الفصل 271

لم يكن العشاء تلك الليلة في القاعة الكبرى سارا بالنسبة لـهاري، تناقلت أخبار صياحه في وجه أمبريدج بسرعة فائقة، حتى مقارنة بمعايير سرعة نقل الأخبار في هوجورتس.

سمع الهمسات من حوله وهو رون و هيرميون جلوس، يأكلون والمدهش أن أيا من الهامسين لم يهتم بإخفاء صوته، ولم يمانعوا جميعًا في أن يسمع هاري ما يقولونه عنه. على النقيض، بدا كأنهم يأملون أن يثور ويصيح ثانية، ليسمعوا القصة منه.

" كلام غريب.. "

قال هاري بغيظ: " ما لا أفهمه هو لماذا صدقوا القصة منذ شهرين عندما تلاها دمبلدور.. " وهو يلقى بشوكته، ويده ترتجف.

قالت هيرميون بعبوس: " المشكلة يا هاري أنني لست واثقة من تصديقهم للقصة.. دعنا نخرج من هنا " .

ألقت شوكتها وسكينها.. نظر رون بحسرة إلى نصف فطيرة التفاح الباقية أمامه، لكنه فعل مثلها. نظر إليهم التلاميذ وهم سائرون إلى خارج القاعة.

قال رون " ألا تعرفان مادا يحدث لآلبرت هذه الايام ؟! كأن الارض قد بلعته ، حتى ان في الفصول لم يأتي اليها !"

أشارت هيرميون برأسها إشارة بأنها لا تعرف

سأل هاري هيرميون عندما وصلوا إلى الطابق الأول: " ماذا تقصدين بأنك لست واثقة أنهم صدقوا قصة دمبلدور؟ " .

قالت هيرميون بهدوء: " أنت لا تفهم كيف كان الحال وقتها.. ظهر آلبرت في منتصف الفناء و هو ينزف بالدماء كأنه جثة ... لم نر ما حدث في المتاهة.. لم يكن أمامنا سوى كلمة دمبلدور، بأن الذى - تعرفه قد عاد و قاتله آلبرت ".

قال هاري بصوت مرتفع: وهذه هي الحقيقة !! لقد رأيته عن طريق تخاطر عندما كان البرت داخل المتاهة !! "

قالت هيرميون متعبة: " أعرف يا هاري.. هلا كففت عن مهاجمتي هكذا؟ المسألة أنه وقبل استقرار الحقيقة في نفوس الناس، عاد الجميع إلى البيوت حيث قضوا شهرين في الإجازة الصيفية يقرأون عن جنون آلبرت وعن شيخوخة دمبلدور " .

أخذ رون يضرب بيده أطر النوافذ وهم في طريقهم عبر الممرات الخالية إلى برج جريفندور ، شعر هاري بعدها كأن يومه الأول بدأ منذ أسبوع ولم ينته لكن كان أمامه أحمال من الواجب قبل أن ينام، شعر بألم مزعج فوق عينه اليمني.

حدق من النافذة المغسولة بالأمطار نحو الظلام الخارجي، وهم ينحرفون إلى ممر السيدة البدينة " لم يكن هناك أي ضوء في كابينة هاجريد "

قالت هيرميون قبل أن تتكلم السيدة البدينة " ميمبولوس ميمبليتونيا " تراجعت اللوحة كاشفة عن الكوة من خلفها، فدخل ثلاثتهم عبرها.

كانت حجرة الطلبة شبه خالية.. فالجميع مازالوا يتناولون العشاء بالأسفل. نزل كروكشانكس عن مقعده وقابلهم، وعندما جلس ثلاثتهم على مقاعدهم المفضلة إلى جوار المدفأة قفز بخفة إلى حجر هيرميون ونام.

نظر هاري إلى ألسنة اللهب، شاعرا بالتعب والإرهاق.

صاحت هيرميون فجأة: " كيف يدع دمبلدور كل هذا يحدث؟ " فأفزعتهما، وقفز كروكشانكس مبتعدا عنها. ضربت مسندی مقعدها بغضب، حتى إن قطعا صغيرة من حشو المقعد طارت من الثقوب في قماش التنجيد.. " كيف يسمح لهذه المرأة الكريهة بالتدريس؟ وفي سنة شهادة الـ(أوه. دبليو إل.)أيضا؟ ".

قال هاري: " الواقع أننا لم نحظ أبدًا بمعلمين جيدين لمادة الدفاع عن النفس ضد السحر الأسود.. أليس كذلك؟ أنت تعرفين حال هذه المادة، كما أخبرنا هاجريد، فلا أحد يريد هذه الوظيفة، يقولون إنها منحوسة بفعل فاعل. "

" أجل.. لكن كيف يوظف من يرفض تعليمنا السحر العملي؟! إلام يرمى دمبلدور؟ " .

