الفصل 283
قال هاجريد بخفوت: " بهدوء.. تقدموا بهدوء.. " .
تسللوا إلى الأمام، فرأي هاري أنهم في مواجهة تبة عالية من الأرض بطول هاجريد، حتى أنه حسب للحظة، أنها عرين لحيوان هائل، وصاحبت الفكرة رجفة رعب ، فحول التبة، كانت الأشجار منزوعة من جذورها، وجذوع الأشجار مصفوفة في دائرة، مشكلة ما يشبه السور الخشبي، الذي وقف هاري و هيرميون و هاجريد خلفه همس هاجريد: " إنه نائم " .
تصديقاً على كلامه، سمع هاري صوتا بعيدًا، منتظما، لاهثا، لما يبدو كرئتين هائلتين تتنفسان الهواء بانتظام. نظر إلى جانبه إلى هيرميون التي حدقت في التبة وفمها مفتوح، وبدت خائفة بشدة.
قالت بهمسة لا تكاد تسمع فوق صوت تنفس الكائن النائم: "هاجريد، من هذا؟ " .
وجد هاري السؤال غريبا .. فقد كان سيسأل: " ما هذا؟ "
قالت هيرميون وعصاها السحرية تهتز في يدها: " هاجريد، لقد قلت لنا ألا أحد منهم أراد المجيء معك "
نقر هاري بصره بينها وبين هاجريد، ثم داهمه الفهم، وعاود النظر إلى التبة بنظرة رعب بين.
كانت التبة الأرضية التي كان يمكنه ومعه هاجريد و هيرميون أن يقفوا عليها تتحرك في صعود وهبوط مع صوت التنفس.
لم تكن تبة.. كانت منحنية بطريقة توضح أنها.....
قال هاجريد بحسرة: " إنه لم يرغب في المجيء.. لكنني أحضرته معي يا هيرميون كان على هذا ."
سألته هيرميون بنبرة من يريد البكاء: " لكن لماذا؟ لماذا ... لماذا يا هاجريد ". قال هاجريد وكأنه سيبكى هو الآخر: " حزنت أنني لو عدت به وعلمته الأدب، سأقدر على إخراجه وأن أوضح للجميع أنه مسالم ".
قالت هيرميون بصوت حاد مسالم، فلوح لها هاجريد بيديه لتسكت قبل أن يصدر عن المخلوق النائم صوت غريب.. وأضافت: " إنه هو من يصيبك بالجروح طوال هذه المدة، أليس كذلك؟ بسببه أصبت بكل هذه الجروح " .
قال هاجريد بصدق: " إنه لا يعرف كم هو قوي.. وحاله يتحسن، فهو لم يعد يتشاجر معي كثيرا كما كان يفعل..... "
قالت هيرميون: " إذن، فلهذا استغرقت شهرين للعودة من رحلتك. آه يا هاجريد "
" لماذا عدت به إن لم يرغب فى المجيء؟ ألم يكن ليحيا حياة سعيدة وسط قومه؟ "
قال هاجريد: " جميعهم يضايقونه ويتحرشون به يا هيرميون لأنه ضئيل " .
قالت هيرميون: " ضئيل ضئيل ! " .
قال هاجريد والدموع تنهمر على وجهه المجروح ولحيته الكبيرة " هيرميون، لم أقدر على تركه. إنه... إنه أخي " . حدقت فيه هيرميون وفمها مفتوح
قال هاري ببطء: " هاجريد.. وأنت تقول أخي، هل تعنى...؟ "
عدل هاجريد من قوله قائلاً: " أعنى أخي غير الشقيق.. فهو ابن أمي وأحد العمالقة، بعد أن مات أبى، وها هو جراوب..... "
قال هاري " جراوب؟ " .
قال هاجريد بقلق: " أجل، هكذا ينطق اسمه .. فهو لا يتكلم الإنجليزية... حاولت تعليمه.. المهم، يبدو أن أمي لم تحبه كما انني لم تحبني. مع العمالقة لا يهم غير الأبناء العمالقة الهائلي الحجم، أما هو فيعتبر ضئيلاً وقليل الحجم بين العمالقة.. فطوله لا يتجاوز ست عشرة قدما ".
