الفصل 293
شبك هاري أصابعه في عُرف أقرب ثيسترال إليه، وسند قدمه على أقرب جذع شجرة منه، وقفز إلى ظهر الحصان الحريري الملمس.
لم يعترض بل أدار رأسه للخلف، وكشف عن أنيابه، وحاول لعق الدم من على عباءة هاري.
وجد أن بإمكانه ثنى ركبتيه خلف مفصلى الجناحين؛ حتى يؤمن نفسه في ركوبه، ثم التفت إلى الآخرين ، امتطى نيفيل ظهر الثيسترال المجاور له وأخذ يحاول رفع قدمه القصيرة فوق ظهر الكائن
ركبت لونا وجلست بطريقة الركوب الجانبية، وقدماها إلى جانب واحد، ثم عدلت وضع عباءتها وكأنها تركبه كل يوم.
لكن رون و هيرميون و چیني وقفوا مفغوری الأفواه يحدقون أمامهم ببلاهة. قال هاري: " ما الأمر؟ " .
قال رون بوهن " كيف سنركب ونحن لا نرى هذه الأشياء ؟! " .
قالت لونا وهى تنزل من على حصانها وتسير نحوه هو و هيرميون و چیني: " تعال هنا.. " .
أوقفتهم إلى جوار الشيسترالات الباقية، وتمكنت من مساعدتهم على الركوب واحدا تلو الآخر.. بدوا متوترين بشدة وهى تلف أيديهم حول أعناق الجياد وتطالبهم بالإمساك جيدا قبل أن تعود إلى جوادها.
غمغم رون محركا يده الحرة فوق عنق الحصان: " هذا جنون.. جنون.. إن كنت لا أراه ف........ "
قال هاري بوجوم: " لتتمنى أن يبقى خفيًا عليك. هل نحن مستعدون جميعا؟ "
أو مأوا له جميعا موافقين، واستعدوا للطيران.
" حسنًا.. " نظر إلى رأس الثيسترال الأسود وازدرد لعابه.
قال بتردد: " وزارة السحر. مدخل الزوار، لندن... ... إن كنت تعرف إلى أين ستذهب...... " للحظة، بدا وكأن تيسترال هاري لم يفهم شيئًا، ثم وبحركة كادت أن تخلعه من مكانه خلعا امتد الجناحان، وتأهب الجواد للطيران، ثم ارتفع بسرعة وبحدة حتى أن هاري قبض بيديه وساقيه بقوة على جسده حتى لا يقع من فوق ظهره العظمى النحيف.
أغمض عينيه وضغط وجهه إلى عنق الجواد الحريري، وهما يمرقان إلى جانب فروع وأوراق الأشجار وإلى الشمس الغاربة الدموية الحمرة.
لم يحسب هاري أنه سيتحرك بهذه السرعة.. حلق الشيسترال فوق القلعة، وجناحاه العريضان يخفقان ويضربان الهواء، والنسيم البارد المنعش يضرب وجهه، وعيناه مغمضتان فى مواجهة الرياح الشديدة.. نظر حوله إلى رفاقه الخمسة المحلقين من خلفه، وكل منهم متمسك قدر استطاعته بعنق تيستراله خشية السقوط.
حلقوا فوق الأراضي المحيطة بقلعة هوجورتس، ومروا فوق هوجسميد
وتمكن هاري من رؤية الجبال والأخاديد بالأسفل، ومع انطفاء ضوء النهار، رأى تجمعات ضوئية وهم يمرون فوق بعض القرى، ثم فوق طريق سريع متعرج لا تسير عليه سوى سيارة واحدة تشق طريقها بصعوبة بين التلال.
سمع هاری رون يصيح من مكان ما خلفه هذا غريب وتخيل كيف يشعر وهو يطير على هذا الارتفاع من دون أن يرى ما يطير فوقه.
حل الغروب واحمرت السماء.. وتحول نورها إلى لون بنفسجي قائم ترصعه النجوم، وسرعان ما أضاءت أنوار العامة من بيوتهم بالأسفل، وصارت هذه الأضواء هي ما يدلهم على سرعة ارتحالهم.
