّل اهتمامه إلى اللاعبين اليافعين.

وكان أولهم قلبَ دفاعٍ ألمانيًّا يلعب لنادي ريغنسبورغ في البوندسليغا الثانية.

وبالطبع، لم يكن ضمن الفريق الأول، بل كان لاعبًا شابًّا في فريق تحت ١٩ عامًا.

أراد تساي جيان أن يجعله حجر الأساس، ليبني مسيرته في الوكالة خطوةً خطوة.

لكن تساي جيان لم يعرف قدر نفسه، بل بالغ أكثر في تقدير علاقاته.

فكونك رجلًا من الصين في أوروبا وحده أمرٌ عسيرٌ كي تثبت قدمك.

فكيف إذا كانت مهنتك وكيلًا، وهي مهنة تحتاج إلى شبكة علاقاتٍ مخصوصة؟

لم يطل الوقت بعد توقيع ذلك اللاعب الشاب مع تساي جيان حتى بدأ يندم.

لأنّه لم يرَ مستقبلًا واضحًا، فانتهى به الأمر إلى فسخ عقده مع تساي جيان، والتوقيع مع وكيلٍ ألمانيّ آخر.

وهكذا، خُطِف اللاعب الوحيد الذي وقّعه تساي جيان من بين يديه.

لكن تساي جيان لم يستسلم، واستمرّ في صراعه داخل أوروبا.

وبعد ذلك وقّع مع بضعة لاعبين آخرين، وبنى ببطء بعض العلاقات مع عدّة أندية ألمانية.

إلا أنّ مسيرته لم تنطلق حقًّا.

ببطء… ببطء…

وبعد فشلٍ تلو فشل، اعترف تساي جيان أخيرًا بالحقيقة، ثم استسلم في النهاية.

وبعدها قرّر العودة إلى الصين ومحاولة توقيع بعض اللاعبين الصينيين.

وحين عاد إلى الصين، بدأت مسيرته تتحسّن.

وسلك طريق الثراء عبر «التصدير ثم إعادة الاستيراد»، فدبّر بنجاح انتقال عددٍ من اللاعبين اليافعين إلى أوروبا، ثم أعادهم إلى الصين بصفقاتٍ باهظة.

جنى تساي جيان من ذلك مالًا معتبرًا، لكن سمعته ازدادت سوءًا يومًا بعد يوم.

وفي عام ٢٠١٩، انكشف أمر تساي جيان على الإنترنت، وعرفه عددٌ أكبر من روّاد الشبكة.

عرفوا ما يفعله، وعلموا أنّه يتخصّص في تجارة «التصدير ثم إعادة الاستيراد».

ومن ثم بدأ مزيدٌ من روّاد الشبكة ينهالون عليه بالشتائم.

واتّهموه واتّهموا من هم على شاكلته من الوكلاء بأنّهم السبب في أنّ كرة القدم الصينية لا تنمو.

ومنذ ذلك الحين، لم يعد أي لاعبٍ يرغب في التوقيع مع تساي جيان.

وكان مدرّب ليو يوتشانغ يعرف ذلك بالطبع، ولهذا نصح ليو يوتشانغ ألّا يوقّع مع تساي جيان.

وعلى إثر ذلك، بدأ اللاعبون الذين كان قد وقّعهم من قبل يبتعدون عنه واحدًا تلو الآخر.

سنواتٌ طويلة قضاها وهو يكافح في مهنة الوكالة.

وحين بدأت الأمور أخيرًا تتحسّن… آل به الحال إلى هذا المصير.

كان تساي جيان يتأمّل التعليقات على الإنترنت عنه.

«كيف يوجد وكيل مثل تساي جيان؟ هل لا يهتم إلا بالمال؟»

حين رأى مثل هذه الكلمات، لم يستطع تساي جيان إلا أن يطلق ضحكةً مُرّة.

لكنه في بيئةٍ كهذه… لم يكن يملك خيارًا حقيقيًّا.

كان تساي جيان يتمنى، بالطبع، أن يوقّع لاعبًا موهوبًا، ثم يساعده على الاحتراف خارج البلاد ليصنع اسمه.

لكن لا وجود لمثل هؤلاء اللاعبين في الصين فعلاً، وحتى لو وُجدوا، فلم تكن لديه العين التي تميّزهم.

وفوق ذلك، ففي كرة القدم الصينية يوجد كثيرٌ من الوكلاء مثله.

بل كان يُعدّ فيهم متوسطًا؛ وكانت هناك شركات وكالةٍ أكبر بكثير من شركته.

ومع ذلك، أن يصبح هو وحده الوجهَ الذي تُعلّق عليه أخطاء هذا النوع من الوكلاء… كان في شيءٍ من الظلم.

