🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿
📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة
🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اندفع أليكسي في المقدمة تمامًا، وعيناه محمرتان من القتال
كان شعره مبعثرًا، ودرعه مثقوبًا بالرصاص، وكتفه مرشوشًا بالدماء، وذراعه اليسرى مخدرة، لكنه ما زال يمسك اللجام بقوة
"اهجموا من أجلي!!!"
"من أجل والديكم! زوجاتكم وأطفالكم! من أجل موسكو!!!"
"اخترقوا!!! افتحوا طريقًا بالدم!!!"
دفع جنديًا بجواره كان قد تجمد خوفًا إلى الصف الأمامي، ثم حث حصانه نحو أقرب دبابة كانت تعيد التلقيم!
كانت دبابة ثقيلة من طراز "النمر"، درعها السميك يلمع ببرودة معدنية تحت الشمس، ومدفعها قد أطلق للتو ويستعد للتراجع
زأر أليكسي، وسحب سيفه، وقفز فجأة من حصانه، منقضًا على جنزير الدبابة!
قفز للأعلى، رافعًا سيفه بكلتا يديه، وهبط بكل قوته على البرج!
"كاااانغ!!!"
ضرب السيف الفولاذي درع الدبابة، متناثرًا بشرر كثيف!
لكن — لم يترك حتى خدشًا
ضرب! وضرب مجددًا!
كل ضربة جعلت دبابة النمر تهتز!
لكن الأمر لم يكن سوى نملة تحاول هز شجرة
وقف الأمير أمام الوحش الفولاذي، كعصفور يحاول نقر سفينة حربية
دار برج الدبابة، وانخفض المدفع ببطء، مصوبًا بدقة نحو موقعه
"يا صاحب السمو! تراجع—!"
جاء صوت صارخ، وانقض أحد الحراس الشخصيين للأمام، ناشرًا ذراعيه ليحميه
"تات-تات-تات-تات—!!!"
مزقت نيران الرشاش الهواء، وأصيب الحارس بعدة طلقات، وتفتحت الدماء من جسده، وسقط بين ذراعي أليكسي، وعيناه مفتوحتان، يموت وفي قلبه حسرة
"كالينين!!"
صرخ أليكسي، لكن قبل أن يلتفت حتى، اندفع نائب جنرال خلفه، متلقيًا وابل الرصاص بدلاً عنه
"يا صاحب السمو—اهجم!!!"
وفي الثانية التالية، اخترقت رصاصة رأس نائب الجنرال، فطار للخلف، واصطدم بجنزير الدبابة، وسقط مثل دمية بالية
تناثرت الدماء، ملونة درع أليكسي بالأحمر
لكنه لم يتراجع
لم يستطع أن يتراجع
لقد أصيب بالفعل
على الأقل ثلاث مرات
إحداها اخترقت كتفه الأيسر، فتدفقت الدماء من فواصل درعه
وأخرى خدشت أضلاعه ودخلت بطنه، تحرقه بألم كالنار
وأخرى… لم يعرف حتى موضعها، شعر فقط بجسده يثقل ويبرد
لكنه ظل ممسكًا بالسيف
يمسكه بقوة
لم تكن هذه قوة
بل أدرينالين مشتعل، غريزة البقاء الأخيرة التي تبقيه!
كان يحتضر، لكنه بدا كأنه استيقظ لحياة ثانية!
زأر، وهو يضرب بالسيف مجددًا على البرج!
"آآآآه!!!"
"كااااانغ!!!"
مع هذه الضربة، صرخت كل عضلة في جسده ألمًا، وتشوش بصره، وكاد أن يترنح
لكن السيف هبط!
تناثر الشرر، وتحطم النصل!
الدبابة لم تتحرك
لهث وهو يملأ فمه بالدماء
كان يعلم أنه لن يعيش
ويعلم أيضًا أنه لن يغير شيئًا
لكنه واصل الضرب
لم يستطع التوقف
إنه أمير!
إنه ابن القيصر!
لا يمكنه أن يسقط هكذا!
حتى لو… تبقى له نفس واحد، فسيضرب هذا الوحش الحديدي مرة أخرى!
حتى لو — مات كالكلب، سيموت تحت البرج!
على برج الدبابة، رفع رامٍ من جيش مينغ رأسه بهدوء، وفتح فتحة المدفع الإضافي
ورأى رجلاً مبللاً بالدماء، مبعثر الشعر، محمر العينين، يضرب مركبته بسيف
لم يقل الرامي شيئًا، بل تنهد، وسحب مسدس تايب 54 من صدره
"بانغ!"