التف ذراعا هاري حول عنق الجواد وهو يحثه على الطيران أسرع وأسرع.
كم من الوقت مضى منذ رأى سيريوس راقدًا على أرضية مصلحة الألغاز والغوامض؟ كم تبقى من قدرة سيريوس على مقاومة فولدمورت ؟ كل ما عرفه هاري هو أن أباه الروحي لم يفعل ما يريده فولدمورت منه، ولم يمت لأنه كان مقتنعا بأنه إن وقع أي من الأمرين فسوف يشعر بإحساس فولدمورت بالفرحة أو الغضب في جسده وستحترق ندبته بالألم الممض كما حدث ليلة مهاجمة السيد ويزلي.
مضوا محلقين في الهواء والليل من حولهم يوغل شعر هاري بوجهه يتجمد من البرد، وبساقيه مخدرتين من التمسك بجانبي الثيسترال، لكنه لم يجرؤ على تغيير جلسته؛ وإلا سقط.. أصيب بالصمم المؤقت من صوت الهواء الهادر في أذنيه، وصار فمه جافا ومتجمداً من الهواء الليلي البارد.
فقد إحساسه بالمكان، وتركز كل عزمه على الحيوان الطائر من تحته، وهو ما زال يخفق بجناحيه سماوات الليل، متقدما للأمام بلا توقف.
إن وصلوا متأخرين...
إنه حي، ما زال حيا ويقاوم، أشعر به ...
إن قرر فولدمورت أن سيريوس لن ينهار.
سأعرف وقتها ...
اضطربت معدة هاري من التوتر.. وفجأة، اتجه رأس الثيسترال نحو الأرض فانزلق بضع بوصات بطول رقبته كانوا في طريقهم للهبوط أخيرا... سمع صرخة من خلفه فالتفت ولم ير أثرًا لشخص يسقط.. الواضح إذن، أنهم قد أحسوا بالصدمة عندما غيرت الحيوانات اتجاهها فجأة - كما حدث له.
أخذت أضواء برتقالية لامعة تتوهج وتقترب من كل الأجناب.. رأوا أسطح البنايات وشلالات الضوء مثل عيون حشرات عملاقة، ومربعات من الضوء الأصفر الشاحب المطل من نوافذ الحجرات المضيئة. فجأة، بدا وكأنهم سيرتطمون بالرصيف. أمسك هاري برقبة الثيسترال بكل ما فيه من قوة واستعد للاصطدام، لكن الحصان لامس الأرض المظلمة بهدوء وخفة كأنه ظل، وانزلق هاري من فوق ظهره وأخذ ينظر حوله في الشارع وبالقرب منه كابينة التليفون المدمرة.
حط رون قريبا منه وسقط من فوق الثيسترال الذي يركبه على الرصيف.
قال وهو يجاهد للنهوض على قدميه: " لن أركبه ثانية " وكأنه يبعد عن الثيسترال مشيحا بيده.. ولكن وهو غير قادر على رؤيته، فقد اصطدم بمؤخرته وكاد أن يقع ثانية.. أضاف: " أبدًا، أبدًا، إنها أسوأ مواصلة في حياتي..... "
لامست كل من هيرميون و چيني الأرض إلى جواره من الجانبين... ونزلت كل منهما من فوق حصانها بطريقة أكثر رشاقة بقليل من طريقة رون، وإن كان على وجهيهما نفس تعبير الراحة لعودتهما إلى الأرض الثابتة.. قفز نيفيل من فوق جواده، ووقف مرتجفا، أما لونا فقد نزلت من فوقه بكل رشاقة ونعومة.
سألت هاري بصوت مهذب " أين سنذهب الآن؟ "، وكأنهم في رحلة ممتعة.
قال: " إلى هنا " ، ربت على ظهر الثيسترال الذى كان يركبه ربتة امتنان خفيفة، سريعة، ثم قاد الطريق إلى كابينة التليفون المحطمة وفتح الباب وقال: " تعالوا " مخاطبا الآخرين الذين ترددوا.
