الفصل 221

جلس آلبرت على جذع شجرة، أنفاسه تتباطأ بعد المواجهة الشرسة التي خاضها للتو ضد بارتي كراوتش جونيور ،. و كان جثة الابن الذي كان فاقد الوعي كانت ملقاة بجانبه، وعصا سحرية مكسورة بالقرب منه. كان الهدوء الذي يعم الغابة مخيفًا، حيث لم يسمع سوى أصوات الرياح وهي تمر عبر الأشجار العالية وصوت أنفاسه المتقطعة. مرّت عشر دقائق شعر خلالها آلبرت بثقل الموقف وكأن الزمن توقف.

بينما كان يفكر في ما حدث وما سيأتي لاحقًا، لمح من بعيد مجموعة تتحرك بسرعة عبر الأشجار. بعد لحظات، تمكن من رؤية الوجوه بوضوح: دمبلدور في المقدمة بخطوات ثابتة، إلى جانبه البروفيسور سيفيروس سنايب، وخلفهما بارتي كراوتش الأب، الذي كان يبدو عليه الحزن والانكسار، وجهه شاحب ويداه ترتجفان.

عندما وصل الثلاثة إلى موقعه، توقّف دمبلدور وألقى نظرة سريعة على آلبرت وعلى جونيور الملقى على الأرض. ثم نظر مباشرة إلى آلبرت، عينيه الحادتين تعكسان مزيجًا من القلق والاهتمام. تحدث دمبلدور بهدوء لكن بصوت يحمل ثقله المعتاد:

"ما الذي حدث هنا يا آلبرت؟ هل أنت بخير؟"

نظر آلبرت إلى دمبلدور بعينين مرهقتين، ثم حوّل بصره إلى بارتي كراوتش الأب، الذي كان يقف خلف دمبلدور متوترًا، يتجنب النظر إلى جسد ابنه. للحظة، شعر آلبرت بالتعاطف معه، رغم كل ما حدث. أخذ نفسًا عميقًا، ثم قال بهدوء:

"ما حدث هنا ليس شيئًا يمكن تلخيصه بسهولة يا بروفيسور دمبلدور. لكن أعتقد أننا يجب أن نناقش هذا الأمر داخل القلعة. سيكون ذلك أفضل، أليس كذلك؟"

نظر دمبلدور إلى آلبرت نظرة فهم، ثم أومأ برأسه. "معك حق، يا آلبرت. لنأخذ هذا الحديث إلى الداخل."

اقترب سنايب من جسد بارتي جونيور الملقى على الأرض. برزت على وجهه تعابير مختلطة من الفضول والانزعاج، لكنه لم يقل شيئًا. انحنى وأمسك بكتف جونيور ليرفعه قليلاً، ثم التفت إلى آلبرت وقال بنبرة جافة:

"هل كان من الضروري أن تسقطه بهذه الطريقة؟ يبدو كأنه جثة."

لم يرد آلبرت، فقط حدّق في سنايب للحظة قبل أن يقف من مكانه ويساعده في رفع جسد جونيور. رغم وزنه الخفيف، شعر آلبرت بثقل معنوي وكأن الجسد يحمل كل الأخطاء التي ارتكبها جونيور في حياته.

في هذه الأثناء، كان بارتي كراوتش الأب يقف على مسافة قصيرة، ينظر إلى ابنه بنظرات حزينة مليئة بالندم. كانت هذه اللحظة تحمل ثقلًا كبيرًا عليه. اقترب منه دمبلدور ووضع يده على كتفه بلطف، محاولًا تهدئته. قال بصوت منخفض:

"كل شيء سيتم تفسيره قريبًا، بارتي. لكن أحتاج منك أن تكون قويًا الآن."

أومأ كراوتش الأب دون أن ينبس ببنت شفة، بينما كان ينقل نظراته بين ابنه وآلبرت. بدا وكأنه يريد قول شيء، لكنه اختار الصمت في النهاية.

رفع آلبرت وسنايب جسد جونيور معًا، بينما أشار دمبلدور لهم بالسير نحو القلعة. قال بصوت هادئ لكنه قاطع:

"علينا العودة سريعًا. هناك الكثير مما يجب أن نفهمه، وهناك قرارات يجب أن تُتخذ."

بدأت المجموعة بالسير ببطء نحو القلعة

وصلت المجموعة أخيرًا إلى أبواب القلعة، الجو كان مشحونًا بالصمت الثقيل، وكل خطوة نحو الداخل كانت تحمل توقعات غير مريحة.

