🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿

📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة

🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عندما دخل هاتشار والآخرون مدينة شنيانغ، أصابتهم الصدمة تمامًا مما رأوه أمامهم

رغم أن شنيانغ كانت سابقًا عاصمة أسرة جين اللاحقة، إلا أن حجمها كان أدنى بكثير من المدن المزدهرة لأسرة مينغ العظمى

كانت الشوارع موحلة وضيقة، وأسوار المدينة بدائية ومنخفضة، ومعظم البيوت مبنية من الخشب، تفتقر للتخطيط

وأكثر الأماكن ازدحامًا لم تكن سوى بعض الحانات ومحلات الفراء والحدادة، بعيدة كل البعد عن روعة مدن الهان

لكن الآن، بدا وكأن هذه المدينة قد تبدلت بالكامل

امتدت شوارع من الحجارة الزرقاء، مستقيمة وواسعة بلا نهاية، طريقها ممهّد ومستوي

لم يعد هناك أثر للفوضى الموحلة السابقة

اصطفت المباني الشاهقة على جانبي الطريق، والمحلات ملأت المكان: مطاعم، بيوت شاي، بنوك، وورش عمل، وكلها موجودة

بل كان يمكنهم رؤية بعض المباني الضخمة قيد الإنشاء

الكثير من الحرفيين منشغلون بوضع الطوب، ونقش العوارض، وطلاء أسوار المدينة؛ فالمدينة مليئة بأعمال البناء في كل مكان

امتلأ الجو برائحة الخشب الطازج، والمبعوثون المرافقون كانوا يراقبون في ذهول

"هل هذه… هل هذه ما زالت شنيانغ؟"

لم يستطع أحد المرافقين إلا أن يسأل بصوت منخفض

"كيف تبدو أكثر ازدهارًا بعشر مرات من قبل؟"

لاحظ هاتشار هو الآخر هذا التغير الغريب، فعقد حاجبيه بعمق، وبدأ شعور خفي بالقلق يتسلل إلى قلبه

ألقى نظرة حوله، ليفاجأ بأنه طوال الطريق لم يرَ شخصًا واحدًا يرتدي لباس الجورشن

في السابق، كانت شنيانغ أرض الجورشن؛ سواء كان النبيل أو الجندي، فقد كانوا أسيادًا متعالين!

وكان الهان مجرد خدم وضيعين، لا يجرؤون على رفع رؤوسهم في الطريق

أما الآن، فجميع المارة في الشارع يرتدون ملابس الهان

حتى الحراس عند بوابة المدينة كانوا يرتدون زي جيش مينغ المألوف!

انقبض قلب هاتشار فورًا، ومد يده ليوقف شيخًا كان يمر بجانبه

سأله بلهفة: "أيها الشيخ، لماذا لا يوجد أي جورشن في الطريق؟"

ابتسم الشيخ كاشفًا عن بضع أسنان صفراء

ارتعشت لحيته، وامتلأ وجهه بالزهو

"الجورشن؟"

"أين يوجد أي جورشن الآن!"

تفاجأ هاتشار: "ماذا؟"

"هاهاها، لقد اختفوا قبل شهر!"

ضحك الشيخ وهو يخرج قرعة من تحت ذراعه

أمال رأسه وشرب بضع جرعات من الخمر، ثم مسح آثارها عن فمه

وبملامح غامرة بالرضا قال: "لقد جئت متأخرًا! هاهاهاها—"

"لو جئت قبل قليل، لكنت رأيت أسرة مينغ وهي تقصف الرايات الثمانية!"

"لقد كان ذلك مشهدًا مثيرًا، مذهلًا بحق!!!"

ارتجف هاتشار على الفور، وشحب وجهه!

شعر وكأن قلبه يُقبض بيد غير مرئية، ينبض بجنون!

لم يستطع تصديق أن أسرة جين اللاحقة القوية يمكن أن تُباد بهذه السرعة

أمسك بمزيد من المارة وواصل الاستفسار

وكان الجواب نفسه: أسرة جين اللاحقة انتهت!

لقد دمرتها أسرة مينغ في أقل من شهر

لم يعد هناك أي جورشن في لياودونغ؛ جميع الرجال قُتلوا، وجميع النساء نُقلن إلى السهول الوسطى

هوانغ تايجي، دورغون، دايسان، سوني، وغيرهم، إما أُسروا أحياء أو قُتلوا في ساحة المعركة

كان هذا أمرًا لا يُصدق بالنسبة لهاتشار!