قال رون بتجهم " تحاول جعل الطلاب يتجسسون لصالحها.. هل تذكران عندما قالت إنها تريدنا أن نخبرها بما نسمعه إن قال أحد إن من -تعرفانه قد عاد؟ " .

قالت هيرميون بحدة: " بالطبع هي هنا لتتجسس علينا.. هذا واضح.. وإلا لماذا أراد لها فادج الحضور؟ "

قال هاري بتعب و رون يفتح فمه ليرد عليها: " لا تبدأ في الجدال ثانية.. لم لا .. لم لا نعمل الواجب ونرفع عبئه عن كاهلنا ؟".

أحضروا حقائبهم المدرسية من ركن الحجرة وعادوا إلى المقاعد المجاورة للمدفأة. أخذ الطلاب يتوافدون بعد انتهاء العشاء. أبقى هاري وجهه بعيداً عن كرة اللوحة، لكنه شعر بالنظرات التي يجذبها إليه.

قال رون وهو يضع طرف ريشته في قنينة الحبر: " هلا بدأنا بواجب سناب أولاً؟ خصائص... حجر.. القمر.. واستخداماته.. في عمل.. الوصفات.. السحرية " أضاف العبارة الأخيرة مغمغما وهو يكتب الكلمات التي ينطقها عند طرف ورقته العلوى.. وبعد أن انتهى من العنوان قال: " ها نحن ناظرا إلى هيرميون.

" إذن فما هي خصائص حجر القمر واستخداماته في عمل الوصفات السحرية؟ "

لكن هيرميون لم تعره انتباها.. كانت تحدق في الركن البعيد من الحجرة حيث جلس فريد و چورچ و لی چوردن وسط مجموعة من تلاميذ الصف الأول الأبرياء، الذين يمضغون شيئًا أخرجه فريد من حقيبة ورقية كبيرة بیده.

قالت واقفة والغضب يملأ ملامحها: " لا .. آسفة، هذا كثير.. تعال يا رون " .

قال رون وهو يحاول استنفاد الوقت بصورة مفضوحة: " ... ماذا؟ لا، اهدئي يا هيرميون.. لا يمكن ألا نمنعهم من أخذ الحلوى منهم " . " أنت تعرف تمام المعرفة أن هذه قطع نوجة نزيف الأنف، أو علكة التقيؤ أو...... " اقترح عليها هاري بهدوء: " حلوى الإغماء؟ "

واحدا وراء الآخر، كأن هناك شخصا خفيًا يضربهم بمطرقة على الرأس...

أخذ تلاميذ الصف الأول يتساقطون مغشيا عليهم في مقاعدهم.. بعضهم انزلق من مقعده، وبعضهم علق ذراعيه بالمقعد. راقب معظم الحضور ما حدث وهم يضحكون، لكن هيرميون تقدمت بخطى ثابتة شجاعة إلى حيث وقف فرید و چورج يراقبان الأولاد الغائبين عن الوعى.

قام رون من مقعده ثم تردد، ثم قال لـهاري: " الموقف تحت سيطرتها " قبل أن يجلس محاولاً الاختفاء بقدر ما يسمح له جسده الطويل النحيل.

قالت هيرميون بغلظة لكل من فريد و چورچ اللذان اندهشا: " هذا يكفي. "

قال جورج وهو يومئ برأسه: "أجل، أنت محقة.. هذه الجرعة قوية.. "

" صح ؟ "

" قلت لكما هذا الصباح إنه ليس بإمكانكما اختبار هذه الألعاب السخيفة على التلاميذ "

قال فريد بكبرياء: " لكننا ندفع لهم أجرهم "

" لا يهمني.. الأمر خطير. " فقال فريد: " ليس خطيرا.. كلامك هراء "

قال لي جوردان مهدئا إياها، محاولاً حملها على الثقة في تجاربهم: " اهدئي يا هيرميون " وهو ينتقل من تلميذ إلى تلميذ من أولاد الصف الأول، واضعا حلوى بنفسجية في أفواههم.

قال چورج: " أجل، انظرى، إنهم يفيقون " .

أخذ بعض أولاد الصف الأول فى استعادة الوعى بعضهم بدا مصدوما عندما وجد نفسه على الأرض، أو معلقا من مقعده، فعرف هاري أن فريد و چورچ لم يحذروهم مما ستفعله الحلوى بهم.

قال چورج بتعاطف لبنت قصيرة سوداء الشعر راقدة عند قدمه: "هل أنت بخير؟ "

قالت مرتجفة: " ... أعتقد هذا ".

قال فريد بسعادة: " ممتاز ، هذا الاختراع سيسعد آلبرت ! " لكن بعد لحظة قبضت هيرميون على ما معه من حلوى الإغماء.

" ليس ممتازا ! و مادا تقصد بآلبرت ؟!"

