🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿
📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة
🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان الرياح الباردة تعصف في مدينة تولا
وتدلت الغيوم الداكنة منخفضة، والسماء الكئيبة كأنها تنذر بكارثة قادمة
وقف أليكسي، مرتديًا معطف السابل، على قمة برج مرتفع، يحدق في الدخان الأسود المتصاعد من الشمال البعيد، وجبينه معقود كأنه من حديد
لقد وقف هناك نصف ساعة
ولم يجرؤ أحد على مقاطعته
حتى—
"سموك!"
اقتربت خطوات مسرعة من بعيد، وضابط يلهث كالثور صعد البرج متعثرًا، وهو يمسك برسالة عاجلة:
"نو… نوفغورود… سقطت!!!"
استدار أليكسي، وتغيرت ملامحه فورًا
"ماذا قلت؟"
"نو… نيجني نوفغورود… دفاعات المدينة اخترقت، وجميع الخطوط سقطت في أقل من نصف يوم!"
"سيل مدرعات جيش المينغ أجبر عبور النهر، مدعومًا بتفوق جوي، اكتسح كل شيء أمامه، قاعة المدينة، الكاتدرائية، الثكنات، حوض بناء السفن… جميعها سويت بالأرض!"
"القوة الرئيسية من الحرس الإمبراطوري تكبدت أكثر من ستين بالمئة خسائر، والبقية تفرقوا هاربين!"
قبل أن يُقرأ محتوى الرسالة كاملًا، كان أليكسي قد سحقها في قبضته!
"أوغاد!!!"
ضرب بقبضته على سور البرج، فتطايرت شظايا الحجر الأزرق!
"قالوا إنهم سيحافظون على تلك المدينة! كانت البوابة التي سماها والدي بنفسه—أهذا هو شكل 'المستحيل اختراقه' لديهم؟!"
أطرق الضابط رأسه، لا يجرؤ على الرد، جسده متيبس
قبض أليكسي أسنانه، ووجهه شاحب، وزأر بصوت بارد:
"اجمعوا كل قوات تولا، استعدوا للمعركة! سأقود بنفسي الحملة لاستعادة نوفغورود!"
داخل قاعة مجلس المدينة، عم الاضطراب!
"سموك، لا يمكن هذا إطلاقًا!"
"سموك، يجب أن نتمالك أنفسنا—"
"إنه جيش المينغ! ليس بولندا! إنهم يستخدمون أسلوب حرب لا يمكننا حتى فهمه!"
تقدم عدة ضباط كبار واحدًا تلو الآخر، وملامحهم مشدودة كما لو كانوا يواجهون الموت
رفع جنرال عجوز بلحية بيضاء يده مرتجفًا ليتكلم:
"سموك، هذا الخادم المتواضع رأى بنفسه مدفعية جيش المينغ، 'مدافعهم' لا تقارن على الإطلاق ببنادقنا ذات البارود الأسود!"
"طلقة واحدة منهم تخترق بيتًا حجريًا من ثلاثة طوابق!"
"دباباتهم، المدرعة كالحصون، لا تخشى البنادق ولا السهام، حيثما مرت مجنزراتهم تحول الأرض إلى وحل! ورجالنا لم يقتربوا حتى، حتى تفتح رشاشاتهم النار!"
"قتال قريب؟ نكتة! لا نرى حتى وجوههم!"
تكلم رائد آخر وصوته مختنق بالعاطفة:
"كما أن لديهم تلك الدراجات الحديدية التي تلتف من الأجنحة إلى الشوارع، الجدران التي وضعنا عليها الدفاعات كالورق في نظرهم!"
"هذا ليس حربًا… هذا مجزرة…"
وما إن قيلت هذه الكلمات، حتى خيم الصمت القاتل على القاعة
ظل أليكسي يستمع بلا تعبير
كان ينوي أصلًا إرسال قوات لإنقاذ المدينة واستعادة مجد والده، لكن في هذه اللحظة، شعر لأول مرة بالتردد
وبعد وقت طويل، أغلق عينيه وقال بصوت منخفض:
"إذًا… أرسلوا الكشافة"
"ليتسللوا إلى نوفغورود ويتأكدوا من انتشار جيش المينغ، ومعداته، وعدد قواته، وإيقاعه—أخبروهم، مهما كلف الأمر، أريد معرفة القوة الحقيقية للعدو!"
تنفس الجميع الصعداء
لكن—
"تقرير—!"
اندفع رسول مغطى بالوحل والدم إلى القاعة
"تقرير عاجل! تقرير عاجل من موسكو—"
انهار على الأرض وهو يصرخ:
"جلالة الملك… ميخائيل… مات!"
