الفصل 227

كان آلبرت واقفًا في مكانه، محاطًا بالظلام والكآبة التي تغمر المكان، بينما وقف أمامه فولدمورت الذي عاد إلى الحياة من جديد، وجهه الشاحب يعلوه تعبير من السخرية الممزوجة بالازدراء ، ملامح آلبرت كانت تعبر عن صدمة لا توصف، وكأن الزمن توقف للحظة، بينما عقله يحاول استيعاب ما يحدث أمامه.

ابتسم فولدمورت تلك الابتسامة الباردة التي اشتهر بها، وبدأ يتحرك بخفة يمينًا ويسارًا، رداؤه الأسود الطويل يرفرف خلفه كظل مظلم. قال بنبرة مملوءة بالسخرية:

"أوه، انظر من أتى إلينا بقدميه ! أليس أنت آلبرت؟ الشجاع المغوار الذي يواجه الظلام؟ هيا، لا تخيب أملي ! أخرج عصاك السحرية، أليس هذا ما تفعله دائمًا؟ أو ربما... هل تعبت من قتال الأطفال داخل المتاهة؟"

تابع فولدمورت سخريته، بينما أشار بيديه إلى الأعلى كما لو كان يلقي خطبة أمام جمهور.

"أوه، عذرًا، ربما أنا قاسٍ بعض الشيء. بالنظر إلى حالتك، يبدو أنك قد تعرضت لضرب مبرح. أليس من الأفضل أن نلغي هذا القتال؟"

لكن كلمات فولدمورت لم تكن تصل إلى آلبرت، الذي كان واقفًا في حالة من الشرود العميق. لم يكن يسمع سوى صوت داخلي، مزيج من الخوف والتصميم، يحاول أن يضع خطة للخروج من هذا الموقف الكارثي. لم يستيقظ من صدمته إلا عندما سمع نبرة فولدمورت تتحول إلى غضب، ووجهه يعلوه الغيظ:

"هل تجرؤ على الصمت أمامي؟ هل تجرؤ على تجاهلي ؟!"

في تلك اللحظة، رفع آلبرت عصاه بتردد، وهو يعلم جيدًا أن حالته الجسدية المتدهورة لن تمكنه من خوض قتال طويل ضد سيد الظلام.

لكنه كان يعرف أيضًا أنه لا خيار أمامه سوى المواجهة ، صرخ وهو يلقي تعويذة نزع السلاح، موجهًا إياها نحو فولدمورت في محاولة لإسقاط عصاه.

لكن فولدمورت كان مستعدًا. رفع عصاه بلا تردد وألقى تعويذة قوية، لتصطدم التعويذتان في منتصف الطريق بينهما. شرارات سحرية متوهجة انفجرت في الهواء، والصوت المدوي لاصطدام التعويذتين ملأ الأجواء.

بينما كان السحر يتصارع في منتصف المسافة بينهما، ظل فولدمورت يتحدث، وكأن القتال لم يكن سوى لعبة بالنسبة له.

"هل تعتقد أنك تستطيع مجابهتي، آلبرت؟ انظر إلى نفسك ! بالكاد تستطيع الوقوف على قدميك. هذا مثير للشفقة. ! أوه، هل تعرف لماذا أردت قتلك عندما كنت رضيعًا؟ أكثر حتى من ذلك الفتى بوتر؟"

أخذت نبرة فولدمورت تزداد حدة وغضبًا مع كل كلمة، وواصل حديثه:

"كان ذلك بسبب أمك اللعينة! لولاها لما فقدت جزءًا من قوتي في ذلك اليوم المشؤوم !! لقد ألقت تعويذة غامضة عليّ، جعلتني أشعر بالموت نفسه، ومع ذلك نجوت بطريقة ما. لكن ما يحيرني حتى الآن هو... كيف نجوت أنت من تعويذتي؟ أنا متأكد أنني ألقيتها عليك انداك ! لكن لا يهم... هذا انتهى الآن. والآن، يا آلبرت، حان وقت موتك !"

آلبرت، الذي كان يبذل كل ما تبقى من قوته ليبقي تعويذته قائمة، شعر أن يديه بدأتا ترتعشان من الإرهاق. كانت رؤيته تصبح أكثر ضبابية مع كل ثانية تمر، والجروح التي تغطي جسده تنزف بغزارة.