قال فريد بغضب: " بل هو كذلك.. إنهم أحياء، أليس كذلك؟ "

" ليس لك أن تفعل هذا بهم... ماذا لو مرض أحدهم حقا؟ " .

" لن ندعهم يمرضون، لقد اختبرنا كل الحلوى على أنفسنا بالفعل، وما نفعله هو محاولة معرفة رد فعل الآخرين، وإن كان مماثلاً لردود أفعالنا ".

" إن لم تكفا سأقوم بـ.. ". قال فريد بنبرة تحد: " باحتجازنا؟ "

قال چورج بابتسامة ساخرة " أم ستجعليننا نكتب كعقاب لنا؟ " .

أخذ المراقبون للموقف في الضحك. استقامت هيرميون بالرغم من تعبها في وقفتها، وهي تضيق ما بين عينيها، وشعرها الأشعث كأنه يضطرم بشرارات كهربية.. قالت وصوتها يرتجف من الغضب: " لا .. لكنني سأخبر أمكما " . قال چورچ خائفا: " لا .. لن تفعلى " ثم تراجع عنها خطوة.

قالت هيرميون بعبوس: " بل سأفعل.. لا أقدر على منعكما من أكل هذه الحلوى الغبية بأنفسكما، لكن لا يمكنكما تجربتها على أولاد الصف الأول " بدا واضحا من دهشتهما وانزعاجهما الشديدين، أن ضربة هيرميون جاءت تحت الحزام وبنظرة تهديد أخيرة عليهما، أعادت إلى فريد حقيبة الحلوى التي أخذتها منه وسارت مبتعدة عائدة إلى مقعدها بجوار المدفأة.

هبط رون قدر استطاعته في مقعده حتى صار رأسه عند مستوى ركبتيه.

قالت هيرميون ببرود لاذع: " شكرًا على مساعدتك يا رون "

غمغم رون: " لكنك تعاملت مع الموقف بنفسك "

حدقت هيرميون في قطعة الورق الفارغة أمامها للحظات، ثم قالت بحدة: " لا فائدة.. لا أقدر على التركيز.. سأذهب لأنام. "

فتحت حقيبتها، وأخرجت كومتين مشوهتين من الصوف، ووضعتهما إلى جوار المائدة القريبة من المدفأة بحرص، وغطتهما بقطع ممزقة من الورق وريشات الكتابة المكسورة، ثم وقفت لتنظر بإعجاب لنتيجة عملها. قال رون مراقبا إياها كأنه خائف على سلامة عقلها: " ماذا تفعلين بحق مرلين؟ ". قالت بسرعة وهي تعيد كتبها إلى الحقيبة: " إنها من أجل الأقزام المنزلية... عملت عليها طوال الصيف، فأنا أحيك ببطء شديد بدون السحر، لكن الآن وقد عدت إلى المدرسة فسوف أقدر على حياكة المزيد "

قال رون ببطء: " هل ستتركين هذه القبعات للأقزام المنزلية؟ وتغطينها بالقمامة أولاً؟ " .

قالت هيرميون بلهجة لا تحتمل النقاش: " أجل " ثم رفعت حقيبتها إلى ظهرها. قال رون بغضب: " هذا لا يصح.. أنت تحاولين خداعهم ليلتقطوا القبعات. هكذا تحررينهم وهم لا يريدون الحرية " .

قالت هيرميون على الفور: " بالطبع يريدون أن يكونوا أحرارا " واحتقن وجهها غضبا وهي تقول: " إياك ولمس هذه القبعات يا رون "

غادرتهما، وانتظر رون حتى اختفت، ثم أزال القمامة من فوق القبعتين.

قال بجدية: " على الأقل من حقهم رؤية ما يلتقطونه" ، لف رقعة الورق التي كتب عليها عنوان مقال سناب ثم قال: " المهم.. لم يعد هناك رجاء من محاولة الانتهاء من هذا الآن ليس من دون هيرميون أو آلبرت الذي اختفى حرفيا فأنا ليس عندى أدنى فكرة عن خصائص حجر القمر أو ماذا يفعل.. هل تعرف أنت؟ "

هز هاري رأسه، ملاحظا أن ألم صدغه الأيمن أصبح أسوأ. فكر في المقال الطويل عن حروب العمالقة، والألم يطعنه مجددًا بحدة، وهو يعرف أن مع قدوم الصباح سيندم على عدم إنهاء الواجب ليلاً، لملم كتبه وأعادها إلى حقيبته.

" أنا أيضا سأنام "

مر إلى جوار شيموس في طريقه إلى باب جناح نوم الأولاد، لكنه لم ينظر إليه. شعر بأن شيموس فتح فمه ليتكلم، لكنه سارع بالمرور إلى جواره ليصل إلى بداية السلم الصاعد لجناح النوم، وهو غير قادر على تحمل أية إثارة لغضبه.

يتبع ...

2025/03/19 · 34 مشاهدة · 1600 كلمة
نادي الروايات - 2025