🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿

📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة

🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في وقت متأخر من الليل، كانت الرياح تحمل رائحة الأرض المحروقة واللحم البشري، تمزق المعسكر الجديد السابق كوحش مفترس

أليكسي، الملفوف بعباءة ملطخة بالدماء وذراعه مضمدة، جلس خلف عربة مكسورة المحور

كان وجهه مغطى بالغبار، وعيناه بلا حياة، وكأنه خرج للتو من الجحيم

ركض مساعده أوليغ نحوه وهو يلهث: "سموك، المعسكرات خمسة وستة وسبعة دُمِّرت كلها، والقوة القتالية للمقدمة أقل من ثلاثين بالمئة"

"القوات المتبقية انسحبت بالفعل إلى خط الأورال الدفاعي، علينا المغادرة"

خفض أليكسي نظره نحو الشحم الأسود على حذائه العسكري، وصمت طويلًا

وفجأة، رفع رأسه، ناظرًا إلى ما وراء نهر أوسوري، وعض على أسنانه: "أهذا هو نتيجة رغبة والدي الإمبراطوري في أن ’أخرج في حملة‘؟"

"هذا ليس ساحة معركة — هذا جحيم حي"

"الشرقيون... ليسوا برابرة، إنهم شياطين"

نهض بصعوبة، وتمتم وهو يحدق في السماء المرصعة بالنجوم: "اتضح أنني لم آتِ هنا لأؤدي دورًا، بل تم وضعي في نص شخص آخر"

"لنذهب"

"لنعد — لقد حان الوقت ليُصاب أولئك الشيوخ في البلاط بالصداع"

موسكو، القصر الشتوي، القاعة الرئيسية

كانت القاعة مضاءة بشدة، وبرج الساعة يقرع ثلاث مرات

كان ميخائيل متكئًا على صولجانه، عيناه مليئتان بالخبث، وأصابعه ترتجف وهي تمسك بآخر صفحة من التقرير، نظره مثبت على كلمات "قصف"، "حرق المعسكر"، "غارة جوية"، و"فارون"

"هذا... هذا..."

شهق فجأة، وألم حاد اخترق صدره، فانزلقت أصابعه وأسقطت التقرير على الأرض

"والدي الإمبراطوري!" أسرع الخادم إلى دعمه، "استدعوا الطبيب الإمبراطوري فورًا!"

اتكأ ميخائيل على العرش، يلهث، صوته بالكاد مسموع:

"نحن رومانوف، أسياد المملكة الشمالية، ولسنا حمقى عديمي الفائدة ليُحرقوا!!!"

ضرب مسند الكرسي، مثل أسد عجوز غاضب وعاجز، وعيناه محتقنتان بالدماء

وبعد لحظة، لوح بيده ليبعد الجميع، وزأر بصوت منخفض:

"استدعوا... مجلس الشيوخ"

"أريد منهم... أن يقدموا لي تفسيرًا"

في صباح اليوم التالي، اجتمع اثنا عشر من النبلاء الكبار سرًا، كانت أضواء الشموع خافتة، والجو خانق

وكان موضوع الاجتماع الرئيسي، كما هو متوقع — ما إذا كان يجب استبدال ولي العهد

"خطأ أليكسي في التقدير جاء أولًا، فأضر بالجيش وأهان الأمة، وإذا اعتلى العرش مستقبلًا، فقد يُدمَّر مصير البلاد بالكامل"

"لا يمكن التساهل معه لمجرد أنه الابن الشرعي"

"أقترح النظر في الوريث الجانبي، إيفان نيفسكي"

"يحظى بشعبية في الجيش الجنوبي، وعلى الأقل يعرف معنى ’القتال‘"

ما إن أنهى كلامه، حتى تنهد الكاردينال الجالس في المقعد الرئيسي قائلًا: "أيها السادة، لا ينبغي التهاون في منصب ولي العهد"

"لكن هذه المعركة... أغضبت الشرقيين حقًا"

"إنهم ليسوا رمالًا، بل — حمم بركانية"

"إذا لم نكن حذرين مرة أخرى، ففي غضون ثلاث سنوات، قد نتعرض لخسائر فادحة على الجبهتين الشرقية والغربية"

في تلك اللحظة، سلّم أمين المجلس وثيقة عاجلة على عجل

"أليكسي انسحب بالكامل بجيشه إلى خط دفاع الأورال، ويطلب تعليق التوسع شرقيًا للتركيز على بولندا"

وعند هذه الكلمات، خيّم الصمت على الجميع

قال نبيل مسن ببرود: "هل سمعتم؟ ليس فقط أنه لا يستطيع الانتصار، بل يرفض أيضًا طاعة أوامر والده"

"هذا إيقاع تشكيل فصيل خاص به"

بعد يومين، وصل أليكسي إلى خارج القصر مع جنوده الباقين، ما يزال مرتديًا ملابسه التي لم يغيرها، وحصانه الحربي بلا سرج، ودخل مباشرة إلى بهو القصر الشتوي

كان ميخائيل مستلقيًا على الأريكة، ينظر إليه بعينين مليئتين بمشاعر متناقضة

"هل تعرف خطأك؟"

صمت أليكسي لحظة، ثم خفض رأسه:

"كنت مخطئًا"

"... خطئي كان موافقتي على خوض الحرب"

"إذا كنت مستعدًا لمنحي قيادة القوات في بولندا، أضمن لك أن أجعلهم يركعون في غضون ثلاث سنوات"

بمجرد أن أنهى كلامه، تجمدت القاعة على الفور

حلّ صمت يمكن فيه سماع طقطقة النار في الموقد بوضوح

تصلب ميخائيل فجأة، وانحنى جسده إلى الأمام دون إرادة منه

وفي تلك العينين العجوزتين، اشتعل غضب مرعب

"أنت..."

