🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿
📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة
🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حلّ الليل
خارج الكوخ، كان الهواء يثير الغبار المالح الخانق، ممتزجًا برائحة البارود والعفن الرطب
كان تاكو تشين متكوّرًا في زاوية الكوخ، يلف ركبتيه بقطع قماش بالية، يحدق بعينين فارغتين نحو أضواء البحث البعيدة التي ما زالت تقوم بدوريات ليلية، صامتًا لوقت طويل
كان والده بجواره يعيد وضع الدواء على جرحه بصمت
طال الصمت بينهما، حتى تكلم تاكو تشين بصوت منخفض أخيرًا:
"أبي… هل لا يزال هناك مخرج لنا؟"
كان صوته خافتًا للغاية، كأنّه أنين مضغوط من أعماق صدره
توقفت يد والده، ولم يرفع رأسه، وأجاب بفتور: "ليس في هذه الحياة"
"في الحياة القادمة، وُلد في عائلة جيدة، وكن من أبناء مينغ"
تجمد تاكو تشين، وكأن مسمارًا ثبّته في الأرض
"أبي، أنت…" اختنق صوته
صمت الأب قليلًا، ثم وضع قطعة القماش الطبية جانبًا، ورفع رأسه أخيرًا، متحدثًا ببطء: "مدافعهم قادرة على نسف تلة من بعد كيلومترين؛ وبنادقهم تخترق صدور ثلاثة من دروعنا الخيزرانية مجتمعة"
"هل تعلم أين قاتلت حينها؟ ياماشيرو، كوبي، ريوكيو… كتيبة منّا تقدمت ثلاثين ليلاً في ليلة واحدة، وبحلول الصباح أُبيد الجيش بالكامل"
"مع أول ضوء للفجر، جاءت أسراب الطائرات من السماء مثل سحابة سوداء، وفي أقل من نصف ساعة، نسفت الخط الأمامي، والمخزن، ومركز القيادة إلى رماد"
"أخبرني أنت – أمام خصم كهذا، ما فائدة الكلام عن الاستسلام؟"
ابتسم بمرارة: "كل من عاد حيًا، واقفًا، جثا على ركبتيه"
"وحدهم الأموات لا يطأطئون رؤوسهم"
في اليوم التالي عند الظهيرة، كانت الشمس حارقة حتى بدا الرمل الرمادي أبيض اللون
وقف تاكو تشين في طابور الطعام كالمعتاد
كانت وجبة اليوم "لفت مالح متعفن + أرز أبيض بارد"، بلا قطرة زيت واحدة
جلس القرفصاء في زاوية ممسكًا بوعاء طعامه، يخلط الأرز الأبيض بماء اللفت ويتناوله، ملوحًا لدرجة دموعه، لكن معدته بقيت فارغة
وبينما يأكل، ألقى نظرة جانبية على "مقعد المشرف" على بعد عشرة أمتار – كان المشرف جيا رينده يجلس أمام طاولة بلاستيكية
على طاولته أربعة أطباق وحساء، الأرز يتصاعد منه البخار، والأطباق تشمل سمك الحريش المطهو، خضار محفوظة مع لحم البطن، بيض مخفوق، وحتى خضار خضراء مع التوفو، وفي الحساء تطفو قشور الروبيان
كان جيا رينده يأكل بشهية، والسيجارة لا تزال معلقة في فمه، يضحك ويتحدث مع جليسه
"... من حسن الحظ أننا أنهينا القتال بسرعة العام الماضي، وإلا لما جاءت أفواج السياح هذا العام"
تناول بعصاه قطعة سمك الحريش المطهو، غمسها في بعض الحساء، وأكل والسيجارة في فمه، كمسؤول مينغي في إجازة هادئة، لا كرئيس مشرف على معسكر عمل عقابي في جزيرة وا
ذلك المشهد كان كالمسمار، انغرس بقوة في عيني تاكو تشين
خفض رأسه ناظرًا إلى قلب اللفت الأصفر في وعاء طعامه، لونه يميل إلى الأخضر، حوافه ملتوية، وصلب كقشرة شجرة عند قضمه، ورائحته خليط من العفن ورائحة غير مغسولة
مضغ عدة مرات، وإذا بأسنانه تصطدم بجسم صلب، بصق ما في فمه، فإذا به نصف قشرة حشرة
توقف لحظة، لم يتكلم، ومسح البقايا الممزوجة بالتراب والحشرة على بنطاله بهدوء، ثم واصل الأكل ورأسه منخفض
تصاعد طعم حامض في معدته، فابتلعه مع ماء بارد
لم يواسه أحد، لأن الجميع كانوا مثله
كان القسم الغربي من موقع البناء مخصصًا كـ "قاعة طعام العمل العقابي لليابانيين"
لا توجد طاولات ولا كراسٍ، والأرض خليط من الحصى والطين وقطع الطوب
كل اليابانيين يأكلون قرفصاء، بعضهم يجلس على طوب مهمل، وآخرون على حجر، وآخرون مباشرة على الأرض، تحيط بهم الذباب والغبار وبقع الماء
نادراً ما يتحدثون أثناء الأكل
ليس لأنهم لا يريدون، بل لأنهم متعبون جدًا لفتح أفواههم
رجل ياباني نحيل عجوز، أثناء مضغه الأرز الأبيض البارد، صب سرًا ما تبقى من حساء جاره في وعائه. كان الحساء "لفت أبيض مسلوق في ماء مالح"، بلا أثر للزيت، لكنه لعق رشفة منه بابتسامة سعادة، كمن يأكل حلوى سرًا
"إنه ساخن" تمتم بفمه الخالي من الأسنان، وهو يبتلع
امرأة كانت قرفصاء في زاوية موحلة، تحتضن طفلًا وجهه شاحب، وبقايا أرز على شفتيه
أعطته قضمة صغيرة من خيوط مخللها الفاسد، فتردد لحظة، ثم قضمه—
لتنهمر دموعه فورًا
"مالح جدًا" قال الطفل بصوت خافت، "كالحجر"
مسحت المرأة رأسه دون أن تتكلم، وشدته إليها أكثر
قريبًا، شاب فجأة وضع يده على فمه وتقيأ
"كح—كح كح!"
