🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿
📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة
🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في قصر كونينغ، ترددت أصداء الضحكات والأحاديث المبهجة مرارًا
تسللت أشعة الشمس عبر النوافذ المزخرفة والمطعمة بالذهب، لترسم ظلالًا متكسرة
كان الهواء مشبعًا برائحة الزهور والعطور، ليمنح المكان هدوءًا ورفاهية استثنائية
جلست الإمبراطورة تشو حول مائدة مستديرة، تتحدث بهدوء مع ليو رشي، وتشن يوان يوان، ولي شيانغجون
عادةً ما كانت محادثات محظيات القصر لا تتعدى الحديث عن الإمبراطور أو الطعام والملبس وضروريات الحياة اليومية
وأحيانًا كنّ يتطرّقن إلى شؤون الدولة، لكن لبعد المسافة، سرعان ما يعود الحديث إلى الأمور التافهة للحياة اليومية
ما الذي جعل أزياء هذا العام جميلة؟
من أين جاء قماش البروكيد؟
وأي طبق كان الألذ لهن مؤخرًا؟
بعض المحظيات كنّ يتفاخرن فيما بينهن بأحدث صيحات الموضة التي حصلن عليها
نظرت الإمبراطورة تشو إلى هؤلاء المحظيات وهنّ يتنافسن على نيل الاهتمام ويقارنّ أنفسهن باستمرار، فشعرت بنفاد صبر
كانت تفضل الحديث مع جميلات تشينهواي الثمان اللواتي دخلن القصر حديثًا
فهنّ قضين وقتًا طويلًا خارج القصر وشهدن أمورًا جديدة كثيرة
وكان الحديث عن طرائف الحياة خارج القصر، حتى عن تفاصيل صغيرة من جيانغنان، ينعش قلبها
قالت لي شيانغجون بحماس: "هناك نشاط ممتع في جيانغنان يسمى صيد القمر من على الماء"
"في كل بدر، تقوم فتيات جيانغنان بالتجديف بقوارب صغيرة في البحيرة، يتأملن انعكاس القمر ثم يحاولن صيده بعصي الخيزران"
انعقدت عيناها كالهلال وهي تتابع بنبرة خفيفة: "من تصطد القمر المستدير الكبير ستتزوج زوجًا صالحًا"
استمع الجميع وابتسموا باهتمام
قالت لي شيانغجون بفخر: "جربت ذلك مرة، لكن ما إن وضعت عصا الخيزران في الماء..."
"انتشرت التموجات عبر البحيرة، وفجأة قفز ضفدع!"
"أخافني لدرجة أنني كدت أسقط في الماء، وكان قلبي يخفق بشدة! ولم أجرؤ على المحاولة بعدها أبدًا"
وصفها جعل ليو رشي وتشن يوان يوان تنفجران ضحكًا
غطت ليو رشي فمها، وعيناها المشرقتان انحنتا من شدة الضحك
ضحكت تشن يوان يوان بدلال وهي تهز رأسها برفق
ارتسمت على شفتيها ابتسامة عذبة لا يمكن إخفاؤها، وعيناها الصافيتان كالبركة تلمعان بالمرح
لكن الإمبراطورة تشو لم تضحك
جلست بهدوء، وأصابعها تداعب كم ردائها، ونظرتها شاردة قليلًا
منذ أن تزوجت ودخلت القصر وأصبحت إمبراطورة، مرت عشرة أعوام كاملة دون أن تعود إلى جيانغنان
تلك الأرض المائية، وتلك الأزقة المرصوفة بالحجر الأزرق، وصفوف الصفصاف المنحني على ضفاف النهر...
