🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿

📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة

🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم

📖 "وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" (سورة يوسف، آية 21)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

استند الإمبراطور المغولي شاه جهان إلى الخلف على عرش الطاووس، وفي يده عصا قصيرة بمقبض من خشب الصندل واليشم، وعيناه تمسحان ببرود الرسل الثلاثة الواقفين أسفل المنصة

"أنا أفهم ما تقصدون"

"لكنني لا أرغب في استفزاز مينغ العظمى"

كان صوته منخفضًا ونبرته هادئة، ومع ذلك تحمل ثقة حاكم اعتاد السلطة

"سمعتُ أن بنادقهم لا تحتاج إلى قدّاحة لتطلق، ويمكنها أن تمطر العشرات من الطلقات في دفعة واحدة"

"وأن سفنهم لا تعتمد على الأشرعة، وتنفث دخانًا أبيض فوق البحر، وتقصف ليلًا ونهارًا بلا توقف"

"حتى أنتم أهل الغرب لم تتمكنوا من التعامل معهم، فكيف أكون أنا رأس الحربة"

تغيّرت ملامح الرسل قليلًا وتبادلوا النظرات

تقدّم مبعوث البرتغال وتكلّم بصوت خفيض ناصحًا

"إن لم يبعث جلالتكم جيشًا الآن، فستنتهي الحال بمواجهة ضغط تقدّم مينغ غربًا"

"وحينها لن يكون السؤال هل نقاتل أم لا، بل هل تبقى هناك مفاوضة أصلًا"

تعمّقت نظرة شاه جهان قليلًا ولم يُجب

بعد لحظة، قدّم مبعوث هولندا لفافة بهدوء وانحنى قائلًا

"هذه علامة صغيرة على إخلاصنا"

"نحن مستعدون لتمويل إمبراطورية المغول العظمى لإنهاء القبة من اليشم الأبيض والمنصة الذهبية في تاج محل"

"وسنرصّع الجدران الداخلية بأفضل الزجاج البلّوري الأوروبي"

توقفت أصابع شاه جهان فجأة

"تاج محل"

ردّد الكلمتين بهدوء، كأنه يغوص في هاوية من الذكريات

كانت تلك ضريح أحبّ ملكاته إليه، أرجمند بانو بيجوم، التي عرفها الناس باسم "ممتاز محل"

كانت رقيقة رزينة، ذكية جميلة، رافقته في حملات لأكثر من عشرة أعوام وأنجبت له أربعة عشر ولدًا

لكنها في ولادتها الرابعة عشرة توفيت في المخاض، وقد لطخ دمُها خيمة الذهب

بعد رحيلها شابَ شعره في ليلة واحدة، ونذر أن يبني لها "أجمل قبر بين السماء والأرض"، فانطلقت الأمة كلها في البناء، وأنفقت عشرات الملايين من الفضة، بياض يشم كالثلج، وأبراج كالزهر

ومع ذلك لم يكتمل الضريح إلى اليوم، فما زالت القبة الذهبية غير مصبوبة، وإذا هبّت ريح الليل بقيت الأبراج البيضاء صامتة ناقصة

وقف غير مرة أمام الضريح، يرفع رأسه إلى القبة غير المكتملة تحت السماء، ساكتًا

من الواضح أن رسل الضفة الأخرى قد بحثوا في أمره، فكل كلمة مسّت ألين موضع في قلبه

أطبق شاه جهان عينيه صامتًا، ثم قال بعد حين بصوت خافت

"أنتم مستعدون للتمويل؟ كم"

"ما دام جلالتكم يرسلون جيشًا، فنحن مستعدون لتقديم كل ما يلزم"

قال مبعوث إسبانيا بوضوح "وليس ذلك فقط، بل سنزوّدكم بدروع للفيلة الحربية، وبارودٍ أجنبي، ومدافع بعجلات، وسنحاصر أسطول مينغ العظمى كليًا في بحر العرب"

لمعت عينا شاه جهان وتردّد قليلًا

"إذا حشَدتُ فعلًا، فكم فرصة لديّ لأربح"

أجاب الدبلوماسي البرتغالي بسلاسة "مع أن مينغ قوية، لكنها ليست لا تُقهر، فإذا تعاونت الأطراف الثلاثة فهناك يقينًا فرصة لمعركة ناجحة"

صمت شاه جهان قليلًا ثم تكلّم ببطء

"حسنًا"

"أنا... موافق"

"لكن لديّ شرط واحد أيضًا"

ساد الصمت القاعة

ترفرف رداؤه، قامته منتصبة كالنصب، وثقته طاغية لا تقبل الشك

كان مشهده الآن كأنه "حاكم مقدَّر من العالم السماوي" على وشك النهوض لاجتياح الآفاق

في قلب هذه الإمبراطورية، الممتدة على آلاف الأميال من الرمال الصفراء، اعتاد رعاياه سماع عباراته عن "غروب الشمس على الغانج، قدرٌ قضاه العالم السماوي"

وبين القباب الذهبية والأبراج البيضاء، ظلّ قادته يرون أن "الاندفاع بالفيلة" هو التكتيك الأوثق

وفي أفواه علماء يرسمون الخرائط بأقلام الريش، لم تكن مينغ سوى "مملكة جنوبية" أخرى

لم يكونوا يعلمون أن هذه المملكة الجنوبية قد دخلت عصرًا آخر

ولم يدركوا أنهم يواجهون نيران حرب حديثة بصدور من عصور وسطى

وما يزال إمبراطورهم يظن أن هذه المعركة قادرة أن تهبَه عالمًا بأسره

وما إن نطق بما قال، حتى تبادل الرسل الثلاثة النظرات، وارتسمت على وجوههم تعابير غريبة لم يخفوها تمامًا

