الفصل 286:
🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿
📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة
🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم
📖 ﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ (طه 114)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طلعت الشمس، لكن السماء تلونت بحمرة نيران الحرب، كأن السماء والأرض تشتعلان
كانت الجثث المتفحمة مبعثرة في كل مكان، أنقاض وجدران منكسرة، والعاصمة الإمبراطورية التي كانت بهية صارت كتلة حديد حارة يغشاها الدخان
جثا شاه جهان على الدرج الحجري المذهب أمام القصر، مغطى بالدم، لحيته مبعثرة، وتاجه القديم قد زال منذ زمن
وخلفه وقف أبناؤه الأربعة، أيديهم موثوقة خلف ظهورهم، يلبسون الخيش، كانوا أمراء بالأمس، أما اليوم فانحنوا كأنهم خنازير أو كلاب يُساقون إلى معسكر العمل في الجنوب الغربي
وفي الخيام الأبعد قليلاً، كانت بناته الثلاث يُسقن على أيدي الجنود، وهمس أحدهم قبل قليل قائلاً إن مصيرهن سيكون في مكان سيئ السمعة
في تلك اللحظة انتفض شاه جهان بعنف، وصوته مبحوح يائس
أيها الأوغاد لا تفعلوا هذا إنهن بناتي إنهن أميرات
زأر يصرخ وعيناه محمرتان كأنه يريد أن يعض أحداً
أريد رؤية قائدكم
أريد التفاوض معه
أنا شاه جهان أنا إمبراطور إمبراطورية مغول الهند
نال ما أراد سريعاً
اقترب حصان حربي مُدرع بالسواد يثير الغبار، وعلى صهوته رجل بنظرة باردة وعباءة قرمزية، حاجباه وعيناه حادتان كسكين
إنه قائد مينغ العظيم كاو بيانجياو
ترجّل ومشى ببطء نحو شاه جهان
رفع شاه جهان رأسه بحدة نحو هذا القائد الشرقي الذي سحق بلاده وداس أبناءه في الطين، وحاول أن يحافظ على كرامته وهو يزمجر
ماذا تريد
جبالاً من الذهب بحاراً من الفضة
أستطيع أن أعطيك لدي خزائن سرية إن عفوت عن أولادي قدّمت لك كل شيء
إن أردت أن تكون ملكاً أتنحى لك لتصير إمبراطور مغول الهند
ضحك كاو بيانجياو بعد أن سمعه
كانت ضحكة بلا بهجة، كضحكة نمر يلعق الدم
أخرج سيف المعركة ببطء من خاصرته، يلمع ببرود كالثلج، ورفعه مائلاً أمام عيني شاه جهان
من الأفضل أن تقلق على نفسك
تبدّل وجه شاه جهان في الحال وتراجع نصف خطوة
ماذا تنوي أن تفعل
أنا الحاكم لا تستطيع قتلي
أنا إمبراطور ذو مكانة ووفق آداب الأمم ينبغي أن أُعامل بلياقة
ارتفع صوته شيئاً فشيئاً كأنه يحاول بالصراخ أن يستعيد قدرة التأثير في العالم
لكن كاو بيانجياو ضحك باستخفاف
أأنت أهل لذلك
آدابك تسري على الناس المتحضرين
إمبراطورك مات يوم أرسلت جيوشك لتذبح القرى وتحرق المعابد وتخطف الناس
لست إمبراطوراً أنت مجرد حاشية حية في تقرير معركة
وقبل أن تُكمل كلماته لمع نصل سيفه
شش
طار رأس شاه جهان نظيفاً، واندفع عمود من الدم إلى الهواء يرسم قوساً قرمزياً لامعاً في أول خيوط الصباح
ظل الرأس محتفظاً بذهوله وشرسته غير المنكسرة، تدحرج ثلاث درجات واصطدم مرتين بالحجر ثم استقر إلى جانب السجاد الأحمر وفمه نصف مفتوح كأنه لم يدرك بعد أنه مات
وقف الجنود حوله مستقيمين، لم يصرخ أحد، وكأن هذه الإعدام تسوية روتينية
تقدم جندي كان ينتظر بصمت، وأخرج بمهارة قطعة حرير حمراء مطرزة بخيوط ذهب من صدره، ولف بها الرأس الأشيب وربطها وحملها بين ذراعيه كأنه يقدم قرباناً