كان يعلم جيدًا أنه لن يتمكن من الصمود طويلاً، وأن المواجهة المباشرة مع فولدمورت في حالته هذه ستكون انتحارًا.

لكن في تلك اللحظة، لمع في ذهنه حل. إذا كان لا يستطيع هزيمة فولدمورت، فربما يستطيع استغلال غروره وغضبه ضده. قرر أن يستفزه، وأن يجعل سيد الظلام يرتكب خطأً يمكن أن يمنحه فرصة للهروب.

بدأ آلبرت في تغيير استراتيجيته. بدأ بإلقاء تعاويذ مختلفة بشكل عشوائي، واحدة تلو الأخرى، دون أن يمنح فولدمورت فرصة لالتقاط أنفاسه. لم تكن هذه التعاويذ قوية بما يكفي لإلحاق ضرر كبير به ، لكنها كانت كافية لاشغاله و تشتيت انتباهه

صرخ آلبرت بصوت مليء بالتحدي، على الرغم من الألم الذي كان يعاني منه:

"هل هذا كل ما لديك، فولدمورت ؟ كل هذه القوة، وكل هذا الشر، ولا تستطيع حتى هزيمة شخص مثلي في هذه الحالة ؟ و انت الذي يقول سيحكم العالم و يبقي فقط انقياء الدم ، اذ بك انت لا تكون سوى دو دم مختلط !! "

استشاط فولدمورت غضبًا من كلمات آلبرت كان واضحًا أن غروره لم يسمح له بتجاهل هذا التحدي. وفي لحظة من الغضب، صرخ فولدمورت وألقى تعويذة مدمرة، لكنها أخطأت هدفها بفارق بسيط بسبب اندفاعه.

استغل البرت تلك اللحظة ليقوم بنقل أني سريع مستغلا ما تبقى من طاقته للهرب بعيدًا عن فولدمورت.

على الجانب الآخر من المتاهة، حيث تجمعت المدرجات المليئة بالطلاب والمشاهدين الذين ينتظرون بفارغ الصبر نهاية البطولة، كان الجو مليئًا بالترقب.

في إحدى الزوايا البارزة من المدرجات، كان يجلس هاري بوتر بجانب رون وهيرميون، وخلفهم دمبلدور، هاجريد، و ماكجونجال والوزير كورنيليوس فادج، الذين يتابعون الحدث بصمت مشوب بالقلق.

في تلك اللحظات، بدأ هاري يشعر بشيء غريب يحدث له. بدأ ألم شديد ينبض من ندبته على جبهته، وكأنها تحترق، وضع يده على رأسه وشعر بالدوار للحظة، ثم بدأت رؤى غامضة تسيطر على ذهنه. كان يرى صورًا مشوشة لألبرت وهو يقف في مواجهة مميتة مع شخص آخر، لم يكن من الصعب التعرف عليه: فولدمورت. كانت الصور تأتي وتذهب بسرعة، مثل ومضات من حلم متقطع، لكنه تمكن من تمييز بعض التفاصيل. رأى فولدمورت وهو يلقي تعويذات قوية، وآلبرت يكافح للوقوف على قدميه، والظلام يحيط بهما.

"آه !" صرخ هاري بخفوت، جاذبًا انتباه رون وهيرميون بجانبه. نظر الاثنان إليه بقلق، بينما كانت ملامحه تتغير بين الخوف والصدمة.

"هاري، ما الأمر؟" سألت هيرميون بسرعة، لكنها لم تحصل على إجابة. كان هاري لا يزال غارقًا في الرؤى التي لا يستطيع التحكم بها.

لاحظ دمبلدور الغرابة في تصرفات هاري، فاقترب منه بهدوء وسأله بنبرة عميقة مليئة بالقلق: "ما الذي يحدث، يا هاري؟ هل تشعر بشيء؟"

نهض هاري فجأة من مقعده، مشيرًا بيديه، وقال بصوت مرتعش: "آلبرت في خطر ! أنا متأكد من ذلك !"

