الفصل 246

كانت بيلاتريكس تقف في مقدمة الصفوف بجانب الايمن لفولدمورت و عيناها السوداوان تلمعان بالغضب والحيرة، وشعرها المتشابك يتطاير حول وجهها مع كل حركة تقوم بها.

لم تستطع أن تمنع نفسها من التقدم خطوة إلى الأمام، متجاهلة كل الأعين التي التفتت نحوها بترقب، ثم نظرت إلى سيد الظلام مباشرة، غير خائفة من ناره المتوقدة.

"لماذا لم تتركني أذهب لوحدي يا سيدي ؟!" قالت بصوت عالٍ مليء بالحماس والغيرة، عاقدة ذراعيها أمام صدرها. "أنا وحدي كنت سأنجز هذه المهمة بسهولة ! من يكون هذا الفتى أصلًا حتى تبالي به ؟! هل تظن أنه يشكّل تهديدًا لي ؟! أنا بيلاتريكس ليسترانج، أكثر أتباعك إخلاصًا، أكثرهم فتكًا، ولوحدي أستطيع سحقه والحصول على ذلك الحرج الأسود لك !"

كان هناك توتر في القاعة بعد كلماتها. بعض الموتة كانوا يحدّقون بها بدهشة، والبعض الآخر كانت نظراتهم تتنقل بينها وبين فولدمورت، منتظرين كيف سيرد. لكن قبل أن يتحدث سيد الظلام، تحرك سناب بسرعة، ولم يكن في صوته أي تردد عندما قال:

"هل تشكّكين في أوامر اللورد ؟!"

تجمدت القاعة للحظة. انحنى عدد من الموتة للخلف قليلاً، وكأنهم شعروا ببرودة تسري في الجو بعد هذا السؤال الخطير. كان سناب يحدّق في بيلاتريكس مباشرة، وجهه خالٍ من أي تعبير سوى الصرامة المعتادة.

"إن قال اللورد كلمته، فلا يحق لنا الجدال فيها،" تابع بصوت حاد، وهو يقترب منها قليلاً. "أظن أنكِ يا بيلاتريكس لا تأخذين كلمات سيدنا على محمل الجد كما ينبغي."

لم تقل بيلاتريكس شيئًا في البداية، لكن النار في عينيها لم تنطفئ. كانت تنظر إلى سناب نظرة قاتلة، ويداها كانتا مشدودتين كما لو أنها على وشك إخراج عصاها السحرية، لكن في النهاية، بقيت واقفة في مكانها، وعيناها ما زالتا تلمعان بالجنون الذي يميزها.

أما فولدمورت، فقد راقب هذا الجدال بصمت، ومع كل لحظة تمر، ازدادت سعادته شيئًا فشيئًا. لم يكن غاضبًا، بل على العكس تمامًا، كان يستمتع. رؤية أتباعه يتنافسون ليُثبتوا ولاءهم له كانت من أكثر الأمور التي ترضيه. أطلق ضحكة قصيرة، ثم رفع يده ببطء، وقال بصوت ناعم لكنه قوي بما يكفي لإسكات الجميع:

"لا داعي لهذه المناوشات التي لا فائدة منها."

في الحال، تراجعت بيلاتريكس خطوة للوراء، ولم يقل سناب شيئًا آخر. كانت العيون ما زالت مركزة على فولدمورت، الذي استدار قليلًا، ثم أدار نظره نحو جونيور، الذي كان يقف بهدوء منذ بداية هذا النقاش. رفع فولدمورت ذقنه قليلاً، ثم قال:

"فل تخبرني يا جونيور... هل كل شيء على ما يرام في خطتنا داخل الوزارة؟"

تقدم جونيور خطوة للأمام، وعيناه الباردتان تلمعان بالثقة. كان يضع يديه خلف ظهره، كعادته حين يكون في حضور سيد الظلام، ثم أجاب بصوت هادئ، لكنه ممتلئ باليقين:

"نعم، يا سيدي. الوزير فادج من المستحيل أن يثق بكلمات ذلك الفتى آلبرت أو حتى دمبلدور نفسه. لقد سيطرت على عقله جيدًا، ولن يكون قادرًا على اتخاذ أي قرار قد يفسد خططنا."

كان هناك صمت، ثم ظهرت على وجه فولدمورت ابتسامة صغيرة. كان راضيًا. إذا كان الوزير نفسه واقعًا تحت تأثيرهم، فهذا يعني أن الوزارة قد تكون تحت سيطرتهم قريبًا جدًا.

كان سناب يقف في القاعة، صامتًا، بينما يسمع حديث جونيور عن نجاح خطط فولدمورت داخل الوزارة.

كان وجهه جامدًا كعادته، لكن داخله كان يعجّ بالأفكار المتضاربة.

