🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿
📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة
🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم
📖 ﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ (سورة الشرح، الآية 6)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في اليوم الذي عاد فيه تشو يوجيان إلى القصر كان النهار صافياً بلا غيوم، واصطفّ الناس على الطرقات لاستقباله، ساجدين كالبحر الممتد
منذ عودته من جزيرة وا انتشرت هيبة إمبراطور مينغ العظمى في الآفاق، فارتعدت الأُمم الشرقية والقبائل الغربية عند اسمه، ووقّره أهل الحدود التسع كعظيم
من بوابة دونغجيمين حتى خارج القصر المحظور ركع الناس على امتداد أكثر من 70 لي وهم يهتفون بصوت واحد: «عاش إمبراطورنا» و«لقد أتعبتَ نفسك من أجلنا يا مولانا» و«ابن السماء لمينغ العظمى الذي ثأر لدمائنا»
وقف تشو يوجيان على عربة الموكب الإمبراطورية مرتدياً ثياب القتال، ملامحه هادئة، لكن بريقاً بارداً خافتاً لمع في أعماق عينيه
كان يعلم أنّ هذا النصر ليس النهاية، بل مجرد بداية
لم يرد مجرّد الفتح
أراد أن يتذكّر العالم أنّ مينغ العظمى أمة مكرّمة بقَدَر سماوي، لا يجرؤ أحد على مسّها
في اليوم التالي بعد اجتماع البلاط أدّى جميع المسؤولين التحية
تقدّم وزير الطقوس وانحنى وقد ضمّ كفّيه، صوته ليس عالياً، لكن كل كلمة كأنها سكين قائلاً إنّ لديه اقتراحاً يبعث الهيبة في النفوس ويثبّت قلوب الناس ويكون إنذاراً للأجيال
رفع تشو يوجيان بصره إليه ولم يتكلم
قال الوزير بنبرة عميقة إنّ الفتنة في جزيرة وا أصلُها من الأسرة الحاكمة هناك لا من شرّ عامة الناس
هؤلاء الأمراء والنبلاء توارثوا الطغيان جيلاً بعد جيل، وأقاموا ولايات عسكرية سراً، وأثاروا كراهية معادية للصينيين، وحرّضوا على الهجمات والنهب
أجسادهم اليوم في الأسر، لكن قلوبهم لم تُعاقَب بعد
يقترح بناء «حديقة عرض للنبلاء» على الأرض الخلاء في المدينة الشرقية لجزيرة وا
يُحجَز فيها كل الأمراء والنبلاء اليابانيين الذين أشعلوا الحروب وقادوا الغزو في الماضي، كأنهم ماشية، ليشاهدهم الناس
ساد الصمت في القاعة
رفع تشو يوجيان حاجبه وابتسامة باردة عند طرف شفتيه وقال مستفهماً: تحبسونهم؟ وتربّونهم كما تُربّى الماشية؟
ثبت وزير الطقوس في مكانه بلا تردد قائلاً نعم
في الماضي أحرقوا القرى، وذبحوا البيوت، وانتهكوا حرمة نسائنا وأطفالنا، واتخذوا صغارنا لعباً وكبارنا أهدافاً للسهام
إن لم نُجْزِ اليوم بالمثل، فكيف نُسكّن أرواح الراحلين ونحذّر قلوب الأحياء
نردّ الإهانة بالإهانة، والعار بالعار، حينها فقط تبقى هيبتُنا لا تتزعزع
عند هذه الكلمات خيّم السكون على البلاط كله
بعد لحظات كان وزير الحرب أوّل من تكلّم وهو يهتف بأنّها خطة بديعة
ثم أيّدتها وزارة الإيرادات ووزارة الأشغال ووزارة العدل وهيئة الرقابة ومكتب المراسلات، وارتجّت القاعة من إجماعهم قائلين إنّ هذه الخطة ممتازة ويجب أن تكون كذلك، وهي برهان على بأس الإمبراطور وبداية توقير الأُمم كلّها، ورجَوا الإمبراطور الإقرار
وقف موظف وزارة الطقوس في مينغ العظمى أمام مكتب تشو يوجيان مطأطئاً وضمّ كفّيه، ونبرته ثابتة لكن كل كلمة تبعث قشعريرة، مؤكداً اقتراح تشييد «حديقة عرض للنبلاء» في أرضٍ خالية بالمدينة الشرقية لجزيرة وا
يُحبس فيها كل الأمراء والنبلاء اليابانيين الذين أشعلوا الحروب وقادوا الغزو، ليكونوا عظةً للعالم