صدم هذا التصريح الجميع من حوله. نظر رون وهيرميون إلى بعضهما في دهشة، بينما رفع فادج حاجبيه متسائلًا عما إذا كان هاري قد فقد صوابه. أما دمبلدور، فكان يحدق في هاري بنظرة حادة مليئة بالتساؤلات، محاولًا تحليل الموقف.

اقترب دمبلدور منه أكثر وسأله: "كيف تعرف هذا يا هاري؟ من أخبرك؟"

حاول هاري أن يهدئ نفسه قليلاً، ثم تحدث ببطء، محاولًا شرح ما يشعر به: "إنها الندبة، أستاذ. منذ بداية هذه السنة وأنا أشعر بأن هناك رابطًا بيني وبين انت تعرف من ، احيانًا... أستطيع أن أرى ما يقوم به، كأنني أرى العالم من خلال عينيه."

ساد الصمت للحظة، ثم نظر دمبلدور في عيني هاري نظرة عميقة. كان ما يقوله هاري يحمل منطقًا، خاصة مع علم دمبلدور بطبيعة ارتباط هاري بفولدمورت بسبب الندبة واللعنة التي تربطهما. بدأ دمبلدور يشعر بالقلق الحقيقي. إذا كانت رؤى هاري صحيحة، فإن حياة آلبرت قد تكون في خطر فعلي.

أشار دمبلدور إلى الأستاذة ماكجونجال، التي كانت تقف على بعد بضعة مقاعد، وقال بصوت هادئ ولكنه حازم: "ماكجونجال، تأكدي من أن الجميع يخلي المكان حالًا. هناك أمر خطير يجب علينا التعامل معه."

تقدمت ماكجونجال، متفهمة جدية الموقف دون الحاجة إلى تفسير إضافي، وبدأت توجه الحاضرين للخروج من المدرجات بهدوء لتجنب الفوضى.

بينما كانت المدرجات تخلى تدريجيًا، التفت دمبلدور إلى هاري وقال: "إذا كنت على حق يا هاري، فهذا يعني أن فولدمورت عاد... وأن آلبرت الآن في مواجهة لا يمكننا التدخل فيها بسهولة. علينا أن نتحرك بحذر."

نظر هاري إلى دمبلدور وعيناه مليئتان بالقلق والخوف، لكنه قال بحزم: "علينا أن نفعل شيئًا، أستاذ. لا يمكننا أن نتركه وحده هناك !"

رد دمبلدور وهو يضع يده على كتف هاري ليهدئه: "أعلم ذلك يا هاري، لكننا بحاجة إلى خطة. لا يمكننا المخاطرة بدون معرفة مكانهم وما يواجهونه."

وفي تلك اللحظة، كان صوت الرياح الباردة يحمل معه إحساسًا بالخطر الوشيك، وكأن كل شيء حولهم يهمس بأن الظلام قد بدأ ينتشر مرة أخرى.

وقف آلبرت بثبات مهزوز، أنفاسه تتسارع، جسده منهك، لكن عينيه تلمعان بتصميم خافت. أمامه، كان فولدمورت يقف شامخًا، ظله يتراقص مع ضوء النيران الخافتة، وعيناه تشتعلان بكراهية غامرة. رأى فولدمورت التردد في وقفة آلبرت، وظن للحظة أنه قد كسر روحه، فابتسم بسخرية وقال بصوت عالٍ، متعمدًا أن يملأ صوته المكان:

"الفتى آلبرت! هل بدأت تشعر بعظمتي؟! هيا، هل هذا كل ما لديك؟! أين شجاعتك الآن؟ هل كنت تتوقع أن تهزمني؟!"

لكن بدلًا من أن يظهر آلبرت أي علامة على الاستسلام، التفت فجأة نحوه ونطق بصوت مرتفع، تملؤه الكراهية والتحدي:

"فل تصمت يا توم ! نعم، توم ! لأنك لست سوى مجرد اسم سخيف. هل تظن حقًا أنك ستحكم العالم وأنت ابن دم مختلط؟! أنت الذي يدعم أنقياء الدم، لكنك أنت نفسك وصمة عار على أفكارك! أنت لعنة حية، تناقض كل ما تدعي أنك تؤمن به!"

