الفصل 295

وقف آلبرت بلاك وسط قاعة القباب السوداء، يزفر أنفاسًا مشحونة بالطاقة، وملامحه أكثر جدية من أي وقت مضى. كان يعلم أن لحظة الحسم قد اقتربت، خصوصًا بعد أن رأى بأم عينه لوسيوس مالفوي وهو يندفع داخل قسم الألغاز، يحتمي خلف بيلاتريكس التي رفعت درعًا سحريًا صدّت به تعويذة كادت تفتك بلوسيوس

قال آلبرت بحدة، وصوته يتردد بين القباب:

"لن تخرجوا من هنا احياء !!"

لكن الرد لم يكن كلمات، بل موجة عاتية من التعاويذ، انطلقت من عصا بيلاتريكس ودولوهوف في آن واحد.

شعاع أحمر ملتف خرج من عصا بيلاتريكس، وتعويذة بنفسجية مظلمة من دولوهوف، تنفجر في الهواء كالنجوم المتشظية، تتجه بسرعة قاتلة نحو قلب ألبرت.

لم يتراجع. في لحظة خاطفة، قام آلبرت بالانتقال الآني، فتلاشت التعاويذ في فراغ الهواء الذي كان يشغله قبل لحظة، وظهر خلف أحد الأعمدة، ألقى بعصاه أمامه، يدور حول نفسه مرة، ثم صرخ:

" فلاغراتوس سولاري !"

انبثقت كرة نارية بيضاء كالشمس من عصاه، تدفقت في خط مستقيم نحو دولوهوف، الذي انقلب أرضًا، متدحرجًا ليهرب من اللهيب.

لكن بيلاتريكس لم تمنحه فرصة للراحة، فقد صاحت بشراسة:

" سبيرا سيرانتا !"

خرج من عصاها تعويذة سوداء بشكل تعبان بثلاثة رؤوس، تلتف في الهواء، تزأر وهي تتجه إلى آلبرت بسرعة رهيبة.

ثبت آلبرت قدميه بثقة، ثم لوّح بعصاه بقوة، وبدون كلمة، أطلق شعاعًا أزرق حاد، شق الهواء وانفجر عند فم الأفعى، فبعثرتها شظايا سوداء قبل أن تلامسه. ومع ذلك، لم يهدأ الهجوم.

اندفع دولوهوف من الخلف وهو يصرخ بأعلى صوته:

" أفادا كيدافرا !"

لكن آلبرت اختفى مجددًا في لحظة، وظهر خلف دولوهوف مباشرة، وعصاه تشتعل بطاقة كهربية صفراء، ليهتف:

" روبل برابوسا !!"

اندفعت الطاقة من عصاه مثل صاعقة، استهدفت يد دولوهوف اليسرى. الرجل تمكن في اللحظة الأخيرة من القفز جانبًا، لكن الشرارة لم ترحمه تمامًا، فقد لامست أذنه الايسر وتركته يتلوى من الألم وهو يصرخ صرخة حيوانية.

في هذه اللحظة، صرخت بيلاتريكس وهي ترى ألبرت يقترب من لوسيوس :

"احمه يا دولوهوف !! لا تدعه يصل إلى القسم !!"

لكن لوسيوس كان قد فتح باب القاعة الداخلية لقسم الألغاز بالفعل، متسللًا بين الظلال، يحاول الوصول بسرعة إلى الرف الذي تُخزّن فيه النبوءات. التفت ألبرت، مدركًا أن اللعبة تقترب من نهايتها.

صرخ بأعلى صوته:

" لا تفكّر حتى بلمسهم !!"

لكن موجة جديدة من التعاويذ انطلقت نحوه، عشرات من الأشعة الحمراء والبنفسجية والزرقاء، تتدفق بلا انقطاع من بيلاتريكس ودولوهوف.

كان المشهد أشبه بعاصفة سحرية. كل ثانية تمر، كانت تعويذة تصطدم بجدار أو تُصد بدرع الخاص الذي ألقاه آلبرت أو تضيء السماء الداخلية للقسم. كان ألبرت يتنقل بين الأعمدة بسرعة البرق، يقفز، يصد، يهاجم، يُفلت من موت محقق، ويقصف خصومه بقوة تزلزل المكان.

