الفصل 235

انحرف هاري إلى شارع ما جنوليا كريسنت، وفي منتصفه عبر الزقاق الضيق إلى جانب الجراج، الذي رأى عنده -للمرة الأولى -أباه الروحي على الأقل بدا سيرياس عالما بمشاعر هاري. وبرغم اعترافه أن خطابات سيريوس كانت خالية من أى أخبار مثلها مثل غيرها كخطابات رون و هيرميون إلا أنها على الأقل احتوت على كلمات تحذير وتضامن بدلا من الإشارات والتلميحات المعذبة مثل

" أعرف أن ما أقوله محبط لك.. لكن ابق بعيدا عن المشكلات، وكل شيء سيسير على ما يرام... احذر ولا تفعل أي شيء متهور... "

فكر هاری و هو يعبر ما جنوليا كريسنت، وينحرف إلى طريق ما جنوليا وإلى حديقة الألعاب المظلمة أنه حتى الآن قد اتبع نصائح سيريوس على الأقل قاوم إغراء فكرة ربط حقيبته على المقشة السحرية والطيران إلى منزل رون وحده فى الواقع كان يرى سلوكه حتى الآن جيدا جدا

أخذا في الاعتبار كم الإحباط والغضب الذي يشعر به مع بقائه في بریفت درايف، ورقاده مختبئا في أحواض الزهور أملا في سماع شيء يقوده إلى معرفة ما يفعله لورد فولدمورت.

لكن ويا للجرأة والغرابة كيف يأمره بالحذر وقد قضى في سجن أزكابان اثنى عشر عاما بتهمة القتل، ثم هرب منه، وحاول ارتكاب جريمة القتل التي اتهموه بأنه فعلها.

قفز هاری من فوق بوابة الحديقة المغلقة وانطلق فوق العشب الجاف. كانت الحديقة خالية مثلها مثل الشوارع المحيطة بها، عندما وصل إلى الأراجيح غاص في الأرجوحة الوحيدة التي لم ينجح ددلي وأصدقاؤه بعد في تحطيمها، ووضع ذراعه حول سلسلتها وأخذ يحدق بتوتر في الأرض.

لن يستطيع الاختباء في حوض زهور دورسلي ثانية ، غدًا عليه التفكير في مخبأ جديد يسمع منه نشرة الأخبار.

والآن ليس لديه إلا ليلة أخرى مضطربة مزعجة؛ لأنه حتى عندما يهرب من كوابيس التي تأتيه ليلا تداهمه أحلام متعبة عن دهاليز وممرات مظلمة وطويلة، وجميعها تنتهي بحائط مسدود أو أبواب مغلقة، لقد عادت ندبة جبينه تؤلمه، لكنه يعرف أن مثل هذا الألم لن يثير اهتمام رون أو هيرميون أو آلبرت او حتى سيريوس.

في الماضي كان ألم الندبة يعتبر بمثابة تحذير من أن فولدمورت آخذ في استعادة قوته، لكن الآن ومع عودة فولدمورت فعلى الأرجح سيذكره أصدقاؤه أن ألمه المستمر متوقع.. ولا يستدعى القلق.. فسببه أخبار قديمة معروفة...

شعر بإحساسه بالظلم يتنامى داخله، أحس أنه على شفا الصراخ غضبا.

و بدأ هاري في تفكير مع نفسه و يقول " كيف نسي دمبلدور أمره بهذه السهولة؟ لماذا اجتمع رون و هيرميون و آلبرت معا دون أن يدعواه للحضور؟ وكم عليه أن يتحمل أمر سيريوس له بأن يتوخى الحذر ويبقى ولدا مؤدبا ؟ أو يقاوم إغراء الكتابة الجريدة دايلي بروفيت السخيفة، ويخبرهم بعودة فولدمورت؟ .. " اخذت هذه الأفكار الغاضبة تعتمل في عقل هاری، الذي جاش صدره بالغضب، وكان الليل الحار الرطب المخملي يوغل من حوله، والهواء محملا برائحة العشب الدافئ الجاف، والصوت الوحيد الذي يصله هو صوت السيارات البعيدة على الطريق خارج الحديقة.

