الفصل 249
بعدما بدأ هاري في أكل الفطور ، تدكر انه قد استيقظ اليوم باكرا من نومه على الساعة الخامسة والنصف فجأة، كأن هناك من صرخ في أذنه.
دخلت تونكس نحو مكان الافطار و هي تثاءب لتقول: " صـ... صباح الخير يا هارى" كان شعرها أشقر ومجعدا ذلك الصباح.. أضافت: " هل نمت جيدا؟ " أجاب: " أجل "
قالت وهي تتثاءب ثانية " ..... أنا لم أنم... تعال واجلس... ". وجذبت مقعدا لتسقط المقعد المجاور له.
قالت السيدة ويزلي: " ماذا تريد يا هارى؟ عصيدة؟ كعكا؟ رنجة؟ بيضا باللحم؟ خبرا محمصا؟ ".
قال هاری: " خــ... خبرا محمصا فقط من فضلك ".
نظر لوبين إلى هاری، ثم قال لتونكس: " ماذا كنت تقولين عن سكر يمجيور؟ ".
شعر هاری ببعض الامتنان عندما لم يطلب منه الانضمام للنقاش. كانت أمعاؤه مضطربة. وضعت السيدة ويزلى قطعتين من الخبز المحمص والمربي أمامه.. حاول الأكل، لكن الأمر كان أشبه بمضغ بساط قديم.
جلست السيدة ويزلى إلى جانبه الآخر وانشغلت بالقميص الذي يرتديه فأخذت تعدل من وضعه وتزيل انكماشه عند الكتفين. تمنى لو كفت عما تفعله.
أكملت تونكس كلامها
" .... وسيكون على إخبار دمبلدور بأنني لا أقدر على تولى نوبة الحراسة غدًا.. فأنا مر.. مرهقة جدا " وأخذت تتثاءب بقوة.
لم يكن السيد ويزلى مرتديًا عباءات السحرة العادية، لكن سروالاً مخططا، ومعطفا قديما التفت إلى تونكس و هارى قائلا: " ما شعورك؟ ". هز هاری رأسه.
قال السيد ويزلى بحنان: " سينتهى الأمر سريعا .. بعد ساعات سيبرئون ساحتك ". لم يقل هاری شيئًا.
وأضاف: " ستكون الجلسة في الطابق الذي أعمل به في مكتب أميليا بونز. فهي مديرة مصلحة الداخلية بوزارة السحر، وهي من ستستجوبك "
قالت تونكس: " بونز لا بأس بها يا هارى فهى عادلة، وستسمعك ". أوماً هاری برأسه غير قادر على التفكير في أي مما يقال.
اعادت تونكس و هي تتثائب لتقول " حسنا ، انني لا ارى آلبرت هنا ، اين دهب ؟!"
تحدث لوبين هذه المرة و هو يقول " لقد رأيته خارجا في صباح ، لم اسئله على اين سيذهب ، لكن من خلال ملابسه اظن انه داهب الى مكان مهم "
قال سيريوس بسرعة: " لا تفقد أعصابك يا هاري ... حافظ على تأدبك وكن صادقا ". أوماً هاری برأسه ثانية.
قال لوبين بهدوء: " القانون في صالحك.. حتى السحرة تحت السن القانونية مسموح لهم باستخدام السحر في الدفاع عن النفس عند تعرضهم لخطر الموت ". انساب شيء ما شديد البرودة على عنق هارى من الخلف، وللحظة ظن أن أحدهم يرميه بتعويذة الإخفاء، لكنه أدرك أن السيدة ويزلى قد هاجمته بمشط مبتل. وضغطته بقوة على قمة رأسه.
قالت بحيرة: " ألا يستقر شعرك هذا أبدًا؟! ". فهز هاری رأسه.
نظر السيد ويزلي الى ساعته ثم إلى هارى وقال: " حان وقت الذهاب.. إننا مبكران قليلا لكن من الأفضل الذهاب للوزارة بدلاً من البقاء هنا لبعض الوقت " قال هاري وهو يلقى بالخبز المحمص على المائدة وينهض: " حسنا !" .
قالت تونكس وهي تربت على ذراعه: " ستكون بخير يا هاری "
قال لوبين: " حظا سعيدا .. أنا واثق من أنك ستكون بخير ".
قال سيريوس بتجهم: " وإن لم يمر يومك بخير سترى بونز أياما سوداء ..... " ابتسم هاری بوهن فاحتضنته السيدة ويزلى وقالت: " قلوبنا معك یا هاری" فقال هاری " آ.. طيب.. أراكم لاحقا. "
تبع السيد ويزلى الى الصالة. سمع لوحة أم سيريوس تغط في نومها.
فتح السيد ويزلي مصاريع الباب وخطى إلى الفجر البارد الرمادي الوليد.
