الفصل 292
كان الحطب في المدفأة يتقلب ببطء، ينكسر لهبه كأنه يهمس بأسرار قديمة ، في الغرفة الضيقة بمنزل قديم في قلب قرية "غودريكز هولو"، جلس ألبرت بلاك في مواجهة رجل لم يكن مجرد معلم أو مدير مدرسة، بل رمز… أحد أعمدة العالم السحري.
لكن في تلك اللحظة، بدا ألبس دمبلدور هشًا.
رجل تعب من حمل العالم على كتفيه، رجل بدأت روحه تتشقق من الداخل.
ألبرت لاحظ ذلك.
كان دمبلدور جالسًا بصمت، يراقب لهب المدفأة وكأنه يبحث عن أجوبة هناك… أجوبة لا يريد قولها بصوتٍ عالٍ.
لكن ألبرت لم يستطع التظاهر بعدم ملاحظته لما خُفي… لقد رأى تلك اللمحة، تلك النظرة السريعة… شيء ما في عيني دمبلدور لم يكن على ما يرام.
شعر قلبه يضرب صدره ببطء شديد.
فكر: • لا… لا تخبرني أن هذا حدث الآن… ليس بعد. •
بصوت حذر، لكنه مليء بالقلق والرجاء، قال:
" مدير… هلا أظهرت لي يدك اليمنى من فضلك؟ "
ارتفعت عينا دمبلدور ببطء نحوه، وظهر فيهما وميض… ليس بالغضب، ولا بالدهشة، بل بالحزن.
لحظة صمت مرّت بينهما، كأن الزمان نفسه توقّف.
ثم، دون قول شيء، أدار دمبلدور وجهه نحو المدفأة مجددًا، وأخرج يده اليمنى من تحت عباءته… مدّها ببطء، بهدوء، وكأنه يُظهر لعالمٍ كامل… آخر سر من أسراره.
يده كانت سوداء.
الجلد مشقق، كأنها ضُربت بصقيع قديم، بلون فحمٍ محترق، يتسلل السواد من الأصابع صعودًا نحو المرفق.
آلبرت شهق.
أمسك آلبرت رأسه بكلتا يديه، وتنفس بصعوبة.
لقد رأى هذا من قبل… رأى هذا المشهد في القصة الأصلية.
كان يعرف تمامًا ما يعنيه هذا…
• لا… لا… مستحيل… هذا لم يكن وقتها بعد… • ( يتحدث مع نفسه ! •
همس بتلك الكلمات كأنها صلاة، كأنها رجاء ألا تكون الحقيقة كما يتخيلها.
لكن دمبلدور لم ينطق.
لم يفسر.
لم يبرر.
سقط صمت ثقيل على الغرفة القديمة، لم يعد يُسمع سوى صوت الحطب وهو يتكسر على مهل داخل المدفأة. النيران ترقص ببطء، كأنها تشارك في طقوس الحزن العميق.
كان آلبرت واقفًا هناك، يحدّق في يد دمبلدور التي أكلها السواد، قلبه يخفق بقوة، والغضب يغلي في داخله.
ثم، بصوت مخنوق، خرج السؤال منه كأنه طلقة:
" لماذا؟! لماذا وضعت نفسك عرضة لتلك اللعنة؟! ما غرضك من تلك الأداة الملعونة ؟!"
كان صوته مرتجفًا، مزيجًا من القهر و الحزن … كأن الحاضر يصطدم بقوة مع معرفته بالمستقبل.
رفع دمبلدور عينيه ببطء نحوه، وظهرت فيهما ملامح لم يرَها ألبرت من قبل… مزيج من الحكمة القديمة، والانكسار الإنساني.
ابتسم بخفة حزينة، وقال بصوت عميق:
" طالما كنت دائما أتكلم معك، يا فتى… كنت تدهشني. كلماتك، تصرفاتك، حدسك. دائمًا ما كنت تتوقع ما سيحدث… وتتصرف وكأنك تعرف الخطوة التالية قبل أن تُكتب."
