🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿
📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة
🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
امتلأ قلب تشين ون سونغ بمشاعر مختلطة وهو راكع أمام دار الحكومة في تشوفو
نظر إلى الحشد الكثيف أمامه، وفهم أن ما يهتم به هؤلاء الناس لم يكن يومًا المذهب الكونفوشيوسي ولا التعليم الجديد، بل إن كانت بطونهم ستمتلئ أم لا
لكن ماذا عنه هو؟
لقد كان يومًا واحدًا منهم، ابنًا لأسرة فقيرة!
كم تعب وهو يجمع الأعشاب في الجبال، وكم عانت أمه من لدغات القطط البرية
في صغره، كانت أسرته فقيرة لدرجة أنهم لم يجدوا ما يأكلونه، وكان والداه يعتمدان على بيع الأعشاب لتمويل دراسته
كان والداه يصعدان الجبال بسلال صغيرة قبل الفجر كل يوم
كانت الطرق الجبلية شديدة الانحدار، كالسير على شفرات السكاكين، وزلة واحدة قد ترسلهم إلى الهاوية
— ذات مرة انزلقت أمه على منحدر وهي تحاول قطف "لوتس ذي سبع أوراق"، فسقطت وأصيب جسدها بجروح متعددة
— وكان الأخطر وجود النمور والذئاب البرية والأفاعي السامة التي تتربص في الغابات
— كما أن ساق أمه تعرضت يومًا لعضة شديدة من قطة برية، فتمزق لحمها وانكشفت العظام، ولولا إنقاذها في الوقت المناسب لكانت فريسة للحيوانات المفترسة!
في كل مرة يرى فيها جروح والديه القديمة، كان قلبه ينقبض ألمًا
لقد عملا طوال حياتهما ووضعا كل آمالهما فيه، متمنيين أن يدرس ويتجاوز امتحانات الإمبراطورية ليترك حياة الفلاحين ويرفع رأس العائلة
لم يجرؤ على النسيان، ولم يستطع النسيان
"يجب أن أنجح، لا يمكنني خذلان آمالهما!"
لكن الآن، مرسوم إمبراطوري جعله يشعر أن كل جهوده ذهبت سدى!
لقد درس بجد لأكثر من عشر سنوات حتى أنهك بصره، وتمكن أخيرًا من دخول المجتمع الراقي والتلذذ بمكانة الطبقة المتعلمة
لكن مع ظهور التعليم الجديد، أصبحت مقالات الأرجل الثمانية عديمة الفائدة، وتحول التركيز إلى الحساب والفيزياء والكيمياء!
— كتاب "الوثائق" الذي حفظه بصعوبة لم يعد يدخل في الامتحانات!
— مقالات الأرجل الثمانية التي أمضى عشر سنوات في دراستها أُلغيت من امتحانات الإمبراطورية!
— وأبياته المزدوجة التي كان يفتخر بها صارت موضع سخرية حتى من الفلاحين البسطاء!
بل وأكثر—
اكتشف أنه أمام التعليم الجديد، أصبح أقل مستوى حتى من طفل فلاح!
بعد تطبيق التعليم الجديد، قرأ كتاب الحساب فيه، وارتجفت أصابعه في ذلك الوقت!
في السابق، كان عليه أن يعض قلمه ويفكر طويلًا في مسألة حسابية بسيطة
مثلًا:
"ذهب شخص إلى السوق لشراء قماش. ثلاثة أقدام من الحرير الأبيض تكلف مئتي قطعة نقدية، وخمسة أقدام من الحرير الأزرق تكلف أربعمئة، وسبعة أقدام من الساتان الأحمر تكلف ستمئة. كم يحتاج من النقود لشراء اثني عشر قدمًا من الحرير الأبيض، وعشرين قدمًا من الأزرق، وخمسة أقدام من الأحمر؟"
طريقة الحساب القديمة كانت:
— حساب سعر القدم الواحدة لكل نوع، ثم كتابة عملية الحساب في نص طويل معقد
لكن في كتاب التعليم الجديد، بُسِّط الأمر مباشرة إلى معادلة!