لم يعرف كم بقى على الأرجوحة قبل أن يقاطع صخب الأصوات أفكاره وينظر لأعلى.

كانت مصابيح الشوارع تلقى بظلال ضبابية متوهجة كشفت مجموعة من الأشخاص يقتربون منه داخل الحديقة.

كان أحدهم يغني بصوت جهوري أغنية وقحة والآخرون يضحكون، وسمع ضوضاء آلية من عدة دراجات سباق بخارية كانت تدور من حوله.

کان هارى يعرف هؤلاء الأشخاص. أولهم بلا شك ابن خالته ددلی دورسلي، في طريقه للمنزل، تصحبه عصابته المخلصة.

کان ددلی ضخمًا كما عهدنا به، لكن سنة من النظام الغذائي القاسي واكتشافه لموهبة جديدة لديه، غيرا من شكله كثيرًا. كان الخال فرنون يخبر أي شخص بفخر أن ددلى صار بطل الملاكمة لاتحاد مدارس جنوب شرق البلاد. وكما يطلق عليها الخال فرنون (الرياضة النبيلة)، جعلت الملاكمة ددلي أكثر إثارة للرعب عنه عندما كان هو و هارى في مرحلة الدراسة الابتدائية، وكان هارى بالنسبة إليه أول كيس تدريب ملاكمة في حياته.

لكنه لم يعد خائفا من ابن خالته وإن كان لا يعتبر قدرة ددلى على اللكم بدقة وقوة سببا يدعو للاحتفال والاحتفاء صار الأطفال في المنازل القريبة يرهبونه أكثر حتى من رهبتهم لـ هارى الذي قيل عنه: إنه شخص عنيف يذهب إلى إصلاحية سان بروتوس بدلا من المدرسة.

راقب هاری ظلال العابرين على العشب وتساءل من تراهم سيضربون هذه الليلة؟ قال لنفسه دون أن يشعر: " انظروا حولكم ... تعالوا.. أنا جالس وحدى .. التفتوا إلى وحاولوا ضربي ..... "

لو كان أصدقاء ددلى قد رأوه جالسًا وحده هكذا، لحاولوا مضايقته وماذا سيفعل ددلى وقتها؟ لن يحب الخذلان أمام عصابته، لكنه سيخاف من استفزاز هاری سيكون مشهدًا مسليا أن يرى ددلي في مثل هذا المأزق، أن يستفزه، ويراقبه مسلوب القدرة على الاستجابة..

وإن حاول أي من الآخرين ضرب

هاری، سيكون مستعدا بعصاه السحرية. دعهم يحاولوا.. كم يود التنفيس عن بعض غضبه وإحباطه في وجه هؤلاء الأولاد الذين حولوا حياته جحيما في وقت من الأوقات.

لكنهم لم يلتفتوا إليه.. لم يروه. كانوا قد وصلوا إلى سور الحديقة تقريبا عندما واتت هارى الجرأة للنداء عليهم.. البحث عن شجار ليس بالأمر الحكيم.. لا يجب عليه استعمال السحر.. سيخاطر بالطرد من المدرسة ثانية. تلاشت أصوات أفراد عصابة دولي.. كانوا قد خرجوا عن نطاق رؤيته متجهين إلى طريق ماجنوليا.

فکر هاری بفتور: " هأنذا يا سيريوس.. لم أتهور، وأخذت حذرى عكس ما فعلته أنت تماما !".

على جانب الاخر ، داخل منزل عائلة بلاك، في قاعة الطعام ذات الجدران المزينة بصور الأجداد القدماء، جلس عدد من الأشخاص حول الطاولة الكبيرة المصنوعة من خشب الماهوجني الداكن.

كانت الأضواء المتدلية تعكس ظلالهم على الجدران، وأضفت أجواءً دافئة لكنها مشوبة بالتوتر المكتوم.

