🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿
📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان البستان الخلفي لا يزال واحة للهو والانحلال
تعزف فيه موسيقى الأوتار والقصب، والجوارِ يتدللن حول كونغ ين تشي، يهمسن ويتشاكين بدلال
عيونهن ساحرة، وأجسادهن تتمايل، وكل حين يشدّدن على كم سيدهن برفق، بأصوات رقيقة متوسلة:
"سيدي، سمعنا للتو ضجيجًا في الخارج..."
"يبدو أن الأرض تهتز أيضًا..."
"هل حدث شيء ما؟"
لكن في تلك اللحظة، كيف لكونغ ين تشي أن يهتم بما يجري في الخارج؟
كان يرمق الحسناوات أمامه بابتسامة ماجنة، كل فكره منصب على كيف يلهو، غير آبه بالاهتزازات
أغمض عينيه نصف إغماضة، وراح بكفه الدهنية يتحسس معصم المرأة في حضنه، وهو يضحك بتكاسل:
"ههه، أيتها الثعلبات الصغيرات، كيف تعلمتن خداعي الآن؟"
"تحاولن تشتيت انتباهي؟"
"دعوني أخبركن، الأمر لا ينفع!"
"نشاط سيدكن أقوى مما تتخيلن!"
وبعد كلامه، لم ينس أن يجذب أقرب جارية من خصرها، فتورّد وجهها، وتراجعت بخجل
فتصنعن الغضب وقلن له:
"سيدي شقي! نحن جادّات!"
"هناك أمر يحدث فعلًا!"
لكن كونغ ين تشي انفجر ضاحكًا بلا مبالاة، وأكمل ارتشاف شايه العطر، غارقًا في لذته، وكأن ما يحدث خارجًا لا يعنيه
وفجأة، عند مدخل البستان الخلفي، هرع عدد من الخدم فزعين، وجوههم شاحبة، وعرق بارد يغطي جباههم!
اندفع أحدهم لاهثًا إلى داخل الجناح، وخرّ راكعًا، وصاح برعب:
"سيدي! الأمر خطير!!"
"الإمبراطور جلب الـ'ثيران الحديدية' ويذبح في طريقه إلى هنا!!"
تجهم وجه كونغ ين تشي على الفور، وقطب حاجبيه، ونظر بازدراء إلى الخادم:
"ماذا؟"
"ثيران حديدية؟ ما هذا الهراء؟"
والتفت غريزيًا نحو جواريه وكأنه ينتظر تفسيرًا منهن
لكنهن أيضًا كن في حيرة، وقالت إحداهن بحذر:
"سيدي... هل دخل حيوان من بيت آخر إلى قصر كونفوشيوس؟"
شمخ كونغ ين تشي بأنفه، وازدادت نبرته ضيقًا:
"همف! مجرد ثور، ما الذي يدعو للذعر!"
لكن وجوه الخدم كانت بيضاء كالورق، وشفاههم ترتجف، وأصواتهم تهتز:
"سيدي... ليس ثورًا!"
"إنه دبابة!!"
"ذلك الوحش الضخم المصنوع من صفائح الحديد!!"
"يبصق النار، ويهدم الجدران، ويسحق الحجارة، ولا يُقهر!!"
حينها فقط أدرك كونغ ين تشي أن الأمر ليس عاديًا، واتسعت عيناه في ذهول:
"ماذا؟"
"أتقول إن أسرة مينغ تملك الآن شيئًا بهذا الحجم؟"
"ويبصق النار، ويهدم الجدران؟!"
"أحقًا هذا أم باطل؟"
لكن قبل أن يستزيد، صرخ الخادم في عجلة:
"سيدي، جدار قصر كونفوشيوس قد هُدم بالفعل!!"
"تلك الثيران الحديدية... لا، تلك الدبابات، قد سحقت طريقها حتى القاعة الرئيسية!!"
"بانغ—!"
ضرب كونغ ين تشي كفه على الطاولة الحجرية، فتحول وجهه فجأة إلى الشحوب، وعيناه تقدحان شررًا!
"يا للعار!!"
"هذا القصر كلفني عشرات الآلاف من التيلات من الفضة!"
"استغرق بناؤه عشر سنوات كاملة، وحتى النقوش على العوارض استدعيت لها أمهر الحرفيين من جيانغنان!"
"كم من العلماء اعتبروه مكانًا مقدسًا في قلوبهم؟"
"واليوم... سيتحول إلى أنقاض على يد مجموعة من الوحوش الحديدية؟!"
عضّ كونغ ين تشي على أسنانه ألمًا، وارتجفت ملامحه من شدة الغضب
أما الجواري، فقد تغيرت وجوههن، وانكمشن متشبثات بثوبه، يسألنه برعب:
"سيدي، ماذا... ماذا سنفعل؟"
"هل سيدخل الإمبراطور حقًا؟"
"هل سنموت هنا؟!"
"سيدي، فكّر بسرعة بحل!"
