🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿
📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة
🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم
📖 «وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ» (التوبة: 105)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصر تشيانتشينغ، انسكب ضوء الصباح إلى الداخل
كان تشو يوجيان يراجع المذكرات منذ وقت طويل، وقد تراكمت على مكتبه رزمة سميكة من الوثائق ذات الرؤوس الحمراء
دخل وانغ تشنغن القاعة بهدوء، وقدّم باحترام وثيقة خاصة بحواف مذهبة، وانحنى قائلًا: «يا جلالة الإمبراطور، أرسلت الإدارة العامة للنظام ملخص التنمية لنصف العام، يرجى الاطلاع»
رفع تشو يده وتناولها، ومسحها بعينه، لم يتغير تعبيره، لكن قلبه كان يغلي
كانت هذه الوثيقة مختلفة عن المذكرات العادية، فقد أوضحت بجلاء أنه منذ انتقاله إلى هذا العالم، نهضت دولة مينغ العظمى من الصفر في نصف عام فقط، بسرعة تكاد تُرى بالعين
تقرير الإدارة العامة للرقابة على النظام: تقدّم السياسات الوطنية خلال نصف عام في دولة مينغ العظمى
1. اتصال منظومة السكك الحديدية بالكامل: اكتملت السكك الرئيسية في المقاطعات الـ16 كافة، تمتد غربًا حتى جيايوغوان، وشرقًا إلى لياو دونغ، وتغطي من الشمال إلى الجنوب 3000 لي، سرعة القطار 80 لي في الساعة، وقادر على نقل 200000 جندي وملايين الأطنان من البضائع يوميًا
2. شبكة الطرق السريعة تأسست مبدئيًا: حققت المناطق الاقتصادية المحورية مثل بكين-تيانجين، جيانغسو-تشيجيانغ، قوانغدونغ-فوجيان، وهونان-هوبي اتصالًا كاملًا بالطرق السريعة ذات 6 مسارات وخدمة على مدار 24 ساعة، انتهى عصر العربات التي تجرها الخيول، وازدادت كفاءة النقل المدني 100 ضعف
3. إطلاق بيع تجريبي للسيارات الخاصة: تم تسجيل الدفعة الأولى من سيارات «عشرات الألوف» الخاصة في العاصمة، السعر معتدل، والشراء متاح بالتقسيط، وصار يُرى أناس يقودون السيارات في الشوارع، والأطفال يقلّدون بحماس إمساك المقود
4. قفزة صناعية: توزّعت محطات توليد الطاقة في أنحاء البلاد، وتضاعفت القدرة الإنتاجية للصلب 3 مرات، وانتشرت الأجهزة الكهربائية المنزلية في الأرياف—لم تعد المواقد تحتاج إلى حطب، وتُضاء الليالي بمصابيح كهربائية، ويسميها الناس «النار العظمى الأبدية»
5. تسارع التحضّر: ارتفع عدد السكان في مدن الدرجة الثالثة مثل باودينغ ويانغتشو وقويلين، وازدادت المباني ارتفاعًا، واتسعت المناطق المبنية بأكثر من 3 مرات، مع تخطيط بلدي موحّد ودمج للصرف والمعالجة وشبكات الطاقة
6. إصلاح التعليم: تستخدم المدارس الجديدة مواد تعليمية كهربائية، وتجاوز معدل معرفة القراءة والكتابة لدى الأطفال 85%، وتوزّعت «موسوعة الأطفال» على نطاق واسع بين الناس، وأطفال جيانغنان يقرؤون في عمر 2 ويحفظون «مدخل إلى الطيران» في عمر 3
7. ترقية طبية: يتولى «معهد أمراض الشعب» التابع للدار الشرقية توحيد صناعة الدواء والتلقيح، فأُزيلت 10 أمراض عالية الخطورة، وتراجعت نفقات العلاج على الناس 90%، ويتحوّل الأطباء الحفاة تدريجيًا إلى ممارسين للتمريض الحديث
8. وفرة القدرة على إنتاج الغذاء: حققت المخازن الكبرى الثلاثة في الشمال الشرقي وقوانتشونغ وجيانغنان غلالًا متتابعة، وتضاعفت الغلة لكل مو، وأُلغي نظام قسائم الطعام الوطني، وفي الأسواق شاع القول «الأرز رخيص كالتراب، واللحم لا قيمة له»
9. مؤشر الاستقرار العام: وفق إحصاءات إدارة الرأي العام التابعة للدار الشرقية، بلغ رضا الناس 96.8 بالمئة، وهيبة البلاط غير مسبوقة