12 × (200 ÷ 3) + 20 × (400 ÷ 5) + 5 × (600 ÷ 7) = س
معادلة واحدة فقط تكفي لفهم الحل فورًا!
أي حساب شيطاني هذا؟!
ذلك اليوم، وبعد تصفح الكتاب، بردت يداه، وأدرك أن عشر سنوات من دراسته قد لا تضاهي أشهرًا قليلة لطفل يدرس التعليم الجديد!
لكن ماذا يمكنه أن يفعل؟ لقد سار في الطريق حتى نهايته!
لا مجال للتراجع!
والداه قد كبرا، وأمل العائلة كله معقود عليه
إن تخلّى الآن عن الكونفوشيوسية وبدأ دراسة التعليم الجديد، هل يمكنه مجاراة الشباب فيه؟
لا!
لذلك لم يبق أمامه سوى التمسك بالكونفوشيوسية كطوق نجاة، ومقاومة السياسات الجديدة، ومنع التعليم الجديد من إزاحتها تمامًا
لم يفعل ذلك من أجل عائلة كونفوشيوس، ولا من أجل أهل العالم، بل من أجل نفسه فقط!
حين فكر في ذلك، احمرت عيناه قليلًا، لكنه لم يجرؤ على البكاء
كان عليه أن يكون قويًا، وأن يظل ثابتًا!
قبض على قبضتيه وهمّ برفع المعنويات…
"آآآه—"
فجأة، انطلق من فمه تجشؤ كامل!
تجمد الجو فجأة
تجمد الحاضرون حين سمعوا الصوت
"…؟"
"ماذا؟"
همس أحدهم في الحشد:
"ألم يكن مضربًا عن الطعام؟"
"لماذا يتجشأ إذًا؟"
تبادل الناس النظرات، والشك يرتسم على وجوههم
تغيرت وجوه العلماء الكونفوشيوسيين خلفه، وسارعوا للتدخل
قال أحدهم بصوت عال:
"أيها الناس، لقد أسأتم الفهم!"
"كان تشين ون سونغ شديد الجوع لتوه، فاندفع الدم والهواء في جسده، ولهذا حصل هذا التفاعل الجسدي"
"هذا يُسمى اندفاع الطاقة إلى الدانتيان، وليس تجشؤًا!"
ظل الناس ينظرون لبعضهم، لكنهم شعروا أن هناك شيئًا غير منطقي
قال أحدهم وهو يعبس:
"لكني لم أتجشأ قط حين شعرت بالجوع!"
ولإعادة السيطرة على الموقف، اعتدل تشين ون سونغ وقال بثبات:
"يجب أن نتحد وألا ننخدع بأكاذيب الإمبراطور!"
"لقد درسنا عشر سنوات بجد، والآن نتعرض للتخلي بلا رحمة!"
"التعليم الجديد لا يسلب العلماء كرامتهم فقط، بل يحاول إفساد الناس، بجعلكم حرفيين، والسماح للنساء بالتعلم، وتمكين التجار من أن يصبحوا موظفين!"
"هذا نذير خراب الأمة، وبداية الفوضى العظمى!"
"لذلك يجب أن نقف هنا طلبًا للعدل لأهل العالم ولعلماء العالم!"
"فلنتحد—"
"من أجل الوطن! من أجل الشعب! من أجل حفظ السلالة الأصيلة!"
"سنقاتل حتى النهاية!"
ثم مسح الحشد بنظرات ملتهبة، منتظرًا الرد
لكن…
ساد الصمت، ثم قال فلاح بصوت عال:
"لكنني لا أملك سوى ثلاث فدادين. التعليم الجديد يقول إن ابني يمكنه تعلم الحساب والنجارة، وبعد سنوات يكسب المال. أين الضرر في ذلك؟"
"وابنتي يمكنها أن تقرأ وتكتب، ولا تبقى مطرزة طوال اليوم. هذا أمر جيد!"
"…"
"…"
أمام هذه الأسئلة، تقدم تشين ون سونغ بخطوة، وبملامح الناصح الهادئ قال:
"ألم تنسوا؟"
"العلماء والفلاحون والحرفيون والتجار، لكل دوره؛ هذا ما حفظ استقرار العالم لآلاف السنين!"