الجميع كان يعلم قوة أسرة جين اللاحقة

لقد كانوا أقوياء لدرجة أنهم جعلوه يفر مذعورًا

ولم يختاروا الاستسلام إلا تحت ظروف قاسية للغاية

أما الآن، فأسرة مينغ في أواخر عهدها، ولم يكن لديها القوة الكافية لمواجهة جين اللاحقة

ومهما بلغت قوة الأسلحة النارية، فليس ممكنًا أن يُبادوا تمامًا في شهر واحد

إلا إذا…

إلا إذا كانت كارثة طبيعية، أو نيزك سقط من السماء، وسحق جين اللاحقة على الفور

وبحسب وصف أهل المنطقة لساحة المعركة، فهذا ما يمكن تفسيره

وسرعان ما جذبت تحركات هاتشار غير المعتادة وأفراد مجموعته انتباه سكان العاصمة

"هؤلاء الناس تصرفاتهم مريبة، وملابسهم لا تشبه ملابسنا نحن شعب أسرة مينغ. أيمكن أن يكونوا جواسيس؟"

"لكن لهجتهم تبدو من الشمال؛ ربما هم من قبيلة منغولية"

"منغول؟ كيف وصلوا إلى هنا؟"

انتشرت الأحاديث أكثر فأكثر، وتجمع العديد من الناس الفضوليين

وحاصروا هاتشار ومجموعته إحكامًا

بدأ المبعوثون المنغول المرافقون يشعرون بالذعر قليلًا

فعلى الرغم من أنهم عاشوا طويلًا في السهول، إلا أنهم سمعوا عن طباع شعب أسرة مينغ

لكن وضع اليوم كان غريبًا من كل النواحي

لماذا كان كل هؤلاء من الهان بعيون متألقة، بلا ذرة خوف؟

خفق قلب هاتشار، وسرعان ما ارتسمت على وجهه ابتسامة مصطنعة، وضم يديه قائلًا: "أيها السادة، نحن مبعوثون جئنا لتقديم الجزية، ولا نضمر أي نوايا سيئة، أرجو—"

"جئتم لتقديم الجزية؟ تقول هذا وكفى؟"

"ومن يدري إن لم تكونوا هنا للتجسس وجمع المعلومات العسكرية؟!"

"أبلغوا المسؤولين أولًا! ليتحققوا من الأمر!"

صرخ أحدهم من بين الحشود، فانطلق آخر فورًا نحو دار الحكومة

وقبل أن يفكر هاتشار في طريقة للتصرف، سمع فجأة أصوات "طنين" معدني

إذ أخرج بعض المبعوثين المرافقين السكاكين القصيرة من أخصارهم بشكل غريزي، محاولين دفع الحشد أمامهم

تجمد الجو للحظة

كان الجميع في حالة ذهول

ثم —

اندفع صبي صغير، لا يبدو عمره أكثر من سبع أو ثماني سنوات، خارج الحشد

رفع رأسه، وأشار بإصبعه نحو السكين القصير في يد أحد المبعوثين، وقال بصوت طفولي: "إذا كنتم رجالًا، فاطعنوني! هيا طعنوني!"

"إن تجرأتم على لمسي، فسيكون لجلالته سبب لإرسال الجيش لقتلكم جميعًا!"

انقبض قلب هاتشار بشدة، وتفجّر العرق البارد على جبينه

هذا الطفل… هل هو مجنون؟!

وقبل أن يتمكن من الرد، مد رجل قوي في منتصف العمر يده وربت على رأس الصبي، مؤنبًا بضجر:

"أيها الشقي، لماذا تتدخل؟ ما زلت تريد تحقيق أمجاد؟ اذهب إلى المنزل وحل مسائل الحساب!"

"دع هذه المهمة لي!"

لكن ما إن قال ذلك، حتى أبدى المحيطون به استياءهم

"وانغ لاو ليو، ما قصدك؟ تريد أن تأخذ كل الفضل لنفسك؟!"

"نحن لا نخاف الموت، نحن فقط نخاف أن نفوت الفرصة!"

"اطعنه! أسرع واطعنه! إذا طعنته، فسينتهي أمرك وأمر عشيرتك كله!!"

..........

وأثناء كلامهم، بدأ الجميع يمدون أعناقهم

بل إن بعضهم مال بجسده عمدًا نحو السكاكين القصيرة في أيدي المبعوثين المنغول

خوفًا من أن يفوتهم تسجيل أسمائهم في شجرة العائلة!

دوّى رأس هاتشار وكأنه انفجر

لقد ضاع تمامًا

هؤلاء… أي نوع من المجانين هؤلاء؟!

لقد رأى الحروب والمجازر، لكنه لم يرَ من قبل مثل هذه الفئة من الناس —

فالشيء الأكثر رعبًا ليس القتل في ساحة المعركة، بل أن يكون خصمك غير خائف منك إطلاقًا، بل يستفزك عمدًا!

فبمجرد أن يجرؤوا على التحرك، سيصرخ هؤلاء الناس بلا تردد

ليدعوا ابن السماء ينزل العقاب الإلهي ويمحو عشيرتهم عن بكرة أبيها!

بدأت أصابع هاتشار ترتجف، وتراجع عدة خطوات، وخرّ العرق على صدغيه

وفجأة أدرك أمرًا واحدًا —

لقد تغيّرت شنيانغ! لقد تغيّرت أسرة مينغ!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انتهى الفصل

شاركنا رأيك واقتراحاتك في التعليقات

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2025/08/10 · 24 مشاهدة · 1012 كلمة
AHMED JB
نادي الروايات - 2025