تقدم رون و چیني في طاعة، أما هيرميون و نيفيل و لونا فقد دخلوا خلفهما بعد لحظة. ألقى هارى نظرة أخيرة على الثيسترالات التي أخذت ترعى على بقايا الطعام المتعفن على الأرض، ثم حشر نفسه في الكابينة من خلف لونا.
قال: " من الأقرب إلى السماعة اضرب رقم ستة، ثم اثنين، أربعة أربعة، اثنين "
فعل رون كما قال، حنى ذراعه بطريقة غريبة ليصل إلى قرص الأرقام.... والقرص يعود إلى مكانه، سمعوا صوتاً أنثوياً بارداً يملأ الكابينة
" أهلا بك في وزارة السحر. من فضلك اذكر اسمك، وسبب زيارتك "
قال هاري بسرعة بالغة: " هارى بوتر رون ویزلي هیرمیون جرانجر چینی ویزلي نیفیل لونجبوتم، لونا لوفجود.. نحن هنا لإنقاذ شخص ما، إلا إن كانت الوزارة قد أنقذته بالفعل "
قال الصوت الأنثوى البارد: " شكرا لك. السادة الزوار، من فضلكم أخذ الشارات وربطها بصدر عباءاتكم " .
انزلقت ست شارات من المخرج المعدني الذي تنزل منه العملات الزائدة. أمسكت بها هيرميون وأعطتها إلى هاري فب صمت، وهي تمد يدها من فوق رأس چیني ، فنظر إلى أولها: " هاري بوتر، مهمة إنقاذ " .
" السادة زوار الوزارة، عليكم الخضوع للتفتيش، وتقديم عصيكم السحرية لمكتب الأمن، وهو عند الطرف البعيد من قاعة الاستقبال.".
قال هاري بصوت جهوری ورعشة ألم تداهم ندبته ثانية: " حسنًا.. والآن هلا تحركنا ؟ " .
ارتجفت أرضية كابينة التليفون، وارتفع الرصيف من حول جدرانها الزجاجية وخرجت " الشيسترالات عن نطاق البصر، وعم السواد من حولهم ومن فوق رؤوسهم مع جلبة أصوات معدنية وهم يهبطون إلى قلب وزارة السحر.
ضرب شعاع رفيع من النور الذهبي أقدامهم، واتسع ليغمر أجسادهم.
ثنى هاري ركبتيه ورفع عصاه السحرية مستعداً متأهبا وهو يحدق من الزجاج ليعرف إن كان هناك من ينتظرهم في قاعة الاستقبال، لكن القاعة بدت خالية تماما، والضوء أخفت من حاله بالنهار.. لم تكن هناك نيران في المدافئ التي تشغل الحوائط، لكن و مع استقرار المصعد بنعومة بالقاعة، رأى الرموز الذهبية مستمرة في التثني والالتفاف على السقف الأزرق الداكن.
قال الصوت الأنثوى: " تتمنى لكم وزارة السحر أمسية سارة " .
انفتح باب كابينة التليفون.. تعثر هاري وهو يخرج عبره، ومن خلفه نيفيل و لونا . الصوت الوحيد بالقاعة كان للمياه المتدفقة في النافورة الذهبية، حيث الماء المتدفق من عصى الساحرة والساحر، ومن طرف قوس القنطور ، ومن طرف قبعة الجني ، ومن أذنى القزم المنزلي، وكلها تتجمع في البركة المائية الصغيرة الواقعة أمام التماثيل.
قال هاري بهدوء وهم يهرولون بطول القاعة: " هيا ". كان في المقدمة وعبر إلى جوار النافورة تجاه مكتب ساحر الأمن الذى وزن عصاه السحرية وإن وجده الآن مهجوراً.
کان هاري على يقين من ضرورة وجود حارس أمن بالمكتب، ومن أن غيابه لا يعني خيراً، وازداد إحساسه بصدق مخاوفه مع مرورهم إلى جوار البوابات الذهبية للمصاعد ضغط على مفتاح " أسفل "، الأقرب إليه، فانفتح المصعد
بصوت صاحب انفتحت البوابات الذهبية بصوت معدنى مدو ضغط هاري على مفتاح الطابق التاسع، أغلق الباب الذهبي وبدأ المصعد في الهبوط، بصوته المعدني الرنان.