قالت هيرميون بسخرية هستيرية: " فعلاً.. صغير جدا .. أنا لا أكاد أراه "
" أخذوا يضربونه ويضايقونه.. لم أقدر على تركه معهم...... "
سألته هيرميون: " وهل أرادت مدام مكسيم الرجوع به مثلك؟ "
قال هاجريد: " لم تر أهمية الأمر لي... لك.. لكننا افترقنا في رحلة العودة... ووعدتني بألا تخبر أحدا " .
قال هاري: " وكيف بربك عدت به من دون أن يراه أحد؟ " .
قال هاجريد: " لهذا أخذت وقتا طويلاً في العودة. لم أتمكن من الارتحال إلا ليلاً وسط الأراضي الجبلية. بالطبع كان يتقدم بسرعة عندما يشاء، لكنه دوما كان يريد العودة " .
قالت هيرميون وهي تنهار جالسة على شجرة محطمة وتدفن وجهها في يدها: " هاجريد.. لماذا لم تدعه يعود ؟ ماذا عساك أن تفعل بعملاق عنيف لا يريد البقاء هنا؟ "
قال هاجريد: " كلمة عنيف شديدة عليه قليلاً .. أعترف بأنه يضربني قليلاً عندما يكون مزاجه سيئا ، لكنه يتحسن ، ويتقدم، وحاله يستقر ويبتعد عن العنف ".
سأله هاري: " ما هذه الحبال على أية حال؟" .
لاحظ لتوه وجود حبال سميكة ممتدة حول جذوع أكبر الأشجار، وإلى حيث يرقد جراوب مكوما على الأرض وظهره لهم.
قالت هيرميون بكلل: " هل عليك أن تبقيه مربوطا ؟"
قال هاجريد وهو ما زال متوترا: " أجل... فكما قلت إنه لا يعرف مدى قوته "
فهم هاري لماذا غابت المخلوقات الأخرى عن هذا الجزء من الغابة.
تساءلت هيرميون بقلق: " إذن ماذا تريد منى ومن هاري و آلبرت أن نفعل؟ " قال هاجريد بصوت أجش " هل سترعونه، إن رحلت أنا ؟"
تبادل هاري و هيرميون نظرات تعسة، وأدرك هاري أنه قد وعد هاجريد بالقيام بما يطلبه.
سألت هيرميون " ماذا ... ماذا يعنى كلامك بالضبط؟ "
قال هاجريد بلهفة " لن تطعموه أو ما شابه.. يمكنه الحصول على طعامه من دون مشاكل. من طيور وغزلان وغيرها .. لا، ما يحتاجه هو الصحبة الآدمية. فقط تجلسون معه وتعلمونه. "
لم ينطق هاري ، بل التفت لينظر إلى الجسد الهائل الراقد على الأرض أمامهم. على النقيض من هاجريد، الذي بدا كأدمي هائل الحجم، بدا جراوب مشوها بشدة.
ما حسبه هاري صخرة كبيرة تنمو عليها الطحالب إلى يسار التبة تعرف فيه على رأس جراوب. كان غير متناسب مع جسده بحجمه الكبير، ومغطى بأكمله بشعر مجعد كثيف كنبات السرخس، ويظهر من خلاله طرف أذنه الكبيرة، ورأسه - مثل رأس الخال فرنون مستقر فوق كتفيه مباشرة، من دون مساحة من الرقبة بينهما أسفل ظهره بدا أشبه بجلود حيوانات بنية اللون يرتديها، بدا عريضا للغاية. كانت أقدامه مكومة تحت جسده. رأی هاري کف قدمه هائلاً، قذراً وحافيًا، مستقراً على أرض الغابة الترابية.
قال هاري بصوت أجوف: " هل تريدنا أن نعلمه؟ " ، فهم الآن تحذير فايرنز ومعناه محاولته لن تجدى عليه أن يتخلى عنها.
بالطبع المخلوقات الأخرى التي تعيش بالغابة سمعت محاولات هاجريد غير المثمرة لتعليم جراوب الإنجليزية.
