الفصل 218

تحت أضواء الشموع الخافتة وفي أجواء تكتنفها الرهبة والغموض، تقدم بيتر بيتيغرو و بارتي كراوتش جونيور بخطوات حذرة عبر الممرات الحجرية التي تؤدي إلى الحجرة التي يقيم فيها اللورد فولدمورت.

الجدران كانت تنز رطوبة، وصدى خطواتهم كان يتردد في المكان الموحش، كان كلاهما يحمل شعورًا ممزوجًا بالخوف والرهبة تجاه سيدهم الذي رغم ضعفه الحالي، ظل شخصية تنبض بالهيبة والشر المطلق.

عندما دخلا الحجرة أخيرًا، كان المشهد غريبًا ومثيرًا للقلق. في منتصف الحجرة، جلس فولدمورت على كرسي أشبه بعرش متواضع، لكنه كان في هيئة ضعيفة للغاية؛ أشبه بطفل رضيع مشوه، نحيل الجسم، لكن عينيه السوداوين لا تزالان تشتعلان بشر لا يوصف.

رفع رأسه بصعوبة عندما رأى بارتي جونيور، وظهرت على وجهه ابتسامة خافتة تحمل مزيجًا من الترحيب والخبث.

قال فولدمورت بصوت ضعيف لكنه عميق ومليء بالكبرياء: "مرحبًا بك يا جونيور، كيف حالك؟"

انحنى جونيور بكل احترام وتحدث بصوت يحمل إخلاصًا مطلقًا: "كل الأحوال بخير يا سيدي. لقد اشتقت لخدمتك وأتيت لأوفي بوعدي."

أمال فولدمورت رأسه قليلًا وكأنه يتفحص جونيور بعينيه، ثم سأل ببرود: "ما المناسبة التي جعلتك تعود إلينا الآن؟"

مد جونيور يده داخل جيبه ببطء، وأخرج قارورة صغيرة شفافة تحتوي على قطرات دم حمراء داكنة، ورفعها عالياً وهو يقول بصوت يحمل نبرة انتصار: "هذه دماء الفتى آلبرت، يا سيدي. بهذا، تحققت كل مطالبك لتعود إلى قوتك الكاملة."

عندما رأى فولدمورت القارورة، تلاشت ملامح ضعفه للحظة، وارتسمت على وجهه ابتسامة مريعة، وبدأ يضحك بصوت عالٍ ومتعالٍ ملأ الحجرة كلها. كانت ضحكته مليئة بالنشوة والظفر، وكأن النصر أصبح قريبًا منه. ثم قال بفخر: "أحسنت يا جونيور، لقد أثبت ولاءك لي مجددًا. أنت تستحق الثناء مني."

شعر جونيور بالاعتزاز وهو يسمع كلمات المديح من سيده، لكنه سرعان ما تمالك نفسه وسأل بحماس: "ماذا تأمرني يا سيدي؟ هل نبدأ في طقوس عودتك الآن؟"

لكن فولدمورت توقف عن الضحك فجأة، ونظر إلى جونيور بنظرة باردة تحمل في طياتها خبثًا لم يفهمه في البداية، وقال بصوت هادئ لكنه مشحون بالغضب المكبوت: "هذه الدماء وحدها لن تنفع. لا يمكنني استعادة قوتي الكاملة إلا إذا كان صاحب هذه الدماء قريبًا من أرض الطقوس."

ارتبك جونيور، ونظر إلى بيتر الذي كان يقف بجواره متوترًا، ثم سأل بقلق: "هل هذا يعني أن الفتى آلبرت يجب أن يكون هنا؟! لكنه قوي جدًا يا سيدي، وأعتقد أنه لن تكون لدينا فرصة لمواجهته أنا وبيتر وإبقائه في هذا المكان حتى تكتمل طقوسك."