لم يدرك هاري كم صخب المصعد يوم جاء بالنهار مع السيد ویزلي ، كان واثقا من أن الصخب الذي يصدره المصعد كاف لإيقاظ أي من أفراد الأمن بالمبنى، لكن عندما توقف المصعد، جاء الصوت الأنثوى البارد مصلحة الألغاز والغوامض وانفتح الباب خطوا إلى الممر ولا شيء يتحرك غير
نيران المشاعل القريبة التي تحركت مع الرياح الناتجة عن حركة المصعد. التفت هاري إلى الباب الأسود... بعد شهور وشهور من حلمه به، وصل إليه أخيراً. همس قائلا: " هيا بنا " ، وقاد الطريق بطول الممر، و لونا إلى يمناه من الخلف تحدق حولها وفمها مفتوح في دهشة خفيفة.
قال هاري وهو يتوقف ثانية قبل الباب بست أقدام: " حسنًا.. اسمعوا. ربما... ربما على اثنين منا البقاء هنا للحراسة و........ "
سألته چيني وحاجبها يرتفع: "وكيف سنعرف إن وقع مكروه لمن يدخلون؟ ربما تتوغلون مسافة أميال للداخل ".
قال نيفيل " سنأتي معك يا هاري " فقال رون بحزم: " هيا بنا إذن ". لم يكن هاري يريد أن يدخلوا جميعا معه، لكن بدا أنه لا خيار أمامه.
التفت ليواجه الباب وتقدم منه.. كما رآه في حلمه تماما، انفتح وخطا فوق مدخل الباب، والباقون في عقبيه.
وجدوا أنفسهم في حجرة كبيرة دائرية. كل شيء بها أسود، حتى الأرضية والسقف.. وأبواب سوداء متماثلة بلا أية علامات أو مقابض، على مسافات متساوية ومتفرقة على جدران الحجرة، بينها شموع زرقاء اللهب وضوؤها البارد المتراقص ينعكس على الأرضية الرخامية اللامعة، مما جعلهم يشعرون بأن تحتهم مياه داكنة اللون. غمغم هاري: " ليغلق أحدكم الباب " .
ندم على الأمر الذي أصدره لحظة أطاعه نيفيل. بدون شعاع الضوء الطولى القادم من الممر، أصبح المكان مظلما .. وللحظة، لم ير سوى ألسنة اللهب الزرقاء الصغيرة على الجدران، وانعكاسها الشبحي الطابع على الأرض.
في حلمه، كان هاري يسير دوما بتصميم عبر الحجرة إلى الباب المواجه للمدخل تماما ويمر عبره لكنه وجد حوله اثنى عشر بابا.
وهو يحدق أمامه في الأبواب المقابلة له محاولاً معرفة الصحيح منها، سمع صخبا شديدا وبدأت الشموع في الحركة إلى الجانب.. الحجرة الدائرية تدور.
أمسكت هيرميون بذراع هاري وكأنها خائفة متوجسة من أن تتحرك الأرض هى الأخرى، لكنها لم تتحرك بعد ثوان قليلة، أصبح ضوء الشموع من حولهم أشبه بالضوء النيون والجدار يدور و يدور بسرعة .. ثم فجأة كما بدأ الأمر ، كفت الحركة، وهدأ كل شيء ثانية.
رأی هاري خيوطا ضوئية زرقاء تتراقص أمام عينيه، وكان هذا كل ما يقدر على رؤيته. همس رون بخوف: " ماذا جرى؟ "
قالت چیني بصوت هامس: " أعتقد أن المقصود هو ألا نعرف أي الأبواب نختار "
أدرك هاري أنها محقة على الفور.. لم يتعرف على الباب الذي عبروا منه، والباب الذي كان عليهم المرور عبره، وقد يكون أى من الأبواب الاثنى عشر من حولهم ، قال نيفيل بضيق: " كيف سنعود إذن؟ "
قال هاري بقوة وعينه تطرف محاولاً مسح الخطوط الزرقاء من أمام عينيه، ممسكا بعصاه السحرية بقوة أكبر: " هذا لا يهم الآن.. لن نحتاج للخروج حتى نعثر على سيريوس ... "
قالت هيرميون بحرارة: " لكن لن نمشى ننادى عليه... " . لم يكن هاري بحاجة لنصيحتها، فقد كان يعرف أن عليه الحفاظ على الهدوء قدر استطاعته.