•يا إلهي...• قال سناب في داخله، بينما كانت عينه تراقب فولدمورت الذي بدا سعيدًا بتطور الأحداث. • هذا الفتى... لا أستطيع أن أفهم كيف استطاع أن يتوقع كل هذا !•

لم يكن مجرد توقع عادي، لم يكن صدفة. آلبرت لم يكن مجرد شخص ذكي، لقد كان يعرف شيئًا لم يكن من المفترض أن يعرفه. كيف؟ كيف استطاع أن يخطط لكل هذا منذ البداية؟

تدفقت الذكريات إلى عقل سناب، وعاد عقله إلى ما حدث قبل أسبوع، داخل منزل عائلة بلاك.

قبل أسبوع – منزل عائلة بلاك

بعد نهاية اجتماع جماعة العنقاء، بدأ الأعضاء يودّعون بعضهم البعض، بينما كان سناب يستعد للعودة إلى المدرسة. لم يكن يحب البقاء هنا أكثر من اللازم، فوجوده في وسط جماعة العنقاء لم يكن مريحًا له. كان وجوده مجرد ضرورة لخداع الجميع، لكنه لم يكن يطيق النظرات التي كانت تلقى عليه من حين لآخر، خاصة من سيريوس بلاك وغيره من أعضاء الجماعة الذين لم يثقوا به يومًا.

كان على وشك المغادرة عندما شعر بيد تمسك بذراعه. استدار بسرعة، ليجد آلبرت ينظر إليه بعينين جادتين. لم يقل شيئًا، لكنه أشار إلى غرفة جانبية في المنزل، ثم تحرك نحوها، وكأنه يتوقع من سناب أن يتبعه.

تردد سناب للحظة، لكنه في النهاية قرر أن يرى ما يريد الفتى قوله. دخل الغرفة خلفه، وأغلق آلبرت الباب بهدوء.

لم يكن هناك أحد سواهما. الجو كان ساكنًا، والنور الخافت في الغرفة جعل الأجواء أكثر غرابة. لم يكن سناب يفهم لماذا أتى به هذا الفتى إلى هنا، لكن شيئًا ما في نظراته جعله يدرك أن الأمر مهم.

كان سناب هو من بدأ الحديث، بلهجته الباردة المعتادة:

"ما الأمر؟"

لكن آلبرت لم يرد فورًا. بدلًا من ذلك، نظر إلى الباب للحظة، وكأنه يتأكد من عدم وجود أحد قريب ليسمع حديثهما، ثم استدار نحو سناب وقال بصوت خافت لكن حازم:

"لا أريدك أن تخبر أي شخص بما سأقوله لك الآن بمن فيهم ابي "

لم يفهم سناب ما الذي يقصده آلبرت، لكنه لم يُظهر أي تعبير على وجهه. كان يراقب الفتى بحذر، لكن فضوله بدأ يزداد. كان هذا الصبي يبدو جادًا بشكل غير مألوف، وكأن ما سيقوله له يحمل أهمية قصوى.

بعد لحظة صمت، أومأ سناب برأسه، موافقًا على سماع ما لديه ليقوله.

تنفس آلبرت بعمق، ثم قال أخيرًا:

"اجعل فولدمورت بأي ثمن يرسل لوسيوس مالفوي مع أحد أتباعه إلى الوزارة، ليواجهني في الغرفة التي تحتوي على حجر الفيلسوف."

تجمد سناب في مكانه.

نظر إليه بنظرة فارغة للحظة، محاولًا استيعاب كلماته. لم يكن متأكدًا إن كان قد سمعه بشكل صحيح. كيف يعرف هذا الفتى صلتي بفولدمورت؟

تغيرت تعابير وجه سناب ببطء، وتحولت من اللامبالاة إلى الدهشة الحقيقية. كان نادرًا أن يفاجئه أحد، لكن ما قاله آلبرت كان صادمًا بكل المقاييس.

لم يقل شيئًا للحظات. كان يحاول تحليل ما سمعه، يحاول أن يجد تفسيرًا منطقيًا لكيفية معرفة هذا الفتى بهذه الأمور. لكن لم يكن هناك تفسير.

وأكثر ما كان يثير الريبة... هو السبب. لماذا يريد آلبرت أن يحدث ذلك؟ لماذا يريد أن يأتي لوسيوس وأحد أتباعه إلى هناك؟ هل كان لديه خطة؟ هل كان ينصب فخًا؟

وأهم سؤال من بينهم...

كيف استطاع أن يعرف كل هذا؟

تجمد سناب في مكانه، وعيناه تحدقان في آلبرت دون أن ترمشا.

كانت كلماته تتردد في رأسه، لكنها لم تكن منطقية، لم يكن من المفترض أن يكون هذا ممكنًا. كيف؟ كيف استطاع هذا الفتى أن يعرف؟

"كيف تعرف صلتي بفولدمورت؟!" قال سناب بصوت منخفض لكنه مليء بالحدة، وكأنه يحاول كبح غضبه المتزايد. "هذا الأمر لا يعرفه سوى دمبلدور، وأنا متأكد أنه لن يخبرك به."

