🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿
📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة
🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سُحب لي زيشينغ إلى الزنزانة ويداه موثوقتان بإحكام، وجثا على الأرض
كان جسده مغطى بالكدمات والجروح، ووجهه ملطخًا بالدماء
وعيناه اللتان كانتا حازمتين فيما مضى، امتلأتا الآن بالألم والمهانة
كان لي زيشينغ يعلم أنه عاجز عن المقاومة، فتكور في زاوية، ينتظر بصمت حكم تشونغتشنغ
ومن كان يظن أن حلمه سيتحقق بدقة كهذه!
وفي الوقت نفسه، على ساحة المعركة خارج المدينة، تلاشى آخر أثر للمقاومة من جيش المتمردين
ذلك الجيش المسلح بأسلحة باردة لم يكن ليصمد أمام هجوم المدافعين عن المدينة المزودين بالرشاشات
أمطرت الرصاصات عليهم، فمزقت الأجساد بسرعة، وانتشر في الجو عبق الدماء
وفي غضون دقائق معدودة، أُبيد جيش المتمردين تقريبًا بالكامل، دون حتى فرصة للمقاومة
وعندما دخل شي كفا بوابات مدينة لويانغ، لفت انتباهه المشهد أمامه
الأرض مغطاة بالدماء، والجثث متناثرة، وكأن الهواء نفسه مشبع برائحة الموت
توقف لحظة، وقشعريرة تسري في جسده
تساءل إن كان قد وصل متأخرًا وأن المدينة قد سقطت بالفعل
لكن حين نظر إلى سور المدينة، رأى رايتها ما زالت ترفرف
وكان الناس يتجولون في الشوارع بهدوء، يتحدثون مع بعضهم، غير متأثرين بالحرب
ارتج قلب شي كفا؛ هل يمكن أن المدافعين وحدهم هم من انتصروا؟
أسرع نحو أحد الحراس، وأمسك بكمه قائلًا بلهفة: ماذا حدث؟
انتفخ صدر الحارس بفخر وقال: سيدي، لقد صمدت لويانغ!
جيش المتمردين المتبقي أُبيد على أيدينا، وحتى لي زيشينغ أُلقِي به في السجن!
أخذ شي كفا نفسًا عميقًا، ولمعت في عينيه مشاعر معقدة
تنهد قائلًا: جيش المتمردين في خنان، الذي أرهق البلاط الإمبراطوري لسنوات، يلقى نهاية سخيفة كهذه، يُباد بالكامل على يد أقل من ثلاثين جنديًا…
وبينما كان يستعد لإبلاغ تشونغتشنغ بهذا "الخبر السار"
اقترب شخص يرتدي ثيابًا فاخرة بخطوات ثابتة ووجه مملوء بالاحترام
وعندما تعرف شي كفا على هوية الرجل، أصيب بدهشة طفيفة
ثم انحنى الرجل وقال: يا لورد شي، الأمير فو ينتظرك في مقره منذ وقت طويل، تفضل من هنا!
لم يكن أمام شي كفا سوى أن يتبع الرجل إلى مقر الأمير فو
كان قد سمع كثيرًا عن فخامة مقر الأمير فو، لكن رؤيته بعينيه جعلت قلبه يرتجف لا إراديًا
كانت الفخامة تفوق كل تصوراته
مبانٍ شبيهة بالقصور، أعمدة منقوشة وأسقف مزخرفة، وزينة فاخرة… في كل مكان يعلو عبق الترف
لقد زار المقر من قبل، لكنه لم يكن بهذا البذخ في ذلك الوقت
أما الآن، فقد بدا أشبه بقصر مملكة صغيرة، يُظهر في كل زاوية منه ثراء وقوة أمير إقطاعي
دخلوا القاعة الرئيسية، حيث كان الأمير فو يجلس في صدر المائدة، وعدة وصيفات مشغولات بخدمته
كان مطأطئ الرأس يلتهم اللحم بشراهة، حركاته فظة وعاجلة
وكأنه آلة أكل، لا تتوقف أصوات البلع منه
كانت المائدة المليئة بالمأكولات تختفي بسرعة مذهلة
ووجهه مغطى بالدهون، يجعله يبدو كمسؤول متغطرس لا يسيطر على شهواته
والوُصيفات يقدمن الأطباق تباعًا، وهو غير مكترث، يواصل الأكل
ثم رفع رأسه فجأة حين لمح شي كفا واقفًا
توقف، ومسح فمه من الدهن، ثم ضحك: لقد وصل اللورد شي، اجلسوه سريعًا
انحنى شي كفا باحترام، وصوته ثابت لكن يخالطه شيء من البرود: أيها الأمير فو، ما حاجتك بي؟
لوح الأمير فو بيده، مشيرًا للوُصيفات أن يواصلن التقديم
ثم نظر إلى شي كفا بابتسامة ساخرة: كيف حال جلالته هذه الأيام؟
توقف شي كفا قليلًا، ثم أجاب: جلالته بخير، فلا تقلق يا أمير فو
ابتسم الأمير فو وأومأ، ثم سأل متفكرًا: هل البرد شديد في العاصمة؟ ألا يكون الطعام هناك أقل جودة من خنان؟
شعر شي كفا بالعجز، لكنه حافظ على نبرة الاحترام:
رغم برودة العاصمة، فالأمور مقبولة، أما الطعام، فلخنان نكهتها الخاصة بالفعل
كان يدرك في قرارة نفسه أن هذا الحديث مجرد ممازحة من الأمير فو، فلم يُطل الكلام
لكن فجأة، كسر شي كفا الهدوء قائلًا:
إن كان لقاء اليوم مجرد حديث عابر، فلدي أمور مهمة ولا أستطيع البقاء طويلًا
اختفت ابتسامة الأمير فو فجأة، ولمعت عيناه ببرود، واشتد صوته:
يا لورد شي، يبدو أنك أصبحت الآن من المقرَّبين لجلالته، وبدأت تنسى أصلك؟
لولا رعايتي، هل كنت لتصل إلى ما أنت عليه اليوم؟!