سيريوس بلاك كان جالسًا في رأس الطاولة، ينظر إلى ابنه آلبرت بلاك الذي كان يمسك بعكازه بجانب مقعده، لكنه لم يكن ذلك الفتى الضعيف الذي عاد من هوجورتس منذ أيام وهو مغطى بالجروح. هذه المرة كان مختلفًا.

كان يرتدي ملابس أنيقة بلون داكن، وقميصًا أبيض مفتوح العنق، مما زاده وسامة وهيبة غير معتادة. مع سقوط قليل من شعيرات نحو جبهته مما زادت ملامحه أكثر نضجًا، وعيناه الرماديتان تشعّان بثقة غير مسبوقة، وكأنه لم يعد مجرد طالب عادي في هوجورتس، بل شخصًا أدرك حجم المسؤولية التي يحملها.

على الطاولة، كان يجلس أيضًا آرثر ويزلي وزوجته مولي ويزلي، إضافة إلى ريموس لوبين.

كان آلبرت يمسك بين يديه جريدة المتنبئ اليومي، لكنه لم يكن يقرأ الأخبار المعتادة عن عالم السحرة، بل كان يتصفح مقالة تتحدث عن الفيزياء والهندسة واكتشافات علمية جديدة في العالم الماغلي.

كان ريموس لوبين يراقبه بتمعن.

"يجب عليك الآن أن تحذر من الانخراط في أي أمور مشبوهة جدًا،" قال لوبين وهو يجلس بهدوء، عيناه تحملان نظرة حكيمة خلف إرهاق السنوات الطويلة.

نظر إليه آلبرت دون أن يرفع رأسه عن الجريدة.

"جميع أفراد الوزارة يحاولون بشتى الطرق إقناع المجتمع بأن 'أنت-تعلم-من' لم يعد بعد، وأن كل ما يقال مجرد خرافات،" تابع لوبين بنبرة جادة.

على الجانب الآخر من الطاولة، كانت مدام ويزلي تصب الشاي في الكؤوس واحدة تلو الأخرى، تسكب واحدة لزوجها آرثر، ثم تمتد إلى لوبين وسيريوس، وأخيرًا إلى آلبرت.

لكن عندما اقتربت من آلبرت، رأت أنه لم يكن يقرأ أخبار السياسة أو الأوضاع الأمنية، بل كان غارقًا في قراءة مقالات عن تطورات الهندسة والفيزياء الحديثة.

رفعت حاجبها بدهشة، لكنها لم تعلق.

أغلق آلبرت الجريدة بهدوء وطواها بجانبه، ثم نظر إلى لوبين مباشرة وقال بصوت هادئ لكنه قوي:

"أنا لا أخاف، لا من فولدمورت، ولا من الناس. لو كنت أهتم لما يقولونه، لكنت بكيت عندما كان الجميع يلقبونني 'ابن الخائن'." ( ابن الخائن يعني لما كان سيريوس لا يزال في سجن بتهمة انه خان اصدقائه و ابصبح من اتباع فولدمورت، هذا ما يقصد به البرت )

ساد الصمت فورًا بعد كلماته.

لم يتوقع أحد هذه الإجابة المباشرة، حتى سيريوس نفسه شعر ببعض التوتر من النبرة القوية التي تحدث بها ابنه.

ريموس لوبين نظر إليه طويلاً، لكنه لم يردّ.

حتى آرثر ويزلي، الذي عادة ما يكون متفائلًا في أي موقف، لم يعرف ماذا يقول.

أما سيريوس، فقد شعر بمزيج من الفخر والقلق. لقد كان يدرك أن ابنه لم يعد مجرد فتى، لكنه لم يكن يريد أن يتحول إلى شخص يحمل عبئًا أثقل مما يستطيع تحمله.

أخيرًا، مولي ويزلي قررت كسر التوتر في الجو.

"فلنأكل الحلوى التي صنعتها خصيصًا لكم !" قالت بابتسامة دافئة، وهي تقطع كعكة الزنجبيل الطازجة.

يتبع ...

2025/01/28 · 51 مشاهدة · 1270 كلمة
نادي الروايات - 2025