🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿
📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة
🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان ربيع جزيرة وا دائمًا يجلب رياحًا تفوح منها رائحة البحر
كانت رطبة، لزجة، وتحمل طعمًا مريرًا
حتى عندما تسطع الشمس على هذه الأرض، فإنها لا تدفئ إلا الشوارع الصينية، والمطاعم الصينية، والحانات الصينية
أما اليابانيون، فلم يكن أمامهم سوى الاختباء في فجوات خيامهم، يراقبون الضوء وهو يتسرب ببطء عبر أصابعهم المتجمدة، دون أن يجرؤوا على الاقتراب منه
لم يعودوا جديرين بأشعة الشمس
كانوا يومًا ما محاربين، أما الآن فهم عبيد
يرتدون ثيابًا قطنية ممزقة، وشعورهم متجمدة بملح الصقيع، متكوّرين في خيام بالية
يقضمون "كرات أرز" مصنوعة من لحاء الأشجار والتبن — وهي في الحقيقة كتل صلبة رمادية مائلة إلى الصفرة، تصدر صوت قرمشة عند قضّها
الماء مالح
الطعام بارد
والعمل لا ينتهي
طالما بقي فيهم نفس، فعليهم أن يعملوا
حتى من كسرت ساقه أو أصيب بالعمى، كان عليه أن يحمل المكنسة لتنظيف الطرق، أو ينقل الطوب، أو يفرغ الفضلات، أو ينظف المراحيض
لم تعد قادرًا على العمل؟
المشرف يركلك أرضًا، ويكتب أمر ترحيل، ويرسلك إلى "معسكر الدين بالدم"
— ذلك هو الجحيم الحقيقي
كان معسكر الدين بالدم مكانًا "لرد الديون" للصينيين
أولئك الجنود اليابانيون الذين كانوا يرفعون السيوف لقتل الناس، ويحرقون القرى، وينهبون الحبوب، أصبحوا الآن مقيدين إلى أعمدة خشبية، يأتِي الصينيون الذين فقدوا أقاربهم ليقتصوا منهم بالسكاكين ويسوّوا "الديون بالدم"
لم يكونوا يُقتلون فورًا؛ بل تُقطع لحومهم، وتُكشط عظامهم، وتُسلخ وجوههم، وتُفقأ أعينهم، وتُهشم عظامهم، وتُسحب أوتارهم، ليقاسوا ثلاثة إلى خمسة أيام قبل أن يموتوا أخيرًا
بعضهم لم يتبق منه جسد كامل قبل أن يلفظ أنفاسه
لذلك، كان اليابانيون الآخرون يتشبثون بالحياة يائسين، ويرفضون السقوط
فقط لتجنب ذلك المكان
"لماذا قاتلنا مينغ العظمى..."
داخل خيمة، سأل أحدهم بصوت أجش منخفض
لم يجب أحد
لكن الأنظار زاغت نحو الزاوية، حيث كان مسؤول صغير من أحد الدويلات السابقة جاثيًا، وجهه مغطى بعلامات الصفعات، ويداه أزرقتا من الصقيع، وهو يمزق بأسنانه اللحم المتجمد في كفه، محاولًا خداع فحص الصحة لجيش مينغ ليتجنب الترحيل
"كل هذا لأنكم أردتم السيطرة على العالم حينها... انظروا الآن، أنتم أسوأ من الكلاب"
زمجر أحدهم بصوت خافت، لكن لم يجرؤ أحد على الرد
نعم، من الذي طلب حينها "تحت سقف واحد لثماني زوايا الأرض"، وأراد ضم مينغ العظمى وتدمير الصين؟
الآن، دارت عجلة الجزاء — والبقاء حيًا هو العقاب الأفضل
وفي الوقت نفسه، كانت مدن جزيرة وا تعرض مشهدًا مختلفًا تمامًا
شوارع مستقيمة نظيفة تصطف فيها مبانٍ من الطوب الأخضر والقرميد المزخرف
الحانات ترفع الفوانيس الحمراء عاليًا، وأجراس المعابد تدق بهدوء
قصور على الطراز الصيني بأسقف عالية، وحوامل خشبية مزخرفة، وتحت شرفاتها لافتات صينية، وحتى لوحات الأبواب مكتوب عليها: "الأولوية للصينيين، ممنوع على اليابانيين والكلاب الاقتراب"
كانت الشوارع ليلًا مضاءة ساطعًا
إنها المصابيح الكهربائية — "مصابيح الليل المضيئة" التي نصبتها وزارة الشؤون العسكرية والسياسية لمينغ العظمى، تضاء فور تشغيلها وتبقى مشتعلة في الرياح والأمطار