أسند رأسه إلى الخلف قليلًا، وأغمض عينيه للحظة، قبل أن يفتحها ويتمتم:
" هل تعرف المستقبل… أم ماذا؟"
ألبرت لم يجب. لم يرفع عينيه حتى. كان ينظر إلى الأرضية الخشبية القديمة كما لو أنه يقرأ فيها ما تبقى من أمل.
تابع دمبلدور، وهو يعيد بصره نحو النيران:
" لقد… لقد جعلتني الرغبة في رؤية أحبّائي… أن أُغلق أذني عن صوت العقل. كنت أظنني أذكى من أن أقع… لكن… أمام ألم الفقد، كل الذكاء يتلاشى."
تنهّد ببطء، ثم تابع بنبرة أثقل:
" الخاتم لم يكن فقط أحد الهوركروكسات، بل كان أيضًا حجر القيامة. كنت أعلم أنه خطر… لكن جزءًا مني، الجزء الأضعف فيّ، ظن أن لمسة واحدة منه قد تكفيني… أن أراهم… فقط للحظة."
رفع ألبرت رأسه فجأة، ونظر إلى دمبلدور بعينين متوهجتين بالغضب:
" لكن الثمن كان حياتك ! ألم تفكر فيهم ؟ في هاري؟ في الذين يعوّلون عليك ؟!"
هز دمبلدور رأسه بهدوء، ثم قال:
" لقد أنقذني سيفيروس. لو لم يتصرف بسرعة، لكنت الآن تحت التراب. اللعنة التي أصابتني… ليست كاملة، لكنها تسري ببطء. أنا أعيش على وقت مستعار، يا ألبرت. وكل يوم منه… لا يخصني، بل أستعيره."
على الجانب الاخر ، كان الظلام يهيمن على الأرجاء، لا كغروبٍ طبيعي، بل كأن الليل نفسه قد قرر أن يتكاثف هنا، في هذه البقعة المنسية من الأرض.
منزل مالفوي لم يعد كما كان في سابق عهده، لم يعد منزلًا نقيًا مترفًا. اليوم، كان قلعةً للشر، معبدًا للظلال، وساحةً لاجتماعات لورد الظلام.
في وسط قاعة المائدة الكبرى، حيث كان السقف مرصّعًا برؤوسٍ محنطة لمخلوقات سحرية، وحيث تمّ تكسير الشمعدانات الكريستالية ليتدلّى محلّها أغصانٌ محترقة، كان اللورد فولدمورت يدور حول طاولةٍ خشبيةٍ سوداء، طويلة، يتبعها بنظرٍ باردٍ لا حياة فيه، يتفحص وجوه أتباعه كما لو كان يبحث عن أول ضحية لليله القادم.
جميعهم جلسوا في صمت مطبق. بيلاتريكس، لوسيوس مالفوي، دولوهوف، رودولفوس، وحتى سناب في زاوية مظلمة، لا يحرك ساكنًا.
وأخيرًا… نطق فولدمورت بصوته الزاحف:
" بيلاتريكس… أنتِ، دولوهوف، ولوسيوس… ستذهبون الليلة إلى الوزارة."
رفعت بيلاتريكس رأسها فجأة، وكأنها سمعت موسيقى خالدة. وجهها المغطى بجنون العظمة والبسمة الملتوية، قال كل شيء قبل أن تتحدث:
" أوامرك، يا زعيم…! ما الذي يتوجب علينا فعله؟!"
فولدمورت توقف لحظةً عند رأس الطاولة، ثم التف ببطء نحوها، وابتسامته الرفيعة تظهر فيها برودة قاتلة:
" حاولت في البداية زرع ذكرى مزيفة في عقل الفتى ألبرت… لكن للأسف، فشل الأمر."
ساد همس خافت في القاعة، عيون الموتى المتناولين تتبادلت النظرات… ألبرت مجددًا؟ هل هو حقًا بهذا الخطر؟
تابع فولدمورت:
" لا أعلم إن كان يملك مستوى عاليًا من حماية العقل… أم أن هناك من يحميه… ربما دمبلدور؟ ربما شيء آخر… ولكن ما أنا واثق منه، أنني استطعت أن أنجح مع الفتى الآخر… هاري بوتر."