دمبلدور، بوجهه الهادئ الذي يخفي خلفه آلاف التساؤلات، قادهم عبر الممرات الحجرية حتى توقّف عند مفترق طرق. التفت إلى آلبرت وسنايب، الذين لا يزالان يحملان جسد بارتي كراوتش جونيور الفاقد للوعي.

قال دمبلدور بنبرة هادئة لكنها حازمة: "علينا أن نناقش هذا الأمر في مكتبي. ما حدث اليوم يجب أن يتم توضيحه بشكل كامل."

لكن آلبرت، الذي بدا على وجهه مزيج من الجدية والإصرار، قاطع دمبلدور: "بروفيسور، أعتقد أن علينا الذهاب إلى مكتب بروفيسور مودي أولاً. هناك شيء مهم جدًا هناك، شيء يخفيه هذا الشخص هناك"

نظر دمبلدور إلى آلبرت نظرة طويلة، وكأنه يحاول قراءة ما يدور في ذهنه. في النهاية، أومأ برأسه بهدوء وقال: "حسنًا، إن كنت تعتقد أن هناك ما يستحق التحقيق، فسنفعل ما تقول. إلى مكتب مودي إذًا."

تقدمت المجموعة باتجاه مكتب مودي، حيث فتح دمبلدور الباب بحركة من عصاه، ليكشف عن غرفة مليئة بالفوضى. وضع آلبرت وسنايب جسد جونيور على كرسي في منتصف المكتب، بينما ألقى سنايب تعويذة جعلت حبلًا طويلًا يلتف حول جسد جونيور والكرسي بإحكام، مما يضمن أنه لن يستطيع الحركة بمجرد أن يستيقظ.

بعد لحظات، بدأ بارتي جونيور يستعيد وعيه. كان رأسه يتمايل بخفة قبل أن يفتح عينيه ببطء، فقط ليدرك أنه محاصر وأمام وجوه يعرفها جيدًا: دمبلدور بوقاره، ووالده بوجهه المليء بالحزن والخيانة، وسنايب بنظراته الثاقبة والعدائية، وآلبرت الذي كان يراقبه بصمت لكن بحدة.

بمجرد أن فهم جونيور الموقف، بدأت ابتسامة صغيرة ترتسم على وجهه، ثم تحولت إلى ضحكة خافتة. وكعادته، رفع لسانه ببطء فوق شفتيه، وهي الحركة التي أثارت قشعريرة في قلب والده.

كسر بارتي كراوتش الأب الصمت، صوته يرتجف بالغضب والانكسار: "ما الذي جعلك تفعل هذا يا جونيور؟ كيف هربت من أزكابان؟ كيف تجرأت على التنكر في هيئة مودي؟ أين السيد مودي الحقيقي؟! هيا، أجبني !"

لكن جونيور لم يرد مباشرة. بدلًا من ذلك، كان يحدق في وجه والده بابتسامة ساخرة، وكأنه يستمتع برؤية الألم الذي سببته أفعاله. بعد لحظة، ضحك بصوت أعلى، ثم قال: "أوه، أبي العزيز... تنكرت كسيد مودي فقط لهدف واحد: الدخول إلى هذه القلعة وقتل هاري بوتر !"

ساد صمت ثقيل في الغرفة للحظات بعد هذه الكلمات. لم يصدق أحد ما سمعه للتو. كان الأمر صادمًا لدرجة أن حتى دمبلدور بدا وكأنه استغرق لحظة لفهم ما قيل.

لكن سنايب لم يتمالك أعصابه. أمسك بعصاه ووجّهها نحو جونيور، غاضبًا بشكل واضح. صرخ بصوت حاد: "أعد ما قلته ! هل كنت تخطط لقتل هاري بوتر ؟!"

رفع جونيور رأسه بهدوء، تحدق عيناه بجنون في سنايب، ثم قال بابتسامة متكلفة: "أليس هذا واضحًا؟ سيد الظلام يريد موته، وأنا كنت سأكون من يحقق ذلك. لكن يبدو أن خطتي تعثرت بفضل هذا الصبي الصغير." وأشار برأسه نحو آلبرت.

نظر الجميع إلى بعضهم البعض، وبدأت الغرفة تمتلئ بالتوتر. كل كلمة نطق بها جونيور كانت تكشف عن عمق خيانته وخطره، وكان واضحًا أن هناك الكثير مما لم يُكشف بعد.