كان لوسيوس وقتها قد قطع نصف طريق نحو مجموعة هاري

صرخت بيلاتريكس:

" إنه شيطان ! لا أحد يستطيع أن يتحرك بهذه السرعة !"

لكن آلبرت لم يكن يكتفي بالدفاع. كان يرسم خريطة القتال بعقله، يوجه نيرانه بدقة، وعيناه تلمعان بإرادة لا تتزعزع.

" انتهت لعبتكم... الآن سأريكم ما هي القوة الحقيقية "

هتف بهذه الكلمات، ثم رفع عصاه عاليًا، ليطلق منها تعويذة ضخمة، تجمع بين البرق والنار، تصرخ في الهواء كوحش غضبان.

الأنفاس تقطعت، والدخان ملأ الأرجاء.

لكن النهاية لم تُكتب بعد...

في هذه الاثناء ، داخل قسم المكدس به البلورات ، قالت هيرميون بتصميم: " حسنًا، سنترك هذه الحجرة " .

قال رون متطلعا إلى الباب بمزيج من الرهبة والتوق: " لكن ماذا إن كانت هي المقصودة؟ " .

قالت هيرميون وهى تعلم الباب بعلامة سحرية أخرى، مع إعادة هارىي لسكين سيريوس المذاب إلى جيبه: " لا يمكن.. كان هاري يمر عبر الباب بسلاسة في حلمه "

قالت لونا بلهفة وقد بدأ الجدار في الدوران ثانية: " أتعرفون ماذا قد يقع خلف هذا الباب؟ "

قالت هيرميون بسخرية غاضبة: " شيء مخيف طبعا " ، فضحك نيفيل ضحكة متوترة قصيرة.

لكن في لحظة ، امسكت هيرميون صدرها في جهة القلب و هي تشعر بشعور مشوؤم كأن شيء ما قد حدث ، رأت جيني ما حدث لهيرميون ، لدالك توجهت نحوها من اجل الاطمئنان عليها لتقول " هل انت بخير يا هيرميون ؟!"

أشارت هيرميون برأسها على انها بخير ، لكنها كانت لا تزال تمسك بصدرها لتقول " انني اشعر بشعور سيء حقا ، انني اشعر كأن شيء ما سيء سيحدث قريبا !"

قال هاري بتوتر " لا تقولي هذا الكلام يا هيرميون !! هذا فقط جراء توتر الزائد لا غير "

لكن هيرميون لم تثق بكلمات هاري لكنها كانت افكارها مشوشة و كانت فقط تفكر حول البرت الذي لم يكن معها الان و تظن أنه قد حدث له مكروه

كف الجدار عن الدوران، ودفع هارى أقرب الأبواب إليه؛ لينفتح وقد بدأ اليأس يتسرب إلى قلبه. " إنه هو "

عرفه على الفور من الأضواء الجميلة المتراقصة المتلألئة. مع تعود عينيه على الضوء البراق، رأى ساعات تلمع على كل الأسطح بالحجرة، كبيرة وصغيرة، قديمة وحديثة، معلقة في الفراغات بين خزانات الكتب، ومنتصبة على المكاتب المصطفة بطول الحجرة، حتى امتلأت الحجرة بصوت آلاف عقارب الثواني المتقدمة مع تقدم الزمن. أما مصدر الضوء، فقد كان جرة كريستالية جرسية الشكل وهائلة تتحرك متراقصة عند الطرف البعيد من الحجرة.

" من هنا "

أخذ قلب هاري يخفق بقوة بالغة وقد عرف أنه في طريقه الصحيح، قاد المجموعة بطول المساحة الخالية بين صفوف المكاتب، متجها كما كان يفعل في حلمه إلى مصدر الضوء، والجرة الكريستالية طويلة وكبيرة ومستقرة على مائدة، وقد بدت محفوفة برياح عاوية شديدة.

قالت چیني وهم يقتربون: " ياه... انظروا " مشيرة إلى قلب الجرة الكريستالية.

كانت هناك بيضة صغيرة لامعة وسط التيار المتدفق. وهي ترتفع داخل الجرة، انفتحت وخرج منها طائر طنان، وكان على طرف الجرة العلوى، لكن مع خروجه إلى السائل ابتل ريشه، ومع عودته إلى البيضة في قاع الجرة عاد مرة أخرى إلى داخلها.