لم يبتلع طعامه بعد حتى تقيأ نصف وعاء
من حوله ألقوا نظرة سريعة، ثم عادوا يخفضون رؤوسهم ويبتلعون طعامهم بسرعة
لم يجرؤ أحد على إضاعة الوقت
كل دقيقة تُحسب كوقت عمل
بعد الأكل، تبقى نصف ساعة استراحة غداء – لكنها ليست للنوم، بل لمهام جانبية لا تُحتسب في "نقاط العمل"، مثل تنظيف المصارف، وغسل الدلاء الحديدية، وإصلاح الأدوات
كانت ساحة طعام المعسكر العقابي أشبه بحظيرة كلاب مؤقتة بُنيت فوق أرض مقبرة
لكل كلب مكانه، لكن بلا اسم
فقط رقم، ووعاء طعام
وعلى أوعية الطعام كتابات بختم مينغ: "ياباني · 315" "ياباني · 809"…
نظر تاكو تشين إلى وعاء طعامه، وقد تكسرت حافته وظهر صدأ خفيف في قاعه
مد يده ولمسه، كما لو يلمس نفسه
في منتصف وجبته، رفع رأسه قليلًا حين سمع ضحكة من جهة المشرف جيا رينده
كان المشرف يسكب الشاي، تمتم بشيء، ثم دفع كرسيه، ووقف وتمدد
على طاولته، نصف الطعام ما زال كما هو، يلمع بالزيت ويتصاعد منه البخار
أما هنا، فمجموعة من اليابانيين يقرفصون على الأرض، يلعقون أرزًا أبيض ممزوجًا بالماء المالح، دون أن يجرؤوا حتى على ذكر الدفء
خفض تاكو تشين رأسه وأخذ آخر لقمة من العصيدة الخفيفة
قضم قطعة من اللفت المبشور – لم يكن فيها حشرة هذه المرة، لكنها كانت صلبة جدًا، مضغها ثلاث مرات قبل أن يبتلعها
قرقرت معدته، كأنها تذكره:
"أنت ياباني، وهذا ما يجب أن تأكله"
فجأة، جاءه حديث خافت من الجوار:
"انظر إلى هذه الصحيفة – حقًا مكتوب فيها"
"لوزون سقطت، مينغ العظمى غزت دولة أخرى"
المتحدث كان ناجاوا، عامل عقابي متعلم من كوخ قريب، كان معلمًا من قبل، ويعرف الحروف الصينية
كان يلوّح بحماس بصحيفة قديمة مجعدة، حوافها ملطخة ومجعدة، وأحد أطرافها استُخدم لمسح أحدهم، لكنه لم يكترث بالأوساخ
"انظروا ماذا هنا – 'أسطول الحملة الخارجية السابع للإمبراطورية يقتحم لوزون، ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ من المعركة الدموية، 30 ألف قتيل، 150 ألف أسير أحياء'"
"الإعلان الرسمي يقول إنه سيتم تنظيف لوزون خلال عشرة أيام، وسيُرسل مليون عامل عقابي إلى جزيرة وا!"
حتى تاكو تشين رفع رأسه عند هذا
"مليون؟" شهق أحدهم بصوت منخفض، "إذًا… إذًا سنرتاح قليلًا، أليس كذلك؟"
"نعم، عندما يأتون، سنتمكن من الراحة… أليس كذلك؟" قال أحدهم بابتسامة ساذجة
لكن ناجاوا صمت
قلب الصفحة، كاشفًا عن سطر صغير أسفل الصفحة الثانية:
"في ذلك الوقت، سيُعاد تصنيف العمال العقابيين الحاليين، وتقسيمهم إلى ثلاث درجات حسب الولاء، واللياقة البدنية، والمهارة، ومن لا يستوفي الشروط سيتم تنظيفه في تاريخ يُحدد"
كانت كلمتا "تنظيفه" مطبوعتين باللون الأحمر
توقف ناجاوا عن الكلام، وارتعش فمه، ثم حشر الصحيفة في ثيابه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
شاركنا رأيك واقتراحاتك في التعليقات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