للحظة، خيّم الصمت في المكان. صدمة عابرة عبرت على وجه فولدمورت، قبل أن تتحول إلى غضب طاغٍ. بدت كلماته وكأنها تخترق دفاعاته النفسية العميقة، تلك الحقائق التي حاول دفنها طوال حياته. لم يستطع فولدمورت السيطرة على نفسه، فصرخ بجنون، صوته يتردد في المكان وكأنه زئير وحش:

"فل تمت أيها اللعين!! مت الآن!!"

بدأ فولدمورت يطلق تعاويذ الموت بشكل عشوائي ومتعاقب. شُعاعات من السحر الأسود تتطاير في كل اتجاه، بعضها ارتطم بالأرض مسببًا انفجارات صغيرة، وبعضها شق الهواء في اتجاه آلبرت الذي كان بالكاد يتصدى لها.

آلبرت، رغم ضعفه الجسدي والمعنوي، استغل هذا الغضب غير العقلاني في مصلحته. كان يعرف أن فولدمورت، في نوبات غضبه، يمكن أن يرتكب أخطاء. بدأ يتحرك بخفة نحو المكان الذي وضع خطته حوله، كأس النار، الذي كان يشع بضوء أزرق بارد وسط الظلام.

لكن الطريق لم يكن سهلًا. استمر فولدمورت في استخدام تعاويذ سحرية قاتلة مثل تعويذة "الطاعون"، التي كانت تنشر غيومًا سامة قاتلة، وتعويذة "الشق"، التي كانت تُحدث تمزقات ضخمة في الأرض، محاولًا إسقاط آلبرت في هاوية لا نهاية لها. رغم ذلك، كان آلبرت يتجنبها بصعوبة، وكل خطوة نحو الكأس كانت تأخذ منه كل ما تبقى لديه من طاقة.

في لحظة غضب قصوى، توقف فولدمورت لبرهة، رفع عصاه عاليًا، وصاح بصوت قاطع:

"أفادا كادافرا!"

شُعاع أخضر لامع انطلق بسرعة البرق، متجهًا نحو آلبرت. كان الشعاع قويًا وقاتلًا، التعويذة التي لا يمكن لأي تعويذة أخرى التصدي لها. رأى آلبرت الشعاع يتجه نحوه، لكنه كان يعلم أن جسده المنهك وعقله المرهق لا يمكنهما تنفيذ النقل الآني، وهو الوسيلة الوحيدة للهروب. ومع ذلك، لم يستسلم.

التفت بنظره بسرعة إلى كأس النار، الذي كان على بُعد خطوات قليلة فقط. استجمع كل ما تبقى من قوته، واندفع للأمام، متجاهلًا الألم في جسده والرؤية الضبابية التي بدأت تعيق تركيزه. مد يده المرتعشة نحو الكأس، وتمامًا في اللحظة التي كان الشعاع الأخضر على وشك أن يلامسه، لامست يده الكأس.

في تلك اللحظة، أضاء كأس النار بضوء أزرق ساحر، وبدأ جسد آلبرت يتلاشى في الهواء، ساحبًا معه بقايا الضوء الأزرق. شُعاع تعويذة "أفادا كادافرا" ارتطم بالأرض خلفه، محدثًا انفجارًا مدويًا، لكن آلبرت كان قد اختفى بالفعل.

ترك فولدمورت في وسط الظلام، يصرخ بغضب وهزيمة. لقد استطاع آلبرت، رغم حالته المزرية، أن يحقق خطته ويهرب من مخالب الموت.

عندما فتح آلبرت عينيه بعد الانتقال ، وجد نفسه واقفا على أرض منصة البداية، وسط هتافات المدرجات وصيحات المفاجأة. دماؤه كانت تغطي وجهه ويديه، و الجروح البارزة التي تضهر على جبينه و ايضا يديه لكنه كان على قيد الحياة. نظر إلى الأعلى، حيث رأى هاري، رون، هيرميون، ودمبلدور يتجهون نحوه بسرعة. لم يستطع الحديث، لكنه كان يعلم أن قد نجا من الموت.

يتبع ...

2025/01/20 · 57 مشاهدة · 1718 كلمة
نادي الروايات - 2025