بقيت محفورة بعمق في ذاكرتها، لكنها لم تعد قادرة على لمسها
احمرّت عينا الإمبراطورة تشو قليلًا، وزفرت تنهيدة عميقة
ثم خفضت رأسها وربّتت برفق بمنديل حريري على زاوية عينها، لتخفي دموعًا تكاد لا تُرى
لاحظت لي شيانغجون تغير مزاج الإمبراطورة وسألتها بلطف:
"مولاتي، هل... هل قلت شيئًا أزعجك؟"
هزّت الإمبراطورة رأسها وقالت بصوت خافت: "لا، إنما... قليل من الحنين للوطن"
توقفت لي شيانغجون لحظة، ثم قررت أن تواسي الإمبراطورة بحركة بسيطة منها
أخفضت رأسها وأخرجت صندوقًا صغيرًا فخمًا من صدرها، ودفعته برفق نحو الإمبراطورة تشو:
"هذا علبة من أحمر الخدود، تعبت كثيرًا للحصول عليها في جيانغنان، وهي ممتازة للغاية"
كان الصندوق بسيط المظهر لكنه أنيق، محفور عليه نقوش دقيقة، وحوافه مرصعة بجواهر صغيرة لامعة
رأت الإمبراطورة تشو إصرار لي شيانغجون وإخلاصها
ذلك الصدق جعلها لا ترغب في الرفض، فتسلمت الصندوق الفاخر
رغم أنها ما زالت تشك في جودة أحمر الخدود في قلبها، لكنها لم ترد إحباط حماس لي شيانغجون
أومأت قائلة: "بما أن شيانغجون بهذه العناية، فلا يمكنني الرفض"
فتحت الصندوق برفق، فانتشرت منه رائحة زكية رقيقة
وكأنها تحمل سحر جيانغنان المائي الرقيق، منعشة ومبهجة
عقدت الإمبراطورة حاجبيها قليلًا، وما زالت غير مقتنعة تمامًا في قلبها
لكن حين لامست أصابعها البودرة الناعمة، لم تستطع إلا أن تأخذ قليلًا منها
وأمام المرآة البرونزية، لمست الإمبراطورة أحمر الخدود بأصبعها برفق
فانتشر اللون الوردي على بشرتها البيضاء فورًا، رقيقًا كحجاب خفيف يلامسها
وكأنه أنار وجهها في لحظة، فزادها إشراقًا وسحرًا
قالت ليو رشي بإعجاب: "هيئة أختنا الإمبراطورة تزداد وقارًا وجمالًا، هذه الأناقة والنبالة لا مثيل لهما"
أومأت تشن يوان يوان موافقة، مبتسمة: "بل وأصبح مكياجك أكثر طبيعية وانسيابية، مما يجعلك أكثر صفاءً"
صفقت لي شيانغجون وقالت: "مولاتي الإمبراطورة دائمًا أجمل امرأة في القصر"
سمعت الإمبراطورة تشو المديح، وارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيها
انتقلت نظرتها من المرآة إلى انعكاسها؛ ملامحها كلوحة فنية، وطباعها رقيقة كالماء
ملامحها كانت بالفعل متقنة، ومع لمسة خفيفة من أحمر الخدود
ازدادت هيبتها ووقارها، لتكمل روعة قصر كونينغ
خارج الباب، دوّى صوت الخصي الحاد، طويلًا وحاد النبرة: "جلالته وصل!"
انتشر الصوت عبر الممر الطويل، ليصل مباشرة إلى القاعة، حاملاً معه هيبة وإلحاحًا لا يُخطئان
فوجئت المحظيات في القاعة
وقفت ليو رشي ولي شيانغجون وغيرهن على عجل، يعدلن ملابسهن بسرعة
أكمام تشن يوان يوان لامست بالخطأ طرف الطاولة القريبة
فتمايل المزهرية اليشمية الموضوعة عليها، وكادت أن تسقط
قفز قلب الإمبراطورة تشو في مكانه؛ فقد كانت هدية من تشونغ تشين
ولو تحطمت وأغضبت ملامح التنين، ستكون العواقب وخيمة...
سارعت لي شيانغجون بترتيب شعرها، مطرقة رأسها قليلًا، وعيناها فيهما ارتباك
أسرعت الخادمات لتنظيف قشور بذور البطيخ المتناثرة على الطاولة، وجرفن الحطام على الأرض بسرعة
حتى هواء القاعة بدا وكأنه تجمّد بفعل حركتهن السريعة
كان مكياج الإمبراطورة تشو لم يكتمل بعد، وملامحها ما زالت تحمل مسحة من النعومة غير المكتملة
أطراف أصابعها تلامس أحمر الخدود الذي لم يوضع بعد، وقلقها بادٍ في ملامحها
اشتدت مشاعر القلق في داخلها
كانت ترغب غريزيًا في الوقوف لتحية تشو يو جيان، لكنها خشيت أن يكون من قلة الاحترام أن تقابله بمكياج ناقص
أخذت نفسًا عميقًا، تحاول إجبار نفسها على الهدوء—
لكن، لسبب ما، ازداد قلقها لدرجة شعرت معها أنها على وشك أن تفقد السيطرة على مشاعرها
وبينما كانت أفكارها متشابكة كخيط فوضوي
دخل تشو يو جيان عبر المدخل الرئيسي للقصر
رفعت الإمبراطورة تشو عينيها، وفجأة، شعرت وكأن قلبها توقف عن النبض لحظة
وقعت نظرة تشو يو جيان عليها، وكأن العالم كله قد سكن؛ تلاشت الأصوات والمناظر
ولم يبقَ في عينيه سوى صورة الإمبراطورة تشو وهي تزداد وضوحًا
اتسعت عيناه قليلًا، واضح أنه انبهر بجمالها
مكياجها غير المكتمل كان يحمل جاذبية خاصة؛ ورغم أن أحمر الخدود لم يكتمل تلوينه بعد
إلا أن وقارها وأناقتها كانا كافيين ليكملا هيئتها تمامًا
ظل تشو يو جيان مشدوهًا لبعض الوقت حتى أعادته سُعلة خافتة من لي شيانغجون إلى وعيه
اتضح أن زوجاته كلهن في قصر كونينغ؛ فرصة جيدة لأن يمنحهن جميعًا عنايته...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
شاركنا رأيك واقتراحاتك في التعليقات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