زمجر فولدمورت بغضب خافت، ثم أجاب بنبرة صارمة: "لا، ليس من الضروري أن يحضر إلى هنا بنفسه. كل ما نحتاج إليه هو أن يكون قريبًا من المقبرة. عندما يصل إلى المهمة الثالثة في بطولة السحرة الثلاثية، ستكون المتاهة التي سيدخلها قريبة جدًا من هذه المقبرة. حينها، أرسل لي الإشارة يا جونيور، وسنبدأ الطقوس فورًا."

أومأ جونيور برأسه، وعلى وجهه ارتسمت ابتسامة شريرة، وقال: "كما تأمر يا سيدي. لن يمر وقت طويل حتى يعود العالم ليشهد عظمتك من جديد."

مرت الأيام ببطء ثقيل بعد ذهاب بارتي كراوتش جونيور، متخفيًا بهيئة بروفيسور مودي، إلى مقبرة فولدمورت.

الأيام التي أعقبت ذلك بدت كأنها هدنة صامتة، مليئة بالترقب والتوتر، خاصة بالنسبة لجونيور وبيتر بيتيغرو. كان جونيور يقضي كل لحظة في مراقبة الوضع وتحليل التحركات داخل مدرسة هوجوورتس، حيث كان الفتى آلبرت يستعد لمهمته الثانية في بطولة السحرة الثلاثية. تلك المهمة، التي كانت محط أنظار الجميع، أصبحت بالنسبة لجونيور أكثر من مجرد منافسة؛ كانت الخطوة التالية في خطته لإعادة سيده، فولدمورت، إلى قوته الكاملة.

كان جونيور يراقب آلبرت بعناية فائقة خلال الأيام الماضية. لم يكن يترك فرصة تمر دون التأكد من أن الفتى مستعد للمهمة الثانية، وفي الوقت نفسه كان يتأكد من أن الأمور تسير كما خطط لها. ورغم أن آلبرت كان يدرك ذلك، إلا أن كل خطوة كان يتخذها كانت محسوبة بعناية من قبل جونيور. كان يتظاهر بالتوجيه والنصح كأستاذ مسؤول، لكنه في الحقيقة كان يمهد الطريق لخطته الشريرة.

في هذه الأثناء، ظل بيتر بيتيغرو في الظل، يراقب بحذر ويعمل على إعداد المقبرة وتجهيز الطقوس التي ستتم بمجرد أن يحين الوقت. كان بيتر يشعر بالقلق والخوف المستمرين، ليس فقط من فشل الخطة، بل أيضًا من غضب فولدمورت إذا حدث أي خطأ.

وأخيرًا، حل اليوم المنتظر، اليوم الذي ستنطلق فيه المهمة الثانية. كان الجو في هوجوورتس مفعمًا بالحماسة والترقب. الطلاب والأساتذة تجمعوا حول البحيرة السوداء، التي كانت مسرح المهمة القادمة. السماء كانت ملبدة بالغيوم، وكأن الطبيعة نفسها تشارك في هذا التوتر. كان كل متسابق يستعد لمواجهة تحدٍ جديد ومجهول.

تجمّع الحشد الكبير حول البحيرة السوداء، أجواء الترقب تملأ المكان، والأعلام الملوّنة ترفرف مع نسمات الصباح الباردة. اليوم، يبدأ تحدي المهمة الثانية من الدورة الثلاثية للسحر، وكل الأنظار كانت متجهة إلى الأبطال الثلاثة، الذين وقفوا على المنصة المخصصة لهم، يستعدون للغوص في أعماق البحيرة لمواجهة تحدٍ جديد مليء بالمخاطر والغموض.