رفعت بيلاتريكس حاجبها بدهشة، وتداخل صوت دولوهوف وهو يسأل:
" هل تقصد… أنه سيأتي إلى الوزارة؟"
ابتسم فولدمورت وكأنه يقرأ السطر الأخير في خطة محكمة:
" نعم… سيأتي باحثًا عن سيريوس بلاك…"
توقف للحظة، ثم أكمل:
" وسيقوده ذلك إلى قسم الألغاز… تحديدًا، إلى الرف رقم 97-B… حيث توجد النبوءة."
هنا، وقف لوسيوس مالفوي بتردد، ثم قال بصوت خفيض:
" إذن… هل نذهب ونحضره لك، يا سيدي؟"
لوّح فولدمورت بيده في الهواء، كأن الكلمات خرجت من لوسيوس أثارت الاشمئزاز:
" لا. لا أريد الفتى ، فهو سيموت على يدي عاجلا ام اجلا ، كل ما أريده أن يأخذ الكرة البلورية بنفسه. النبوءة لن تُفتح إلا بيد من وُلد لأجلها… هاري… أو آلبرت."
في الزاوية، تشنّج وجه سناب، لكنه لم يتكلم. كانت تلك النبوءة سبب كل ما يجري، مفتاح المصير المظلم، والحرب القادمة.
ثم بدأ فولدمورت يتحدث ببطء، كأنه ينسج تعويذة خفية:
" منذ أربعة عشر عامًا… سمعت النصف الأول من النبوءة، من فم الخائن بيتر… لكنها لم تكن كاملة. كنت أعلم أن هناك فتى سيولد في نهاية الشهر السابع… لكن لم أعرف من هو، هاري أم آلبرت؟"
هنا، ضغطت بيلاتريكس على الطاولة بحماس مجنون:
" لكن لماذا لا تأخذ النبوءة بنفسك؟ أنت الزعيم! لن يقف أحد في وجهك !"
ضحك فولدمورت ضحكة باردة، ثم قال:
" لو كان الأمر بهذه البساطة يا بيلاتريكس… لكن للأسف، من لا يُذكر اسمه في النبوءة… لا يستطيع حتى أن يرى ما بداخل الكرة. سيُكسر كل شيء، وتتبخر النبوءة."
ألقى بنظره الحاد على لوسيوس وقال:
" هناك مسؤول في الوزارة… تم تملّكه بعناية. هو من أخبرني بوجود النبوءة داخل قسم الألغاز. لقد رأى تسجيل السحر وهو يتكوّن حولها."
اقترب من الطاولة، ووضع أصابعه العظمية على سطحها، ثم همس:
" أريد النبوءة الكاملة… أريد أن أعرف الحقيقة. من هو عدوي الحقيقي؟ من الذي سيقتل من؟"
ساد صمتٌ ثقيل.
ثم تابع فولدمورت بصوت خافت كالرعد البعيد:
" اذهبوا ، تأكدوا أن الفتى يدخل قسم الألغاز. دعوه يأخذ النبوءة… ثم خذوها منه بالقوة. وإن جاء آلبرت معه… اقتلوه !! "
رفعت بيلاتريكس حاجبًا بدهشة:
> " لما ؟؟ "
فولدمورت صمت، ثم قال بنبرة غامضة:
" آلبرت … ليس كأي فتى. هناك قوة فيه… لم تُفهم بعد. وقد تكون مزعجة لاحقًا. !"
ارتجف لوسيوس قليلًا… لم يكن مطمئنًا. هاري وحده كان كابوسًا، والآن أصبح هناك فتى آخر يملك قوة لا تُفسّر.
" هل تفهمون ؟"
قالها فولدمورت، وصوته أصبح صلبًا كالصخر.
قالوا بصوتٍ واحد:
" نعم يا سيدي. !!"
نرى هاري في القلعة هوجورتس يخطو بعنف في الطريق الضيق المؤدي إلى خارج القلعة وصوت خطواته يعلو فوق أنفاسه المتسارعة، وكأن الغضب داخله يحاول أن يسبق قدميه إلى المكان الذي يجب أن يكون فيه الآن.