قال هاجريد بأمل: "أجل... حتى إن تكلمتم معه قليلاً؛ لأنني أعتقد أنه لو كلمه الناس ، سيفهم أنهم يحبونه ويريدونه أن يبقى معهم".
نظر هاري إلى هيرميون التي بادلته النظر من بين أصابعها المتشابكة فوق وجهها.
قال: "ما جرى يجعلك تتمنين لو عاد نوربرت التنين، أليس كذلك؟". فأطلقت ضحكة مرتجفة.
قال هاجريد الذي لم يلحظ ما قاله هاري منذ لحظة: "هل تساعدونني إذن؟".
قال هاري وقد ارتبط بالفعل بكلمته ووعده: "ســ... سنحاول يا هاجريد".
قال هاجريد وهو يبتسم بوجهه المبلل وهو يدفنه في منديله: "كنت أعرف أن بإمكاني الاعتماد عليكما، ولا أريد أن تفعلا الكثير لأجلي، أعرف أن الامتحانات تقترب.. إن قدرتم على المجيء ولو مرة كل أسبوع في عباءة الإخفاء للكلام معه قليلاً .. سأوقظه الآن.. لأقدمكما له...".
قالت هيرميون وهي تهب واقفة: "ماذا؟ لا .. هاجريد، لا، لا توقظه أرجوك، لا نحتاج إلى ...".
لكن هاجريد كان قد خطا بالفعل فوق جذع الشجرة الكبيرة المكومة أمامه وتقدم نحو جراوب. عندما صار على مسافة عشر أقدام رفع غصنا طويلا مكسوراً من فوق الأرض، وابتسم مشجعا هاري وهيرميون، ثم لكز جراوب في وسطه بالغصن.
زار العملاق بصوت جلجل في الغابة الصامتة.. طارت الطيور الجاثمة على أغصان الأشجار القريبة، وحلقت مبتعدة أمام هاري وهيرميون، نهض جراوب العملاق من فوق الأرض، فارتجت الأرض عندما وضع يدا عملاقة عليها ليرفع نفسه على ركبتيه. أدار رأسه ليرى من أزعجه.
قال هاجريد بصوت أراد له أن يكون مرحا وهو يتراجع ومعه الغصن متأهبا لوخزه ثانية: "هل أنت بخير يا جراوب؟ هل نمت جيدا؟".
تراجع هاري وهيرميون قدر استطاعتهما والعملاق ما زال أمامهما يريانه. مال جراوب بين شجرتين لم يخلعهما بعد. نظرا إلى وجهه الهائل الشبيه بقمر رمادي في ضوء الغابة الخافت. كأن ملامح وجهه منحوتة في كرة من الصخر، الأنف خشن وبلا معالم محددة، والفم معوج ومليء بالأسنان الصفراء بحجم قوالب الطوب، والعينان صغيرتان بمقاييس العمالقة بلون أخضر بني ونصف مغلقة غائمة بالنعاس.
رفع جراوب قبضتيه المتسختين بالطين، وكل منهما في حجم كرة الكريكيت، إلى عينيه ليدعكهما بحماس، ثم ومن دون تحذير هب واقفًا بسرعة ورشاقة كبيرتين.
سمع هاري هيرميون تقول بصوت رفيع خائف إلى جواره: "يا ربي".
أخذت الأشجار التي رُبطت بها الحبال الممسكة به تصر وتئن. كان كما قال هاجريد، بطول ست عشرة قدمًا على الأقل. أخذ يحدق بعيون غائمة حوله، ومد يده الكبيرة بحجم شمسية الشاطئ ليقبض على عش طيور من الفروع العليا لشجرة صنوبر طويلة ويقلبه ليجد أن ليس به طيور، بتأثر وضيق واضحين. لكن البيض سقط على الأرض مثل القذائف، فرفع هاجريد يده فوق رأسه ليحميه.
صاح هاجريد: "المهم يا جراوب"، وهو ينظر فوقه بتوجس خوفًا من تساقط المزيد من البيض، وأضاف: "لقد أحضرت معي صديقين لتقابلهما. تذكر، قلت لك إنني سأحضرهما، أليس كذلك؟ هل تذكر عندما قلت إنني قد أخرج في رحلة قصيرة؟ هل تذكر يا جراوب؟".
