🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿
📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة
🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جلس دوق لابتيف على حافة السرير، والتقرير العاجل من الحدود الشمالية لا يزال يتطاير في يده، وحوافه ترتجف قليلًا على الأرض
"...الأمير مات في ساحة المعركة، وسُحق جسده تحت المجنزرات حتى لم يعد يمكن التعرف عليه"
في تلك اللحظة، شعر وكأنه مُثبت في هواء الشتاء
خارج النافذة، كان ضوء الصباح يتسلل للتو، وأجراس كاتدرائية ياروسلافل الكبرى لم تُقرع بعد، لكنه في ذهنه كان يسمع بالفعل هدير انهيار إمبراطورية كاملة
كان يظن في السابق أنه حتى لو خسروا الحرب، فسيكون الأمر تآكلًا بطيئًا، أو حربًا أهلية طويلة خلال تغيير السلالة
لكن من كان يتصور أن دوقية موسكو بأكملها ستتحطم في شهر واحد فقط؟
"حتى جثة الأمير لم يمكن استعادتها كاملة..."
"هذه ليست هزيمة، بل هي ذبح أمة"
تمتم بصوت منخفض، وحلقه يضيق
كان نبيلًا، يملك مئات الأفدنة من الضياع وآلاف الجنود والخدم
شرب ذات مرة مع القيصر في القصر، وأقسم بالإنجيل المقدس في المعبد
لكن في هذه اللحظة، أدرك لأول مرة أن كل هذا قد لا يعود أبدًا
فتح بخوف الخزانة السرية بجوار سريره، وأخرج الصندوق الثقيل الأسود ذو القفل الفضي
كان داخل الصندوق أوراق الذهب، وجواهر، وأختام خاصة، و"اتفاقية ملاذ عائلية" قديمة مكتوبة بالشفرة
جلس لابتيف ببطء، ممسكًا بالورقة، ومفاصله بيضاء من شدة الضغط
"لم يعد بإمكاننا الانتظار"
"لا يمكن المراهنة على أن 'القيصر القادم' سيظهر"
"ولا يمكن انتظار ما يسمى بـ'تحالف الحدود الشمالية'؛ نحن ببساطة لا نستطيع الصمود أكثر"
"مدافعهم لا تطرق الأبواب، بل تسلخنا حتى العظم"
نهض، وارتدى معطفه من فرو الثعلب، وأمر خادمه:
"جهز العربة"
"سأذهب بنفسي لمقابلة الضابط من الخط الجنوبي لـ'الشرقيين'—سمعت أن لقبه لو، واسمه شانغ ون"
"أحضر جميع دفاتر الحسابات، والذهب، وصكوك الأراضي، وسجلات الأقنان، و—"
"وصور بنات أخواتي الثلاث"
توقف الخادم، مذهولًا
"أنت تريد..."
استدار لابتيف، ونظرته هادئة كبحيرة متجمدة:
"هل تعرف ما هو النبيل؟"
"النبيل ليس الملابس، ولا اللقب، ولا الأيقونة"
"النبيل هو جماعة تعرف متى ترفع رأسها، ومتى تنحني"
"طالما أن لقبي باقٍ، ونسلي ما زال يبني البيوت، ويأكل اللحم، ويجمع الضرائب على هذه الأرض—فأنا ما زلت حيًا"
"أما من هو الإمبراطور؟ ومن هو المقدس؟"
"هه"
ضحك بخفة، وتمتم: "كنا نرفع الكؤوس للقيصر—"
"ما المانع أن نسجد للصينيين في المستقبل؟"
"جرح صغير في فروة الرأس خير من أن تحفر العائلة كلها الفحم"
خرج من غرفة النوم، والثلج يتساقط على عباءته، والريح تبعثر الشعر الأبيض عند صدغيه
لكنه ظل مستقيم الظهر، وعيناه تحملان عزم المقامر ومكر الثعلب العجوز
"لقد تغيّرت ألوان العالم"
"لكنني ما زلت أريد أن أكون نبيلًا في هذا العالم"
عندما جلس دوق لابتيف في العربة، كان وجهه هادئًا
معطفه من فرو الثعلب كان منسدلًا بعناية، وحذاؤه مصقول يلمع، ويحمل عصًا برأس فضي منقوش بشعار عائلته
لم تكن هذه الرحلة لتقرير صفقة عابرة، بل لتحديد موقع عائلة لابتيف للقرن القادم
بعد انطلاق العربة بقليل، وعند التفافها حول طريق الغابة بجانب الكنيسة، دوّى هدير منخفض، كالرعد، من بعيد
"ما هذا الصوت؟" قال السائق بقلق
أزاح لابتيف الستار، فتسللت نسمة تحمل رائحة الديزل عبر فجوات العربة؛ ض narrowed عيناه—
أمام الطريق الرئيسي، كان رتل من شاحنات جيش مينغ يتقدم ببطء
أكثر من عشر شاحنات عسكرية رمادية مصطفة في صف منتظم، أضواؤها الأمامية مثل عيون الذئاب، وعجلاتها تسحق الثلج، محدثة هديرًا مستمرًا