تساءل رون: " أين سنذهب إذن يا هارى؟ "
قال هاري: " لا أعر... " . ثم صمت وازدرد بصعوبة وأكمل: " في أحلامي كنت أمر عبر الباب المواجه للمصعد، الذي عبرنا منه.. ثم ألج عبر باب آخر في الحجرة يفضى إلى حجرة أخرى متلألئة نوعا ما... علينا تجربة فتح بعض الأبواب إذن " ، ثم قال بتردد: " سأعرف الباب الصحيح عندما أراه.. هيا " .
سار إلى الباب المواجه له مباشرة، وتبعه الآخرون، وضع يده اليسرى على سطح الباب البارد اللامع، ورفع عصاه في وضع الاستعداد، ليضرب بها لحظة أن ينفتح، ثم دفعه فانفتح الباب بسهولة.
بعد ظلام الحجرة الأولى، أعطته المصابيح ذات السلاسل الذهبية المعلقة من السقف الانطباع بأن هذه الحجرة المستطيلة أكبر بكثير، لكن لم ير هاري أضواء متراقصة متلألئة، كما رأى في أحلامه.
كان المكان خاليا إلا من بعض الموائد القليلة، وفي منتصف الحجرة وعاء زجاجي كبير به سائل داكن الخضرة، وكبير بما يكفى ليسبحوا فيه جميعًا.. وعدد من الأشياء اللؤلؤية البياض الطافية والسابحة بكسل داخله.
همس رون " ما هذه الأشياء؟ " . فقال هاري: " لا أعرف " .
همست چیني " هل هي أسماك؟ " .
قالت لونا بحماس: " إنها ديدان فيروسية بحرية.. قال أبي إن وزارة السحر تربيها بصفة غير قانونية..... "
قالت هيرميون: " لا " وبدا صوتها غريبا.. تحركت مقتربة من الوعاء ناظرة من جوانبه إلى ما بداخله، ثم أعلنت: " إنها مخاخ "
" مخاخ ؟"
" أجل... ترى ماذا يفعلون بها؟ "
انضم هاري إليها أمام الوعاء. بالطبع لا خطأ في هويتها من هذه المسافة القريبة. أخذت تسبح بلونها اللامع، مقتربة منهم ومبتعدة عنهم في السائل الأخضر، وقد بدت أشبه بنبات عباد شمس لزج الملمس.
قال هاري: " لنخرج من هنا.. هذه ليست الحجرة الصحيحة، سنجرب بابا آخر "
قال رون مشيرا إلى الجدران: " هناك أبواب أخرى هنا أيضا " . غاض قلب هاري في صدره.. " ما مساحة هذا المكان؟ "
قال: " في أحلامي. كنت أمر بالحجرة المظلمة إلى حجرة ثانية.. أعتقد أن علينا الخروج من هنا وتجربة باب آخر "
.
.
.
رنة خافتة في الهواء، تشقق لحظي في الزمكان، ثم ظهرت هالة دوامية رمادية قبل أن يهبط منها جسد شابٍ متوتر، مُثقل بالأفكار… ألبرت قد عاد إلى هوجورتس.
كانت قلعة هوجورتس تلوح من فوق المرتفع كأنها قابعة فوق صدر الزمان، شامخةً ومتوارية، كما كانت دائمًا. لكن شيئًا ما في قلب ألبرت قد تغيّر.
وقف للحظة ينظر إلى أبراج القلعة، شعر بأن شيء ما قد حدث او سيحدث و لكنه لا يدري ما هو
تقدّم بخطوات ثقيلة نحو السلالم الحجرية، وعيناه مسمّرتان نحو الأعلى، نحو المكتب الدائري الذي لطالما احتضن أعظم قرارات العصور الحديثة.