أحيانًا كان تساي جيان يتخيّل امتلاك «العينين الذهبيتين الملتهبتين»؛

قدرةً أسطوريةً تجعله يرى إمكانات جميع اللاعبين، فيصقلهم واحدًا تلو الآخر حتى يصيروا نجومًا.

فيكسب مالًا كافيًا… ويصنع لنفسه مجدًا.

لكن تساي جيان لم يكن يملك سوى الخيال؛ كان يعرف حدوده جيدًا.

جلس تساي جيان على أريكة بيته، يشرب الجعة ويشاهد مباراةً من الدوري الصيني الممتاز.

وكان الأمر في جوهره ما يزال مقارنةً بين اللاعبين الأجانب؛ أمّا اللاعبون المحليون فكانوا منفصلين تمامًا عن إيقاع الأجانب.

بل إنّ عددًا قليلًا للغاية من المحليين استطاعوا أن ينسّقوا لعبهم مع الأجانب.

تمامًا مثل إيفو في نادي خنان جيانيه؛ كان يقوم بعمل الجميع وحده حقًّا.

ومع أنّها كلّها دورياتٍ آسيوية، فإن الدوري الياباني والدوري الكوري كانا عالمًا مختلفًا.

فاللاعبون المحليون هناك قادرون على حمل المسؤولية في قلب الملعب.

بدأ تساي جيان يشعر بالسكر يتسلّل إليه، فتمدّد على الأريكة واهنًا كسولًا.

ثقلت جفناه أكثر فأكثر… وكادت عيناه أن تنطبقا.

ومع تداخل أفكاره، أحسّ بجسده يتحرّك.

وأخبره ما تبقّى من وعيه أنّه على وشك السقوط من الأريكة.

لكنّه لم يعد قادرًا على المقاومة، إذ تحوّل وعيه إلى ظلامٍ حالك.

……

«دُم!»

سقط تساي جيان على الأرض!

«آه!»

تأوّه من شدّة الألم.

كان جسده كلّه موجوعًا، ورأسه ينبض كأنّه يُطرق بمطرقة.

كافح ليجلس، وهو يفرك رأسه بيده اليمنى.

ثم فتح عينيه ببطء، لكن الضوء الساطع أمامه منعه من إبقائهما مفتوحتين.

رفع يده اليسرى يحجب الضوء، وعندها فقط استطاع أن يفتح عينيه على مهل.

نظر حوله لا إراديًّا؛ وكانت ردة فعله الأولى أنّ لا شيء غريب.

لكنّه ما لبث أن تجمّد في مكانه… لأنه أدرك فجأةً أنّ ما أمامه ليس تلفازًا أصلًا.

استدار بسرعة يتفحّص المكان. كان من المفترض أن يكون مستلقيًا على الأريكة.

لكنّ ما كان يسند ظهره على الأرض ليس أريكةً إطلاقًا… بل سرير.

«ما الذي يحدث؟!»

تمتم تساي جيان غير مصدّق.

كأن الزمن توقّف؛ ظلّ واقفًا مشدوهًا.

كان عقله كالعجين، لا شكل له ولا قرار، ولم يفعل سوى التحديق بلا وعي.

ثم فرك وجهه ليوقظ نفسه بسرعة.

ونهض يتأمّل الغرفة بحذر.

كانت الغرفة صغيرة جدًا؛ ليست بيته قطعًا، بل تشبه غرفة فندقٍ ضيّقة.

وعلى المنضدة بجوار السرير، كان هناك وعاءٌ فيه ماء.

وهذه كانت عادةً شخصيةً لتساي جيان؛ إذا أقام في فندق، وضع وعاء ماءٍ قرب السرير.

هل فقد ذاكرته إذن؟

اتجه إلى الحمّام ليغسل وجهه.

فتح الصنبور، وكاد أن يغسل وجهه… لكن حين نظر في المرآة—

انطفأ عقله دفعةً واحدة!

الشخص في المرآة هو هو… لكنه بدا أصغر سنًّا بوضوح، بلا شعرة لحيةٍ واحدة.

أدرك تساي جيان… أليس هذا هو نفسه قبل سنوات!

ارتعب في الحال، وراح يفتّش جيوبه بعجلة ليرى هاتفه.

لكنه لم يجد في جيبه شيئًا سوى محفظته.

«هل تركته على السرير حين نمت؟»

همس لنفسه واندفع نحو السرير.

وبالفعل، كان الهاتف على السرير.

أشعل الهاتف، فظهر طلب كلمة المرور.

٠٤١٢!

أدخل تاريخ ميلاده تلقائيًّا… فانفتح الهاتف. لقد اعتاد هذا الرقم دائمًا.

ثم نظر إلى التاريخ المعروض على الشاشة.

٧ فبراير ٢٠١٢!

«أ… أنا… لقد عبرتُ الزمن!»

2025/12/13 · 7 مشاهدة · 1211 كلمة
نادي الروايات - 2025