فلور ديلاكور، ممثلة أكاديمية بو باتون، تقدمت أولًا إلى المقدمة بخطوات رشيقة واثقة. كانت ترتدي زيًا رائعًا يعكس الأناقة الفرنسية التقليدية، مكونًا من بنطلون أزرق سماوي طويل يتدلى إلى الكاحلين، مزينًا بحواف فضية لامعة تعكس أشعة الشمس. أكمام الرداء كانت طويلة وضيقة، تنتهي بحواف من الدانتيل الأبيض الناعم. شعرها الفضي الطويل كان مربوطًا جزئيًا بشريط أزرق فاتح، بينما تركت باقي خصلاته تنسدل بحرية على ظهرها. حذاؤها كان خفيفًا ومقاومًا للماء، مصممًا خصيصًا لهذه المهمة. بدت فلور كما لو أنها تجسد الجمال والأناقة حتى في مواجهة التحدي.

ثم جاء الدور على فيكتور كرام، ممثل معهد دورمسترانغ، الذي كان يقف بثبات وصمت، تميزه بنيته القوية ونظرته الحادة. كان يرتدي رداءً عمليًا ومتينًا باللون الأحمر الداكن، مزينًا بخطوط ذهبية على الكتفين والصدر. الرداء كان قصيرًا نسبيًا، مصممًا لإتاحة حرية الحركة، ومُرفقًا بحزام جلدي عريض يحمل شارة معهد دورمسترانغ. تحت الرداء، كان يرتدي بنطالًا أسود ضيقًا مع حذاء ثقيل مقاوم للماء. شعره القصير كان مبللًا قليلاً بفعل الرطوبة، لكنه بدا وكأنه مستعد تمامًا للمهمة، بنظراته التي تحمل العزم والإصرار.

وأخيرًا، تقدم آلبرت بلاك، ممثل هوجوورتس، والذي كان يبدو مختلفًا عن زميليه، بطريقته التي تجمع بين الكلاسيكية والجاذبية. كان يرتدي رداءً داكنًا بلون احمر غامق، مزينًا بخطوط صفراء تمتد على طول حوافه. الرداء كان بطول متوسط، ينتهي تحت الركبتين، ومزينًا بشعار هوجوورتس المطرز بخيوط ذهبية على الجهة اليسرى من صدره. أكمامه العريضة كانت محكمة عند المعصمين بشرائط فضية، فيما كانت بطانة الرداء الداخلية باللون الأزرق الملكي، تظهر عند حركته. كان يرتدي تحت الرداء قميصًا أبيض ناصعًا وبنطالًا داكنًا مع حذاء جلدي مقاوم للماء. شعره الأسود كان مسرحًا بعناية، وعيناه الرماديتان كانتا تشعان بالتركيز والحذر. آلبرت بدا كما لو أنه يجسد الكبرياء والعراقة التي تليق بسليل عائلة بلاك.

وقف الأبطال الثلاثة على المنصة، ينتظرون الإشارة للبدء. ورغم اختلاف ملابسهم وخلفياتهم، كان يجمعهم شيء واحد: الإصرار على مواجهة التحدي الذي ينتظرهم في أعماق البحيرة.

وقف آلبرت بين زملائه المتسابقين، وقد ارتسمت على وجهه ملامح التركيز والعزيمة. كان يعلم أن هذه المهمة ستكون أكثر خطورة من الأولى، لكنه كان مستعدًا لمواجهة أي شيء. في الجهة الأخرى، وقف جونيور، بملامح بروفيسور مودي القاسية، يراقب كل شيء عن كثب. كان يتظاهر بتقديم النصائح للمتسابقين، لكنه في داخله كان يحسب الوقت، وينتظر اللحظة المناسبة.

كانت المهمة تتطلب من المتسابقين الغوص في أعماق البحيرة لاستعادة شيء عزيز عليهم، محتجز في قاعها. كان آلبرت يعلم أن التحدي سيكون صعبًا، لكنه لم يكن يدرك أن هذه المهمة ليست مجرد اختبار عادي، بل جزء من خطة أكبر بكثير، خطة تتعلق بمصيره ومصير العالم السحري بأكمله.