وضع آلبرت يده بحزم على كتف سنايب، الذي كان لا يزال يحمل عصاه موجهة نحو بارتي جونيور، وقال بهدوء ولكن بنبرة حازمة: "يجب أن تتوقف يا بروفيسور سنايب ! لن نصل إلى شيء بهذه الطريقة. الأمر يتطلب أن نحافظ على هدوئنا الآن."

لحظة من الصمت سادت الغرفة، ثم أطلق سنايب زفرة غضب وأزال عصاه ببطء، لكن نظراته لم تترك وجه جونيور، الذي كان ينظر إليه بنظرات مليئة بالسخرية والاستهزاء.

كانت ابتسامة جونيور العريضة مستفزة للغاية، وكأن وجوده هناك، مكبلاً، كان مجرد لعبة بالنسبة له.

في تلك اللحظة، توجه آلبرت نحو زاوية المكتب حيث كان هناك صندوق معدني كبير يلفت الانتباه بحجمه الضخم. بالكاد كان الصندوق يناسب الغرفة، إذ بلغ طوله حوالي متر ونصف وامتلأ بالصناديق الصغيرة المكدسة داخله.

بدأ آلبرت بفتح الصناديق، واحدًا تلو الآخر، بعناية وتركيز.

بينما كان يعمل على فتح الصناديق، التفت نحو دمبلدور وقال: "هنا يا بروفيسور. هنا يتواجد البروفيسور مودي الحقيقي."

ما إن سمع بارتي جونيور هذه الكلمات حتى ظهرت علامات المفاجأة على وجهه، رغم محاولته الحفاظ على هدوئه. رفع حاجبيه بدهشة وتساءل في نفسه: كيف عرف هذا الفتى؟ كيف استطاع أن يكتشف هذا الامر ؟! هل ألقى نظرة داخل عقلي و انا فاقد للوعي؟!

بينما كان آلبرت يواصل فتح الصناديق، بدأ جونيور يستعيد في ذاكرته كلمات بيتر بيتيغرو عندما كان فولدمورت يشرح خطتهم الأولى للتسلل إلى القلعة. تذكر جونيور بوضوح تحذير بيتر له: "كن حذرًا من آلبرت. لقد كشفني عندما كنت متنكرًا كفأر. إنه ليس مجرد طالب عادي."

حينها، أدرك جونيور أنه قد استهان بآلبرت ولم يأخذه على محمل الجد، وهي غلطة كلفته الكثير الآن.

فتح آلبرت الصندوق السابع أخيرًا، ودعا الجميع للتجمع حوله. اقترب كل من بارتي كراوتش الأب، وسنايب، ودمبلدور، وانحنوا للنظر داخل الصندوق. كانت أعينهم مليئة بالدهشة عندما رأوا البروفيسور مودي الحقيقي جالسًا في قاع الصندوق. كان يبدو شاحبًا ومنهكًا، مرتديًا ملابس شفافة بيضاء، وعيناه تدوران ببطء في الغرفة وكأنه يحاول فهم ما يجري.

رفع مودي رأسه قليلاً، وبدأ يتحدث بصوت ضعيف وغير واضح: "أنا آسف يا دمبلدور... لم أتمكن من منعهم..."

ابتسم دمبلدور بخفة وقال بنبرة مطمئنة: " لم يكن هذا خطأك يا مودي. لقد واجهت ما هو خارج عن إرادتك."

استدار دمبلدور نحو آلبرت ونظر إليه بإعجاب واضح، ثم قال:

"عمل رائع يا آلبرت. لقد كنت قلقا من ان يكون مودي في قبضة هذا الشخص في مكان ما"

بعد لحظات، رفع دمبلدور عصاه ووجهها نحو الصندوق، مرددًا تعويذة معقدة. ظهر ضوء ذهبي من عصاه، وتكوّن حبل سحري طويل انساب داخل الصندوق، وبدأ بسحب مودي بلطف حتى خرج من القاع. بمجرد أن وصل مودي إلى الأرض، أمسك دمبلدور بذراعه برفق وساعده على الوقوف، بينما كان الجميع يراقبون المشهد بدهشة وارتياح.

يتبع ...

2025/01/14 · 50 مشاهدة · 1324 كلمة
نادي الروايات - 2025