رفع تشو يوجيان حاجبه بابتسامة نصفية قائلاً مستفهماً مرة أخرى: تحبسونهم؟ وتربّونهم كما الماشية؟
قال موظف وزارة الطقوس بنبرة عميقة نعم، ففي الماضي قُتل أهل ولاياتنا الساحلية ودُنِّسَت نساؤنا وأطفالنا، وكان ذلك كله بتدبيرٍ خفيّ من هؤلاء النبلاء الملكيين
والآن وقد انتصرت مينغ العظمى فالأفضل أن نعاملهم بما عاملوا به غيرهم، نرد الإهانة بالإهانة، والعار بالعار
تبادل الحضور أمام المكتب الإمبراطوري النظرات، ثم أثنوا بصوت واحد قائلين رائع، مولانا حكيم
تم اعتماد الاقتراح بسرعة
بعد 3 أيام بدأت أعمال البناء في المدينة الشرقية
تشكّلت بهدوء «حديقة عرض للنبلاء اليابانيين» على مساحة 100 مو، تحيط بها جدران شاهقة
داخلها 10 أقفاص من الخيزران و4 زنازين حجرية بأسقف مفتوحة، ويُوزَّع الطعام والماء للجميع على هيئة حساء نخالة وأرز بارد
المحبوسون كلّهم من نبلاء اليابان الذين حكموا في ما مضى ولايات إقطاعية وكانوا يملكون آلاف الجنود
أضحوا الآن يرتدون زيّ السجن من القماش الخشن، وعلى خصورهم بطاقات هوية مكتوب عليها مثلاً
«المتسبّب الرئيس — يامادا يوشيهيرو من تنشوياما: أمرَ ذات مرة بحرق 300 قرية صيد في فوجيان»
«المتسبّب الرئيس — النبيل تاكيموتو شيغيميتسو: أمر جنوده قسراً بخطف أهل هانغتشو، وقتل الرضّع بلا رحمة»
…
ووضِعت أمام كل قفص سجلاتٌ للجرائم بالصورة والكتابة، فيها رسومات للاجئين من ذلك العام مع أرشيفات رسمية مؤيِّدة، وتدلّت واضحةً أمام العيون
سرعان ما أصبحت هذه «حديقة النبلاء» مقصدَ زيارةٍ شهيراً
قدّم معلّمو مدارس المدينة طلباتٍ لجلب طلابهم، وسمّوها «تعليماً تاريخياً حيّاً»
ذلك اليوم كانت الشمس لاهبة
اصطفّ طلاب الصف الرابع من الأكاديمية التاسعة في المدينة الشرقية بدقّة، ودخلوا الحديقة برفقة المرشدة
كان الأطفال أبرياء وفضوليين، يتلفّتون حولهم
كانت المرشدة امرأة في الثلاثينيات من عمرها، صوتها صافٍ، تحمل مكبّراً للصوت وتقف أمام القفص الأول وتقول إنّ ما ترونه الآن نبيلٌ ياباني سابق اسمه يامادا يوشيهيرو
منذ 20 عاماً أمر بحرق 3 قرى صيد كاملة في مقاطعتنا تشانغله بفوجيان، فتسبّب في آلاف الضحايا من أهلنا
تلاشت ابتسامات الأطفال تدريجياً
سألت فتاة بذؤابتين وهي تعقد حاجبيها هل قتل هذا العدد كله من الناس
أومأت المرشدة قائلة نعم، وقد اختار بنفسه فتياتٍ من قوم الهان لإرسالهن إلى المعسكرات وإساءة معاملتهن
صمت الجمع على الفور
قبض فتىٍ مشاغب قبضته وتقدّم خطوة، والتقط حجراً قائلاً إنّه شخص سيئ، أنا أكره الأشرار
قبل أن يُتمَّ كلامه اصطدم الحجر بقضبان القفص فصدر صوتٌ حاد
ارتعد يامادا يوشيهيرو في الداخل وانكمش في زاوية، لا يجرؤ على إخراج صوت
لمّا رأوا ذلك تبِع عدد من الأطفال مثاله قائلين نريد أن نضرب الأشرار أيضاً، هؤلاء هم من تنمّروا علينا من قبل
حجرٌ ثم آخر، ثم انطلقت قرابة 12 حجراً على التوالي
صار أولئك النبلاء المتجبّرون بالأمس منكمشين اليوم، شُجّت جباه بعضهم، ونزفت مناخير آخرين
صرخ أحد السجناء بيأس كيف تسمحون للأطفال أن يضربوا الناس، نحن… نحن نبلاء
قهقهت المرشدة قائلة نبلاء؟ هل أنتم أهلٌ لهذه الكلمة
أنتم كتبٌ حية، «معروضات» تُجعلهم يتذكّرون التاريخ
ولولا رحمة الإمبراطور لكانت رؤوسكم قد تدحرجت منذ زمن
ثم رفعت مكبّر الصوت عاليًا، فجلجل صوتها بنبرة باردة قائلة أيها الأطفال، اضربوا بحجارتكم شرورَهم
اضربوهم حتى لا يجرؤوا على رفع رؤوسهم
تعالت الهتافات