كانت هيرميون خلفه مباشرة، تتنفس بصعوبة وهي تحاول مجاراة سرعته، ورون بجانبها، يتبادل نظرات قلق معها في كل لحظة.
الجو مشحون، ليس فقط من الرياح التي تعصف من بين الأشجار، ولكن من التوتر الثقيل الذي يخرج من صدر هاري كدخانٍ أسود من مرجل يغلي.
وأخيرًا، انفجر هاري بالكلمات، وكأنها قذيفة انطلقت من أعماق قلبه:
" قلت لكِ، قلت لكِ يا هيرميون !! سيريوس لم يكن في غريمولد بليس ! المنزل كان فارغًا! فارغًا تمامًا !"
صمتت هيرميون للحظة، كانت تعرف أن لا جدوى من الجدال الآن. لكنها همست:
" هاري… ربما هناك تفسير… ربما ذهب لمكان آخر…"
توقف هاري فجأة، واستدار إليها بعينين تشتعلان بالغضب:
" أي تفسير ؟! هل تعتقدين أنه ذهب ليأخذ إجازة ؟! رأيتُه… رأيتُه يُعذّب في الوزارة ! رأيتُ الألم في وجهه ! ورأيته يصرخ… وأنا لم أستطع فعل شيء !"
ضرب قبضته على الشجرة القريبة، فتساقطت بعض الأوراق اليابسة، واهتز الجذع قليلاً تحت غضبه.
" كلكم شككتم بي… كلكم ظننتم أنني أتخيل ! حتى أنتِ يا هيرميون…"
خفض صوته قليلاً، وصار أهدأ لكن أشد ألمًا:
" حتى أنتِ…"
أحنت هيرميون رأسها، لم تكن تملك ما تقوله، لأنه كان محقًا. لقد ظنت أن ما رآه مجرد وهم زرعه فولدمورت… لكنها لم ترَ ما رآه هاري. لم تشعر بما شعر به.
تقدم رون وحاول تهدئة الأمور:
" هاري، نحن آسفون… نحن فقط كنا خائفين من أن تكون خدعة… لم نكن نعرف."
لكن هاري لم يعد يستمع. كان ذهنه في مكان آخر تمامًا. لقد تحوّل الشك إلى يقين… وها هو الآن يدرك أن سيريوس قد يكون بين يدي فولدمورت… وربما يحتضر هذه اللحظة.
تنفّس بعمق، ثم قال بصوت خافت لكن حازم:
" إن لم نتحرك الآن… فلن نراه مجددًا."
تبادل رون وهيرميون النظرات مرة أخرى، وهذه المرة لم يكن في عيونهما اعتراض… بل عزم. لقد فهموا أن لا وقت للتردد. إن كان سيريوس في خطر، فعليهم أن يذهبوا… مهما كان الثمن.
تابع هاري، وهو يحدّق إلى الأفق البعيد، حيث كانت أنوار هوجورتس تلمع من بعيد:
" لن أسمح له أن يموت… ليس بعد كل ما خسرناه. لن أتركه هناك وحده."
قالت هيرميون " المهم يا هاري، كيف تخطط للذهاب إلى لندن؟ الى الوزارة ؟! "
سمعا صوتا مألوفا من خلفهما يقول: " أجل، كنا نفكر في هذا منذ لحظة ". التفت هاري و هيرميون معا إلى مصدر الصوت.
خرج رون من بين الأشجار، ومن خلفه چینی و نيفيل و لونا .
جميعهم يبدون في حالة يرثى لها.. كانت عليهم خدوش كثيرة من الجرى لمسافة طويلة و وجنة چینی مجروحة، و نيفيل مصاب بكدمة زرقاء فوق عينه اليمني و لكنهم بدوا فخورين بأنفسهم.
قالت جيني و هي تزيح غصنًا واطنا جانبا، و تعطى لهاري عصاه السحرية التي نساها في جحره في برج جريفندور " إذن، هل واتتكما أية أفكار؟ ".