خارج المدرسة الصينية، كان الأطفال يتلون "العلوم الطبيعية" و"داو ده جينغ"
وكانت الدبابات الدورية تمر أحيانًا ببطء، وجنودها منظمون مهيبون، وخطواتهم مدوية
لكن لا شيء من هذا يخص اليابانيين
لم يكن يُسمح لهم حتى بالاقتراب
كان هناك "خط فصل عرقي" في وسط الشارع؛ عبوره خطوة واحدة يعني الإعدام الفوري بلا عفو
لذلك، لم يكن أمام اليابانيين سوى المشاهدة من بعيد
يشاهدون وطنهم السابق وقد أصبح جنة لغيرهم، يرون أبناءهم يموتون في المناجم، وزوجاتهم يُرسلن إلى بيوت الدعارة، دون حتى كلمة وداع
الغضب يغلي في صدورهم، لكن ماذا بوسعهم أن يفعلوا؟
لا قوة لديهم للانتقام
لم يكن أمامهم سوى التشبث بالحياة، في الرياح والطين، على هذه الأرض التي كانت لهم يومًا ولن يعودوا إليها أبدًا، يتحملون الإهانة ويعيشون بالكاد
وعند مدخل معسكر الدين بالدم، كان الطابور الطويل ما يزال قائمًا
ليس من حيوانات ذبيحة، بل من ديون دم تنتظر السداد
في الشوارع والأزقة، كان اليابانيون وجودًا أسوأ من الكلاب
الكلاب لها أسياد، لكن اليابانيين فقدوا حتى احترامهم لأنفسهم
في عيون جنود الدوريات القادمين من لوزون، لم يكونوا سوى مجموعة من "الخطايا الحية"
حتى في الأيام الممطرة، لم يُسمح لهم بارتداء عباءات القش
وحتى في الثلج الكثيف، لم يكن لهم الاقتراب من أماكن المواقد
رجل ياباني سعل مرات عدة، فجرّه الجنود فورًا بتهمة "الاشتباه في الوباء"
بعد نصف يوم، وُجد ممددًا في حفرة عند زاوية الشارع، متجمدًا، وجهه متشنج، وعيناه مفتوحتان، كأنه غير مستعد للموت
رجل ياباني بساق مكسورة، غير قادر على المشي، جثا بجانب الطريق يتسول
زوجان صينيان، خرجا للتو من بيت شاي، مرا بجواره، والمرأة تمسك بفطيرة في يدها
ظن الرجل أنها ستعطيه صدقة، وامتلأت عيناه بالرجاء
لكن المرأة أعطت الفطيرة للطفل في حضنها، ثم أشارت إلى الرجل وقالت لطفلها بهدوء:
"انظر، هذا شخص سيئ، كان يضايقنا نحن الصينيين"
أومأ الطفل بجدية، ثم ألقى نظرة أخيرة عليه، بلا ذرة شفقة في عينيه
تجمد الرجل، ثم انطفأت نظراته ببطء
لم يبق في عينيه إنسانية
بل إهانة فقط
افتُتح حمّام جديد في شارع الغرب بجزيرة وا، وعليه لافتة تقول: "للصينيين فقط، اليابانيون ممنوعون"
عجوز يابانية مصابة بالجرب حاولت الدخول سرًا للاستحمام بالماء الساخن. وعندما كُشف أمرها، سُحبت إلى الخارج وضُربت علنًا ثلاثين جلدة، ثم طُرحت في عربة روث
سخر أحدهم منها: "حين كنتِ تحرقين حماماتنا، لماذا لم تفكري أنكِ يومًا لن تجدي ماء ساخنًا لتغتسلي به؟"
نزفت رأس العجوز، لكنها عضّت على أسنانها دون أن تنطق بكلمة
كانت تعرف أن كلمة واحدة خاطئة تعني سحبها إلى معسكر الدين بالدم
وذلك المكان — أفظع مئة مرة من ثلاثين جلدة
أما الصينيون في ذلك الوقت؟
في كل شارع وزقاق، الفوانيس والزينة الاحتفالية تملأ المكان
كانت مينغ العظمى مزدهرة آمنة، والحياة نابضة بالحيوية في كل مكان
الصنّاع يجدون من يقدّر حرفهم، والتجار يبيعون بضائعهم بسهولة، وكل أسرة زراعية لديها أرض خصبة، وكل مخزن حبوب مليء
حتى الباعة الجائلون يضعون أكياس المال على خصورهم، وسلاسل الذهب في أيديهم، وحلوى خرزية من اليشم في أفواههم
يمشون بخطى خفيفة، وعند لقاء المعارف يحيونهم ويعطونهم دولارًا فضيًا عرضًا:
"خذ هذه للحلوى، لا تخجل!"