أنهى تشو القراءة في هدوء، ولزم الصمت طويلًا
نقر بأطراف أصابعه على المكتب برفق، كأنه يحسب أو يتأمل
استطلع وانغ تشنغن بحذر: «يا جلالة الإمبراطور… هل نطلب من النظام تسريع الانتشار في مناطق الحرب وراء البحار»
هزّ تشو رأسه ببطء، ولم تعد عيناه حادّتين بل غمَرَهما دفء وسكون لطيفان: «لا عجلة»
«الأرض رُسِمت، والركن يجب أن يُحكم»
«لقد عانى شعب مينغ العظمى طويلًا»
نهض وسار ببطء إلى النافذة، ودفع مشبّكها القرمزي، وحدّق إلى أفق ما وراء المدينة المحرّمة
انقشع الضباب الصباحي قليلًا، وفوق سور العاصمة البعيد انتصب برج بث جديد يشير إلى السماء، منقوش على جسده أربعة أحرف تقول: «صوت الشعب أولًا»
في الشوارع، كان الناس يرتدون معاطف صوفية ويقودون الدراجات، بعضهم يصطحب أبناءه إلى المدارس، وآخرون عائدون من شراء حاجاتهم يحملون أكياسًا مزيّتة
مرّت سيارة «عشرات الألوف» الخاصة بلون فضي-رمادي ببطء، فاستوقفَت الأنظار
تعلّق الأطفال بالسياج وهم يهتفون بحماسة: «أمي، انظري، سيارة، إنها سيارة»
«أتمنى أن أركبها مرة واحدة فقط»
لم تُطفأ أعمدة الكهرباء القريبة بعد، وتمتدّ منها أسلاك سوداء كشبكة إلى أطراف المدينة، كأنها شبكة أعصاب لوحش عملاق نائم
راقب تشو كل ذلك وارتسمت على شفتيه ابتسامة خفيفة، وتمتم لنفسه: «هذا العصر المزدهر… قد وصل»
وفي اللحظة التي كان فيها الإمبراطور يتأمل—
دوّى من خارج القاعة طرق معدني سريع «طَق-طَق»
في معسكر الإرساليات بالجناح الشرقي، كان الجندي المبلّغ يتصبب عرقًا وهو ينسخ آخر برقية سرية، ثم رفعها عاليًا فوق رأسه وصاح:
«برقية عاجلة من جبهة الجنوب الغربي»
كان فرسان شوانجيا الطائرون ينتظرون خارج بوابة القصر، بدّلوا الخيل 8 مرات طوال الليل، وساروا ليلًا ونهارًا لتصل البرقية إلى المدينة المحرّمة بأسرع ما يمكن
استُخدمت في البرقية «محطة الراديو العسكرية للموجة القصيرة بعيدة المدى» التي يوفّرها النظام، المخصّصة للتقارير السريعة من الخطوط الأمامية
أخذ وانغ تشنغن الحزمة الزيتية، فرأى على رأسها خمسة أحرف مذهبة «تقرير حملة الجنوب الشرقي»، فخفق قلبه فجأة
دلف سريعًا إلى القاعة، وجثا على ركبتيه، وارتجف صوته حماسًا وعلوًا:
«يا جلالة الإمبراطور، وصلت برقية نصر من منطقة حرب الجنوب الغربي»
كان تشو يهمّ برشف بعض الشاي، فتوقّف قليلًا عند سماع الكلمات، ورفع بصره، ولمع في عينيه حدّ خاطف: «اقرأ»
فتح وانغ تشنغن البرقية بعناية، ونشر تقرير المعركة المطرّز، وقرأ بصوت عال:
«臣تك تشين شيانغيو، بقوة سماوية، قادت 100000 من القوات النظامية وتقدّمت من دياننان إلى أدغال الجنوب الشرقي»
«أولًا كُسرت آنام، ثم فُتحت سيام، وأخيرًا جُرفت ممالك تشنلا الثلاث»
«لا تقاوَم، تجتاح كالسهم يشق الخيزران، انهارت قوات العدو تمامًا، واستسلمت مناطق كثيرة بلا قتال، وجثا الناس على الطرق ترحيبًا بنا يعلنون الولاء»
«حاليًا، أُوثِقَت أسرُ الملوك الثلاثة جميعًا، ويجري حراستهم ليلًا ونهارًا عبر معسكر الحراسة، يعبرون قويلين، ويمكن أن يصلوا العاصمة خلال 3 أيام»
«ثم إن جبال الجنوب الشرقي رطبة بالمطر، وثمارها بديعة العطر»
«وقد ذاقت臣تك الدورجان، فعطره الغريب يهاجم الأنف، لزج كالمعجون، ويسميه الناس ملك الفاكهة، وقد جُمِعَت عربةًن من أجوده خاصةً للاحتفاء بمهابتك العظمى»
«تقرير خاص»
ساد الصمت القاتل في القاعة الإمبراطورية
بعد أن أنهى وانغ تشنغن القراءة ظلّ حلقه يرتعش قليلًا
من كان يتخيّل أن ممالك الجنوب الشرقي الثلاث، بوعورتها وتعقّد غاباتها الموبوءة وكثرة فِرَقها، والتي رآها السلاطين المتعاقبون عصيّة على الاقتحام
