253 - تحول المعبد إلى رماد ودُفنت المدينة في الأرض، ولم يتبق أي حاكم ياباني!

🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿

📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة

🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جلس توكوغاوا إييميتسو مستقيمًا في الوسط، ووجهه شاحب

وعلى يساره ويمينه لم يعد هناك الوزراء المذهّبون والجنود الرهبان المكرَّمون كما في السابق، بل أمراء إقطاعيون محليون وأسياد قلاع صغار، وجوههم متعبة، وأجسادهم مملوءة بالندوب، وعيونهم يكسوها الذعر

كانت دروعهم ممزقة، وأسلحتهم صدئة، وكل واحد منهم يحمل ملامح الجدية، والجو خانق كأن غطاء نعش يضغط عليهم

لم يأتوا لمناقشة الخطط، بل جاؤوا لسماع "أمر موت"

عض توكوغاوا إييميتسو على أسنانه، وصوته بدا وكأنه يُنتزع من أعماق حلقه: "إن أسرة مينغ العظمى... متغطرسة للغاية"

ضرب بيده على الطاولة بقوة، فصدر صوت مدوٍ، ما أفزع أحد الأمراء المسنين على يساره حتى كاد أن ينهار على ركبتيه

"لقد أصدرت أمرًا بجمع جميع الساموراي المتبقين، والروّنين، والجنود الرهبان، وقطاع الطرق من أنحاء البلاد — بغض النظر عن أصلهم، المهم قدرتهم على القتال"

"كل ذكر تجاوز الثالثة عشرة من عمره سيتم تجنيده في ’كتيبة الموت‘"

"سيكون مع كل واحد منهم سيف ورمح وتعويذة، وحتى لو استطاعوا الصمود ليوم واحد فقط، فلا يجب السماح لجيش مينغ بأن يطأ قدمه إيدو"

وبعد أن أنهى كلامه، التفت إلى من خلفه: "انشروا الأسماء في كل المعابد عبر البلاد"

"ومن لا يلتزم، فمصير عشيرته الإبادة"

جعل هذا التصريح القاعة بأكملها تغرق في صمت تام

سأل أحد الأمراء الشبان بحذر: "يا جنرال... ألم تقل أسرة مينغ إنه إن استسلمنا ستُترك لنا حياتنا... فهل ربما..."

قبل أن يكمل، صفعه مسؤول كبير في منتصف العمر بجانبه بقوة!

"هل ما زلت تريد أن تبقى إنسانًا؟! قلعتك، ومعبدك، وأجدادك — كلهم أُحرقوا حتى صاروا رمادًا!!!"

"هل ما زلت تريد أن تجادلهم؟!"

وعند سماع هذا، ازداد وجه توكوغاوا إييميتسو انقباضًا

رفع رأسه نحو دخان البخور الذي لا يزال يتصاعد من حافة السقف، وتمتم: "هم الذين لا يجادلون"

"كنت أظن أنه بعد معركة كاغوشيما، ستتوقف أسرة مينغ، وستتفاوض، وستقف عند الحدود"

"لكنهم واصلوا التقدم بلا توقف، يزحفون من خمسة جبهات، دون أن يتركوا لنا حتى منفذًا واحدًا"

احمرت عيناه فجأة، وارتفع صوته: "هم... هم لن يتركوا لنا حتى طريقًا واحدًا للنجاة!!!"

أطرق المسؤولون برؤوسهم في صمت

وتحدث جندي راهب بصوت منخفض: "يا جنرال... إن عرضنا عليهم إيدو..."

"صه!!!" زمجر توكوغاوا إييميتسو، وكاد أن يشهر سيفه

حل صمت للحظة

جلس توكوغاوا ثانية، وعاد صوته منخفضًا بالكاد يُسمع: "لم أفهم إلا الآن..."

"منذ أشهر... نزل حريق عظيم من السماء، وأحرق أوساكا وكوماموتو..."