في أعماق البحيرة، كان هناك أكثر مما تراه العين. هناك، تحت الماء البارد، كان المستقبل يكتب ببطء. بالنسبة لجونيور، كانت هذه المهمة نقطة حاسمة في خطته. كان يعلم أن النجاح يعني اقتراب اللحظة التي طال انتظارها، اللحظة التي سيعود فيها سيد الظلام إلى قوته الكاملة.

بينما كان آلبرت بلاك يقف على الخشب الموجود على ضفاف البحيرة السوداء، مستعدًا لبدء المهمة الثانية في بطولة السحرة الثلاثية، شعر بشيء غريب يزعجه. خلال طريقه من القلعة إلى البحيرة، لم يكن قد رأى هيرميون ، والتي كانت دائمًا بجواره لتشجيعه ومساندته في مثل هذه اللحظات. عادةً، لم تكن هيرميون تغيب عن مشهد كهذا، وكانت دائمًا هناك، تحمل في عينيها نظرات الدعم والثقة. نظر آلبرت حوله سريعًا، باحثًا عنها بين الحشود، لكن وجهها لم يكن ظاهرًا في أي مكان.

استرجع كلمات التي سمعها من بيضة الذهبية داخل الحمام التي أشارت إلى أن المهمة الثانية تتطلب من المتسابقين إنقاذ شخص عزيز عليهم من أعماق البحيرة. فجأة، بدأت الحقيقة تتكشف في ذهنه: هيرميون ربما تكون تحت الماء، محتجزة في أعماق البحيرة كجزء من التحدي!. كان يجب عليه أن ينقذها لأن ذلك كان السبيل الوحيد لإكمال المهمة.

في هذه الأثناء، كان المعلق يشرح تفاصيل المهمة للحشد المتحمس الذي يحيط بالبحيرة. استدار آلبرت ونظر إلى زميليه المتسابقين، فلور ديلاكور وفيكتور كرام. رأى فلور تضع شيئًا داخل فمها، بدا وكأنه نبات أخضر غريب. بعد لحظات، بدا أن الطعم كان غير مريح، وكادت فلور تتقيأ وهي تحاول ابتلاعه. من جهته، لكن فيكتور لم يبدي عليه اي حالة على أنه قد تناول شيء ما

كان آلبرت يعرف أن هذا النبات هو عشب الخياشيم، وهو وسيلة تمكن السحرة من التنفس تحت الماء لفترة محدودة.

بينما كان آلبرت يفكر في كيفية التصرف، بدأ العد التنازلي من قبل المعلق. كان الوقت ينفد بسرعة، ولم يكن هناك مجال للتردد. عند سماع الأرقام "3... 2... 1..."، قرر آلبرت التصرف على الفور. قفز إلى الماء بسرعة رهيبة دون تردد، تاركًا ورائه الحشد الذي صفق بحماس. على عكس زميليه، لم يكن بحاجة إلى أي وسيلة للبقاء تحت الماء؛ فقد كان قد تدرب سابقا بمساعدة السحر بأن يبقي بدون تنفس لمدة أكثر من 20 دقيقة على الاقل.

كان آلبرت على يقين من أنه يمكنه البقاء تحت الماء طوال هذه الفترة بدون تنفس، بفضل تدريبه المكثف وقدرته الفريدة.

ما إن غطس آلبرت في المياه الباردة حتى شعر برعشة تخترق جسده، لكن تصميمه كان أقوى من أي شعور بعدم الراحة. عينيه كانتا مفتوحتين على اتساعهما، يبحث في الظلام الكئيب تحت سطح الماء عن أي دليل يقوده إلى هيرميون. كانت الأفكار تتدافع في رأسه

كانت المياه شديدة البرودة، والظلام يحيط به من كل جانب، لكن آلبرت استمر في السباحة بقوة، واثقًا أن العشرين دقيقة الممنوحة ستكون كافية لإنقاذها وإنجاز المهمة.

يتبع ....

2025/01/12 · 42 مشاهدة · 1564 كلمة
نادي الروايات - 2025