سأله هاری وهما يدوران بسرعة حول الميدان: " هل تمشى إلى عملك في العادة؟ "
قال السيد ويزلي " كلا.. فأنا أنتقل آنيا بالسحر.. لكن الواضح أنك لن تقدر على هذا، والأفضل أن نصل بطريقة غير سحرية لنعطى انطباعا جيدا ..... " حافظ السيد ويزلى على يده داخل جيب معطفه وهما سائران كان هاری يعرف أنها ملفوفة بحرص حول عصاه.
كانت الشوارع خالية، لكن عندما وصلوا إلى محطة مترو تحت الأرض وجدوها مليئة برواد الصباح الباكر، وكعادته كلما وجد نفسه على مقربة من دنيا العامة وهم يروحون ويغدون في شئونهم اليومية، لم يتمكن السيد ويزلى من إخفاء حماسه.
همس مشيرا إلى ماكينة التذاكر الآلية: " يالها من آلة خارقة.. عبقرية " قال هاری مشيرًا إلى اللافتة المعلقة عليها: " إنها معطلة "
قال السيد ويزلي وهو يبتسم له بحب: " فعلاً .. لكن حتى ولو معطلة..... " ابتاعا تذاكرهما من حارس ناعس قام هاری بالتعامل المالي؛ لأن السيد ويزلي لم يكن ماهرًا في حساب نقود العامة، وبعدها بخمس دقائق صاروا على متن قطار متجه إلى وسط مدينة لندن ، داوم السيد ويزلي على النظر بقلق إلى خريطة المترو التي فحصها أمام النوافذ وأخذ يقول:
" باق أربع محطات يا هاری.. ثلاث محطات یا هاری.. محطتان یا هاری... "
خرجوا من القطار في محطة بقلب لندن، وأزاحهم عن عربة القطار طوفان من الرجال والنساء حاملي الحقائب بالملابس الرسمية.
صعدوا على السلم الكهربي، وعبر حاجز التذاكر وسرور السيد ويزلي بالغ بالطريقة التي تلتهم بها الماكينة التذكرة خرجوا إلى شارع واسع على جانبيه مبان مهيبة المظهر، وتملؤه الحركة المرورية.
قال السيد ويزلی بذهن شارد " أين نحن؟ " وللحظة توقف فيها قلب هاری عن النبض ظن أنهما قد خرجا من محطة أخرى بطريق الخطأ بالرغم من رجوع السيد ويزلى المتكرر إلى الخريطة، لكنه قال بعد لحظة " آه.... أجل.. من هنا يا هارى " وقاده عبر طريق جانبي
قال: " آسف.. لكنني لم أذهب للعمل عن طريق المترو أبدا، والطريق يبدو مختلفا جدا من منظور العامة، وفى الواقع، فأنا لم أدخل من مدخل الزوار أبدا " مع تقدمهما ، أمست المباني أصغر، حتى وصلوا إلى شارع به عدد من المكاتب المتواضعة، وحانة ، توقع هاری وجود وزارة السحر بموقع أفضل من هذا.
قال السيد ويزلي بابتهاج: " ها قد وصلنا " مشيرًا إلى كابينة تليفون حمراء وقديمة، مخلوع منها العديد من ألواح الزجاج، منصوبة في مواجهة الحائط.. أضاف: " تفضل وأنا خلفك يا هارى " وفتح باب كابينة التليفون.
خطا هارى إلى الداخل، متسائلاً عما ينوى السيد ويزلي فعله. وقف الأخير إلى جوار هارى وأغلق الباب خلفه. كان المكان ضيقا.. كان جسد هاری مضغوطا على التليفون المعلق باعوجاج على جدار الكابينة، كأن ما حاول خلعه من السيد ويزلى يده بجانب هاری سعيا للوصول إلى السماعة.
قال هاری: سيد ويزلى.. يبدو أن هذه السماعة لا تعمل هي الأخرى "
قال السيد ويزلى وهو قابض على السماعة فوق رأسه: " لا .. لا، أنا واثق من أنها بحالة جيدة " ثم وهو يحدق في قرص الاتصال: " دعنا نرى.. أجل... ستة... طلب الرقم، ثم: " اثنان.. أربعة... أربعة أخرى.. ثم اثنان مرة أخرى..... "
ومع دوران قرص الاتصال للخلف مرة أخرى بنعومة جاءهم صوت أنثوى من داخل كابينة التليفون.. وليس من السماعة التي في يد السيد ويزلي... كان الصوت مرتفعا وواضحا كأنه لامرأة خفية تقف بجوارهما.
" مرحبا بكما في وزارة السحر.. برجاء ذكر الاسم وسبب الزيارة ".
قال السيد ويزلى وهو لا يعرف إن كان عليه التحدث في السماعة أم لا: " آ.... " اختار الحل الوسط وهو يرفع السماعة إلى أذنه: " أرثر ويزلى.. موظف بمصلحة إساءة استخدام أدوات العامة، ومعى هارى بوتر، المطلوب الحضور محاكمة ...... "
قال الصوت الأنثوى: " شكرًا.. من فضلك خذ الشارة والصقها أعلى عباءتك ".