اندفع الأطفال كالسيل بعد انهدام السد، يلتقطون الحجارة والقرميد وقطع الطين ويرمونها تباعاً على النبلاء اليابانيين داخل الأقفاص
أولئك الذين كانوا يجلسون في الماضي على محفات مذهبة ويستحلون الدم صاروا اليوم منكمشين في زاوية القضبان، شاحبة وجوههم، ترتجف شفاههم
قال بعضهم باليابانية مذعورين «ياميتي… ياميتي كوداساي» أي توقّفوا… أرجوكم التوقّف
تخلّف أحد أحفاد الأسرة الملكية اليابانية عن الاختباء فأصابَ حجرٌ صدغه، فاندفع الدم منه وانهار يصرخ
وحاول آخر رفع يده مسترحماً فضربته قطعة قرميدٍ على ظهر الكفّ، فالتوت أصابعه الخمس وتكسّرت عظامه في الحال، وانطلقت صرخاته ممزِّقة للآذان
داخل القفص الحديدي تطاير الدم وارتطمت الحجارة، وعمّت الفوضى
اندمج الأطفال في الأمر حماسةً، فخلع بعضهم أحذيتهم ورموها، وصاح آخرون لقد قتلتم جدي، والآن سأردّ الركلة عن جدي
في تلك اللحظة أقبل إداريّ الحديقة مرتدياً ثياب العمل من أحد الأركان، وعلى خصره حلقة مفاتيح، ويحمل كيساً قماشياً أحمراً
نظر إلى الأطفال الذين أنهكهم الرميّ مبتسمًا وقال توقّفوا، لا ترموا أكثر، كي لا تؤذوا أصابعكم
ثم كشف القماش الأحمر فإذا بحزمة كبيرة من المفرقعات الحمراء اللامعة
تعالوا، هذه اشتريتها لرأس السنة ولم أستخدمها كلها
اليوم سأصنع لكم مفاجأة، أشعلوا المفرقعات وألقوها إلى الداخل، ليُسمعوا صوتاً لا ينسونه أبداً
هتف الأطفال من فَورهم بفرح
واو، سنُشعل المفرقعات
أنا سأشعلها، وأنا سأرمي
أخرج الإداري قدّاحة، وأشعل الفتيل الذي أطلق فرقعة خفيفة ودخاناً أبيض، كأنها حيّة صغيرة تنفث النار
تناولت فتاة بذيل حصان المفرقعة المشتعلة بحذر، ضمّت يديها ورمتها بكل ما تملك من قوّة وهي تهتف ارمِ
دوّى الانفجار الأول
سقط خيط المفرقعات بدقّة أمام رجلٍ ياباني ناحل
كان يولول ويقبض رأسه، ثم رفع عينيه فجأة متسعَ الحدقتين
دوّى الانفجار، تناثرت الشرر ورائحة البارود، وتشوّه وجه الرجل في لحظة، تمزّق اللحم وكادت تُقتلع نصف وجنته، وانشقّت البشرة واندفع الدم
تمرّغ وهو يولول، يمسك بوجهه، وصوته مبحوح كخوار خنزير بريّ يُسْلَخ
ذُهل بقية النبلاء في القفص وصرخوا وانكمشوا في الزوايا، وبال بعضهم في ملابسه من شدّة الرعب، فابتلّت أطراف سراويلهم وانتشرت رائحة نفّاذة على الأرض
لكن الأطفال صفقوا وهللوا
ضربة موفّقة
من يفعل الشر يستحقّ الجزاء
واحدة أخرى
ضحك الإداري ووزّع المفرقعات على الأطفال قائلاً اليوم مجاناً، وتذكّروا أن تجلبوا آباءكم غداً
أسرع بعض الفتيان إلى إشعالها وهم يردّدون شعاراتٍ مثل ثأراً لمينغ العظمى وعاقِبوا المعتدين وثأرُ الجدّ سأأخذه أنا
ثم دوّى في الحديقة دويّ انفجارات جديدة هزّت الأرض والسماء
تناثرت الدماء، وتطايرت الأطراف، وانعكس وهج النار في ابتسامات الأطفال البريئة، ابتساماتٍ لا شفقة فيها، بل رضا خالص
تذكّروا آلام أسلافهم، وعرفوا أنّ هذا الازدهار الذي يعيشونه اليوم لم يأتِ سهلاً
أما هؤلاء النبلاء اليابانيون المثقلون بديون الدم، فقد كُتِب عليهم أن يدفعوا ثمنها بأرواحهم
من أجل شكر الإخوة جميعاً على الدعم، فابتداءً من اليوم سيكون هناك على الأقل 3 تحديثات يومياً، واليوم سننشر 4 فصول
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك
أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها
المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي، وبالشفاء العاجل لوالدتي، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