لكن جراوب لم يفعل أكثر من إطلاق زئير جديد. كان من الصعب معرفة إن كان ينصت لهاجريد، وهل يعرف إن كانت الأصوات الخارجة عنه نوعًا من الكلام أو اللغة؟ أمسك بقمة شجرة الصنوبر وجذبها نحوه، ومن الواضح أنه يعبث ويحاول معرفة ما سيحدث إن تركها ترتد.
صاح هاجريد: "يا جراوب، لا تفعل هذا.. هكذا انخلعت الأشجار الأخرى". وفعلاً، رأى هاري الأرض من حول جذور الشجرة تتخلخل.
صاح هاجريد: "معي صحبة، صحبة. انظر، انظر للأسفل أيها العملاق، لقد أحضرت معي بعض الأصدقاء".
تأوهت هيرميون قائلة: "آه يا هاجريد"، لكن هاجريد كان قد رفع الغصن بالفعل وضرب ركبة جراوب ضربة حادة.
ترك العملاق الشجرة، التي ترنحت وأمطرت هاجريد بوابل من حبات الصنوبر، ثم نظر إلى أسفل.
قال هاجريد وهو يسارع إلى حيث يقف هاري وهيرميون: "هذا هو هاري يا جراوب، هاري بوتر، ربما يأتي لزيارتك إن رحلت أنا، هل تفهم؟".
وقتها فقط، أدرك العملاق وجود هاري وهيرميون. راقباه بذعر شديد وهو يخفض رأسه العملاق حتى ينظر إليهما عن قرب.
قال هاجريد متردداً: "هذه.. هيرميون.. هل تراها؟"، ثم التفت إلى هيرميون وقال: "هل تمانعين إن أطلق عليكِ هيرمي يا هيرميون؟ فنطقه لازمه صعب". فقالت هيرميون: "لا، لا أمانع بالمرة".
"هذه هيرميون يا جراوب.. وستأتي لزيارتك كما قلت، أليس هذا رائعاً؟ صديقان جديدان لك.. جراوب.. لا!"
ارتفعت يد جراوب فجأة ناحية هيرميون، فقبض عليها هاري وجذبها إلى خلف إحدى الأشجار، فاحتكت يد جراوب بجذع الشجرة وأمسك الهواء.
سمعا هاجريد يصيح: "أنت ولد وحش يا جراوب.. لا!"، وهيرميون ممسكة بهاري بقوة خلف الشجرة، وهي ترتجف وتنتفض.. "أنت ولد وحش جداً جداً يا جراوب... آييي!"
أخرج هاري رأسه من خلف الجذع ورأى هاجريد راقدًا على ظهره ويده فوق أنفه. كان جراوب، الذي فقد الاهتمام بهم على ما يبدو، قد استقام في وقفته ثانية وأخذ يجذب شجرة الصنوبر قدر استطاعته.
قال هاجريد وهو ينهض ويده فوق أنفه النازف والأخرى قابضة على القوس: "ها قد رأيتماه.. قابلتماه، وتعرف عليكما، سيعرفكما إن عدتما... أجل".
رفع بصره إلى جراوب، الذي أخذ يجذب الشجرة وعلى وجهه تعبير استمتاع غريب، أخذت الجذور تئن وهو ينزعها من الأرض. قال هاجريد: "أعتقد أن هذا يكفي اليوم... هلا عدنا؟".
أومأ له هاري وهيرميون موافقين. رفع هاجريد القوس إلى ظهره ثانية، وهو ما زال يمسح أنفه، وقاد الطريق بين الأشجار.
لم يتكلم أحد لبرهة، ولا حتى سمعوا صوت التحطم البعيد الذي يعني أن جراوب قد خلع شجرة الصنوبر أخيرًا. كان وجه هيرميون شاحبًا وحزينًا. لم يجد هاري شيئًا ليقوله. ماذا يحدث يا ترى لو اكتشف أحدهم ما يخبئه هاجريد في الغابة المحرمة؟ وقد وعده أنه هو و آلبرت و هيرميون سيكملون محاولاته غير المجدية لتعليم العملاق.