كانت مشاعره خليطًا من الغضب و العجز. هذا الرجل… دمبلدور، الذي كان دومًا يبدو كأنه لا يهتز لعاصفة، كأنه خالد على رأس كل ركن من أركان السحر، قد أصبح فجأة… فانياً. مجرد إنسان آخر ينحني أمام لعنة الموت.
وبينما كان يصعد الدرجات المؤدية إلى المكتب، امتدت يده بتردد نحو الباب الخشبي الذي يحمل ملامح الزمن… لكنه لم يطرقه.
لحظة توقف.
صمت.
وفجأة، اجتاحه تيار من الذكريات…
قبل عشر دقائق – منزل دمبلدور، غودريكز هولو
كانت النيران تتراقص في الموقد العتيق، وظلال اللهب تنعكس على جدران الغرفة المتصدعة. جلس دمبلدور في صمت، بينما يقف ألبرت أمامه، عيناه تحدقان في اليد اليمنى لمديره العظيم. يدٌ سوداء كأنها ذابلة من قرون، جُلدها مشقق، كأن الموت نفسه طبع عليها قبلة لن تُمحى.
كان ألبرت عاجزًا عن الكلام. رأى هذه اليد من قبل… في ذكرياته السابقة، في الأفلام والكتب، في لحظة النهاية.
لكن هذه المرة، كانت أمامه حقيقة، وليست قصة.
تنهد، ثم استدار ببطء نحو طاولة صغيرة بجانب المدفأة، وقد جذبت انتباهه قطعة أثرية لم يكن يظن أنه سيراها يومًا في حياته امامه بهذه الطريقة …
ألا و هي عصا الألدر.
هناك، مستندةٌ برفق فوق الطاولة، كانت ترقد أقوى عصا عرفها التاريخ.
اقترب ألبرت منها، كأن قوة غريبة تجذبه، وكأنها تناديه بصمتها الساحر. كانت تبدو بسيطة من حيث الشكل… لكن الطاقة التي تنبعث منها كانت مزلزلة. مدّ يده ببطء، وتردد للحظة. لم يكن قد لمسها من قبل، لكنه يعرفها أكثر من أي عصا في هذا العالم. يعرف تاريخها… ودماء من حُمِلَت على أكتافهم هذه العصا. يعرف الثمن الذي تُطالَب به.
هذه العصا ستكون لعنة… وسلاحًا… ومفترق طرق.
كانت تحمل بين حبات خشبها ماضٍ ملطخ ومصيرٍ ينتظر من يجرؤ على لمسه.
وحين لامست يد ألبرت العصا، شعر برعشة كهربائية تسري في جسده. لم يكن شيئًا مؤلمًا، بل شيئًا كاد أن يكون… حيًّا.
اغمض عينيه للحظة، تم تمتم بتعويدة في خاطره و هي تعويدة صامتة فرأى صورًا مبهمة: جثث، معارك، صرخات، أقدار تتشابك، دمبلدور، جريفندور، سلذرين… فولدمورت !
فتح عينيه بسرعة وهو يهمس:
" لا يمكن أن تُترك هذه العصا تذهب إلى الخطأ…"
لم يكن يريد أخذها… لكن مجرد لمسها منحه يقينًا لا يتزعزع بأن هذه العصا ستغيّر مجرى الحرب القادمة. لقد كانت دائمًا في لب الصراع، منذ زمن المؤسسين… وستظل كذلك حتى نهاية الطريق.
في اللحظة التي أنهى فيها آلبرت التعويذة الصامتة، خفّت الأضواء من حوله. لم تعد جدران مكتب دمبلدور واضحة، ولا حتى الأرضية التي يقف عليها.
كانت روحه تُنتزع بلطف من جسده، أو بالأحرى، تُغمر في بحرٍ من الذكريات، ذكريات ليست له، بل للعصا نفسها… عصا الألدر.
ظهر أمامه مشهد قديم، ضبابي، لكنه نابض بالسحر. كان في وسط غابة كثيفة الأشجار، والسماء ملبدة بالغيوم. رجل طويل، ذو لحية كثيفة ووجه صارم، كان يجلس أمام شجرة ضخمة، ينحت قطعة خشبية سوداء داكنة، تنبض بطاقة غامضة.