قال هاري بحدة: " تقدموا " ؛ لأن چیني بدا عليها أنها تريد التوقف ومراقبة تقدم البيضة دورة البيضة، وهى تتحول إلى طائر.

قالت بغضب: " لقد تكائلت أمام القوس الحجرية القديمة " ، لكنها اتبعته من خلف الجرة وإلى الباب الوحيد من خلفها.

قال هاري ثانية وقلبه يخفق بقوة وسرعة شعر معهما بأن نبضات قلبه تتداخل مع كلماته: " هذا هو.. عبره سأ... " .

نظر حوله إليهم جميعًا.. كانت عصيهم مشهرة وقد بدت عليهم علامات الجدية والتوتر. عاود النظر للباب ودفعه فانفتح

دخلوا، وجدوا مرادهم... حجرة مرتفعة السقف وكأنها كنيسة ومليئة بصفوف وصفوف من الرفوف التي تغطيها كرات زجاجية صغيرة مغبرة. كانت تلمع على الضوء القادم من الشموع المعلقة على مسافات متساوية بين الرفوف مثلها مثل الشموع المعلقة في الحجرة الدائرية من خلفهم، كان لهبها أزرق، والحجرة شديدة البرودة.

تقدم هاري إلى الأمام، ونظر إلى الممرات المظلمة الواقعة بين صفين من الرفوف. لم يسمع أو ير ما يدل على أدنى حركة.

همست هيرميون قائلة: " قلت إنه الصف السابع والتسعون. "

قال هاري و هو ينظر إلى طرف أقرب الرفوف: " أجل " تحت الشموع الزرقاء اللهب كان هناك رقم معلق وهو ثلاثة وخمسون

همست هيرميون وهى تنظر عن قرب إلى الصف التالی: " سنمشی تجاه اليمين على ما أعتقد.. أجل.. هذا رقمه أربعة وخمسون...... "

قال هاري برفق: " أبقوا على عصيكم في وضع الاستعداد "

زحفوا إلى الأمام ناظرين خلفهم وهم يتقدمون عبر صفوف الممرات والرفوف التي كان طرفها البعيد غارقا في ظلام دامس.

كانت هناك لافتات صغيرة مصفرة تحت كل كرة زجاجية على الرفوف، بعضها يتألق بضوء سائل الطابع غريب، وبعضها الآخر داكن ومظلم وكأن بداخله أضواء بنية.

تقدموا إلى الصف رقم أربعة وثمانين... خمسة وثمانين.. أخذ هاري ينصت لأقل حركة، لكن ربما سيريوس مكمم الفم، أو لعله فاقد الوعي.. أو وكما قال صوت بداخله لعله مات.

قال لنفسه إنه كان ليشعر بهذا، لكن قلبه أخذ يخفق في صدره وكأنه قد وصل إلى تفاحة آدم فى حلقه، " كنت لأعرف.. كنت لأعرف. "

همست هيرميون " سبعة وتسعين " .

وقفوا حول طرف الصف، محدقين فى الممر الواقع إلى جانبه، لم يكن هناك أحد.

قال هاري الذي أصبح فمه جافًا: " انه عند الطرف البعيد.. لا يمكن أن نراه من هنا. "

و قاد الطريق بين صفوف الكرات الزجاجية العالية، وبعضها يتألق بنور خافت وهم يمرون إلى جوارها.

همس هارى قائلاً: " يجب أن يكون هنا " مقتنعًا بأن كل خطوة يخطوها تقربه من جسد سيريوس الذي سيظهر عندما يقتربون بما يكفي.. أضاف: " في مكان ما هنا.. قريبا من هنا...... "

قالت هيرميون بريبة: " هاري ؟!" . لكنه لم يرغب في الرد.. أصبح حلقه شديد الجفاف. قال: " هنا.. في مكان ما هنا.... "

وصلوا إلى طرف الممر البعيد ليجدوا أضواء الشموع ثانية. لم يكن هناك من أحد. كل ما حولهم سكون مدو مغبر.

همس هاري ناظرا إلى الصف التالي: " ربما يكون ... أو ربما ..... " هرول تجاه الصف الذي أشار إليه. قالت هيرميون ثانية: " هاري؟ "

قال لها مزمجرا: " ماذا؟ "

" ل... لـ... لا أعتقد أن سيرياس هنا."

