الفصل 262

بعدما دخل الشخص المجهول إلى المنزل، مرّ عبر الممر الضيق متوجهًا نحو غرفة والدته، التي كانت مستلقية على سرير خشبي قديم، و لم تكن تتحرك كأنها مشلولة مغطاة ببطانية رقيقة لا تكاد تحميها من برد هذا العالم الموحش.

عندما شعرت بوجوده، لم تلتفت إليه، ولم ترفع رأسها لانها كانت اعمى بل تحدثت بصوت ضعيف لكنه دافئ:

"لقد عدت أخيرًا... العشاء في الثلاجة، تناوله ثم اذهب للنوم، أنت بحاجة إلى الراحة."

لم يُجبها، فقط وقف هناك للحظة، ينظر إليها بعينيه اللتين تحملان آلاف القصص، آلاف الأحزان، وآلاف الذكريات.

لكن في النهاية، استدار بهدوء، وخرج من الغرفة متجهًا نحو المطبخ.

دخل المطبخ الصغير، الذي لم يكن يختلف عن باقي المنزل في شيء؛ الجدران القديمة، الأرضية الخشبية المهترئة، والضوء الخافت الذي بالكاد يُنير المكان.

فتح الثلاجة القديمة التي بالكاد تعمل، وأخذ منها طبق العشاء البسيط، ثم أغلقها مجددًا دون اهتمام.

لم يكن جائعًا حقًا، لكنه كان يعلم أنه بحاجة للطعام ليبقى على قيد الحياة.

حمل الطعام في يده، ثم بدأ يصعد الدرج الخشبي القديم الذي كان يئن تحت قدميه مع كل خطوة، كأنه يصرخ متألمًا من الزمن الذي أكل كل شيء.

عندما وصل إلى الطابق العلوي، وقف أمام باب خشبي مغلق، أخرج مفتاحًا صغيرًا من جيبه، وأدخله في القفل، ثم فتح الباب.

كانت الغرفة صغيرة جدًا، بالكاد تتسع له.

لكن رغم صغرها، كانت مليئة بالفوضى؛ الأوراق متناثرة على الأرض، والكتب مكدسة على الرفوف بشكل غير مرتب، والصور تملأ الجدران.

لم تكن صورًا عشوائية.

كانت كلها عن شخصين فقط.

الأول: شاب يحمل نظرة قوية في عينيه، يرتدي ملابس انيقة، شعره داكن، وابتسامته انيقة...

كان ذلك ألبرت بلاك.

والثاني: فتاة ذات شعر بني مجعد، وعينين تلمعان بالذكاء، كانت تبتسم في معظم الصور وكأنها تعيش أسعد لحظاتها...

كانت هيرميون غرينجر.

توجه الرجل المجهول نحو طاولة خشبية صغيرة بجانب السرير، حيث كانت هناك صورة مميزة موضوعة داخل إطار قديم.

في الصورة، كانت هيرميون تبتسم بسعادة، تقف بجانب كل من ألبرت، وهاري، ورون، ومعهم هاجريد داخل الغابة المحرمة.

كانت صورة من زمن لم يعد موجودًا.

جلس الرجل على طرف السرير، حمل الصورة بين يديه، ومرر أصابعه ببطء على وجه هيرميون وألبرت، وعيناه تحملان حزنًا عميقًا، وألمًا لا يمكن وصفه.

ثم قال بصوت خافت، بالكاد يسمع:

"أتمنى حقًا أن يكتشف ما أخبرته... وأن ينقذك."

بعدها، وضع الصورة برفق على الطاولة، وألقى نظرة أخيرة عليها قبل أن يستلقي على السرير.

مد يده إلى وسادته، وسحب قلادة قديمة كانت موضوعة هناك.

أمسكها بقوة، كأنها كل ما تبقى له في هذا العالم.

تحدث في الاخير ليقول " تبقى لي فرصة وحيدة يجب ان استغلها !!"

في الاخير ، أغمض عينيه، تاركًا ظلام الليل يبتلع كل شيء من حوله.

في الوقت الحاضر

لم يرغب هاري في إخبار الآخرين بأنه ولونا يعانيان من هلوسة إن كان هذا هو الحال فعلا ، لذا فلم يذكر المزيد عن الجياد، وجلس داخل العربة موصدا الباب.

لكنه لم يقدر على مقاومة إغراء النظر للجياد من خلف النافذة.

تساءلت چینی " هل رأيتم جميعاً جروبلي - بلانك؟ لماذا عادت؟ لا يمكن أن يكون هاجريد قد غادر، أليس كذلك؟ ".

قالت لونا: " هذا مما يبعث على السرور؛ فهو ليس بالمدرس القدير.. أليس كذلك؟ ".

قال هاري و رون و جینی بغضب: " بل هو كذلك " .

حدق هاري غاضبا في هيرميون.. سعلت وقالت بسرعة: " . ... أجل أجل، إنه مدرس جيد "

قالت لونا: " في الواقع نحن في رافنكلو نرى أنه مثير للضحك "

قال رون بحدة شديدة و العجلات تصر من تحتهم: " واضح أن إحساسكم بالأشياء المضحكة مختل جدا " .