قد خضعت الآن لتشين شيانغيو وهي تقود «مئة ألف» في هجوم كالبرق، فاستُتبّت في 3 أشهر
وفوق أنها كسبت الحرب، لم تنس أن تبعث بعربتين ممتلئتين بالدوريان لتُسِرّ قلب الإمبراطور—
حقًا إن هذه الجنرال امرأة لا نظير لجرأتها ومآثرها وحسن تدبيرها
وضع تشو قدح الشاي أخيرًا وابتسم، كان صوته هادئًا لكنه أخفى رضًا لا يُوارى:
«شيانغيو أهلٌ فعلًا للقب الجنرال الشرس للجنوب الغربي الذي منحناه إيّاها»
بعد 3 أيام، عند البوابة الجنوبية لضواحي العاصمة، وصل ملوك الممالك الثلاث أسرى
ملك سيام شعره منفوش وقدماه حافيتان، وملك آنام اخترق كتفه قيد حديدي، وملك تشنلا الفتيّ رُبط إلى عربة ودُسّت قشرة دوريان في فمه إذلالًا
اصطف الناس على الجانبين يتفرجون، يصفّقون ويهتفون
«أذلك ملك سيام الذي أرسل جنودًا لاختطاف أمي آنذاك»
«أُمسِك به حسنًا، يجب أن يُلقم للكلاب»
دخلت العربات المدينة ببطء، وفي مؤخرها عربتان معزّزتان تفوح منهما رائحة قوية، سرى عبيرها في الأزقة والطرقات، فشدّت أنظار الفضوليين:
«يا للعجب، ما هذه الرائحة»
«إنها فائحة جدًّا، أيمكن أن يكون قصر التنين في بحر الشرق قد بعث بثمار»
وقف تشو على سور القصر وشمّ الأريج النفّاذ من بعيد
سدّ وانغ تشنغن أنفه وهمس: «إنه الدوريان… يا جلالة الإمبراطور، رائحته، همم، طاغية قليلًا»
غير أن تشو ابتسم ابتسامة خفيفة
«طاغية؟ إن كانت شيانغيو قد بعثت به، فلا بد أن له مغزى أعمق»
ثم أمر:
«خزّنوا الدوريات في الخزانة، وبعد 3 أيام انصبّوا مأدبة، وليذق جميع جنود مينغ العظمى»
«وأما ملوك الممالك الثلاث، فيُحبسون في حديقة العرض المهيبة، ليزورهم الناس كل يوم ويتذكّروا كيف أُخضعوا تحت مهابة دولتنا العظمى»
«تُمنح تشين شيانغيو لقب مركيزة الجنوب الغربي، وخاتمًا ذهبيًا، وإقطاع 10000 أسرة، وتعود إلى البلاط في مجد»
في تلك الليلة، أُقيمت مأدبة تهنئة في القصر
في الحديقة الخلفية، أمر تشو بنفسه بفتح دوريان، انشقّ القشر السميك تحت النصل، فاندفق اللبّ الأصفر الذهبي، وعطره يهاجم الأنوف
اقترب وانغ تشنغن بحذر، وما إن شمّ حتى كاد يُغمى عليه
لكن تشو لم يتهيب الرائحة، أمسك السكين وشقّ القشر السميك نصفين
برز اللبّ الذهبي حالًا، طريًا كريمًا كالمعجون، وعطره قوي حتى يكاد يُسقِط المرء عن كرسيه
قطّب الوزراء حواجبهم، وبعضهم أدار وجهه يغطي أنفه ويكتم غثيانه
أما تشو فكأن شيئًا لم يكن، مدّ يده وأخذ قطعة ووضعها في صحن، ومضغها بتأنٍّ وأغمض عينيه يتذوّق
وبعد حين، فتح عينيه، ملامحه هادئة، لكن صوته خفيض وحاسم:
«هذا الطعم، ونصر اليوم… بالقوة نفسها»
«نحن نُعجَب به»
ارتسمت على شفتيه ابتسامة طفيفة، ابتسامة تخصّ عابرًا بين العوالم
في هذا العصر الغريب، اعتاد منذ زمن صليل السيوف وصهيل الخيل، والمشي على حافة الحياة والموت، والإمساك بالمصير في كفه
غير أنه، في أعمق ركن من قلبه، ظلّ يحمل شوقًا لحياة معاصرة
مثل الدوريات
في حياته السابقة كان يأكل الدوريات كل شهر، يميّز الأنواع بعناية، يختار «الوسادة الذهبية» الأحلى و«موسانغ كينغ» الأعبق
ومع أن دوريات الجنوب الشرقي هذه لا تضاهي أصناف الزراعة الحديثة، ففي عطرها خُضرة خفيفة وفي لحمها شيء من العَصْوَة، لكنها مقارنةً بفقدانها كليًا، تعدّ لقمة اليوم هدية من الزمن
تمتم في هدوء: «على الأقل بقيت نكهة الأصل»
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك
أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها
المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي، وبالشفاء العاجل لوالدتي، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