🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿
📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة
🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم يكن الفجر قد بزغ بعد، وكانت رياح الجبل تحمل رائحة الخشب المحترق والدم
على ما تبقى من "مذبح حامي العقيدة" في قمة المزار، تجمع عشرات من الرهبان المقاتلين الكهّان، مرتدين أردية حمراء عظيمة، ووجوههم مدهونة بزيت مكرَّم، يحملون قرابين خشبية، جاثين أمام التماثيل المحترقة، وأكفهم ملتصقة، يتمتمون بالتعاويذ
"أماتيراسو أو ميكامي... أظهري نفسك مجددًا..."
كانت أصواتهم مبحوحة، ونبراتهم مملوءة بالخوف، وإيقاع تراتيلهم قد تشتت تحت تأثير موجات القصف، فأصبحت متقطعة وسخيفة
بعضهم كانت عيناه مسعورتين، يسجد بلا توقف، وآخرون بلغ بهم الرعب أن ابتلت أرديتهم، لكنهم لم يجرؤوا على التوقف عن الدعاء
— كانوا يظنون أن هذه ليلة عقاب عظيم، وأيضًا فرصتهم الأخيرة لاستدعاء الحكام لحماية أمتهم
لكنهم كانوا مخطئين
على الجهة الأخرى من المنحدر، كانت وحدة قاذفات اللهب التابعة للفصيل التاسع الهجومي قد أخذت مواقعها
اصطفوا في مجموعات من ثلاثة، يرتدون دروعًا مقاومة للحرارة، وخوذات بمرشحات تنقية هواء، ويحملون خزانات وقود على ظهورهم، واقفين بصمت خلف الأشجار
لا صيحات، لا شعارات
كانوا فقط ينتظرون الإشارة
رفع القائد يده، ثم هوى بكفه اليمنى إلى الأسفل
— التنفيذ!
رفع مشغلو قاذفات اللهب أسلحتهم وضغطوا على الزناد في وقت واحد!
"ششش—فوووش—!!!"
ثلاثة تنانين نارية تتلوى كالأفاعي المجنونة، تحرق الهواء، ومع "فووش" مدوٍّ، اندفعت ألسنة نيران بطول خمسة أمتار نحو مجمع المزار!
تحت الجدران المتداعية، لم يكن الرهبان الكهّان قد استوعبوا ما يحدث بعد
وفي الثانية التالية، اجتاحت النيران المذبح!
اشتعلت أرديتهم العظيمة، وحليهم، وورق التعويذات في لحظة، ولسعت ألسنة اللهب آباطهم وأعناقهم وأكمامهم، فتحولوا إلى مشاعل بشرية ملتهبة في طرفة عين!
"آااه—!!!"
"أيها الحاكم—أنقذني—!!"
"يا حاكم... يا حاكم!!!"
تعالت الصرخات في الوادي، فيما كان الكهّان يتلوون وسط اللهب، بعضهم اندفع نحو المنصة المكرَّمة، وبعضهم تدحرج على الدرجات الحجرية، وآخرون رفعوا كتب تعاويذهم عاليًا معتقدين أنها تقيهم العقاب العظيم
لكن لا جدوى
لم يُقتلوا على يد العدو؛ بل حوّلتهم جهلهم إلى فحم
انهار التمثال الخشبي لـ"أماتيراسو أو ميكامي" على منصة المزار بفعل شدة النيران، وسقط برأسه في المبخرة الذهبية المشتعلة
ومع ارتطام مدوٍّ، انفجرت المبخرة، وانهار المذبح!
الأشجار المعمّرة، والمخطوطات السلفية، وختم الكاهن الأكبر للحرب، وسيوف الساموراي الإمبراطورية، كلها التهمتها النيران!
تدفق الدخان الكثيف نحو السماء، ومع أن الفجر لم يطلع بعد، إلا أن قمة الجبل كانت تتوهج حُمرة!
