🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿
📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة
🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تحت جنح الليل، كان الميناء الياباني مضاءً ببعض مصابيح الزيت الخافتة. السفن راسية، والبضائع مكدسة كالجبال
وقف التاجر الإسباني أنطونيو على سطح السفينة، وعيناه تفحصان بريبة مجموعة الساموراي اليابانيين على الرصيف المقابل
كانوا يرتدون الكيمونو التقليدي والدروع، وبأحزمة تحمل سيوف الساموراي
كانت على وجوههم نظرة كئيبة، وهم يراقبون أتباع تشنغ تشيلونغ وهم ينقلون البضائع إلى السفينة التجارية الإسبانية
كان الجانب الياباني يضم عددًا أكبر بكثير من الرجال
ولو وقع أمر ما، فقد ينتهي بهم الحال في موقف غير مريح
لكن ما لم يستطع فهمه هو لماذا لم يتحرك اليابانيون
كانوا يكتفون بالوقوف هناك بعيون شرسة، لكنهم لم يخطوا خطوة واحدة لإيقافهم!
هل يمكن أن يكون قتل شخص واحد قد أثّر لهذا الحد؟!
"السيد تشنغ"، سأل أنطونيو بحذر، وهو يخفض صوته، "لماذا لا يتحرك هؤلاء الساموراي اليابانيون؟ لديهم عدد أكبر بكثير منا…"
عند سماع هذا، انفجر تشنغ تشيلونغ ضاحكًا، وكتفاه يهتزان من شدة الضحك
ربت على كتف أنطونيو بقوة كادت أن تجعله يترنح
"أنطونيو، ما زلت لا تفهم طبيعة هؤلاء اليابانيين!"
وأشار إلى الساموراي القريبين، وضيّق عينيه بابتسامة ماكرة على شفتيه
"اضربهم حتى يخضعوا، اضربهم حتى ينادوك بأبي!"
"إنهم لا يجرؤون على التحرك، ولثلاثة أسباب رئيسية!"
رفع تشنغ تشيلونغ ثلاثة أصابع، مشيرًا وهو يتحدث، ووجهه مليء بالزهو
"أولًا، لقد حاربتهم في الحروب!"
"في السابق، في البحر، خاض جيش عائلة تشنغ عدة معارك مع هؤلاء اليابانيين، فما كانت النتيجة؟ حشرناهم في الماء وضربناهم حتى ازرقّوا!"
"رغم أنهم كانوا أكثر عددًا منا على البر، وتكبدنا بعض الخسائر، فما المشكلة؟"
سخر، ثم التفت لينظر إلى التاجر الإسباني، وفي عينيه لمعة من السخرية والاستهزاء
"ثانيًا، معظم هؤلاء اليابانيين أُحرقوا حتى تحولوا إلى رماد بنار سماوية!"
وبعد أن أنهى كلامه، نظر إلى أنقاض البلدة القريبة وأردف:
"ألا تعلم؟
لقد تم قصف إيدو (طوكيو) مرات عديدة، وكيوتو وناجويا تحولت كلها إلى أرض محروقة!"
"ومن الصعب القول إن كان توكوغاوا إيميتسو حيًا أو ميتًا الآن؛ فاليابان بأكملها على وشك الانهيار!"
وبينما كان يتحدث، رفع فجأة سيفه المياو داو مشيرًا به نحو الساموراي اليابانيين على الرصيف، وعلى شفتيه ابتسامة ساخرة باردة
"ثالثًا، هم الآن مجرد كلاب عاجزة بعد أن كُسرت أنيابها!"
ترددت كلماته في أرجاء الميناء. وانفجر أتباعه في الضحك، وبعضهم بدأ يقلد نباح الكلاب ويلوح بسخرية نحو الساموراي
حفظ التاجر الإسباني هذه الكلمات في ذهنه بصمت…
ضيّق أنطونيو عينيه، متنقلًا بنظره بين اليابانيين وتشنغ تشيلونغ، غارقًا في التفكير
رغم أن اليابان لم تكن بضاعة رائجة، إلا أن موقعها الجغرافي ممتاز!
فلو تمكنوا من اتخاذ هذا المكان كنقطة انطلاق للتوسع في جنوب شرق آسيا، فإن التجارة مع الإمبراطورية العظمى مينغ ستكون فرصة ذهبية!
العائق الوحيد هو هذه المجموعة من اليابانيين
لكن الآن، يبدو أنهم ليسوا سوى كلاب شاردة بائسة احترقت حديثًا بالنار!
كان تشنغ تشيلونغ محقًا؛ اضربهم حتى يخضعوا، اضربهم حتى ينادوك بأبي، وسيطأطئون رؤوسهم خاضعين!
ومع هذه الفكرة، ازدادت حدة نظرة أنطونيو، وارتسمت على شفتيه ابتسامة طفيفة
"ربما يمكن لأسطولنا الإسباني أن يحتل اليابان أولًا…"
قرر أن يرفع تقريرًا إلى الملك في أقرب وقت، يحث الجيش الإسباني على إرسال قوات
لاحتلال اليابان بالكامل وتحويلها إلى مستعمرة إسبانية!