لم يبد على لونا الانزعاج من وقاحة رون معها.. على النقيض، راقبته لبعض الوقت كأنه برنامج تليفزيوني مثير للاهتمام.

سارت العربات متمايلة في قافلة طويلة على الطريق، عندما مروا بين الشواهد الحجرية الطويلة الواقف عليها خنازير مجنحة على طرفي البوابة المفضية إلى المدرسة، مال هاري للأمام محاولاً رؤية ان كان هناك أي أضواء موقدة في كوخ هاجريد المنتصب إلى جوار الغابة المحرمة، لكنه وجد الأرض يسودها الظلام.

أما قلعة هوجورتس فقد وقفت منتصبة مهيبة المنظر، بأبراجها المشرعة في السماء، وثمة نافذة هنا وهناك تلمع بالضوء الموقد داخلها.

توقفت العربات بالقرب من الدرجات الحجرية المفضية إلى الأبواب الأمامية البلوطية، ونزل هاري أولاً من العربة التفت ثانية بحثا عن نوافذ مضاءة قرب الغابة، لكن لم يجد أية علامة دالة على وجود حياة عند كوخ هاجريد

ومن دون رغبة منه وكأنه يتمنى أن تكون قد اختفت ، التفت إلى المخلوقات الغريبة العظمية الأجساد الواقفة بهدوء في هواء الليل البارد وعيونها البيضاء الخالية من التعبير تلمع.

مر هاري من قبل بتجربة واحدة رأى فيها شيئًا لم يره رون، وكان هذا انعكاسا في المرآة، شيئًا أقل غموضا بكثير من مائة حصان، أقوياء بما يكفى لجر أسطول من العربات.

إن كان له تصديق لونا، فهذه الكائنات موجودة طوال الوقت لكنها غير مرئية. فما الذي جعله يراها فجأة؟ ولماذا لا يراها رون؟

قال رون الواقف إلى جواره: " هل ستدخل أم ماذا؟ ".

قال هاري بسرعة وهم ينضمون إلى الجمع المتجه نحو الدرجات الحجرية المفضية للقلعة: " آه.. أجل "

كانت القاعة الأمامية متقدة الأضواء بالمشاعل ومليئة بجلبة أصوات أقدام التلاميذ العابرين على الأرضية الحجرية إلى الأبواب المزدوجة إلى اليمين، والتي تقود إلى القاعة الكبرى ومعها مأدبة بداية الفصل الدراسي.

كانت الموائد الطويلة الخاصة بالفرق المدرسية الأربعة بالقاعة الكبرى مصطفة تحت سقف بلا نجوم، مثل السماء التي رأوها بالخارج عبر النوافذ العالية الطويلة. كان الشمع معلقا في الهواء بطول كل الموائد، ملقيا الضوء على الأشباح الفضية التي تطفو هنا وهناك بالقاعة، وكذا على وجوه التلاميذ الذين أخذوا يتحدثون بحماس ولهفة متبادلين أخبار الصيف، وصائحين ترحيبا بالأصدقاء من الفرق الأخرى، ومتفحصين عباءات وقصات شعر بعضهم البعض.

مرة أخرى لاحظ هاري أن الأولاد يقاربون رءوسهم ويتهامسون مع مروره إلى جوارهم، فحاول ألا يبدو عليه الاهتمام أو حتى ملاحظة أنهم يتطلعون إليه.

ابتعدت لونا عنهم لتنضم إلى مائدة رافنكلو. ولحظة وصولهم إلى مائدة جريفندور رحب بعض تلاميذ الصف الرابع بـچینی فجلست معهم.. أما هاري و رون و هيرميون و نيفيل و ايضا البرت الذي وصل لتوه فقد وجدوا مقاعد وجلسوا معا عند منتصف المائدة، بين نيك مقصوف الرقبة تقريبا شبح فرقة جريفندور من جانب، و بارفاتى باتيل و لافندر براون من جانب الاخر، واللتين رحبتا بـ هاري و آلبرت ترحيبا ودودًا مبالغا فيه جعله واثقاً تمام الثقة أنهما قد توقفتا عن الحديث عنه قبل ثانية من قدومهم

كان لدى هاري أشياء أكثر أهمية يقلق بشأنها.. وأخذ ينظر من فوق رؤوس الطلبة إلى مائدة المدرسين المنتصبة عند الجدار الأمامي للقاعة.

" إنه ليس هنا ".

مسح رون و هيرميون مائدة المدرسين بعيونهما هما الآخران، بالرغم من عدم وجود حاجة حقيقية لهذا فحجم هاجريد يجعله مرئيا في أي مكان.

قال رون بقلق طفيف: " لا يمكن أن يكون قد رحل "

قال هاري بحزم: " بالطبع لا "

قالت هيرميون: " هل تحسبه.. جرح ؟ أو شيئا من هذا القبيل؟ " .

قال هاري فورا: " لا "

" إذن فأين هو؟ "

يتبع ...

2025/03/05 · 49 مشاهدة · 1092 كلمة
نادي الروايات - 2025