سمعوا صوتا معدنيا ثم رأى هاری شيئًا ما ينسل من الفتحة المعدنية الخاصة باسترجاع العملات النقدية الزائدة من التليفون التقطها.. كانت شارة فضية مربعة مكتوب عليها محاكمة هارى بوتر شبكها على صدره والصوت الأنثوى يتحدث ثانية:
" يا زائر الوزارة.. يرجى التعاون أثناء تفتيشك، وتقديم عصاك السحرية للفحص عند مكتب الأمن، وهو عند الطرف البعيد من قاعة الاستقبال "
اهتزت أرضية كابينة التليفون. أخذ يغطس ببطء تحت الأرض. راقبه هاری بتوجس والرصيف قد بدا كأنه يرتفع أمام النوافذ الزجاجية لكابينة التليفون حتى انعقد الظلام من فوق رأسيهما.. ثم لم يعد قادرا على رؤية أي شيء.. لم يسمع غير أصوات آلية والكابينة تشق الأرض لأسفل. بعد حوالي دقيقة، وإن بدت أطول لـهارى، جاءه ضوء ذهبي من تحت قدميه، واتسعت بقعة الضوء، وتمددت على جسده، حتى ضربته على وجهه واضطر أن يطرف بعينيه حتى لا تغرورق مقلتاه بالدموع.
قال صوت المرأة: " تتمنى لكم وزارة السحر يوما سعيدا "
انفتح الباب وخرج السيد ويزلى، و هاری خلفه وقد فغر فاه من الدهشة.
وقفا عند طرف قاعة استقبال طويلة ومدهشة ذات أرضية خشبية داكنة لامعة والسقف ذو اللون الأزرق الطاوسي مزخرف برموز ذهبية لا تكف عن الحركة وتغيير الأشكال الجدران على الجانبين مغطاة بألواح من الخشب الداكن اللامع، وعليها مدافئ عديدة. وكل بضع ثوان يخرج ساحر أو ساحرة من واحدة من المدافئ على الجانب الأيسر. وعند مدافئ الجانب الأيمن اصطف السحرة والساحرات فى طوابير قصيرة في انتظار المغادرة.
عند منتصف القاعة كان هناك نافورة مكونة من مجموعة من التماثيل الذهبية الأكبر من الحجم الطبيعي منتصبة في منتصف بركة دائرية.
كان الأطول بينها ساحر على ملامحه النبل وفي يده عصا سحرية مشرعة في الهواء أمامه. وحوله ساحرة جميلة، وقنطور، وجنى، وقزم منزلي آخر ثلاثة تماثيل تنظر بحب إلى الساحرة والساحر أخذت دفقات من الماء تتناثر من طرفي عصويهما السحرية، ومن طرف سهم القنطور، ومن طرف قبعة الجني ومن كل من أذني القزم المنزلي ليضيف الماء المتناثر صوتاً جديداً لمجموعة أصوات من يظهرون ويختفون سحريًا، وطرقات أحذية مئات الساحرات والسحرة، ومعظمهم على وجهه أمارات التجهم الصباحية المعتادة ويهرولون نحو مجموعة من البوابات الذهبية عند الطرف البعيد من القاعة.
قال السيد ويزلي: «ت" تعال من هنا ".
انضما للسائرين، وكان بعضهم يحمل لفافات من ورق، وبعضهم الآخر يحمل حقائب جلدية، والبعض ما زال يقرأ جريدة دايلي بروفيت وهم سائرون، وعند النافورة رأى هارى عنلات فضية و نوتات واحدة برونزية تلمع من قاع البركة، ولافتة صغيرة بجانبها، عليها
كل ما يلقى من نقود ببركة نافورة الإخاء السحرى يمنح لمستشفى الأمراض والإصابات السحرية.
فكر هاري بيأس إن لم أفصل من هوجورتس سألقى بعشرة جاليونات هنا.
قال السيد ويزلى وهما يخطوان خارج مسار أسراب موظفي الوزارة المتجهين نحو البوابات الذهبية: " من هنا يا هارى، " وإلى اليسار على مكتب كان هناك لافتة عليها كلمة الأمن.. وقد جلس على المكتب ساحر تصفيفة شعره بشعة ويرتدى عباءة لونها أزرق.. وتطلع إليهما وهما يقتربان، ثم خفض جريدة دايلى بروفيت عن عينيه.
قال السيد ويزلي مشيرا إلى هارى: " جئت برفقة زائر ".
قال الساحر بصوت ملول: " تعال هنا ".
سار هارى للأمام نحوه وبيد الساحر عصا ذهبية طويلة رفيعة ومرنة مثل هوائي السيارة، ثم مررها على جسد هاری من الأمام ومن الخلف.
يتبع ...