قبل يوم واحد، كان وكيل الأمير فو قد همس له بأخبار معركة لياودونغ
لم يكترث الأمير فو في البداية؛ فلياودونغ بعيدة، وحتى لو استمرت الحرب سنوات فلن تهدده
بل إنه ظن أنه حتى لو دخل التتار إلى الممر، فلن يتجاوزوا نهب شاندونغ مجددًا
كان يشعر بالاطمئنان، معتبرًا إقطاعيته غنية وآمنة بما يكفي
لكن الوكيل واصل حديثه: جلالته لا يملك قوات كافية، لذلك استدعى مئة ألف من أقاربه الإمبراطوريين إلى الجبهة. والنتيجة…
توقف لحظة، ونظراته تحمل بعض الاضطراب
رفع الأمير فو حاجبيه: وما النتيجة؟
تنفس الوكيل بعمق وقال همسًا: في النهاية، نجا أقل من ألف
عقد الأمير فو حاجبيه، وكأنه لا يصدق: مئة ألف من الأقارب الإمبراطوريين، ولم ينجُ سوى ألف؟
أومأ الوكيل، وملامحه معقدة
صمت الأمير فو، وملامحه ازدادت جدية
ارتجف جسده الممتلئ فجأة، ووضع وعاءه جانبًا: إذن… ماذا ينبغي فعله؟
ابتسم الوكيل وهو يمرر يده على لحيته: لما لا نمول لي زيشينغ؟
رفع الأمير فو رأسه فجأة، وعيناه تلمعان بالغضب: التمرد على البلاط الإمبراطوري! هل جننت؟
هز رأسه مرارًا، وملامحه معقدة
فابن السماء من أسرة تشو، وهو نفسه أمير من أسرة تشو، فلو تمرد حقًا، ألن يكون هذا تدميرًا لأساس العائلة؟
لكن الوكيل انتهز تردده وقال:
ألم تلاحظ؟ الإمبراطور وأنت لم تعودا شأنًا واحدًا للعائلة
لو كان تشونغتشنغ يعتبر الجميع عائلة، فلماذا يرسل هؤلاء الأقارب الإمبراطوريين إلى الجبهة ليموتوا؟
تجمد فكر الأمير فو، لكن كلمات الوكيل اخترقت قلبه
عقد حاجبيه وبدأ يتأمل
وبعد صمت طويل، قال ببطء: تعني أن البلاط قد خاننا منذ زمن؟
أومأ الوكيل: بالضبط
اضطرب قلب الأمير فو، لكنه قرر أخيرًا: حسنًا، خمسون ألف تايل فضة سأمنحها للي زيشينغ
تفاجأ الوكيل قليلًا وقال بسرعة: هذا المبلغ لا يكفي، على الأقل خمسمئة ألف!
قطب الأمير فو حاجبيه: خمسون ألفًا تكفي، ومنحها لهؤلاء العامة كثير عليهم أصلًا! خمسمئة ألف، ألن يكون ذلك ترفًا لهم؟
لمعت في عين الوكيل مسحة قلق: خمسمئة ألف تايل بالكاد تكفي ليتمكن لي زيشينغ من تثبيت أقدامه، أما هذا المبلغ الصغير فلن يغير شيئًا!
هز الأمير فو رأسه بلهجة حاسمة: خمسمئة ألف تايل لهؤلاء المتمردين؟ بل أبني بها جيشي الخاص
أدرك الوكيل أن الأمير فو متعجرف بطبعه، ولما رآه يرفض إنفاق مبلغ كبير، غيّر الموضوع بسرعة:
إذن، لما لا نختبر الأمر أولًا؟ فأنت وهو قريبان بالدم، وقد لا يحاول قتلك حقًا
لمع التفكير في عيني الأمير فو: …إن حاول قتلي فعلًا، فسوف يعلم العالم كله أنه لا يستحق أن يكون ابن السماء
ابتسم الوكيل بخفة: نعم، فإذا رآه الناس بارد القلب أنانيًا، فلن يتمكن من الحفاظ على عرشه أصلًا
ضاق الأمير فو بعينيه، وبدأ قلبه يميل
فبما أن "العائلة" لم تعد عائلة، فلم يعد هناك حاجة للتفكير في الولاء أو الخيانة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
شاركنا رأيك واقتراحاتك في التعليقات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