في مؤخرة كل شاحنة جلس جنود جيش مينغ بكامل عتادهم، قبعاتهم منخفضة الحواف، وملامحهم صارمة، كالنمور التي تجوب أراضيها
ازداد ضجيج المحركات اقترابًا، وكأن تنينًا حديديًا يزأر من تحت الأرض
كان الجنود طوال القامة، وضعياتهم العسكرية مشدودة، يرتدون دروعًا موحدة، وبنادق نصف آلية على خواصرهم، ونظراتهم كسكاكين، وخطواتهم منضبطة حتى بدوا كسكة حديدية متحركة
ارتجف قلب لابتيف، وضاق حلقه
كيف يمكن لجنودهم أن يمتلكوا مثل هذه الهيبة؟
—لا، الأمر ليس مجرد هيبة
بل هو فرق عصر كامل
كان جنود روسيا على حالهم منذ سنين:
قصار القامة، هزيلو البنية، وأذرعهم وأرجلهم غالبًا مصابة بعضات الصقيع في الشتاء القارس
ليحافظوا على الدفء، يشربون الفودكا ليزدادوا شحمًا، وكل واحد ببطن بارز، يمشي متمايلًا، متذمرًا في الطريق
أما أسلحتهم؟ فلا تزال بنادق فتيل، تحتاج ثلاث طرقات، ودوسَتين، ومسح الفتيل بالعرق لتحميل طلقة واحدة
وأما ما يسمى بـ"فرسان النخبة"، فكانوا يرتدون خوذًا ودروعًا قديمة اشتروها من بولندا، تصدأ مع أول هبة ريح
لكن هؤلاء الشرقيون؟
ابتلع لابتيف ريقه، ينظر إلى الجنود الثابتين على الشاحنات الرمادية السوداء
أحزمتهم مشدودة، أحذيتهم مصقولة كالمرآة، دروعهم كأنها مصنوعة في المصانع، وبنادقهم كأنها أسلحة سماوية من فوهة بركان
لا أحد يتحدث
لا أحد يدخن
لا أحد يلتفت
كل واحد منهم كبرغي، مثبت بدقة في هيكل آلة الحرب الكاملة
والأخطر هو النور في أعينهم
لم يكونوا جنودًا
بل غزاة
فهم لابتيف فجأة
لم يكن الأمير عاجزًا
ولا الجنرالات حمقى
بل—ما واجهوه لم يكن بشرًا
بل محاربين من الفولاذ!
إرادة وطنية كاملة مصهورة من الفحم والحديد
إظهارًا للاحترام، عدّل ملابسه عشر دقائق كاملة؛ فالنبلاء يهتمون بالتفاصيل
بعد عشر دقائق، أشار للسائق بالتوقف، ثم نزل بنفسه من العربة
وضع يده اليمنى على صدره، وانحنى برشاقة: "أيها السادة الجنود—أنا لابتيف، لورد ياروسلافل، وأرغب في مقابلة الجنرال الجليل لو شانغ ون"
قبل أن يكمل—
"بونغ!!"
قفز فارس من جيش مينغ أمامه مباشرة، ومن دون أي كلام، رفع مؤخرة بندقيته وضربه بها بقوة على جبهته!
تفاجأ لابتيف، فانفتح جرح على جبينه، وسال الدم على خده، وترنح خطوتين قبل أن يسقط على الثلج!
"اسم الجنرال الكامل—هل تظن أنه يمكنك النطق به هكذا؟!"
وقف جندي مينغ أمامه، نظرته جليدية، وصوته منخفض كالرعد
"يا كلب، وما زلت تجرؤ على التباهي؟"
أمسك لابتيف رأسه، وعيناه تلمعان من الألم، وأذناه تصفران، لكنه لم يقاوم
تحمل الأمر، وتقيأ بضع مرات دمًا، وأجبر نفسه على الابتسام:
"سوء فهم... كنت متهورًا. أنا فقط... أردت تقديم نفسي..."
"أنا—لابتيف، نبيل وراثي من ياروسلافل"
"وأنا مستعد للخضوع، ومستعد لتقديم هدية لقاء اللقاء—"
وأشار مرتجفًا إلى صندوقين حديديين خلف العربة
"في الداخل أوراق ذهب، وجواهر، وصكوك أراضٍ... وسبعة وثلاثون عبدًا، تم نقل ملكيتهم بالفعل، في انتظار قبول الجنرال"
سخر الجندي وبصق على الثلج
"وتسمي هذه 'هدايا لقاء'؟"
"سخيف"
"نحن—لسنا هنا لاستلام الهدايا"
رفع يده ببطء، فوجه الجنود المحيطون بنادقهم فورًا!
وصاح أحدهم من الخلف بصوت عالٍ:
"بأمر من الجنرال لو—اعتبارًا من اليوم، تبدأ المرحلة الثانية من خطة المصادرة الشرقية"
"صادروا البيوت، راجعوا الحسابات، استولوا على الضياع، أطردوا الخدم!"
"—ابدأوا بهؤلاء النبلاء القدماء"
وما إن انتهت الكلمات، حتى غامت رؤية لابتيف، وقبل أن يطبق أسنانه، كان قد جره رجلان وضغطاه في العربة
...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
شاركنا رأيك واقتراحاتك في التعليقات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