سأل هاري بتعجب وهو يأخذ عصاه منها " كيف هربتم؟ " قال رون بلا اكتراث وهو يناول هيرميون عصاها هي الأخرى: " بتعویذتى تجميد، وتعويذة نزع سلاح.. كما أدى نيفيل تعويذة إعاقة ماهرة.... "
" لكن چینی كانت أفضلنا، فقد ضربت امبريدج بتعويذة الغول الخفاشي و هي رائعة، غطت التعويذة وجهه كله بقطع لحمية مشعرة. المهم، رأيناكم من النافذة تتوجهون إلى الغابة فتبعناكم. ماذا حدث بعدها لامبريدج؟ " .
قالت جيني على الفور: " هاري ماذا رأيت في المدفأة؟ هل وصل الذي تعرفه إلى سيريوس أم....؟ "
قال هاريروندبئه تؤلمه ثانية: " أجل.. وأنا واثق من أن سيرياس ما زال على قيد الحياة، لكن لا أعرف كيف سنصل إليه لنساعده " .
صمتوا جميعًا، والخوف باد عليهم.. بدت المشكلة التي تواجههم بلا حل ولا قبل لهم بها.
قالت لونا بنبرة من تقرر الحقائق: " سنذهب طائرين.. أليس كذلك؟ "
قال هاري بامتعاض وهو يلتفت إليها: " حسنًا.. أول شيء هو أنك لن تأتي معنا، وثانيًا، رون هو الوحيد الذي عنده مقشة لا يحرسها الترول؛ لذا ...... "
قالت چینی: " أنا عندى مقشة "
قال رون بغضب: " أجل، لكنك لن تأتي " .
قالت چیني " عذرا، لكنني أهتم بما قد يحدث لسيرياس قدر اهتمامك فهو أب آلبرت بعد كل شيء . " فتبدى التشابه بينها وبين فرید و چورچ جليا في تلك اللحظة.
قال هارى: " أنت أيضًا... " لكن چينى قالت بشراسة: " أنا أكبر من حالك بثلاث سنوات عندما قاتلت الذي تعرفه على حجر الفيلسوف، وبسببي أنا ستجد مالفوى راقدا فى مكتب أمبريدج والوطاويط تهاجمه..... "
" .......أجل، لكن "
قال نيفيل بهدوء: " جميعنا أعضاء في جماعة الـعنقاء وعلينا جميعا أن نقاتل الذي تعرفه - أليس كذلك؟ وهذه هى أول فرصة لنا للقيام بشيء حقيقي.. أم أن تدريبنا كان لعبا؟ "
قال هاري بصبر نافد: " لا .. بالطبع لم يكن كذلك...... "
قال نيفيل ببساطة: " إذن، فعلينا أن نأتى نحن الآخرون.. نريد المساعدة "
قالت لونا وهي تبتسم بسعادة: " هذا صحيح " .
قابلت عينا هاري عینی رون. عرف أن رون يفكر فيما يفكر فيه بالضبط إن كان أمامه الخيار لأخذ بعض أعضاء العنقاء لينقذوا سيريوس معه هو و رون و هيرميون ، فما كان ليختار چيني أو نيفيل أو لونا أبدا.
قال هاري بغيظ: " كل هذا لا يهم؛ لأننا لا نعرف كيف سنصل إلى هناك.... " قالت لونا غاضبة: " حسبتنا انتهينا من هذه المسألة.. قلنا إننا سنطير " .
قال رون و هو غير قادر على احتواء غضبه " انظرى.. قد تقدرين على الطيران من دون المقشة، لكن الباقين لن تنمو لهم أجنحة ....... "
قالت لونا بهدوء: " هناك وسائل أخرى للطيران غير المقشات " .
سألها رون " وهل ستطيرين على ظهر كاكى سنورجل أو ما شابه من كائناتك الغريبة؟ " .
قالت لونا مستنكرة: " السنوركاك ذو القرن لا يطير.. لكن هذه تطير ويقول هاجريد إنها ماهرة في العثور على الأماكن التي يسعى راكبوها للوصول إليها "
نظر هاري خلفه. وجدهما بين شجرتين وعيونهما البيضاء تلمع كائنين من الثيسترال، يراقبان الحوار الجارى وكأنهما يفهمان كل كلمة منه.