في تلك اللحظة، كان كاتب جيش مينغ يقف في موقع مرتفع على المنحدر الأوسط، يحمل طرفية قلم محمولة، يحدق في المشهد الجحيمي أمامه، وضغط زر الالتقاط
ثم فعّل الهوائي عالي التردد للإرسال إلى الأسطول القائد "تشنغ تيان"
تقرير المعركة—
"السلطة المكرَّمة في كاجوشيما، دُمّرت"
"روح القتال في وا، قُطعت"
غير بعيد، كان جندي منهزم من وا يتعثر نزولًا إلى سفح الجبل، ورأى الحريق العظيم، فارتجفت شفتاه
شاهد بعينيه المزار يحترق، والرهبان الكهّان يصرخون، والتماثيل المكرَّمة تلتهمها النيران
جثا على الأرض، وبكى بصوت مبحوح:
"أماتيراسو... انتهت؟"
لم يجبه أحد
بعد سبع ساعات من بدء المعركة
انهارت أسوار المدينة، وتناثرت الطوب والقرميد في زوايا الشوارع
البرج الرئيسي الذي كان شامخًا، صار كومة فحم وأعمدة حجرية مائلة، مختلطة بشظايا دروع حديدية وعظام بشرية متفحمة، والدخان العالق لم يتبدد بعد
مصير الجنرالات الثلاثة الجنوبيين للشوغونية أنهى الروح العسكرية في كاجوشيما
أحدهم أحرق نفسه، ولوح حديد خوذته مغروس في جمجمته، وجسده نصف جاثٍ أمام المنصة المكرَّمة، وعيناه مفتوحتان في الموت؛
آخر أُسر وهو يحاول قطع لسانه ليموت شهيدًا، لكن جيش الإمبراطورية أخضعه بمخدر وأُخذ إلى السجن الحديدي في الميناء؛
وثالث فر إلى وسط الحريق محاولًا الاختباء في المزار، لكن النيران ابتلعته تمامًا، واخترقت أرضية المعبد فسقط معها
في الشوارع، رايات "البوشيدو" التي كانت ترفرف على حواف الأسقف، تحولت منذ زمن إلى رماد بفعل الانفجار الحارق، وتبعثرت حروفها السوداء على خلفيتها البيضاء كالثلج في الريح، تتساقط على المجاري والجثث والأرض المحترقة
آخر ذرة كرامة لوا مُسحت تمامًا
ارتفع علم التنين العظيم لمينغ
سطحه كالدم، وتنين أسود ذهبي يزأر نحو السماء على أرضية قانية، ومع انتشار القماش أطلق صفيرًا حادًا
ارتفع في قلب بوابة القلعة السابقة للساموراي، حيث كان يُعلَّق "روح إقليم كاجوشيما"
أما الآن، فارتفع علم مينغ عاليًا، وتحته عشرات الآلاف من الجثث
لم يجرؤ أحد على رفع رأسه
معركة كاجوشيما استمرت ست ساعات وثماني وأربعين دقيقة فقط
نشرت الإمبراطورية ما مجموعه عشرين ألف جندي بري، وثلاثة أسراب هجومية من القوات الجوية، وتسعة قطاعات تغطية مدفعية، وأسقطت 3500 قنبلة
النتائج: الإبادة الكاملة لثلاثة عشر ألفًا وسبعمائة وأربعة وستين مدافعًا
تسعة عشر مزارًا أُحرقت، وستة ثكنات، ومنطقة المعابد أُغلقت بالكامل ونُظفت بقاذفات اللهب، والدم سال كالأنهار، وبرك الأزقة تحولت حمراء، وفوانيس الحجر على جانبي الشوارع صُبغت بالدم البني الداكن
وفي تلك اللحظة، كانت المنطقة المدنية في كاجوشيما ما تزال غارقة في فوضى ورعب لا يوصفان
من بداية المعركة حتى نهايتها، كان كل ما شعروا به:
— اهتزاز
— هدير
— دخان كثيف يهبط، شوارع تنفجر، جدران تنهار
كثيرون لم يكونوا قد خرجوا من تحت الأرض بعد، حين كانت المدينة كلها قد تغيرت
عجوز خرجت من الجدار الخلفي المنهار لمطبخها، وزحفت حتى مدخل الزقاق
يدها ترتجف وهي تقبض على حفنة من التراب المحترق، والدموع تتساقط من عينيها، لكنها لم تستطع النطق بكلمة
— لأن أمامها مباشرة، "بيت الخط" المقابل للشارع، الذي كانت أنواره مشتعلة قبل خمس عشرة دقيقة فقط، صار الآن مجرد هيكل متفحم
وفي بيت آخر، أُخرج رجل للتو من منزله
كان ناسجًا، لا يعرف إلا المكوك والأصباغ، ولم يطأ ساحة معركة في حياته
لكن أحد الجيران أبلغ أنه كان مساعد مدرب في دوجو ساموراي في شبابه، ويُشتبه بإخفائه سيفًا قصيرًا قديم الطراز
طبق جنود الإمبراطورية القانون بصمت، اصطف ثلاثة، وجرّوه إلى عمود خدمات على جانب الشارع
"كليك"
رصاصة في الحجرة
"دووم—!"
سقط أرضًا، وانفجرت جمجمته، وتناثرت دماغه على مئزر ابنه أمامه
استغرقت العملية كلها أقل من عشر ثوانٍ
صرخت زوجته صرخة مكتومة كادت تخنقها، لكن جنديين أمسكا بها لمنعها من "تعكير النظام بعد الحرب"
أما بقية الناس في الزقاق، فقد أحنوا رؤوسهم وجثوا على الأرض، لا يجرؤون على الحركة
لم يعرفوا ما الذي حدث—
لكنهم كانوا يعرفون أنه منذ الصباح، كان هناك صوت "طقطقة" لا يتوقف
ثم—
المزار اختفى
العلم العسكري تغيّر
الرجال يُسحبون ويُقتلون رميًا بالرصاص، الكهنة يُحرقون أحياء، وبوابة المدينة عليها علم جديد
كانوا أحياء، لكنهم كالجثث السائرة
لم يبقَ في أذهانهم إلا فكرة واحدة:
"هل هذه المدينة... لم تعد لنا؟"
اصطف جنود مينغ لتطهير الشوارع، خطواتهم منتظمة، وفوهات أسلحتهم غير منخفضة، ومخازنهم غير فارغة
لم يتكلموا، بل نظروا أمامهم مباشرة
ما يفعلونه الآن لم يكن سوى دم بالدم!
كان عليهم أن يتوقعوا هذا اليوم حين غزوا تشجيانغ وفوجيان، وأرهقوا شعب السواحل!
السن بالسن، والدم بالدم!
ولتجعل مدافع مينغ العظمى تدوي بأنشودة النصر لعدالة البشر!!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
شاركنا رأيك واقتراحاتك في التعليقات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