الفصل 284

قال هاري بهدوء: " أنت لم تقصدى ما ذكرته " .

قالت بغضب: " لا أعني... لا، لم أقصد. لكن، لماذا يصعب علينا حياتنا هكذا؟ لماذا؟ "

" لا أعرف ... "

قالت هيرميون بعد ان هدأت من غضبها لتقول لهاري " هيا بنا لنرى ما الذي يحدث داخل الملعب !"

ارتفعت الهتافات في ملعب هوجورتس كما لم ترتفع من قبل. كانت الرايات الحمراء والذهبية ترفرف بقوة في الهواء، وأصوات الطبول وصرخات الفرح تتعالى في كل مكان.

لقد انتهت المباراة، وجريفندور... فازت! منذ عقود، عاد الكأس إلى أيدي من يستحقونه.

وفي قلب الملعب، بين التهليل والحشود، كان ألبرت بلاك محمولاً على أكتاف زملائه، ووجهه يتوهج بنور لا يشع من سحر، بل من فخر وانتصار. بين يديه كان الكأس، بريقه ينعكس في عينيه، وكأنه يرى فيه ماضي أبيه سيريوس، وأصدقاءه، ومصيره.

على الجانب الآخر، كانت المدرجات لا تزال تضج بحركة الجماهير. كان رون ويزلي يقف على أطراف أصابعه، يحدق بين الصفوف باحثًا بعينيه عن شخص ما.

قال وهو يلوّح: " أين أنتم؟ ألم تروا الهدف الأخير؟ لقد حطّمهم ألبرت !"

ثم، حين لمح هاري وهيرميون يقتربان من أسفل المدرج، ركض نحوهما، وابتسامة النصر لا تفارقه.

" لقد فزنا يا هاري، فزنا !" قالها كطفل فاز بلعبته المفضلة أخيرًا.

نظرت هيرميون بدهشة: "هل حقًا ما تقوله؟ لكن في بداية المباراة كان الوضع سيئًا."

قال رون بغرابة "ألم تشاهدي؟ أين كنتِ؟!" تساءل رون، وقد ظهرت على وجهه علامات استغراب حقيقي.

هاري اكتفى بنظرة غامضة وهو يرد بهدوء: "ستعرف لاحقًا. أخبرني، أين الفريق الآن؟"

"هناك، قرب منتصف الملعب. لقد التقطوا صورة مع الكأس !" قال رون وهو يشير بفخر.

وسط الملعب، كان فريق جريفندور ملتفًا حول ألبرت، يقف بجانبه رون، والابتسامة العريضة لا تفارق وجهه. ضحكاتهم، نكاتهم، وصرخاتهم حملت روح جريفندور القديمة... تلك الروح التي خمدت طويلاً وعاد ألبرت ليوقظها.

وقفت الأستاذة ماكجونجال خلفهم، رأسها مرفوع بفخر، وابتسامة صغيرة تتسلل إلى شفتيها

"هذا... هذا الفريق، هو الأفضل الذي رأيته منذ سنوات." تمتمت لنفسها.

أشار أحد الطلاب بعصاه وأطلق تعويذة الكاميرا، لتلتقط صورة للفريق وهم يرفعون الكأس عاليًا، بينما كانت الشمس تسطع من خلفهم، وكأنها تحتفل معهم.

كانت القاع تضجّ بالفرح، والألوان الحمراء والذهبية تتراقص تحت أضواء الشموع الطافية في الهواء. الطلاب يضحكون، يصرخون، يروون تفاصيل المباراة بتشويق مبالغ فيه، والأصوات تمتزج كأنها سمفونية بهجة لا تنتهي.

وسط كل هذه الفوضى الجميلة، كان رون ويزلي جالسًا إلى جوار هاري، يضحكان معًا بينما يحكي أحد أعضاء الفريق عن كيف سقط من عصاه بعد أن تفاجأ بالهدف الثالث لألبرت. وجه رون كان يتورد من كثرة الضحك، حتى دمعت عيناه قليلًا.

لكن فجأة، توقفت ضحكته بشكل غريب. شعر بشيء مختلف... حركة ناعمة وسريعة خلفه. التفت، فرأى لافندر براون تقترب ببطء، عيناها تتفادى النظر مباشرة نحوه، ووجهها محمّر بلون يكاد ينافس شعارات جريفندور.

كانت تسير بخطى مترددة، تمسك يديها أمامها، كأنها تحاول السيطرة على خفقان قلبها.