همس مقتربا منهما: " أجل " رفعا رأسيهما، وهذا شعر رقبنيهما الكثيف ومد هاري يده بلهفة وربت على رقبة الأقرب إليه منهما.. كيف كان يرى هذه الكائنات قبيحة؟
قال رون بتردد محدقا في نقطة إلى يسار الشيسترال الذي يربت هاري على عنقه رغم انه لا يستطيع رؤيتها هو و هيرميون و البقية من غير لونا و هاري " هل هي تلك الجياد المجنونة؟ التي لا تراها إلا عندما ترى الموتى؟ " .
قال هاري: " أجل " .
" كم عددها؟ "
" اثنان فقط " .
قالت " هيرميون" : " نحن بحاجة إلى ثلاثة منها. "
قالت چیني بعبوس: " بل أربعة يا هيرميون "
قالت لونا بهدوء وهى تحصى عددهم: " أعتقد أننا ستة أفراد "
قال هاري بغضب: " لا تكوني غبية، لا يمكن أن نذهب جميعا. انظروا أنتم الثلاثة.. " . مشيرا إلى نيفيل و چینی و لونا . " لا شأن لكم بهذا، أنتم ......لستم "
صدر عنهم المزيد من الاحتجاج. آلمته ندبته ثانية، ألم أكبر هذه المرة؟ كل لحظة تأخير غالية جدا، وليس عنده وقت للنقاش والجدال.
قال باقتضاب: " حسنًا، اختاروا ما شئتم.. لكن إن لم تجدوا المزيد من الثيسترالات فلن تقدروا على...... "
قالت چیني بثقة " سيأتى المزيد منها " ، وهى مثلها مثل رون تنظر في الاتجاه الخاطئ، ومن الواضح اعتقادها أنها هكذا تنظر إليهما.
" ولماذا تعتقدين هذا؟ "
قالت بهدوء: " لأن في حالة ما لم تلاحظوا، فإنك أنت وهيرميون مغطيان بالدم، ونعرف أن هاجريد قد جذب الثيسترالات إلى حيث نقف باللحم النيئ. هذا يعني أن الدم هو سبب ظهور هذين "
شعر هاري حركة على عباءته، فنظر إلى مصدرها ليرى أقربهما إليه يلعق كمه، والذي كان مغموراً بدم الذي صادفه على الاشجار قبل قليل .
قال وقد واتته فكرة جيدة: " حسنًا.. سأركب أنا ورون هذين ونسبقكم وستبقى هيرميون مع ثلاثتكم حتى تجذب المزيد من الثيسترالات..... "
قالت هيرميون بغيظ: " لن أبقى هنا "
قالت لونا مبتسمة: " لا حاجة بك لهذا. انظرى ها قد جاء المزيد.. لا بد أن رائحتكما قوية ونفاذة.... " .
التفت هاري إلى حيث تشير.. وجد ما لا يقل عن ستة أو سبعة ثيسترالات تقترب من بين الأشجار، وأجنحتها الجلدية الكبيرة مطبقة على أجسادها، وعيونها تلمع في الظلام. لم يعد عنده عذر.
قال بغضب: " حسنًا.. ليركب كل منكم واحدًا.. هيا "
كانوا على وشك امتطاء ظهورها، والقلق يتراقص في عيونهم، لا سيما في عيني هاري، الذي يكاد الانفجار داخله يحرق روحه. لقد رأى سيريوس يُعذّب، رأى الألم في كل حركة، وهو يعلم أن كل دقيقة تمر قد تكون الفرق بين إنقاذه… أو فوات الأوان.
وبينما كانت لونا تمسك بلجام الثيسترال برقة، وتساعد جيني في اعتلاء ظهر أحدها، جاء صوت هيرميون فجأة، قويًا مليئًا بالدهشة:
"انتظروا يا رفاق !! لقد نسينا أمر ألبرت !!"