كانت عيونهن دامعة، وأصواتهن ناعمة مرتجفة، يبدين في غاية المسكنة
لكن كونغ ين تشي لم يُظهر أي شعور بالأزمة، بل راح يربت على أيديهن مطمئنًا:
"لا تقلقن، لا تقلقن"
"لقد أمرت القيّم بإحضار ألواح العفو من الموت"
"على مر التاريخ، كانت عائلة كونفوشيوس دائمًا تملك ألواح العفو من الموت!"
"أنتم، حتى لو أردتن الموت، فلن تستطعن"
وأثناء كلامه، مد يده عامدًا ليداعب كف إحدى الجواري، وابتسامة الغرور على وجهه، وكأن الأمر كله تحت سيطرته
حين سمعته الجواري، هدأ رعبهن قليلًا، وعدن للدلال:
"سيدي هو الأفضل!"
"كنا نعلم أن سيدنا سيحمي الجميع!"
"وعندما ينتهي هذا، يجب أن تعوضنا يا سيدي..."
"بالطبع، سيدنا أحنّ الناس علينا!"
ابتسمن وهن يتكئن عليه من جديد، وكأنهن صدّقن فعلًا أن هذه الشهادة الحديدية ستنقذ حياتهن
لكن الخادم الواقف جانبًا لم يستطع إلا أن يسخر في نفسه:
"في وقت كهذا، ما زال يلهو مع النساء؟"
"الإمبراطور وصل بالدبابات إلى القاعة الرئيسية، وهو ما زال يمسك بأيدي الجواري؟"
"إنه يعيش حياة أمتع من الإمبراطور نفسه!"
وما أن ذُكر، حتى جاء!
فبينما كان كونغ ين تشي غارقًا في لذته، يعانق جواريه ويطمئنهن بـ"لا تقلقن، لدينا ألواح العفو"، إذا بخطوات مسرعة تدوي في الممر الطويل!
"سيدي، ألواح العفو من الموت وُجدت!!"
اندفع القيّم، غارقًا في العرق، إلى البستان الخلفي، وهو يحمل كومة ثقيلة من تلك الشهادات الحديدية، وجهه محمر، يكاد يلهث من الركض!
"هوو—"
توقف أمام الجناح، يتصبب عرقًا، وقد بدا أنه ركض بلا توقف خوفًا من أن يصل متأخرًا فيُباد آل كونفوشيوس!
وقبل أن يثبت قدميه، رفع الألواح بكلتا يديه، وصوته يلهث من الحماسة:
"سيدي، كلها هنا!"
وعند رؤيتها، أشرق وجه كونغ ين تشي، وتحرر من أحضان الجواري، وخطف الألواح من يدي القيّم، ضاحكًا بفخر:
"هاهاهاها! جيد! ممتاز!"
"لقد أحسنت هذه المرة، أيها الفتى!"
"كما توقعت منك، لم تخذلني في لحظة حرجة!"
ابتسم القيّم سرورًا بهذا المديح
نظر كونغ ين تشي إلى كومة الألواح الثقيلة على الطاولة برضا، ومد يده يتحسس ملمسها المعدني البارد، فزاد اطمئنانه وثقته!
التفت إلى جواريه مزهوًا، وهو يتحدث بنبرة الواثق:
"هيا! كل واحدة تأخذ واحدًا!"
وأخذ عدة ألواح من الطاولة، وناولها لهن باستهانة:
"مع هذا، حتى لو ذهبتم إلى قصر ملك الموت نفسه، فلن يجرؤ على مسّكم!"
تهللت وجوه الجواري، وأخذن الألواح وهن يضحكن بسعادة:
"آه، سيدنا رائع!"
"لقد تأثرت حتى البكاء..."
"حقًا، سيدنا هو الأكثر حنانًا!"
وأمسكت كل واحدة باللوح كأنه تعويذة حياة، وبعضهن قبّلنها مرارًا، بل إحداهن ضمّتها إلى صدرها تداعبها برفق
لكن القيّم، الواقف على الجانب، كان ينظر إلى كونغ ين تشي مترقبًا، مفكرًا:
"لقد أعطى الجواري، فبالتأكيد سيعطيني واحدًا بعد قليل، أليس كذلك؟"
فهو خادم قديم للعائلة، قضى سنوات في خدمتها بوفاء، وأتعب نفسه في سبيلها، والآن وهي ساعة الخطر، لن ينساني سيدنا، أليس كذلك؟
لكن...
انتظر طويلًا، ولم يلتفت كونغ ين تشي إليه، بل ظل يبتسم للجواري وحدهن!
ورأى القيّم نصف الألواح قد وُزعت، ولم يصله شيء، فهبط قلبه على الفور
"أنا... لست حتى بمستوى جارية من يانغتشو؟"
"أنا خادم آل كونفوشيوس، وهؤلاء نساء من خارج البيت، لكن سيدنا متحيز لهن بشدة!"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
شاركنا رأيك واقتراحاتك في التعليقات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