لم يتكلم أحد. لم يرغب هاري فى النظر إلى أى منهم. شعر بالغثيان. لم يفهم لماذا لم يجد سيريوس. كان يجب أن يكون هنا. فهنا رآه بنفسه.

جرى إلى طرف الصفوف محدقا بطول الممرات الواقعة إلى جوارها، ممر بعد ممر، وكلها كانت خالية جرى فى الاتجاه الآخر، وعاد إلى أصحابه الذين أخذوا يرنون إليه. لم يجد علامة على وجود سيريوس أو أية إشارة على وقوع شجار أو مقاومة هنا.

ناداه رون " هاري !!"

" ماذا؟ "

لم يرغب في سماع ما سيقوله رون، لم يرغب في سماع تعليقه عن غبائه أو اقتراحه بالعودة إلى هوجورتس، وأخذت الحرارة تزيد في وجهه وأحس بالرغبة في فحص المكان مليا قبل أن يعود إلى قاعة الاستقبال بالأعلى ويواجه نظرات الآخرين المعاتبة. قال رون: " هل رأيت هذا؟ " .

قال هاري " ماذا؟." لكن بلهفة هذه المرة... لا بد أن ما يشير إليه دليل على وجود سيريوس هنا دليل ما عاد إلى حيث يقفون جميعا، قريبا من الصف رقم سبعة وتسعين، لكنه لم يجد سوى رون وهو يحدق في واحدة من الكرات الزجاجية على الرف. ردد هاری: " ماذا؟ "

قال رون " اسم آلبرت و اسمك مكتوب عليها " .

اقترب هارى أكثر. كان رون يشير إلى واحدة من الكرات الزجاجية الصغيرة التي تلمع بضوئها الداخلي، وإن كانت مغبرة وكأن أحدا لم يمسسها منذ سنوات طوال. ، لكنها كانت قد وضعت هناك فقط مند سنتين ، قال هاري : اسمي أنا ؟"

خطا للأمام. لم يكن بطول رون؛ لذا فقد اضطر لمد رقبته لقراءة الورقة المصفرة المعلقة على الرف تحت الكرة الزجاجية المغبرة. كتابة عنكبوتية عليها تاريخ يعود إلى ستة عشر عاما، وتحتها:

إس. بي. تي. إلى أيه. بي دبليو بي دي.

سيد الظلام.

و هاری بوتر

و آلبرت بلاك

تطلع هاري إليها.

تساءل رون وصوته مضطرب: "ما هذا؟ ماذا يفعل اسمك و اسم البرت هنا ؟!"

نظر إلى الأوراق المعلقة أسفل باقى الكرات بطول الرف.

أضاف باديا عليه العجب: " أنا لست هنا.. ولا الباقون "

قالت هيرميون بحدة: " هاري.. لا أعتقد أن لمسها فكرة جيدة " ، وهو يمد يده إلى الكرة. قال: " لم لا ؟ إنها شيء له علاقة بي.. أليس كذلك؟ " .

قال نيفيل بغتة: " لا تلمسها یا هاري " نظر هاري إليه. كان وجه نيفيل المستدير يلمع بالعرق. بدا كأنه لا يحتمل المزيد من الإثارة.

قال هاري: " إن اسمى عليها " .

شاعراً ببعض التهور، قبض بأصابعه على سطح الكرة المغبر. توقع الإحساس ببعض البرودة على أنامله، لكنه لم يجد ما توقع على النقيض شعر وكأن الكرة كانت في الشمس لساعات، وكأن توهجها الداخلي نابع من دفئها. متوقعا بل وحتى أملاً حدوث شيء ما، شيء مثير يجعل الرحلة الطويلة والخطرة ذات قيمة، رفع هاري الكرة الزجاجية من فوق رفها وحدق فيها.

لم يحدث شيء. تحرك الآخرون متحلقين من حوله، ونظروا إلى الكرة وهو يزيح عنها الغبار. ثم، ومن خلفه مباشرة، جاءه صوت أجش يقول:

" رائع یا بوتر.. والآن التفت ببطء وهدوء، وأعطني هذه "

يتبع ...

2025/04/21 · 10 مشاهدة · 1869 كلمة
نادي الروايات - 2025