كان آلبرت يراقبه بهدوء، لكنه بدا متوترًا. التفت يمينًا ويسارًا، وكأنه يتأكد من عدم وجود أي شخص قريب يسمع حديثهما.

كان من الواضح أنه لم يجد حلًا آخر سوى قول الحقيقة، رغم أنه لم يكن يريد أن يكشف عن ذلك بهذه السهولة.

أخذ نفسًا عميقًا، ثم تحدث بصوت هادئ لكنه كان يحمل داخله توترًا واضحًا رغم ان ما سيقوله الان جرد كذب من اجل ان يجعل سناب يتق به :

"لقد قرأت ذكرياتك يا بروفيسور."

في تلك اللحظة، شعر سناب وكأن الأرض اختفت من تحت قدميه. لم يتحرك، لم يرمش، لم يتنفس حتى.

"لقد عرفت كل شيء،" تابع آلبرت، وهو ينظر إلى عيني سناب مباشرة. "أعلم أنك كنت أحد أكلة الموت، وأصبحت في النهاية من جماعة العنقاء لأن فولدمورت قتل حبيبتك، ولهذا أصبحت تكن له الكراهية وتحولت إلى جاسوس لدمبلدور."

كل كلمة كان يقولها الفتى كانت تضع سكينًا في عقل سناب، وكل جملة كانت تطيح بجدار آخر من أسراره التي ظن أنها محمية بإحكام.

ظل سناب واقفًا، صامتًا، مشلولًا تمامًا من الصدمة.

لم يكن مصدومًا فقط لأن آلبرت عرف الحقيقة، بل كان مصدومًا من الطريقة التي عرف بها.

كان هناك شخصان فقط في العالم يعرفهما سناب جيدًا وقد وصلا إلى القدرة على قراءة ذكريات الآخرين دون أن يدركوا الضحايا ذلك:

فولدمورت... ودمبلدور.

والآن... يبدو أن هناك شخصًا ثالثًا.

في عقله، بدأ سناب يفكر بجنون، وكأنه يحاول العثور على أي تفسير منطقي لهذا. كيف؟ متى؟ لماذا؟

"هل حقًا هذا الفتى الوحش قد وصل لهذا المستوى؟" فكر سناب في داخله، وهو يشعر بقشعريرة تسري في جسده.

لم يكن من المفترض أن يكون ذلك ممكنًا. لم يكن مجرد فتى عادي، لم يكن مجرد شخص ذكي، كان شيئًا آخر تمامًا... شيئًا يجب أخذه على محمل الجد.

بعد صمت طويل، أخيرًا استطاع سناب أن يحرك شفتيه، ليقول بصوت بارد لكن عينيه كانتا تعكسان القلق الحقيقي الذي يشعر به:

"هل تعرف أنه من غير القانوني قراءة ذكريات الآخرين بدون إذن؟"

تنهد آلبرت، وبدا أنه لم يكن مهتمًا كثيرًا بهذا الجدال. كان على عجلة من أمره، ولم يكن لديه وقت ليضيع في مناقشة الأمور الأخلاقية.

"لا نملك الوقت لهذه التفاهات يا بروفيسور،" قال بنبرة نافدة الصبر. "كل ما أريده الآن هو أن تجعل فولدمورت يرسل بالضرورة لوسيوس في هذه المهمة."

لم يبدُ أن سناب مقتنع تمامًا، لكنه كان يعلم أن هناك شيئًا مخفيًا خلف طلب هذا الفتى.

"ما الغاية التي ستستفيد منها من إرسال فولدمورت للوسيوس إلى هناك؟" سأله سناب وهو يضيّق عينيه. "أليس من الأفضل أن يتم إرسال شخص واحد؟ لماذا تصر على أن يرسل فولدمورت شخصين إليك؟"

كان آلبرت متوترًا، وكان من الواضح أنه لم يكن يريد الكشف عن نواياه بالكامل.

لكن بدلًا من الإجابة المباشرة، قال بنبرة هادئة لكنها غامضة:

"لا عليك... ستعرف فيما بعد من فولدمورت بنفسه لماذا أطلب منك هذا."

لم يكن هذا الجواب يريح سناب، لكنه كان كافيًا ليجعله يدرك أن هذا الفتى ليس مجرد شخص عادي... بل كان شخصًا يمتلك خطة معقدة، خطة لا يريد كشف تفاصيلها حتى الآن.

وكان سناب يعلم أنه سيكون عليه مراقبته عن كثب، لأن هذا الفتى قد يكون أخطر مما تخيل.

يتبع ....

2025/02/14 · 30 مشاهدة · 1535 كلمة
نادي الروايات - 2025