كان هذا الرجل هو أنتيوخ بيفيريل ، أول من حمل عصا الألدر.
كانت العصا وليدة سحر الموت نفسه، خلقتها يدٌ بشرية لكنها مُشكّلة من قوى لا يفهمها إلا قلة.
في اليوم الذي خرج فيه أنتيوخ بالعصا من الغابة، كان مقتنعًا أنه لا يُهزم. وقد كان كذلك… لبضعة أيام. حتى جاء ليل، وغُدر به أثناء نومه. قُتل، وسُرقت العصا. هكذا بدأ إرثها… إرث الدم والموت.
انتقلت الذكريات بسرعة، وعاش ألبرت عشرات الحيوات في ثوانٍ
فارس يقطع ساحة معركة في العصور الوسطى بعصا الألدر ويُسقط خصومه كأنهم دمى. ساحر يُعدَم بتهمة السحر الأسود بعد أن نشر الرعب لسنوات. لص يسرق العصا من سيدها، ثم يُقتل بعد ليلة واحدة. كانت العصا كأنها لعنة، تجلب الفخر والدمار، القوة والموت.
اما في مشهد اخر ، يرى البرت الزمن يتحول، وصورة واضحة تظهر الآن ، شاب أشقر بعيون باردة. إنه غيلرت غريندلفالد.
رفع العصا فوق رأسه أمام جيش من أتباعه. شعلة حرب اشتعلت في أوروبا، والعصا الألدر كانت مركزها. كانت تلمع بين يديه، تتوهج كلما ألقى تعويذة، كأنها تجد في هذا الشاب طموحًا يتوافق مع روحها.
لكن… الهزيمة جاءت. دمبلدور، شريكه السابق، يواجهه في معركة لا تُروى تفاصيلها سوى كأُسطورة. ثم، بهدوء، أصبحت العصا في يد دمبلدور.
لكن الغريب أن ألبرت رأى شيئًا لم يُذكر قط… دمبلدور لم يفرح بانتصاره. عندما أمسك العصا، كانت عيناه مليئتين بالحزن والندم.
كأنه يعرف أن هذه العصا ستُكمل دمارها يومًا ما… ربما عبره هو.
مرت سنوات في لحظة، والعصا في يد دمبلدور. رأى ألبرت ذكريات عشوائية: تعليم الطلاب، دفاع عن هوجورتس، الليالي الطويلة في مكتبه، وهو يتأمل العصا أحيانًا. وفي إحدى الليالي… يضعها بهدوء على طاولة قرب السرير، ينظر إليها كأنها عبء لا يُحتمل. تمتم "يا لها من طاقة… يا لها من لعنة".
فجأة، تغيرت الذكريات. لم تعد ماضية… كانت رؤية لما قد يأتي: رأى ألبرت نفسه، يقف في ساحة ما، والعصا في يد عدوه ، لم يستطع البرت رؤية وجه خصمه ، لكن ما رأه هو ان خصمه وجه عصا الالدر نحو البرت و قال " افادا كادافرا "
استطاع آلبرت ان يرى جثته على الارض بعدما تلقت التعويدة الموت من العدو المجهول
لكن بعد لحظات يستيقظ البرت من كل تلك الدكريات التي رأها داخل عصا الالدر
فتح ألبرت عينيه، ويده لا تزال تمسك العصا. قلبه ينبض بقوة، وروحه مثقلة. لم تكن العصا مجرد قطعة خشب… كانت شاهدًا على قرون من الطمع، الحروب، القوة والخذلان. والآن… أصبحت بين يديه.
كان البرت شعر بشعور سيء حيال ما رأه اخر شيء قبل استيقاظه ، رغم انه كل ما حدث قد حدث في الواقع لمدة تلاث ثواني ، الى انه شعر كأنه قد عاش في هذا الوهم لأكثر من قرون
استطاع بدوره ان يرى دكريات هذه العصا عن طريق جده سالازار سليذرين الذي أخبره بتعويدة من اختراعه تمكن الشخص من قراءة دكريات حول أشياء الجامدة
يتبع ....