كانت سفن الغاليون الإسبانية راسية بهدوء في الميناء
وعلى سطح السفينة، كان البحارة ينقلون صناديق البضائع إلى السفينة بنظام
كانت الصناديق مصنوعة من خشب الأرز المقوى، وعليها ختم تجار الإمبراطورية مينغ
كانت مليئة بالحرير الفاخر، والخزف الأزرق والأبيض، والتوابل، والشاي، وكلها من الكماليات التي يتوق إليها نبلاء أوروبا
ومع تحميل كل صندوق على السفينة، كانت ابتسامة أنطونيو تتسع أكثر، حتى امتلأت عنابر الشحن بالكامل، حينها فقط أومأ برضا
تقدم تشنغ تشيلونغ مبتسمًا، ومد يده اليمنى وراحة كفه للأعلى، مشيرًا إلى أنطونيو
"سررت بالتعامل معك!"
"سررت بالتعامل معك!" رد أنطونيو بابتسامة مماثلة، وهو يصافحه
لكن ما إن التقت راحتاهما، حتى دس أنطونيو سرًا فولًا ذهبيًا في يد تشنغ تشيلونغ
"هل هذه عادتكم في مملكة التنين؟" غمز أنطونيو وهمس
لقد سمع من السكان المحليين أن الصينيين حين يصافحون، إذا كانوا راضين عن شريكهم التجاري، فإنهم يخفون فولًا ذهبيًا في يد الآخر. وكان هذا "فألًا حسنًا" يرمز لتعاون سعيد وثروة وفيرة
وكان أنطونيو حذرًا دائمًا. فبعد سنوات من العمل التجاري في الإمبراطورية مينغ، كان يعرف أنه لا يمكن إهمال هذه التفاصيل في التجارة
لكن ما لم يكن يتخيله أبدًا هو أن هذه "العادة الصينية" المزعومة كانت من اختراع أتباع تشنغ تشيلونغ أنفسهم
فكلما تعامل مع الأجانب، كان يجد طرقًا مبتكرة "لانتزاع" أموالهم، حتى يختلق عادات مزيفة ليجعلهم يدفعون عن طيب خاطر
ابتسم تشنغ تشيلونغ، وأخرج منديلًا حريريًا أبيض نظيفًا من جيبه
ومسح راحة يده ببطء، وكأنه يزيل عنها أوساخًا
كانت حركاته هادئة، لكنها تحمل ازدراءً واشمئزازًا واضحين
فهو قد سمع أن الأوروبيين "يعيشون حياة جامحة"، وفيهم الكثير من الأمراض المعدية
وكان المصافحة مقبولة، لكنه لم يرد أن يأخذ "الأشياء القذرة" معه
قطّب أنطونيو حاجبيه قليلًا، لكنه لم يجرؤ على قول شيء
فهو يعرف جيدًا أن هذا الرجل يسيطر على أكبر شبكة تجارية على طول الساحل الجنوبي الشرقي. وإذا أغضبه، فلن يجد تاجرًا آخر يمكنه تزويده بالحرير والخزف والشاي بشكل ثابت
التجار يقدمون الربح على كل شيء. لذا لم يكن أمام أنطونيو إلا أن يتظاهر بعدم الملاحظة، ويجبر نفسه على الابتسام، ويتصرف وكأن شيئًا لم يحدث، قبل أن يعود إلى مقصورته لحصر البضائع
وبمجرد أن غادر أنطونيو، عبر رجل نحيف يرتدي ملابس بسيطة الرصيف بسرعة، وهو يمسك بورقة بإحكام، وتوجه مسرعًا إلى جانب تشنغ تشيلونغ
خفض صوته وهمس ببضع كلمات في أذن تشنغ تشيلونغ
اختفت ابتسامة تشنغ تشيلونغ فجأة، وحل محلها وجه متجهم
وقف أنطونيو على سطح السفينة، ومن خلال فجوات الصاري، لمح تشنغ تشيلونغ وهو يتحدث مع تابعه بصوت منخفض، ووجوههم تصبح أكثر جدية، وكأنهم يناقشون "بضاعة" مهمة
"ربما يناقشون عملًا جديدًا"
هز أنطونيو كتفيه، ولم يعطِ الأمر مزيدًا من الاهتمام، ودخل المقصورة ليتفقد قائمة الشحن
في الوقت نفسه، على الرصيف، كانت نظرة تشنغ تشيلونغ باردة وهو يحدق في الكتابة المنمقة على الورقة، وابتسامة ساخرة ترتسم على شفتيه
وفي اللحظة التالية، قبض على الورقة بإحكام، وألقاها بعيدًا—
"بلوب!"
سقطت الرسالة في مياه البحر، وتلاشت الكلمات بسرعة بين الأمواج، حتى تحولت إلى بقعة داكنة وغرقت في أعماق الميناء
"إمبراطور الإمبراطورية مينغ يريد أن يجندني للاستسلام؟!"
"مستحيل!!"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
شاركنا رأيك واقتراحاتك في التعليقات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