الفصل 309

جلس روبرت في زاويته، غير آبه بصوت الكراسي التي تتحرك ولا نظرات التوتر التي ملأت الطاولة من حوله.

وضع مرفقيه على الطاولة الخشبية، وأسند رأسه إلى كفيه، وأخذ نفسًا عميقًا، كأن صدره يئن من وزن لم يعد قادرًا على احتماله.

همس لنفسه بهدوء، بنبرة خافتة بالكاد تُسمع، لكنها خرجت من أعماقه كأنها تريح شيئًا في داخله:

"من حسن الحظ... أنني كتبت دالك في الدفتر الصغير... دفتر أبي..."

ابتسم بخفة، رغم أن ابتسامته كانت محاطة بالحزن. الدفتر... ذلك الكتيب الجلدي العتيق، الذي كان اعطاه الى والده "آلبرت" . كان الدفتر ملاذًا... ملجأً من العاصفة.

رفع رأسه قليلًا، والتفت من شروده فجأة على صوت ناعم، متحشرج، يشبه حفيف ورق خريفي يتكسر تحت الأقدام.

كانت هيرميون... والدته، تقف وقد احمرّت عيناها، تمسك بحافة الطاولة بنصف إرادة، وقالت بصوت يقطر ندمًا:

"أنا أدري يا ماكجونجال..."

ترددت قليلاً، ثم تابعت وهي تحبس دموعها:

"لولاي... لكان آلبرت بجانبنا الآن ونحن نتحدث... ربما كان هو من سيقود هذه الحرب نحو النهاية، نحو فولدمورت مباشرة دون خوف مثلنا نحن!"

انحبست أنفاس الجميع. لم يجرؤ أحد على مقاطعتها. حتى الأبخرة المتصاعدة من الطعام بدأت تبرد في الأطباق، كأن الجو نفسه توقّف احتراما لكلماتها.

"ربما لو لم يضحي بنفسه من اجلنا... لو حميته كما وعدته..."

لكنها لم تكمل. صوتها اختفى، تاركًا الفراغ يتحدث بالنيابة عنها.

روبرت أحس بعقدة حارقة تتكوّر في حلقه، لم يكن يعرف ما إذا كان حزنًا أم غضبًا... لكنه رأى أمه بعيون مختلفة. امرأة قاومت، أحبّت، فقدت... وما تزال واقفة.

وفي الطرف الآخر من الطاولة، جلست ماكجونجال. رغم السنوات التي مرّت، وملامح الشيخوخة التي حطّت على وجهها، إلا أن في عينيها وهجًا لا ينطفئ، وهج الحكمة التي اكتسبتها من عُمر من القتال والخسائر والانتصارات.

قالت أخيرًا، بصوت يحمل كل الحنان الذي لا تظهره عادة، وهي تمد يدها نحو هيرميون:

"لا تلومي نفسك، يا ابنتي... لا تلومي نفسك أبدًا... آلبرت اختار طريقه، وأحبك بكل قوته. وأنا... أنا شهدت ذلك بعيني."

انزلقت دمعة على خد هيرميون، لكنها مسحتها بسرعة، كأنها لا تريد أن يراها أحد ضعيفة. ربما لأن الضعف في هذا العالم يُفترَس، أو ربما لأن روح ألبرت نفسها كانت تهمس في داخلها بالثبات.

وقفت، بصمت، دون أن تنظر لأحد، وقالت بنبرة خافتة لكنها حاسمة:

"أنا... شبعت... سأذهب إلى الأعلى. فلتصبحوا على خير."

لم ينتظر أحد ردها. ساد المكان صمتٌ ثقيل، مثل الضباب قبل العاصفة.

روبرت راقبها وهي تصعد الدرج المؤدي إلى الطابق العلوي. خطواتها كانت سريعة، وكأنها تهرب من شيء لا يُرى... شيء يسكن قلبها.