"العلماء يدرسون لحكم البلاد، الفلاحون يزرعون لإطعام الناس، الحرفيون مجرد عمال وضيعين، والتجار أكثرهم يسعى وراء الربح!"
"إن جعلت ولدك نجارًا، ألا تخشى أن يصبح وضيعًا؟"
ثم هز رأسه بأسف:
"الفلاحة رغم صعوبتها، توفر الطعام المستقر"
"أما النجارة، فهي صناعة الأثاث للآخرين، ورغم أنها تدر بعض المال، إلا أن مكانتها أقل من الفلاحة!"
"من الأفضل أن يظل ابنك فلاحًا، ولا تدع التعليم الجديد يخدعك!"
"الفلاحة أساس الحياة!"
"لا تتسرعوا وتتعلموا النجارة ثم تندموا!"
كان يظن أن كلامه سيقنع الناس
لكن ما إن انتهى، حتى رفع الفلاح نفسه كمّه وسأله:
"يا عالم، دعنا نتحدث بصراحة"
"كم تكسب من الفلاحة في السنة؟"
ثم رفع خمس أصابع:
"على مدار السنة، تحت الشمس والمطر، بلا ضمان ضد الجفاف أو الفيضان، حتى في أفضل الحصاد، لا تتجاوز خمسة تيلات فضة!"
"لكن ابن عمي تعلم النجارة، ويبيع طاولة وكراسي بثلاث إلى خمس تيلات، ويكسب عشرة تيلات في الشهر، وأكثر من مئة في السنة!"
"النجارة تشبعك وتجعلك توفر لشراء طعام، فلم لا؟!"
بمجرد أن قال ذلك، تعالت همهمة الناس:
"صحيح، الحرفيون يكسبون أكثر من الفلاحين!"
"في الماضي لم يكن أمامنا سوى الفلاحة، لكن الآن يمكننا أن نتعلم التعليم الجديد ونصبح حرفيين، من سيبقى فلاحًا؟"
"الشيوخ يقولون إن الحرفيين وضيعون، لكن من يريد الفقر طول عمره؟"
وبدأت عيون الناس تميل نحو المصلحة المباشرة؛ فالمعدة قبل كل شيء!
رأى تشين ون سونغ الموقف يزداد سوءًا، فتصبب عرقًا وقال بصوت عال:
"وماذا لو لم تتمكنوا من شراء الحبوب يومًا ما؟!"
"لا تنسوا أسعار الحبوب في سنوات القحط!"
"تسع سنوات من أصل عشر جافة، والفيضانات كثيرة. في سنوات القحط، قد ترتفع الأسعار عشرة أضعاف أو مئة ضعف! وقتها، ماذا ستفيدكم النقود؟!"
"بلا أرض، بلا حبوب، ألا تموت عائلاتكم جوعًا؟"
ضرب الأرض بيده، وعيناه حادتان وهو يمسح الحاضرين:
"لا تنخدعوا بالمكاسب الصغيرة المؤقتة!"
"الحساب والحرف في التعليم الجديد لجعلكم تتركون أرضكم وتعملون في مصانع الدولة!"
"وحين لا يبقى لكم أرض، والحبوب في يد الحكومة، ماذا ستقولون حينها؟"
كان صوته قويًا مقنعًا، فارتبكت وجوه كثيرين، وخفضوا رؤوسهم لحظة في صمت!
وفجأة، جاء صوت طفل رقيق من وسط الحشد:
"قال معلمي… في سنوات القحط، ستستخدم الدولة مخازن الحبوب لتنظيم الأسعار والحفاظ على استقرارها!"
تفاجأ الناس، والتفتوا، فإذا بصبي صغير في سترة قطنية زرقاء يقف بينهم، عيناه ثابتتان، ووجهه الصغير جاد
"قال معلمي إن أسعار الحبوب تتحكم فيها الحكومة، وليست بفعل الكوارث الطبيعية!"
"طالما أن مخازن الدولة ممتلئة، فلن ترتفع الأسعار بلا نظام!"
"لذلك، لا داعي لأن يخاف الناس من سنوات القحط!"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
شاركنا رأيك واقتراحاتك في التعليقات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