كيف أمكن لهاجريد أن يخدع نفسه ويظن للحظة أنه من الممكن ترويض جراوب ليصبح مثل الآدميين؟ حتى مع حبه وولعه الشديدين بالمخلوقات المخيفة ذات الأنياب والمخالب.
قال هاجريد فجأة وهاري وهيرميون يجاهدان على طريق العودة من خلفه ليشقا لهما طريقًا: "انتظرا"، رفع سهمًا من جعبة السهام ووضعه في كبد القوس. رفع هاري وهيرميون عصويهما السحرية، بعد أن توقفا هما الآخران، وسمعا صوت حركة قريبة. قال هاجريد بهدوء: "اللعنة".
قال صوت رجولي عميق: "حسبتني قلت لك يا هاجريد إنك غير مرحب بك هنا". بدا وكأن جذع رجل عارٍ يسري نحوهم من دون شيء تحته، مقتربًا من بين الأشجار، ثم رأوا خصره وباقي جسده على شكل حصان بني اللون.
كان لذلك القنطور وجه أرستقراطي جميل، وشعر أسود طويل مثل هاجريد، وكان مسلحًا بجعبة سهام، وقوس طويلة على كتفه.
قال هاجريد بحذر: "كيف حالك يا ماجوريان؟"
تحركت الأشجار من خلف القنطور، ثم خرج منها أربعة أو خمسة قناطير آخرون. تعرف فيهم هاري على بان ذي الجسد الأسود واللحية، الذي قابله منذ أربعة أعوام في نفس ليلة مقابلته فايرنز. لم يبدُ على بان أنه يعرف هاري. قال وقد تغير صوته تغيرًا مخيفًا قبل أن يلتفت إلى ماجوريان: "لقد اتفقنا على ما سنفعله إن ظهر هذا الآدمي في الغابة ثانية.. أليس كذلك؟"
قال هاجريد بغضب: "تطلقون عليّ هذا الآدمي، فقط لأنني منعتكم من ارتكاب جريمة قتل؟"
قال ماجوريان: "ما كان لك التدخل يا هاجريد. عاداتنا ليست مثل عاداتك، ولا قوانيننا مثل قوانينك. فايرنز خان بني جلدته، وغمس أنوفهم في التراب".
قال هاجريد بصبر نافد: "لا أعرف كيف تتصرفون.. إنه لم يفعل شيئًا غير مساعدة دمبلدور".
قال قنطور رمادي له وجه جاف: "لقد قام فايرنز بخدمة البشر".
قال هاجريد مستنكرًا: "خدمة؟ لقد أسدى دمبلدور معروفًا..."
قال ماجوريان بهدوء: "إنه يفشي أسرارنا وعلومنا للبشر، لا يمكن العفو عن هذا الجرم".
قال هاجريد وهو يهز منكبيه: «هذا رأيك.. لكنني شخصيا أراك ترتكب خطأ كبيرا...»
قال بان: «أما أنت يا آدمى، فقد عدت إلى الغابة وقد منعناك...»
قال هاجريد بغضب: «اسمعني، كفاك كلامًا عن الغابة كأنها غابتكم.»
ليز: «من حقكم تحديد من يدخلها ومن يخرج منها...»
قال ماجوريان بنعومة: «ولا من حقك يا هاجريد. سأتركك تمر هذه المرة؛ لأن معك رفقة من أصدقائك الصغ...»
قاطعه بان بغضب: «إنهم ليسوا أصدقاءه.. بل تلاميذ يا ماجوريان من المدرسة، وقد استفادوا من تعاليم الخائن فايرنز.»
قال ماجوريان بهدوء: «لا فارق.. فإن قتل الصغار جرم كبير.. ولن نمس الأبرياء كذلك. اليوم يا هاجريد ستمر. ومن الآن ابتعد عن هذا المكان. لقد أخللت بصداقة القناطير بمساعدتك للخائن فايرنز في الهرب منا.»
قال هاجريد بصوت مرتفع: «لن أبقى خارج الغابة بأمر البغال.»