كانوا يحملون العصي لكسب الرزق في الماضي؛ والآن يحملونها للاستمتاع بالحياة
بعضهم يستأجر عمالًا لحمل البضائع، بينما هم يجلسون في مقاهي الشاي على جانب الطريق، يحتسون شاي الأزهار ويستمعون للموسيقى، وفي الأعياد يدعون فرق الأوبرا للعزف
الشعب العادي الذي كان يتجرع الجوع والبرد والإهانة من اليابانيين، أصبح الآن يلبس الذهب والفضة، ويرتدي الحرير عند الخروج، وحتى الاستحمام أصبح له طابور وحجز مسبق
هذا العصر المجيد لم يسقط من السماء
لقد استعيد بسيوف وبنادق الإمبراطور في حملاته الدامية، وانتُزع من أيدي اليابانيين ولوزون وروسيا، طلقة تلو الأخرى!
كانت المغنية الشعبية تشدو بـ "أنشودة عصر الازدهار لمينغ العظمى"، عن "فضل الإمبراطور اللامحدود، وإخلاص الشعب القلبي"
وبجانبها، كان الحكواتي يروّح بمروحة من الخيزران، يروي أسطورة "الإمبراطور الذي غزا جزيرة وا بنفسه وأسقط تِنشوكّاكو بثلاثة سهام"
الأطفال يلتفون حوله، عيونهم تلمع حماسًا، مقلدين هتافات "إسقاط الكلاب اليابانية!"
ضباط صينيون شباب بالزي العسكري ومسدساتهم، يمرون في السوق، يحظون بالاحترام العام
حتى عند دخولهم الحانات، ينهض الناس طوعًا لتحيتهم، منادينهم "بطل!"
مطعم جديد في شرق الشارع مضاء brightly
إعلان على الجدار يقول: "هذا الشهر، خصم 80% لعائلات العسكريين، وأسر الشهداء مجانًا"
صاحبه أسرة هربت من شاندونغ؛ فقد أُحرق منزلهم على يد اليابانيين منذ سنوات. والآن، مع مطعمهم الجديد، كتبوا عند المدخل:
"منزلنا القديم أُحرق أثناء تمرد اليابانيين قبل سبعة عشر عامًا. انتعاشنا اليوم بفضل البلاط الإمبراطوري"
كثيرون كانوا يتوقفون لقراءة العبارة، وعيونهم تدمع، لكنهم يبتسمون ويومئون
كانوا يعرفون أن هذا هو "الانتقام الحقيقي"، ليس بالقتل والحرق، بل بجعل العدو يعيش ويرى أنك تعيش أفضل منه ألف مرة
وفوق ذلك، كان الإجماع في مينغ العظمى أن معاملتهم لليابانيين ما زالت متساهلة، لذا نصت "لوائح تسجيل العبيد" المعدلة على أن: كل الأسرى اليابانيين، إن لم يسجلوا ويحوّلوا لعمال عبيد، يُصنَّفون ضمن "سجل عبيد الكلاب"
يجب أن توضع حول أعناقهم حبال مرقمة، ولا يُسمح لهم بالتحرك بحرية خارج العمل
وعند عدم العمل، يُعادون جميعًا إلى الأقفاص تحت الإشراف
كانت الأقفاص مكسوة بألواح حديدية، لا يتجاوز ارتفاعها نصف قامة شخص، وبعرض يسمح بالزحف على الركبتين، وفي أركانها فرش قش، والأرضية مغطاة بشعر الكلاب، وعظام مكسورة، وبقايا متعفنة
كانت أسوأ من حظائر الكلاب
في نهاية شارع المدينة الشرقي، صف كامل من "أقفاص عبيد الكلاب"