"كنا نظنه عقابًا عظيمًا، غضبًا من الحاكم الأعظم"

التفت إلى مسؤوليه، وعض على أسنانه، ونطق كل كلمة بوضوح: "لكنني الآن أرى أنها كانت طيورهم الحديدية التابعة لمينغ —"

"تمطر نارًا من السماء"

"ليست عقابًا عظيمًا، بل جنود علويون"

"ونحن... لم نعد نملك حتى الحق في تقديم الدم للعقاب العظيم"

لم يجرؤ أحد في القاعة على الرد

فالجميع كان يعلم ما تعنيه هذه الكلمات

حتى الجنرال نفسه لم يعد يعتقد أن بإمكانهم الفوز

وفي ذلك اليوم نفسه، صدر أمر التعبئة لكتيبة الموت وعلّق في كل مكان:

"أيها الساموراي، ارتدوا دروعكم واذهبوا إلى المعركة"

"أيها الرهبان، اذبحوا الأعداء وصدّوا الغزاة"

"أيها الروّنين وقطاع الطرق، اكسبوا المجد لتكفّروا عن خطاياكم"

"إن دافعت إيدو لعشرة أيام، سيمنحك الجنرال لقب ’روح بطولية لمئة جيل‘"

لكن من تلقوا هذا "الأمر" كانوا في الغالب:

ساموراي مسنون عادوا للتو من الجبال، أرجلهم ضعيفة وسيوفهم صدئة

روّنين تائهون منذ سنين، ملابسهم ممزقة وعيونهم تائهة من الجوع

جنود رهبان في معابد متهالكة، لا يملكون إلا عصيًا خشبية

وقفوا تحت لوح الإعلانات، يراقبون طائرات جيش مينغ وهي تحلق فوقهم، وخطوط عادمها ترسم مسارات في السماء

رفع أحدهم رأسه بذهول وقال: "أقوى أسلحتنا مجرد بندقية فتيل... كيف سنقاتل ضد ذلك الشيء...؟"

وبجواره، صبي بثياب ممزقة خفض رأسه، قابضًا على سيفه

لم يقل شيئًا

لأنه لم يعد يعرف ما الذي يمكنه أن يؤمن به

الضفة الغربية لخليج طوكيو، قبل الفجر، يلفها ضباب البحر

على الشاطئ الرمادي المائل للبياض وقفت مجموعة جنود، بزاتهم غير مرتبة، وملامحهم شاحبة

هؤلاء هم "كتيبة الموت" التي شكّلها الشوغون مؤقتًا —

تألفت من روّنين، وجنود رهبان، وساموراي شبان، بل وحتى من عامة الشعب المجندين، برؤوس معصوبة بقطع قماش بيضاء، وصفائح نحاسية مكسورة معلقة على صدورهم، بالكاد تُعتبر "قوة منظمة"

لم يتلقوا أي تدريب، ولا قيادة موحدة، سوى أمر واحد:

"إن نزل جيش مينغ من الساحل، قاتلوا حتى الموت"

ولم يكن أمامهم أي تحصينات، ولا غطاء، ولا حتى مدفع واحد

فقط عشرات البنادق الفتيلية، وبعض الرماح الطويلة، ومجارف حُدّت أطرافها لتصبح كسيوف

لكنهم لم يكونوا يعلمون أن جيش مينغ لن "ينزل من الساحل" أصلًا —

بل سيأتي من السماء

الساعة 6:37 صباحًا

هبّت ريح شرقية من خليج طوكيو، مثيرة الرمال الرمادية على الشاطئ

وفجأة، دوّى هدير عميق من السماء!

رفع بعض جنود كتيبة الموت رؤوسهم، فرأوا عشرات طائرات جيش مينغ الحربية تخترق الغيوم، كنسور محلّقة، وبطونها تتلألأ ببريق معدني

وكانت تتقدمهم الكتيبة الثالثة عشرة من سلاح الجو لمينغ، بقيادة شي كفا، تنفذ "ضربة استطلاع نارية"

لم يسألوا عن مواقع العدو

بل ألقوا القنابل مباشرة

بوووم—!!!!

سقط أول لغم شديد الانفجار في وسط كتيبة الموت

طار أكثر من عشرة أشخاص في الهواء على الفور، وتناثرت الأشلاء، وتمزقت الأجساد، وتصاعد مطر دم إلى السماء!