تجمّد الجميع في مكانهم، وكأن الزمان قد توقف للحظة. التفتت جيني نحوها باستغراب وقالت:
" ماذا به؟ "
هرعت هيرميون ناحيتهم، وصوت قلقها يعلو:
" انه لا يدري بما يحدث الآن لأبيه ! ألبرت ليس في القلعة ! لا أحد أخبره بعد بما رآه هاري…"
ارتجف قلب هاري من الغضب والتوتر، واستدار نحوها صارخًا:
" هيرميون ! لا وقت لهذا الآن ! سيريوس قد يكون بين الحياة والموت، ونحن ما زلنا واقفين هنا !!"
لكن هيرميون لم تهتز من غضبه، ردّت بصوتٍ فيه رجاء:
" أعرف، أعرف يا هاري… لكن ألبرت يجب أن يعرف ! هذا أبوه، لا يمكن أن نذهب لمواجهة كل هذا دون أن نمنحه فرصة للحاق بنا !"
صمتت لحظة، ثم قالت وهي تشير نحو بوابة المدرسة:
" القلعة لا تبعد سوى بضع خطوات، سأركض وأطلب من شيموس أن يخبره إن عاد. لن يستغرق مني سوى دقيقتين !"
زفر هاري بغضب، لكن لم يكن أمامه سوى الرضوخ. قال أخيرًا:
" حسناً… لكن أسرعي، أرجوك!"
اندفعت هيرميون كالريح، تهرول بأقصى ما تملك من سرعة نحو القلعة أنفاسها تتسارع، وقلبها يخفق، ليس فقط من الركض، بل من وطأة القرار الذي اتخذته.
كانت تعرف أن كل لحظة مهمة، لكنها كانت على يقين أن إقصاء ألبرت عن هذا الأمر سيكون خطأً فادحًا.
ما إن وصلت إلى البوابة الرئيسية، حتى لمحت شيموس فينيجان وهو يكنس الساحة الحجرية أمام الباب بالعصا، يغني بصوت خافت، لا يدري ما الذي يدور خلف ظهره من اضطراب.
توقفت هيرميون فجأة، ثم صرخت، تلهث:
" شيموس !! شيموس، انتظر!!"
استدار شيموس نحوها، مدهوشًا من اندفاعها، وقال:
" ما الأمر، هيرميون؟ لم تركضين هكذا ؟!"
اقتربت منه، وهي تحاول التقاط أنفاسها، ثم قالت بسرعة:
" اسمعني… أحتاج إليك أن توصل رسالة عاجلة لألبرت !!. إن عاد إلى القلعة ووجدته، أخبره أن يتوجّه فورًا إلى وزارة السحر… هناك أمر خطير للغاية… والده في خطر !"
فتح شيموس فمه ببطء، وقد اختفى المرح من وجهه، وتحول إلى حيرة وقلق:
" والده؟ ماذا تقصدين؟ ما الذي يجري ؟!"
قالت هيرميون وهي تمسك بذراعه بتوتر:
" لا وقت للشرح ! فقط، افعلها من فضلك. قل له إننا ذهبنا إلى هناك، وإن عليه أن يأتي فورًا… فورًا، شيموس !!"
أومأ شيموس، رغم أنه لم يفهم سوى القليل، لكنه شعر بثقل الأمر من عينيها. قال وهو يرفع عصاه:
" حسناً… سأنتظره هنا وأخبره إن ظهر. أعدك، هيرميون."
ابتسمت له شكرًا، ثم استدارت راكضة بكل ما تملك من طاقة، عائدة إلى زملائها الذين كانوا على أهبة الاستعداد.
وصلت هيرميون إلى حيث ينتظر الآخرون. كانت وجوههم مزيجًا من التوتر واللهفة. صعدت بسرعة على ظهر أحد الثيسترالات، وقالت وهي تلتقط أنفاسها:
" اخبرته… شيموس سيبلغه إن عاد ألبرت إلى المدرسة. لقد فعلت ما بوسعي."
نظر إليها هاري للحظة، ثم قال بصوت أكثر هدوءًا مما توقعت:
" شكرًا… أعلم أن الأمر لم يكن سهلاً."
ثم، بلا مزيد من الكلمات… ضربوا بأرجلهم، فانطلقت الثيسترالات في السماء المظلمة، تخترق الغيوم، تطير بهم نحو وزارة السحر ...
يتبع ...