اخترقت الرصاصة جبهة أليكسي بدقة
تجمدت حركته فجأة
جسده كله بدا وكأنه توقف
وفي الثانية التالية، انثنت ركبته، وركع أمام جنزير الدبابة
انفلت السيف المبتل بالدماء من يده، وسقط في الوحل، مرتجفًا قليلًا
وسقط جسده ببطء، ووجهه للأعلى، وعيناه مفتوحتان، وكأنه حتى اللحظة الأخيرة، يرفض أن يصدق: أنه لم يستطع حتى أن يترك شقًا في هذا الحديد
هبت الرياح، وانتشرت عباءته الملطخة بالدماء على الأرض، كعلم وطني قديم باهت
استلقى هناك، وومضة وعيه الأخيرة في عقله كصورة باهتة تصعد من أعماق الماء
فكر في والده — ميخائيل الحاد الطباع بعيد النظر
لقد كره في السابق تحكم والده وتأنيبه، لكنه في هذه اللحظة، تمنى لو أن والده ما زال حيًا
على الأقل… كان يمكنه أن يوبخه مرة أخرى
وفكر في موسكو
تلك المدينة القديمة المليئة بالكاتدرائيات وأجراسها البعيدة
تذكر الجدران الحمراء في الثلج، والكرملين تحت السماء الليلية، واللوحات الزيتية القديمة والأيقونات الفضية في القصر، والمصباح الذي لا ينطفئ عند قبر أمه
لكن الآن، هل كان ذلك المصباح ما زال مضيئًا؟
لم يكن يعرف
ولم يجرؤ على التفكير
كان دمه يبرد بسرعة
وجروحه لم تعد تنبض بالألم، بل صارت مخدرة وخفيفة
حرارة جسده كانت تتسرب ببطء من أطراف أصابعه، وكأن روحه تُحمل بعيدًا مع الريح
بدأ يشعر بالبرد
ليس برد الشتاء، بل — برد عدم القدرة على العودة أبدًا
لم يستطع إغلاق عينيه، جفونه ثقيلة جدًا، لكن قلبه صار أخف وأخف
وفجأة شعر بالخوف
خوف أنه بعد موته، لن يبقى في هذا البلد من يوقف أبناء الهان
هذه الجيوش الفولاذية، حين تأتي، لن ترحل
خطواتهم أسرع من الخيول، وأسلحتهم أفتك من المدافع، ووجوههم بلا رحمة، وعيونهم بلا آلهة
بدا وكأنه يرى المستقبل—
شوارع موسكو لن يتردد فيها رنين الأجراس بعد الآن، بل صوت احتكاك عجلات القطارات وارتجاج وقع أقدام الجنود على الأرض
الرجال سيُساقون إلى المناجم والمصانع ومعسكرات العمل، بملابس السجناء، يتحدثون الصينية، ويُساقون كالماشية
وتلك الفتيات الشابات الجميلات، ذوات البشرة البيضاء والعيون الزرقاء… سيسجَّلن ويُرسلن إلى مكان يُدعى "جياوفانغسي"
لم يكن يعرف ما هو، لكنه كان يعلم — أنهن لن يعدن أبدًا
الأمير مات، ودم القيصر انقطع
وموسكو من الآن فصاعدًا ستكون مجرد اسم مكان، بلا دولة
أرض بلا ملك، لم يتبق فيها سوى الجلادين والأوامر
وهو، أليكسي ميخايلوفيتش، كآخر أمير، وآخر سيف، وآخر زئير — سيتلاشى في النهاية مع الريح
انزلقت دمعة من عينه
اختلطت بالدم، وسالت في التراب
في اللحظة التي سقط فيها الأمير، شعر الجيش بأكمله وكأن قلبه انتُزع
"يا صاحب السمو—"
صرخ أحدهم حتى بُح صوته، لكن الصوت اختفى بسرعة وسط الرصاص والريح
لم يجرؤ أحد على الهجوم بعد الآن
لم يعد أحد يعرف ماذا يفعل
الجنود الذين كانوا يصرخون قبل لحظة، يلوحون بسيوفهم ويهجمون، تجمدوا في أماكنهم، عيونهم فارغة، وأطرافهم واهنة، وكأن أرواحهم انتُزعت
ارتجف جندي وأسقط بندقيته، لترتطم بالوحل بصوت مكتوم
وآخر أسقط درعه، وركبتيه تنثنيان، وجلس على الأرض، ويداه تمسكان رأسه
"انتهى الأمر… لقد انتهينا…"
"مات… لقد مات حقًا…"
"الأمير مات… لم يعد هناك أحد…"
نظروا بعيون واسعة إلى جثة أليكسي أمام الدبابة، كدمية قماشية مرمية، بلا ذرة كرامة أخيرة
سقط اللواء الملكي، وتحطم معنويات الجيش
في لحظة، بدا وكأن لعنة موت أصابت القوات كلها
انهارت التشكيلات الكثيفة، وهرب الفرسان، وتشتت المشاة
أغلبهم لم يتمكن حتى من الركض لخمسين مترًا قبل أن يسقط أرضًا، تاركًا درعه وسيفه
بعضهم بكى، وبعضهم صرخ، وبعضهم جثا يضرب رأسه بجنون، وبعضهم رفع يديه مباشرة وهو يصرخ نحو الدبابات الهادرة القادمة من البعيد:
"استسلام!! نستسلم!!"
"أوقفوا القتال!! نستسلم!!"
وآخرون اكتفوا بالجثو، مدفونين وجوههم في أيديهم، يبكون
تقدمت الدبابات الثقيلة كسيل جارف، سلاسلها تسحق الجثث المتفحمة والحديد المكسور، وتدوس وحل ساحة المعركة الملطخ بالدماء
كل اهتزاز لجنزيرها كان ضربة ساحقة لعقيدة الجيش
الجو مليء برائحة الأرض المحترقة، ودخان البارود كالسديم، والنيران تتراقص فوق الحطام، صابغة نصف السماء بالأحمر
وتلك المجموعة من الجنود الروس الراكعين، كخراف محاصرة بالنار على حافة منحدر، لم يجرؤ أحد منهم على الحركة مجددًا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
شاركنا رأيك واقتراحاتك في التعليقات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