فتح فمه، وأشار بإصبعه نحو أليكسي، يرتجف وهو يحاول قول شيء، لكنه لم يلفظ سوى بضع بصقات من البلغم الكثيف، ثم سعل بشدة حتى بصق دمًا ممزوجًا بالبلغم

"والدي الإمبراطوري—!" صرخ الخادم

"الطبيب الإمبراطوري! أسرعوا باستدعاء الطبيب!"

لكن ميخائيل لوح بيده فجأة، دافعًا الخادم بعيدًا، وصوته كالرعد:

"اصمت!!"

"أليكسي!!!"

كان صوته يخرج من أعماق رئتيه، ممزوجًا ببحة وغضب، مثل زئير الأسد المحتضر الأخير:

"هل أنت لقيط ربيته؟! أم أنك استوليت على هذا القصر بالفعل؟!"

"كنت مخطئًا؟ خطؤك كان جرأتك على المساومة مع المرسوم الإمبراطوري بنبرة ’مقايضة‘!!"

"خطؤك كان — أنك تركت جيشي يموت في جحيم أجنبي، وما زلت تجرؤ على العودة لتطلب الفضل والمكافأة!!"

ضرب بيده مسند العاج بجانبه، فاندفع ألم حاد، وانتفخت عروقه، وبدأ جسده كله يتشنج مرة أخرى

"والدي الإمبراطوري!" أسرع الخادم لدعمه، "أرجوك استلقِ، لا يجب أن تنفعل أكثر!"

اندفع الطبيب الإمبراطوري وأجبره على شرب وعاء من دواء التهدئة

كان ميخائيل يلهث، وعيناه لا تزالان مثبتتين على أليكسي، صوته منخفض، لكنه كان أبرد من قبل:

"اعتبارًا من اليوم — أليكسي ميخايلوفيتش، يُسحب منك لقب ’المارشال الأكبر‘، وتُعفى من الشؤون العسكرية"

"تُرسل إلى ترسانة تولا، لتكون ’المفتش والمشرف العام‘، تراقب الترسانة، وتحصي الأسلحة النارية، ولا تتدخل في الإدارة العسكرية!"

"— غادر فورًا، ويجب أن تغادر القصر خلال ثلاثة أيام"

رفع أليكسي رأسه ببطء، دون أي مفاجأة في عينيه، بل ببرود خافت

نظر إلى الوجه الغاضب الملتوي على السرير، وومضت فكرة في ذهنه:

"... لقد شختَ بالفعل"

لكنه لم يقل شيئًا، بل انحنى تحية: "كما تأمر جلالتك"

مدينة تولا، كانت الرياح الباردة لاذعة، والثلوج تثقل أسطح المصانع

كانت هذه المدينة دائمًا أهم مركز للأسلحة في موسكو، بعيدة عن مركز السلطة في القصر، لكنها قريبة بما يكفي من موارد السلاح، مما جعلها مكانًا مثاليًا لـ"النفي دون الإقصاء" — كان ميخائيل ما يزال يقدّر ابنه

وقف أليكسي، مرتديًا عباءة سوداء، عند مدخل مقر إقامته الجديد

تحت السماء الرمادية والثلج الكثيف، نظر إلى المدافع الصدئة، والبنادق التي تنتظر الإصلاح، والخوذات الحديدية المغبرة، وكانت عيناه حادتين وباردتين

سأل مساعده أوليغ بصوت منخفض: "سموك... هل نحن منفيون حقًا هكذا؟"

ابتسم أليكسي، لكن ابتسامته كانت مثل نصل جليدي يعبر الثلج: "منفيون؟ لا، هذا يُسمى — الاستراحة على قوة مستعارة"

"مع أن هذا مكان للتجميد، إلا أنه عرق الحديد الملكي"

"حالما أعيد تنظيم هذه الترسانة، عندها —"

"سيتذكر مجلس موسكو من هو الأمير الذي يفهم الجنود أكثر، ويقاتل أفضل، ويغزو أفضل"

مد يده ولمس مدفعًا برونزيًا، ووميض حاد يلمع في عينيه:

"فقط انتظر قليلًا"

"عاجلًا أم آجلًا، هذه الأسلحة — ستتحدث نيابة عني"

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انتهى الفصل

شاركنا رأيك واقتراحاتك في التعليقات

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2025/08/13 · 15 مشاهدة · 1006 كلمة
AHMED JB
نادي الروايات - 2025