هزّ كاو بيانجياو الدم عن سيفه وغمده وأمر ببرود
أرسلوه على وجه السرعة إلى العاصمة ليراه جلالته ضمن غنائم الحرب
انحنى الجندي وهو يحمل الرأس وقال
مفهوم
المدينة المحرمة، قاعة ريهوا، نسيم الربيع يلامس الأريكة
اتكأ تشو يوجيان بثوبٍ أبيض بسيط على أريكة من اليشم داخل القاعة، يمسك لفافة «شرح شان هاي جينغ» ويقرأ بهدوء
جلس وانغ تشنغ أن إلى الطاولة يحتسي الشاي بارتخاء، كأنهما أديبان خاليان من الهم
يا جلالتك ما الذي تنتجه بلاد مغول الهند حقاً
لقد قاتلنا من جزيرة وا ومملكة كوغوريو حتى لوزون، وبصراحة لم نظفر بأشياء كثيرة نافعة
جبال في كل مكان وأرض قاحلة ولا حتى مناجم محترمة
لكن الناس هناك كثيرون، خاصة في كوغوريو، ونساؤهم حسنات بياض البشرة ورشيقات، وإذا رقصن بدلال كان المشهد مسلياً
ابتسم تشو يوجيان وهو يقلب الصفحة بلا اكتراث وقال بهدوء
في مغول الهند ذهب وبوكسيت وميكا وفحم وحديد كل شيء متوفر
وأهم من ذلك كله النفط
اتسعت عينا وانغ تشنغ أن
النفط
أتقصد ذلك السائل الأسود الذي نحرقه فتتحرك به الكتل الحديدية الضخمة
أومأ تشو يوجيان بلا استعجال
نعم، أي مدافعنا أو دباباتنا أو طائراتنا تستغني عن النفط
لدينا شيء منه في الشمال لكنه لا يكفي
هذا الشيء كلما كثر كان خيراً
لمع بريق في عيني وانغ تشنغ أن وكاد يصفق
إذن كانت هذه الحرب تستحق فعلاً
لا عجب أن جلالتك أمرت بإبادة أرضهم كلها بلا مفاوضات
ابتسم تشو يوجيان ولم يقل شيئاً، ومد يده إلى فنجانه وأخذ رشفة خفيفة
في تلك اللحظة سُمعت خطوات مسرعة خارج القاعة
ركع خصيّ شاب بصوت حاد
بلاغ عاجل إلى جلالتكم
لقد أرسل الجنرال كاو رسالة مستعجلة من مسافة ألف لي
يقول إنها لجلالتك
تفاجأ وانغ تشنغ أن
إرسال
أي إرسال هذا
حسبها بأصابعه يتمتم لنفسه
منذ تحرك الجنرال كاو إلى الآن لم تمض إلا اثنا عشر يوماً أيمكن أنه جرّ مدينة دلهي كلها إلى هنا لجلالتك
وعند هذا المنعطف الحرج ماذا عساه يرسل
رفع الخصيّ صندوقاً مستطيلاً من خشب الأبنوس مشدوداً بحبل أحمر ومسمراً بمسامير نحاسية، وما زالت عليه لطخ دم طري
افتحوه قال تشو يوجيان وهو يفك الحبل بيده ويرفع الغطاء
في اللحظة نفسها انبعثت رائحة دم نفاذة
كان في صندوق الأبنوس رأسٌ آدمي غارق في الدم، اسودّ وجهه بسببه لكنه ما زال يُرى بوضوح
وجنتان عاليتان وأنف معقوف وشعر أبيض كثيف وعينان مغمضتان وعلى الشفتين ابتسامة ساخرة باقية
وثُبِّت إلى الرأس شريط قماشي مُذهب الأطراف كُتبت عليه أربعة أحرف
خيم صمت ثقيل على قاعة ريهوا في طرفة عين
سقط فنجان الشاي من يد وانغ تشنغ أن برنة معدنية، وارتمى على ركبتيه واغرورقت عيناه
مبروك يا جلالة الإمبراطور فتح مغول الهند
ومبارك لمينغنا العظيمة أرض تمتد عشرة آلاف لي أخرى
حدّق تشو يوجيان بهدوء إلى الرأس داخل الصندوق طويلاً ثم أغلق الغطاء برفق وأمر بسكينة
أعلنوا ذلك للعالم
لقد زالت مغول الهند
ومن اليوم تكون أراضي جنوب آسيا كلها ولايات تابعة لمينغنا العظيمة
كل ما تشرق عليه الشمس ويغمره ضوء القمر سيكون أرضاً لهان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك
أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها
المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي، وبالشفاء العاجل لوالدتي، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