قالت هيرميون بصوت مرتفع خائف: «هاجريد.. هيا نخرج من هنا أرجوك، هيا»، وكل من بان والقنطور الرمادي يضربان الأرض بحوافرهما. تقدم هاجريد إلى الأمام، لكن قوسه كانت لا تزال مرفوعة، وعيناه مركزتان على ماجوريان بطريقة مخيفة.
قال ماجوريان وباقي القناطير تختفي خلف الأشجار: «نعرف ماذا تخبئ في الغابة يا هاجريد، وصبرنا ينفد.»
التفت هاجريد وعلى وجهه علامات الرغبة في الكلام مع ماجوريان. صاح فيه: « ستتحمله طوال إقامته هنا، وهذه ليست غابتك وحدك.»
وهاري وهيرميون يدفعان هاجريد بكل قوة إلى الأمام؛ ليتحرك مبتعدا. نظر إلى الأسفل وهو ما زال يصيح غاضبًا، وتعبير وجهه يتغير إلى الدهشة عندما رآهما يدفعانه، فمن الواضح أنه لم يشعر بضغطهما عليه.
قال وهو يدور على عقبيه ليسير وهما يلهثان من خلفه: «اهدا.. يالهم من بغال وقحة.. أليسوا كذلك؟»
قالت هيرميون بأنفاس متقطعة: «هاجريد، إن كانت القناطير غير راغبة في دخول البشر إلى الغابة، فهذا يعني أنني لن أقدر وهاري على... »
قال هاجريد منهياً الموضوع: " لقد سمعتما ما قالوه.. إنهم لا يؤذون الصغار. المهم، لا يجب أن نسمح لهؤلاء الحمقى بالتلاعب بنا هكذا "
غمغم هاري مخاطباً هيرميون التي بدت حزينة: " محاولة جيدة "
أخيراً عادوا إلى درب الغابة، وبعد عشر دقائق أخرى صارت الأشجار أقل كثافة.. تمكنوا من رؤية أجزاء من السماء الزرقاء فوقهم ثانية، وسمعوا أصوات الهتاف والتهليل على مسافة بعيدة.
تساءل هاجريد متوقفاً في ظل الأشجار وقد ظهر استاد الكويدتش أمامهم: " هل هذا هدف آخر؟ أم أن المباراة قد انتهت ؟"
قالت هيرميون بتعاسة: " لا أعرف " . رأى هاري أنها في حالة يُرثى لها، بشعرها المليء بأغصان وأوراق الأشجار، وعباءتها الممزقة من عدة مواضع، والخدوش الكبيرة على وجهها ويديها. وعرف أنه لا بد أنه في حالة أفضل منها.
قال هاجريد وهو ما زال ينظر إلى الإستاد: " يبدو أن المباراة قد انتهت. انظرا، ها هو الجمهور يغادر الملعب.. إن أسرعتما وتمكما من الاختلاط بالجموع، فلن يعرف أحد أين كنتما " .
قال هاري: " فكرة جيدة.. حسنًا.. نراك لاحقاً يا هاجريد "
قالت هيرميون بصوت مضطرب ومهتز لحظة ابتعد هاجريد عنهما ولم يعد قادراً على سماعها: " لا أصدقه.. لا أصدقه.. بصراحة لا أصدقه " .
قال هاري: " اهدئي "
قالت بصوت محموم: " اهدأ؟ عملاق في الغابة وعلينا أن نعلمه الإنجليزية ! نفترض أن قطيع القناطير القتلة لن يهاجمنا؟ لا أصدقه !"
حاول هاري أن يطمئنها بصوت هادئ: "لم نضطر لفعل أي شيء بعد..."
وهما ينضمان إلى قطيع جمهور هافلباف المتذمر المتجه إلى القلعة، أضاف: " إنه لم يطلب منا شيئًا إلا في حالة طرده من المدرسة، وهذا قد لا يحدث أبداً "
قالت هيرميون بغضب وقد تجمدت في مكانها فجأة، فتفاداها بعض الطلبة من خلفها: " دعك من هذا الكلام يا هاري. بالطبع سيطردونه، وبصراحة بعد ما رأيته، فمن يستطيع لوم أمبريدج ؟"
حل الصمت لبرهة، وأخذ هاري يرمقها بعينيه...
يتبع ....