ومع اختفاء ظلها خلف الجدار، بقي الجميع على حالهم.

هدوء تام.

لا صوت سوى حركات بسيطة في الطابق الثاني. ربما أحد أطفال هاري، أو أحد أبناء رون، أو ربما تيدي ابن لوبين، يلعب هناك، غير مدرك للدراما التي تغلي تحت قدميه.

ان رأيت أن الامر غريب ، فروبرت كان يكبر عن اكبر ابناء هاري بخمس سنوات

فروبرت قد انولد بعد موت أباه بسنة واحدة فقط عندما كان يبلغ وقتها ابوه 18 سنة

لدالك من الممكن القول ان روبرت كان يبلغ خمس سنوات عندما تزوج هاري

روبرت أحس بألم في صدره، لكنه لم يتحرك.

أعاد نظره إلى الطاولة، ثم إلى الدرج... ثم إلى الفراغ.

كل ما كان يريده في تلك اللحظة… هو أن ينجح والده… أن يرى الدفتر… أن يفك الشيفرة… فكان يدري جيدا ان هذا المسار سيتغير كليا عندما يتعرف أباه عن ما كتبه هو في دالك الدفتر الصغير

صعدت هيرميون الدرج الخشبي العتيق بخطى ثقيلة. بدا كأن الأرض تئن تحت أقدامها، وكأن كل درجة من درجات السلم تذكّرها بما فُقد، بما كُسر.

عند منتصف الطريق، وصل إلى أذنيها ذلك الصوت الخافت... ضحكات مكتومة، ضجيج الوسائد، وصوت اصطدام خفيف بلعبة خشبية.

توقفت لحظة، واستدارت نحو بابٍ شبه مفتوح تنبعث منه أنوار دافئة وضجيج طفولي بريء.

في الداخل، كان كل من جيمس سيريوس، ألبس بوتر، وتيدي لوبين يلعبون داخل الغرفة.

كانت الغرفة فوضى مرتبة من الوسائد، ألعاب سحرية تنطّ من تلقاء نفسها، خرائط مفتوحة على الأرض، وقصاصات لخطط يبدو أنهم يخططون بها لـ"غزو" وهمي.

جيمس سيريوس كان يتظاهر بأنه القائد، يرتدي عباءة حمراء طويلة ويصرخ بأوامر عسكرية.

ألبس كان يضحك بصوت عالٍ بينما كان يختبئ خلف قلعة مصغّرة مصنوعة من الوسائد.

أما تيدي، فكان يلوّح بعصا صغيرة، شعره يتغير بين الأزرق والأخضر في كل مرة يضحك فيها، وكان يطارد الآخرين بين ضحكة وأخرى.

وقفت هيرميون تنظر إليهم بصمت، ولم تقل شيئًا. لم تبتسم، لم تلمح مشاعر الفرح، فقط نظرة خاطفة... وكأنها نظرت إلى عالم لا تنتمي إليه الآن، عالم نقي، لا يعرف ثقل ما تحمل على كتفيها.

ثم أدارت وجهها عنهم، وأكملت صعودها بصمت.

دخلت غرفتها، أغلقت الباب بإحكام خلفها، وأسندت ظهرها عليه للحظة... كأنها تمنع العالم الخارجي من اقتحام ما تبقى من هشاشتها. ثم زفرت زفرة طويلة، وانزلق جسدها ببطء حتى جلست على الأرض، وانفجرت بالبكاء.

لم يكن بكاءً خفيفًا، بل ذلك النوع من البكاء الذي لا يحتاج إلى شهود، الذي يصرخ دون صوت.

مرت دقائق قبل أن تنهض، وتدور بنظرها بين جدران غرفتها.

الجدار الأيمن، بجانب الخزانة، كان مزينًا بصور قديمة...

صورها مع آلبرت.

اقتربت بخطوات مترددة، كأنها تمشي على زجاج مكسور. رفعت يدها، وأخذت إحدى الصور من الجدار.