في كل قفص، كان هناك ياباني مقيد
ملامحهم شاردة، ووجوههم هزيلة، يغطون أنفسهم بأغطية بالية، وأنوفهم متقرحة من الصقيع، وعيونهم خالية من الغضب، مليئة بالحيرة فقط
كان الجيران الصينيون المارون يمازحونهم بكلمات:
"ها، أي كلب عض أحدًا اليوم؟"
"ليس كلبًا، بل وحش ياباني أسوأ من الكلب"
أحدهم كان يقضم ساق دجاجة، وعندما وصل إلى العظم، رماه بلا مبالاة إلى القفص:
"هاك، هدية لك"
سقط العظم الدهني بجوار القفص
اندفع الياباني نحوه، لكن قبل أن يلمسه، نبح كلب محلي قريب "هوووف!" وقفز أيضًا
فتدحرج "الوحشان" في عراك، يعضان ويخدشان، تاركين الدم والشعر متناثرًا على الأرض
والجمهور يضحك
"هاها، ذلك الكلب أشجع منه!"
"لنبدّل السلاسل مع كلبنا الأصفر الكبير، قد يجر الطاحونة أفضل من ذلك الوحش!"
صبي قطب حاجبيه، وجلس يراقب كلبه الأصفر الكبير بحزن: "كلبي الأصفر لم يستطع حتى أخذها من هذا السيئ"
ثم خطرت له فكرة، فأخذ عصًا خشبية من كومة الحطب وتقدم
"لا يمكنك ضرب الكلاب، أمي تقول إنهم عائلتنا"
"إذًا لنضرب هذا السيئ"
قال ذلك، وأدخل العصا إلى القفص وضرب الياباني على ظهره بقوة!
"بام!"
صرخ الرجل، يتدحرج ويتلوى، قابضًا على ظهره ويتأوه
"ياماتي... يامِتي كوداساي... (توقف... أرجوك توقف...)"
لم يفهم الصبي اليابانية، لكن النبرة كانت كنباح كلب
زاد حماسه، وانهال عليه بالضرب: "هل كنت تسرق سمك جدي؟"
"هل أحرقت قريتي؟"
"سأضربك حتى الموت، يا كلب!"
الجيران يضحكون إعجابًا: "تسك تسك، وعي الأطفال اليوم مرتفع!"
"نعم، عصرنا المزدهر يجب أن يبدأ بتعليم الأطفال كراهية اليابانيين!"
وأخيرًا، جاء الحراس في الدورية
تجمد الصبي، ظن أنه تورط، فخفض رأسه هامسًا: "لم أقصد..."
لكن الجندي ابتسم وربت على رأسه:
"عمل جيد، اضربه أكثر في المرة القادمة"
"هذا الكلب ينبح بصوت عالٍ، ما يعني أنه ليس عديم الفائدة بعد"
أومأ الصبي بسعادة، ثم نظر إلى الياباني المتكور في دمه، كما لو كان ينظر إلى كومة طين
مع حلول المساء، كانت الرياح الباردة تعصف خارج الأقفاص
أضاء الصينيون مصابيحهم وعادوا إلى بيوتهم، والحساء الساخن والطعام الدافئ يتصاعد منه البخار
أما "عبيد الكلاب" في الأقفاص، فلم يكن أمامهم سوى الانكماش، مرتجفين بين الماء العفن ذي الرائحة الكريهة وقضبان الحديد
لم يعرفوا كم يومًا آخر ستستمر هذه الإهانة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
شاركنا رأيك واقتراحاتك في التعليقات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