لاحظها هاري وهمس في أذن رون، مازحًا: "أظن أن أحدهم قادم إليك، بطل المباراة."

رون ضحك بخجل، لكنه وقف فورًا وكأنه شعر أن ما سيحدث لا يصلح أن يكون أمام أحد، حتى لو كان صديقه المقرب.

اقتربت لافندر أكثر، إلى أن وقفت أمامه، ثم رفعت بصرها نحوه للحظة، وقالت بصوت خافت لكنه واضح:

"مبروك يا رون... كنت رائعًا اليوم، حقًا."

رمش رون بعينيه ببطء، ثم قال بصوت منخفض ممزوج بالدهشة:

"أوه... شكرًا لكِ، هذا... هذا لطيف منكِ."

كانت نظراته مرتبكة، وخديه بلون التفاح الناضج. لم يعتد أن تمتدحه فتاة من قبل، خصوصًا لافندر، التي لطالما بدت له مرحة وصاخبة، لكنه لم يرها بهذه الرقة من قبل.

أكملت لافندر، وعيناها لا تزالان مترددة في النظر إليه:

"أقصد... حقًا، لولاك، لما فزنا اليوم. تصديك للكرات كان مذهلًا. كنت مثل... مثل حارس تنين في حقل بيضه."

ضحك رون بخجل، وفرك مؤخرة رأسه:

"آه، لا أعتقد أنني جيد لتلك الدرجة... لكن شكرًا."

مرّ صمتٌ بينهما، لم يكن محرجًا، بل كان مشحونًا بشيء خفي لا يستطيعان وصفه. ثم، فجأة، مدّت لافندر يدها نحو جيبها بسرعة، وأخرجت ورقة صغيرة مطوية بعناية.

مدّتها نحوه، ووجهها أصبح بلون النار، ثم قالت بسرعة، وكأنها تريد أن تنهي الموقف قبل أن تفقد شجاعتها:

"أ... أتمنى أن تقرأ هذا... لاحقًا، حسنًا؟"

ثم، دون أن تنتظر رده، استدارت وركضت مبتعدة، شعرها يتطاير خلفها، ووشاحها يتمايل كأجنحة طائر هارب من شيء لا يقدر على مواجهته.

وقف رون مكانه، مذهولًا، ينظر إلى الورقة في يده كما لو كانت غرضًا سحريًا لا يعرف كيف يتعامل معه.

قال لنفسه، بصوت يكاد يُسمع:

"ما الذي كان ذلك؟"

رجع إلى مكانه ببطء، وهاري ينظر إليه وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة مشاكسة:

"هاه... ما هذا يا رون؟ رسالة حب؟"

رون لم يرد. اكتفى بالنظر إلى الورقة في يده، ثم دسها في جيبه بسرعة.

مرت دقائق. عاد الضجيج من حوله، لكن في رأسه، كان هناك صمت غريب.

حين انتهى الاحتفال وبدأت الليلة تهدأ، انسحب رون بهدوء نحو زاوية بعيدة من القاعة، حيث لا أحد يراه، وأخرج الورقة.

كانت رائحة خفيفة من عطر وردي تفوح منها. فتحها ببطء، قلبه يخفق.

"رون،

أردت فقط أن أخبرك أنني كنت أراقبك من بعيد منذ فترة. لم أكن أجرؤ على الحديث معك كثيرًا، لكنك اليوم كنت مذهلًا. ليس فقط كلاعب، بل كأنت. خجلك، طيبتك، كل شيء فيك... مختلف.

ربما تظن أنني أحمق لكتابة شيء كهذا، وربما تضحك. لكنني... معجبة بك.

مع خجل كثير،

لافندر."

قرأ رون الرسالة مرتين، ثم ثلاث، وكل مرة كان يشعر بأن قلبه ينبض أسرع.

لأول مرة في حياته، شعر بشيء لا يفهمه تمامًا، لكنه أعجبه.

نظر نحو المكان الذي كانت لافندر تجلس فيه قبل قليل، ثم ابتسم، وضم الورقة إلى صدره.

في تلك الليلة، لم يكن رون ويزلي مجرد بطل مباراة... بل كان فتى أحمر الخدين، يمسك أول اعتراف حقيقي يُوجّه إليه، ويشعر أن شيئًا ما تغيّر.

يتبع ...

2025/04/06 · 31 مشاهدة · 897 كلمة
نادي الروايات - 2025