كانت صورة تُظهر آلبرت وهو يضمّ هيرميون بكلتا يديه، بينما تضحك بشدة ، ووجهه مغطى بكعكة كريمية. كانت تلك ليلة عيد ميلاده السابع عشر يومها، أقام له الأصدقاء حفلة مفاجئة، وانتهى به المطاف يركض حول القاعة بينما يرش الجميع بالكريمة.

نظرت إلى الصورة طويلاً، كأنها تبحث عن صوت صوّر لحظتها، أو بقايا ضحكة في أعماقها، لكنها لم تجد سوى الألم.

"لماذا...؟"

تمتمت بصوت مختنق، ثم صرخت وهي تشد الصورة إلى صدرها:

"لماذا حياتي هكذا؟! لماذا زوجي من عليه دائمًا أن يضحي؟! لماذا لم نكن نحن من نُحمي من أجله؟! تبا لتعويدة الحماية التي تلف حول هذا المنزل لو كانت مقابل حياته !!! "

انهارت على السرير، ووجهها مدفون في الوسادة.

لكن الحنين كان أقوى من البكاء.

قامت، ومسحت دموعها، وبدأت تسحب صورًا واحدة تلو الأخرى من الجدار.

صورة في ملعب الكويدتش.

آلبرت يرفع كأس السنة الرابعة بفخر، وهيرميون تقف بجانبه، وجهها يشع فخرًا رغم أنها لم تكن من لاعبي الفريق. كانت تمسك بذراعه، وكأنها تثبّته كي لا يطير من الفرح.

ثم صورة في قاعة هوجورتس، أثناء العشاء في السنة السادسة.

آلبرت يضحك، ممسكًا بملعقة مملوءة ، وهيرميون تضربه بخفة على ذراعه، خجولة من تصرفه الطفولي، بينما وجهها يُظهر ابتسامة لم تكن تعلم أنها ستفتقدها يومًا.

تأملت الصورة طويلاً، ثم بدأت تمسك بها بشدة، أصابعها ترتجف.

"كل شيء بدأ هنا..."

قالتها بصوت مجنون، ثم تابعت وهي تصرخ على ماضٍ لا يسمعها:

"السنة السادسة !! كل شيء بدأ هنا !! كنت حمقاء... كنت غبية ! ظننت أنك تبتعد عني... وكنت فقط تحارب وحشًا داخل قلبك، وحيدًا !"

سقطت الصورة من يديها. نظرت إليها وهي على الأرض، كأنها رمزية لما حدث...

ذكريات جميلة، لكنها سقطت وانكسرت بفعل ما لم يُفهم وقتها.

ثم جلست على الأرض، تحيط بها الصور. غرفة مظلمة، قلب مُنهك، وذكريات لا تموت.

في تلك اللحظة...

لم تكن هيرميون غرينجر وزيرة سابقة ، أو مقاتلة في مقاومة الظلام.

بل كانت فقط... زوجة فقدت حبّ حياتها، وتحاول النجاة من تحت أنقاض الذكريات.

يتبع ...

( حسنا ، الفصل القادم سنعود إلى الأحداث الأصلية و اخيرا سنترك الأحداث المستقبلية لكي لا احرق عليكم كثيرا ... انا ادري حق المعرفة انني اسحب عليكم بشدة و هدا ليس من نابع خاطري ... فأنا في حالة ضغط قوية جدا بسبب انني في فترة الامتحانات الجامعية الأخيرة ، الفترة انتهت و الحمد الله في الامس إن نجحت ان شاء الله سأحصل على شهادة التخرج ... اتمنى ان تدعو لي ... و الان ان شاء الله سأدخل و بقوة بدون سحب ان شاء الله ان لم يحدث شيء مفاجئ )

2025/05/19 · 46 مشاهدة · 1201 كلمة
نادي الروايات - 2025