"القصف الثاني لجيش المينغ على موسكو، ثلاث قنابل خارقة للتحصينات أصابت الكرملين، القصر الأرضي انهار، جلالة الملك… جلالته لم يبق له أثر…"
بوووم!!!
في تلك اللحظة، بدا وكأن السماء والأرض تجمدتا
تغيرت ألوان وجوه الجميع في القاعة فورًا!
أصيب أليكسي، بصفته الأمير، وكأن صاعقة ضربته، ضاقت حدقتاه فجأة، وشحب وجهه
فتح فمه لكنه لم يستطع إخراج كلمة واحدة
ارتجفت أطراف أصابعه، ومشاعر لا توصف تعصف في صدره، تحرق أنفاسه
"أبـ… أبي؟" تمتم، وعيناه زائغتان
وفجأة تذكر طفولته
كان عمره خمس سنوات فقط حينها، يتعلم ركوب الخيل، فسقط وجرح ركبته، وبكى بلا توقف
لم يوبخه ميخائيل، بل انحنى وربط جرحه بنفسه
"الأمير الحقيقي يجب أن يسقط عن الحصان مئة مرة، ويعود ليركبه مئة مرة"
قال ذلك وهو يربت على رأس ابنه، وعيناه مليئتان بالمحبة والجدية
كانت تلك أدفأ ذكرى في حياة أليكسي
لكن لاحقًا… كبر، وصار له رأي، وأحلام، وخلافات مع والده
أراد مهاجمة بولندا، أراد أرضًا خصبة أكثر للإمبراطورية، أراد أمجادًا عسكرية، أراد مجدًا—وأراد فرصة ليثبت أنه ليس أقل من أخيه الأكبر، ولا أضعف من روسيا
لكن ميخائيل ضرب مسند العرش بيده بغضب، ووبخه:
"بولندا؟! تلك معركة كلاب ضالة!"
"الشرق هو حيث اللحم الأسمك!!!"
تشاجرا مرارًا، من الهمس إلى الصراخ، حتى اهتزت أرجاء القصر
وفي النهاية، نُفي أليكسي إلى تولا، خاسرًا كل سلطته، وصار أهدأ أمير في الساحة السياسية لروسيا
والآن، ذاك الخصم القديم، ذلك الأب الذي لم يتمكن يومًا من الاقتراب منه حقًا…
تحول إلى رماد في هدير
مات—دون حتى كلمة وداع
قبض أليكسي يديه فجأة، ومفاصله بيضاء، والابتسامة على وجهه تتحول ببطء إلى قسوة وكراهية
"اللعنة… لماذا لم أستمع إليه حينها…"
لعن نفسه بصوت منخفض، وعيناه محمرتان قليلًا، لكنه عض على شفتيه مانعًا دموعه
وفجأة، تقدم ضابط في منتصف العمر صارخًا بغضب:
"جلالة الملك قُتل بالقصف؟! وجه العائلة الملكية أُحرق؟!"
"هذه الحرب، يجب أن نخوضها!!!"
"قتل واحد من المينغ يكفي؟ لا! أريد قتل مئة، ألف!!!"
"ثأر الملك!!!"
استل ضابط صف آخر سيفه فجأة، ورفعه عاليًا فوق رأسه:
"من أجل روسيا—قتال حتى الموت!!!"
اشتعلت المعنويات، والغضب تصاعد كالشرر من الأسفل إلى الأعلى
في تلك اللحظة، لم يعد جنود تولا يخافون أو يترددون
ملكهم مات، ومجدهم تحطم؛ لم يبق سوى طريق واحد:
الاندفاع إلى الجحيم واسترداد دين الدم!
صرخ أليكسي نحو السماء، وعيناه محمرتان:
"أبي مات! وبلادي تحترق!"
"اجمعوا الجميع! سواء كان دبابة أو تنين نار، سواء جاء من الجحيم أو من الشرق!"
"أنا أليكسي، سأقود الجيش إلى المعركة اليوم!"
"حتى لو مت، فسأموت في ساحة المعركة!!!"
دوى البوق، ووضعت مدينة تولا في حالة استنفار قصوى
في الثكنات، سُلت السيوف الحديدية، وخيول الحرب صهلت، ودُعي المدافعون عن تولا الذين سادهم الصمت طويلًا للتجمع بالقوة
وقف أليكسي، مرتديًا درعه، ونظر ببرود إلى كل جندي، وصوته كالبرق:
"جيش المينغ ليسوا آلهة!"
"لديهم دم، ولدينا سيوف!"
"يجب استعادة نوفغورود، ويجب أن يُدفع ثأر أبي بالدم!"
"من يسير معي سينال المجد!"
"ومن يعصَ—يقطع رأسه!!!"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
شاركنا رأيك واقتراحاتك في التعليقات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