سقط الثاني تحت راية بوشيدو؛ العلم الأبيض المكتوب عليه "أقسم بالموت لحماية الأمة" احترق مع عموده وقاعدته

هز انفجار الموجة الصدمية البنادق الفتيلية، والأعلام، وطبول الحرب، والجثث إلى السماء، ولم يتبق سوى حفر متفحمة وحطام متناثر على الرمال

"آه... آه!!!"

"أنقذوني!! ساعدوني!!!"

تعالت الصرخات في لحظة

وتفرّقت "كتيبة الموت"، التي لم تختبر الحرب الحديثة، مثل كلاب مسعورة وسط الجحيم الناري، تتصادم، وتقفز إلى الخنادق، وتغوص في البرك

بعضهم تهشمت جماجمهم، وبعضهم فقدوا أرجلهم، وبعضهم ركعوا وهم يمسكون بسيوف مكسورة، يصرخون بالبكاء

لم يكونوا جنودًا؛ كانوا خرافًا تُساق للذبح

دارت طائرات جيش مينغ على ارتفاع منخفض، وفتحت نيران الرشاشات!

"دددددددددد—!!!"

انهالت صفوف الرصاص من السماء، فاخترقت صدور عشرات الأشخاص فورًا، ورسم الدم المتفجر خطوطًا حمراء فاقعة على الرمال

في خمس دقائق فقط

تمت إبادة هذه الوحدة الأولى من "كتيبة الموت" المكونة من خمسمئة رجل بالكامل

لم يعد بالإمكان حتى عدّ الجثث، فبعضها تمزق لدرجة أن عائلاتهم لم تعد قادرة على التعرف عليهم

لم يحملوا شيئًا، ولم تتاح لهم حتى فرصة لإرسال كلمة واحدة للوراء

ظنوا أن هذه "معركة حياة أو موت"

لكنها لم تكن معركة، بل كانت عملية تنظيف أحادية الجانب

بعد ساعتين من انتهاء الانفجارات

وصلت المجموعة الثانية المدرعة لجيش مينغ إلى خليج طوكيو

اصطفت مئات الدبابات، ومدافعها مرفوعة، وسلاسلها تسحق الأرض، متقدمة ببطء على الطريق الذي فتحه سلاح الجو

كانت نسائم البحر لا تزال تحمل رائحة البارود والدماء، والأرض سوداء محترقة، والأطراف والعظام المقطعة مشهد يبعث على الرعب

خرجت مركبة القيادة ببطء من الصف، وصعد شخصية داكنة إلى برج المدفع

إنه — تشانغ جُه

كان بكامل تسليحه، وقناع وجهه مثبت بإحكام، وعلى صدره وسام "طليعة قاهرة الشياطين"، وعلى ظهره رشاش ثاندرفاير-S9 وسيف

وقف فوق البرج، يحدق نحو المدينة القريبة التي لم تسقط بعد

تلك كانت — إيدو

آخر وجه لليابان، وعاصمتها الأخيرة، وآخر ورقة مساومة لها

خلع تشانغ جُه قناع وجهه، مواجهًا اليابان بوجهه الحقيقي لأول مرة

أخذ مكبر صوت ذهبي من ضابط، وبصوت عالٍ وسط صمت الجيش، أعلن نحو إيدو:

"طليعة مينغ تشانغ جُه هنا—"

"بعد ثلاث ساعات، سيصل جيش مينغ إلى البوابة الرئيسية لإيدو"

"من يفتح الأبواب ويسلّم، فله الحياة"

"ومن يرفض ويقاتل، فلن يموت وحده — بل ستزول المدينة أيضًا"

"المعابد ستتحول إلى رماد، والمدن إلى تراب"

"لن يُبقي أحدًا، ولن يُعفى أي حاكم"

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انتهى الفصل

شاركنا رأيك واقتراحاتك في التعليقات

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2025/08/14 · 11 مشاهدة · 1192 كلمة
AHMED JB
نادي الروايات - 2025