ابتسم الهولندي في سرّه ساخرًا

"أتظن أنك ستربح"

"لتكن محظوظًا إن لم تجعلك مينغ تتقيأ دمًا"

وتمتم المبعوث البرتغالي في نفسه

"بضع فيلة وعشرات الآلاف تريد بها ابتلاع مينغ كلها"

"تحلم بلا خوف من الريح"

ومع ذلك لم يُبدوا مخالفة بلسانهم، بل انحنوا بأدب قائلين

"جلالتكم بصير، وستجتاحون بحر الشرق، وتعيدون مجد حاكم الشرق والغرب معًا"

"إذا انتصرتم، فمينغ للإمبراطورية، وذلك من قدر العالم السماوي"

أومأ شاه جهان وحدّق قليلًا كأنه ينظر إلى الأفق الشرقي البعيد

وفي الوقت نفسه خطَر في عقول الرسل الثلاثة فكر واحد

"سرْ في طريقك يا مغول، اذهب وتلقَّ الضربة بدلًا عنا"

تلك الليلة، انطلقت ثلاث رسائل سرية من قصر دلهي على عجل نحو لاهاي ومدريد ولشبونة

وتحرّك جيش مغولي قوامه أكثر من مئة ألف من أعماق الحدود شرقًا، وهدفه مباشر: تخوم سيام وبورما

كانت حربًا بلا إعلان

وكانت أيضًا "غارة" سرية غير مُعلَنة للإمبراطورية

وحين حسم شاه جهان أمره أصدر أوامره

"وما دامت مينغ منتصرة حديثًا لكنها لم تستقر بعد، وعُددهم لم تُؤمَّن، وقلوبُ الناس لم تهدأ، فلنقتلع لهم سنًا أولًا"

"استعيدوا سيام، وخذوا تشنلا"

"دعوهُم يعلمون أن الشرق ليس فيه إمبراطور واحد"

دبّت الحركة فجأة على آلاف الأميال من الحدود

يوم المسير، وقبل الفجر، اهتزّ المعسكر كله بهديرٍ عارم

هدرت الطبول، ووقفت الفيلة الحربية كالجدران

ست وثلاثون فيلة إمبراطورية، مكسوّة بدروع ذهبية، رؤوسها مرفوعة، تتدلى عليها شرّابات حمراء، وأنيابها مزوّدة بشفرات فولاذ، وعلى ظهورها أبراج منحوتة يقف فيها رماة السهام والرماح

وخلف فِرقة الفيلة صفوفُ المشاة، مرتّبة في ثلاث طبقات، على كل جندي درعٌ حلقية ورمحٌ طويل وترسٌ من خيزران

وفي قلب الجيش "كتيبة البنادق"، صُنعت على مثال بنادق الفتيل والقدّاحة الغربية وفق ما تيسّر للمغول، تدريبها لا بأس به، لكنها ما زالت تركع لتلقيم السلاح، وإطلاقُها الأقصى طلقة كل دقيقة

كان رماة البنادق يحملون مواسير طويلة على عواتقهم بحركات متناسقة، لا يدرون أنهم سيواجهون وابلًا متصلًا من نيران قادرة على إطلاق 400 طلقة في الدقيقة

وعلى الجناح الأيسر "فرسان الغابة الحديديون"، فرسان بدروع حلقية، وخيول عالية، وسيوف تلمع

ومن بعيد اختلطت عشرات الآلاف من الرجال والخيول كأنها نسيج واحد، والرّايات تنتشر، واللواء الإمبراطوري القرمزي المذهب يرتفع كاللهب تحت شمس الصباح

وفي المؤخرة عرباتُ الإمداد الخشبية العجلات وتشكيلات المدفعية، فوق العربات "مدافع نار عظيمة للفيلة" و"مقاليع الزئير السماوي"، مغطّاة بأقمشة ومشدودة بجلود زيتية، والجنود حولها يجرّون الماء، ويشحذون الحجارة، ويُحمّلون الذخيرة

"هذه المعركة بقدرٍ من العالم السماوي"

وقف القائد المتقدّم، الجنرال الإمبراطوري أكبر سينغ، فوق برج فيلٍ يصدح بالأوامر للجموع الثلاث

"صحيح أن العدو منتصر حديثًا لكنه لم يتعافَ من التعب، وصحيح أن أرضه واسعة لكنها لم ترسخ بعد"

"من يبادر أولًا يأخذ نصف الأرض"

"إن نجحت هذه المعركة، فسيُغدِق مولانا الإقطاعات شرق الهند بسخاء"

زأرت الجيوش الثلاثة معًا، حتى اهتزّت الجبال والغابات

أُضرمت المشاعل، ودَوّت طبول الحرب، وعلا صراخ الفيلة، وبدأ الطليعة تتحرّك ببطء، أقدامها الضخمة تدكّ الغبار وترفع سماءً من رمال صفراء

مباشرةً نحو أراضي الجنوب الشرقي التي استعادتها مينغ حديثًا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انتهى الفصل

تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك

أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها

المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي، وبالشفاء العاجل لوالدتي، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2025/08/28 · 6 مشاهدة · 1138 كلمة
AHMED JB
نادي الروايات - 2025